سَماء¹.

3.8K 143 43
                                    

☩Hello☩
_____________________________

١٩٩٠, مارس ,٢١

تتسلل أشعة شمسِ الصباح ، تبعث نوراً خافتاً يضيءُ أرجاء المكان ، بينما تستمر المياه الدافئة تداعب جسده ، ليُغلق زرقاوتيه بإسترخاء ، و تتدلى اقدامه الطويلة من طرف الحوض ، يتابع الدندنة بإغنيه ما بصوته الهادئ .

اليوم حافل بالأشغال بالنسبة له ، لقد أقترب ' عيد الفصح الارثوذكسي ' إنه بلا شك أهم حدث على مدار العام ، يقوم الناس خلال هذه الأيام المقدسة بالإحتفال بمواكب الشارع على ضوء الشموع ، ينثرون الزهور والعطور على طول تل 'ليكافيتوس' بينما يغنون الاطفال ترنيمه "لازاروس" ويجمعون المال والبيض الملون من باب إلى باب ، ويقوم السكان المحليون بتزيين مساكنهم وكنائسهم و إعداد مائدة مع أشهى المأكولات اليونانية التقليدية .

إستقام بجذعه ، لتمتد ذراعه يغلق صنبور المياه ، ويلتقط المنشفه يلفها حول نحول خصره ، ليخرج من الحمام الصغير بغرفته يسمك منشفة صغيرة بيده يقوم بتجفيف شعره المبلل ، يتجه بخطواته نحو الخزانة الخشبية ذات المرايا ، يمد يده ينوي فتحها ،  ليتوقف قليلاً يتفقد بجسده عبر المرآة ، شحوب بشرته التي تُضيء مع لمعة ذهبية كلوحه زيتيه رُسِمت بحُسنِ الإله ، انعكاس نور الشمس على عينيه التي تتوهج بلون السماء ، شعره الطويل كجدى الليل وعتمته يتخذ سبيله ليعانق رقبته بنعومة ، شفتيه الضئيلة منتفخة بخفة متلونة بزهرة الكاميليا ، فاتِن كبُزوغ الفَجر في صبيحة فبراير .

يرمش عينيه يبعد عنه الشرود ، يفتح باب الخزانة بسرعه ليغير ثيابه ، قميص بلون الزهر الفاتح من الحرير ، وبنطال قماشي أبيض ، مع معطف ربيعي دافئ ، لينزل لتناول إفطاره ، منزل هادئ وبسيط بتصميم على الطراز اليوناني التقليدي و ألوان تتدرج بين البني الفاتح والبندقي والابيض مع كثير النباتات المنزلية دائمة الخضره تضفي جواً من السكينة ، أرائك مخملية و أثاث خشبي والبعض من المقتنيات التذكارية من بلدته الأم ، وفي منتصف غرفة المعيشة موقد نار كلاسيكي ينبعث منه نسيم من الدفئ ويطغى على سكون المكان بأصوات احتراق الحطب ، الستائر الخفيفة شبه مفتوحة كالعادة .

يدخل المطبخ بهدوء ، ليستقبله مواء قطته 'ناني' التي تستيقظ قبله عادتاً.

"صباح الخير ، صغيرتي"
يتحدث ببحة صوته الصباحي بينما يناظرها بلطف.

لتحدق به بنظرة متلهفة مصدرة أصوات خافته كما لو أنها تشكو له زقزقة معدتها الجائعة لكنها لم تبرح مكانها أبداً ، ليربت على فروة رأسها يمسح على جبينها بإبهامه ، ليبعدها عن طاولة بخفه يهم بإعداد الفطور لأجلهما ، يغلي الماء ليعد قهوة مع حليب في حين يقوم بإنهاء عجه البيض ، يُنهي تسخين الكعك مع بعض من مربى التوت الازرق ، ويفرغ بعض من علبة 'ويسكاس' في الطبق يقدمه لقطته التي تراقبه بهدوء لتستقيم بكسل وتتقدم تلتهم وجبتها ، ويكمل هو وضع إفطاره على الطاولة ، ليتناوله على مهل بينما يحدق بنافذة المطبخ بشرود نحو السماء ، منذ صغيره و هو محب للغيوم وبخاصة وصف السماء بين نفسه ، ' الشمس تطفو في علو السماء بينما تحتضن الغيوم إليها بحب ، و تتسلل بخفة الأشعة الدافئة لتلك النجمه المتوهجة من بين رقة أنسجة الغيوم وتمتزج معها لتضفي عليها بلون ذهبي باهت ، لتبدو كقطع قطن من العسل تحلق بنقاء زرقة السماء ' همس بداخله واصِفاً السماء ليبتسم بعذوبة لهذا المشهد الساحر الذي خلقه الصباح له .

cℓσυ∂у ∂αу.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن