"الشمعة الأخيرة"
انعكس لهيب النار بعَيْنَيْ فبدتا كجمرتين مشتعلتين بينما كنت أستعد لأُطفئ شمعة عيد ميلادي، ولكن قد غامت عيناي وانطفأ ذلك البريق بهما حينما أدركتُ أنني سأمضي عامي الجديد وحيدًا بهذا العالم؛ فلم يتبقَ أحدٌ سواي وخمن ماذا أنا من تسبب بتلك الوحدة؛ فلقد قتلتُ الجميع، نعم، أنا من قتلهم وقد كان هذا ذنبهم.
Flash back
في ساحة المدينة احتشد جمعٌ غفيرٌ من البشر؛ ليشهدوا الحدث العظيم بمدينة دُرفازا، فهي أكبر مدينة بالمنطقة، ولها حاكم صارم للغاية ولا يتهاون في معاقبة أحدهم طالما أنه أخطأ وخالف القوانين الخاصة بالمدينة، بذات الوقت تعد درفازا ملجأً لمن قست عليهم الحياة، وصعُبَ عليهم جُور وظُلم حُكام المدن المجاورة، فيأتون إليها ويستنجدون بحاكمها الذي لا يغلق أبوابه أبدًا، فتجد باب بيته دائمًا مفتوحًا علي مصرعيه لمن أراد أن يحتمي به، فيأتون إليه وهم على يقين أنه لن يردهم خائبين، فينصف المظلوم، ويقيم الحد على من يخطأ، لذلك كانت دُرفازا تُعد جحيمًا حقًا لذوي القلوب السوداء، وجنة الله على أرضه لمن اتقوا يومًا يُرجعُون فيه إليه، تلك كانت القوانين بدفازا: اِحقاق الحق، وازهاق الباطل، فبيوم الجمعة من كل أسبوع يُحشد أهالي المدينة؛ ليشهدوا عقاب من أخطأ؛ ليكون لهم عبرة بعد ذلك لمن تسول له نفسه ارتكاب أي جريمة، ودار الحوار الآتي بين اثنين من العامة
الأول: سمعتُ أن اليوم سيتم إعدام مائة شخص.
الثاني: أيعقل ذلك مائة دفعة واحدة؟!
الأول: الأسبوع الماضي أُُعدم ثلاثون شخصًا، لذلك لا أتعجب إن صاروا مائة هذا الأسبوع.
الثاني: معك حق، فالملك صارم للغاية ولا يسمح بأي خطأ، أخشى أن يأتي اليوم الذي فيه نكون على منصة الإعدام بدلا من الباحة؛ لكي يتم قتلُنا كهؤلاء، فأنا بت أشعر بمللٍ من تلك الحياة وأريد القيام بشيء جديد، فما رأيُك بالذهاب للملهى الليلي بالمدينة المجاورة؟
الأول :أفقدت عقلك أم ماذا؟! لا يُسامح الملك من يكذب، وأنت تريد أن تغامر وتذهب لتلك الحانة، لقد سمعت أن الملك سيشِنُ عليهم هجومًا كغيرهم من سائر المدن؛ ليفرض سيطرته عليهم، لقد فَنِي سكان العالم ولم يعد سوى بعض المدن المجاورة فقط، وتقع جميعها تحت إمرته، عدد البشر أصبح قليلًا للغاية، فهذا الملك يطمح أن يسكن بعالم أُناسه ملائكة، أنسي أننا بشر والخطأ هو طبيعتنا؟ لم أكن أتخيل أن يأتي اليوم الذي ينقرض فيه الجنس البشري، ولكن بتُّ أشك أنه قريب.
الثاني: معك حق، فبطريقة الملك تلك من يتحدث عن طريق الخطأ سيُقتل.
الثالث: كفى حديثًا لقد اعتلى الملك عرشه، وسيلقي كلمته الأسبوعية.
الملك: شعب دُرفازا العظيم، اليوم ستشهدون مقتل مائة شخص، عدد كبير أعلم، ولكن أنا لن أسمح لهؤلاء أن يعيشوا لكي يتكاثروا ويأتوا بذرية فاسدة أمثالهم؛ لكي يعم السواد الأرض، أريد قلوبًا نقية ولا مكان لدي لمن حمل قلبه مثقال ذرة من كره، هؤلاء المائة قد اختلفت ذنوبهم من قاتل لسارق لآخر زانٍ وثالث منافق كذاب، تعلمون أنني لا أظلم أحدًا فهولاء يستحقون ما سينالون، فهم قد أخطاؤا وعليهم تحمل نتائج أفعالهم هيا لنبدأ المراسم سويًا.
انتفض الجمعُ على أصوات صرخات عالية تنبعث من أحد الأركان بالباحة حيث يقبع أولئك من سينفذ فيهم الحكم، وإنساقوا واحدًا وراء الآخر ليتم معاقبتهم بيد الملك، فهو من ينفذ الحكم بنفسه، وأثناء ذلك يصرخ في الحضور بأن يتعظوا ولا يخطئوا وإلا واجهوا نفس المصير.
انفض الجمع وذهبوا لمنازلهم بعدما انتهى الملك وهم يتسائلون متى سيحين دورهم؟ ومن القادم؟ وفي المساء اجتمع أهل المدينة؛ ليتشاوروا بينهم ماذا يفعلون؛ ليوقفوا الملك عن قتلهم؛ فلقد أوشك نسلهم على الاختفاء، وأجمعوا أمرهم على الانقلاب ضده.
ثارت ثائرة الملك عند علمه باجتماع أهل المدينة ضده وأقسم على إهلاكهم، فاستل سيفه وخرج إليهم يذبح فيهم يمينًا ويسارًا حتى أفناهم عن بكرة أبيهم، فهم خونة ولا يستحقون الحياة.
أفاق الملك من شروده حينما احترقت أصابعه بلهيب الشمع المُتساقط، أيا ترى قد أخطأت حينما أردتُّ أن يعيش الناس بعالم جيد خال من الثلوث الأخلاقي هذا؟، أتلك هي النهاية؟ أحتفل وحيدًا ولا أجد من يشاركني الاحتفال بهذا العالم الواسع، إن كنت قد أخطأت فأنا أيضًا أستحق نفس المصير لِأُطفأ تلك الشمعة أولًا.
أرواحٌ تُولد لِنأنس بها وأخرى تفارقنا وتترك أثرًا عميقًا في أنفسنا، لا نستطيع أن نحيا بمفردنا فعلينا أن نتكاتف سويًا؛ لنعبر لبر الأمان، الحياة ميدان معارك وعلينا أن نتحلى بالشجاعة الكافية؛ لنواجه ولا ننساق وراء الأقوى بل الأعلم والأحلم..
وأخيرًا وليس آخرًا، لن تكون تلك آخر إبداعاتنا، ولكن فقط هي البداية، اتحدّنا وتعاونا حتى صعدنا للقمة، ولكن بالنهاية سنظل فريقًا واحدًا.إبداع تيم ذكرى خالدة♥️✌️
" مريم تقي الدين/ شروق حسن/ آية عبدالمنعم/ سمر عبد المجيد/ إسراء عز/ عبدالله"
أنت تقرأ
حكاوي بلاوي
Historia Cortaحكايات قصص حياه وواقع يمكن خيال بس الحقيقه ديما تقال لكل بيت قصه ولكل شعب حكايه. انتظرونا في حكاوي فريق المجره