كان بأمكانها الرد عليه بقسوة جارحة , ولكنها سيطرت على أعصابها أنقاذا لماء الوجه . فما من معركة تخوضها ضد أندريه كونورز , ألا وتنتهي بفوزه ... وخسارتها . مهما بلغت حدة جوابها , فلن تكون كلماتها كافية لمواجهة تلك الملاحظات الشريرة الاخيرة . فضلت الرد على تعليقه الخبيث بالأحتقار الصامت الذي يستحقه .
أنها في الوقت الحاضر رهينة هذا الرجل الفظ , والذي يبدو من تصرفاته القاسية المتعجرفة أنه لا يعرف معنى المدنية المتحضرة. ستبوء جميع محاولات التصدي له بالفشل الذريع , لأنه سيقتلعها من جذورها كما تفعل الرياح العاتية مع شجيرة صغيرة ضعيفة . لم يعد أمامها الآن الا أن تأمل في عودة جون المبكرة , كي تتمكن من نسيان هذا الكابوس المزعج وتبدأ في التأقلم مع حياتها بهدوء وسكينه .
الصمت التام ! يا له من دواء ناجح في مثل هذه الحالات المزعجة ! لم يقل لها أندريه شيئا عن المسافه التي تفصلهما عن مزرعته , ولا هي سألته . ماذا ينفع السؤال , عندما يكون الأنسان مجبرا على أطاعة الأوامر دونما أعتراض أو مناقشة . أنها الأن بين يديه ..... بالمعنى المجازي فقط . ولكنها لن تسمح له أبدا بعد اليوم بأي شيء اخر . ستقف له بالمرصاد , حتى ولو كلفتها المقاومة الضارية حياتها ... ومهما طالبت عواطفها بالاستسلام له !
ركزت نظراتها وأهتمامها على المناظر الطبيعية الخلابة , فأنستها بعض أحزانها وجعلتها تفهم ألى حد كبير هذا الجمال الساحر الذي جذب جون الى منطقة كحوض التماسيح .أنه ليس جمالا عاديا بالمعنى التقليدي , أو كما يظهر في البطاقات السياحية الملونه , ولكنه وحشي مثير يسلب العقل ويفعم الخيال والنفس بالحيوية والبهجة .هذه هي أدغال أفريقيا كما كانت منذ مئات السنين , وقبل أقتحام المدنية لمعاقلها وأسوارها . لا حياة هنا ألا للقوي القادر ... أنها معركة البقاء !
منتدى ليلاس
تعهدت سالي لنفسها بأنها ستكون من الأقوياء . وستثبت لأندريه أنه مخطئ تماما في أعتبارها فتاة ضعيفة مدللة .ولكنها تساءلت بأنفعال شديد عن سبب هذه الرغبة الجامحة , طالما أنها تريد طرده من حياتها وأفكارها ... وطالما أنها تحتقره وتزدريه ! ألم تعد قادرة على التفكير بهدوء وروية , وبأمور لاعلاقة لها أطلاقا بهذا الرجل اللعين ؟
تحولت الشاحنة ألى الطريق العام , فشعرت سالي أنها تدخل عالما آخر . عادت مناظر الحقول والبساتين , وغابات الاشجار المخصصه لصناعة الاخشاب .لاشك في أنهما أصبحا الآن على مقربة من منزل أندريه , ومكان عمله . لم يقل لها شيئا عندما أنعطف عن الطريق الرئيسية الى أخرى ترابية . وتؤدي ألى بوابة حديدية ضخمة تحمل الأسم الجميل ... أرض الصنوبر .
تأملته سالي وهو ينزل من الشاحنة ويفتح البوابة على مصراعيها , فتأكد لها عندئذ بوضوح تام انه يعمل في مجالي التشجير وصناعة الاخشاب . تأملت طريقة مشيته القوية , التي توحي بثقة كبيرة في النفس ,وبقدرة فائقة على تحمل الصعاب ومجابهة الأخطار.
أدخل الشاحنة ألى أرض الصنوبر , ثم أقفل البوابة الكبيرة وتابع طريقة نحو المنزل ..... دونما أي تعليق أو كلمة , أحست سالي برغبة قوية لتوجيه عدد كبير من الاسئلة , ولكن عزة نفسها منعتها من ذلك ... مع أنها لم تمنعها من مراقبة هذه المنطقة التي تضج بالنشاط والحركة .
هنا شاحنات مختلفة الأحجام والأوزان محملة بكميات ضخمة من جذوع الاشجار , وهنامجموعة من الحطابين والحمالين يشربون الشاي . وهنالك كلاب حراسة تقوم بدوريات منتظمة للمحافظة على المنطقة والمقيمين فيها . ولاحظت سالي كيف يلوح الرجال بأيديهم ويرفعون قبعاتهم تحية وأحتراما ... للسيد كونورز .أتضح لها أن تلك الابتسامات العريضة التي ترحب بوصوله , أن أندريه رجل يعرف كيف يجمع بين المقدرة والأنصاف .... وكيف يمسك بزمام الأمور بطريقة تضمن له نتائج باهرة , وطاعة عمياء مبنية على المحبة وليس على الخوف .
تساءلت مرة أخرى عما أذا كان بأمكان النساء أيضا التمتع بأطاعة أوامره . شأنهن في ذلك شأن الرجال ! ربما .... ولكنها لن تكون أحداهن ! لن تعيش مرتاحه على الأطلاق , أذا أضطرتها ظروف معينة للعمل بموجب أوامره أو تعليماته ! ما بالها تعود الى التفكير به وبأوامره !
فلديها جون الذي تعرف أن حياتها معه ستكون سهله وهادئة ومفعمة بالحب والحنان ... تماما كما كانت عليه منذ ايام الطفولة .
أنت تقرأ
لاشيء يهم روايات عبير القديمة
Aventura153- لا شيء يهم ! - روزميري كارتر -روايات عبير القديمة الملخص أصعب وأقسى الأزمات القلبية تقع حين يكون القلب مفعما بالحب,ولكن ضائعامحتارا لايعرف من يحب. سالي في الثالثة والعشرين من عمرها احبت جون منذطفولتها,وعندما سافر الى افريقيا ليعمل طبيبا بيطر...