تعال إلي

366 11 0
                                    

خرجا من منطقة الغابات ، ليجدا الظلال تغطي مساحات كبيرة من السهول .كان الحصانان متشوقان للعودة ، فأطلق أندريه العنان لجواده ولحقت به سالي بدون تردد . لم تلاحظ أنها ضحكت بصوت مرتفع ، وأن الهواء حمل الصوت ألى الرجل الذي يتقدمها ببضع خطوات.
كل ماكانت تعرفه هو أنها مسرورة لوجودها على ظهر حصان سريع ، والهواء يدغدغ شعرها برقة ونعومة .
وصلا ألى ساحة الأسطبل ، فنزل أندريه عن حصانه وأقترب منها لمساعدتها على النزول .
رفعها برفق وأوقفها على قدميها ، فضحكت له وقالت بلهجة دافئة :
" شكراً . كانت رحلة جميلة للغاية " .
" هذا يسرني " .
كانت الكلمتان بسيطتين ونبرة صوته عادية جداً ، ولكن يديه ظلتا ممسكتين بخصرها ونظراته مركزة على عينيها .أحست فجأة بضعف في رجيليها ، فحبست أنفاسها بأنتظار سماع كلمات أخرى أقل بساطة . ألاّ أن صوت حوافز حصان يعدو بسرعة ، جعلهما يستديران نحو الطريق .

أنزل أندريه يديه فوراً ، فيما أوقفت صبية جميلة حصانها قربهما وقفزت على ظهره كخيال متمرس . أبتسم أندريه وقال مرحباً :
" أهلا ، ليندي " .
ردت له الأبتسامة بالمثل ، وقالت :
"كيف حالك ، يا أندريه ؟ علمت ظهراً برجوعك ألى أرض الصنوبر " .
" يالسرعة تنقل الأخبار هذه الأيام !".
ضحكت الفتاة بطريقة أكسبتها على الفور مودة سالي وأعجابها . قالت لأندريه :
" كيف لا ، وبربارة سنكلير هي التي تتول هذه المهمة !".
منتدى ليلاس
ثم أضافت بلهجة أكثر جدية :
" طلب مني أبي أحضار التقرير الخاص بالجياد".
أجابها أندريه مداعباً ، وبأسلوب يوحي ببراءة علاقته مع هذه الصبية :
" كان بأمكانه الأنتظار حتى يوم غد . في أي حال ، شكراً لك ولوالدك العزيز".
ثم أستدار نحو سالي ، وقال :
" ليندي ، أعرفك بسالي " .
" أهلا ، سالي " .
أعجبت بأبتسامتها الرقيقة الودودة ، فتعزز أعتقادها وشعورها بأنها ستحب هذه الفتاة .أرتفعت معنوياتها كثيراً ، لمجرد علمها بأن شابة طيبة في مثل سنها تعيش في هذه المنطقة . تأكد لها قبل ساعات قليلة ، أنها لن تجد في بربارة سنكلير أي خصائص أو صفات قد تعجبها أو تقبل بها .ولكن ليندي ، ذات الأبتسامات الرقيقة الصافية والنفسية النقية الخالية من أي حقد أو تعقيد ، ستكون صديقة مخلصة . حيتها بأبتسامة لاتقل نقاء وأخلاصاً ، فيما كان أندريه يفتح فمه ليقول لها :
" هيا معنا إلى ألبيت ، فقهوة ماريا اللذيذة بأنتظارنا " .
" بكل سرور . "
ثم تطلعت نحو سالي ، وقالت بشيء من الأستغراب :
" تحدثت بربارة عن شابة أتت ألى هذه المنطقة عن طريق التسلل . من المؤكد أنها لم تكن تعنيك أنت ، يا سالي !".
حاولت سالي قدر المستطاع أخفاء أمتعاضها ، وقالت :
" بلى ، ياعزيزتي ، أنا المعنية بهذا الكلام " .
أفتر ثغرها عن أبتسامة عريضة ، وقالت بأعجاب واضح :
" حقاً ؟ ياله من أمر مثير للغاية !".
"لا بدّ لها من الأعتراف ..... ولو بتردد وأيجاز ، وقالت :
" لم تخل بالطبع من بعض اللحظات المثيرة " .
تطلعت نحو أندريه بطريقة لا شعورية ، فلاحظت انه يتأملها بطريقة لم تتمكن من تحديدها أو تحليلها . سخرية ؟ مداعبة ؟ لا ، ليس تماماً ...وربما بمزيج من هذين الشعورين ومعهما شيء آخر . حز الألم في نفسها وقلبها على حد سواء . هل يتذكر الآن تلك اللحظات التي أمضياها قرب البركة الصغيرة ، عندما لأمس شعرها المبلل وجففه لها بتلك الحركات التي ربما تعمدها أن تكون مثيرة للعواطف ؟ أم انه يتذكر الطريقة التي عانقها بها في حوض التماسيح ، قبل جرها وراءه نحو الشاحنة ؟ توقفت عن الأسترسال في تساؤلاتها المؤلمة ، عندما سمعت ليندي تقول لها :
"هل تنوين البقاء هنا ؟ أوه ، إنني أتمنى ذلك من صميم قلبي .....أذ يمكننا أقامة صداقة متينة فيما بيننا " .
سبطرت سالي على مشاعرها المتوترة ، وأرغمت نفسها على الأبتسام ثم قالت :
" طبعاً ستصبح صديقتين ،يا ليندي ، ولكنني لن أكون هنا في أرض الصنوبر" .
" أوه ؟".
" سأقيم في حوض التماسيح ، لأنني سأتزوج من جون لانج . "

لاشيء يهم روايات عبير القديمةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن