02

13 2 0
                                    

في صباح اليوم التالي:

            .... منزل آل كوللارد ....

جميع أفراد الأسرة مجتمعون على مائدة الافطار، دخل آدم و ألقى التحية عليهم، تهللوا برجعته إلى المنزل، و الأم التي كانت واقفة بجانب مائدة الطعام تنتظر ابنها، لم يخب ظنها، فرحت بعودته، مقطبة حاجبيها و بغضب مصطنع..

- أهلا بك يا بني أهلا... لقد كنت قلقة عليك منذ البارحة، أين كنت؟ لا تسأل و لا تتصل .

و بدون مقدمات..

- لدي ما أقوله لكم جميعا اليوم بعد الإفطار،
...سأجيبك يا أمي على أسئلتك لاحقا..

علامات الدهشة بدت واضحة على اخوته و والديه، جال برأسه ثم أردف متسائلا..

- أين هي ساراي؟

تبددت الابتسامة من على وجه والدته و تباينت ملامح متشائمة على وجهها و بأسلوب لا مبالي أردفت تقول..

- إنها في غرفتها، ما تزال نائمة حتى الآن،  لقد أفرطت دلالها حتى...

استدارت فوجدته متوجها نحو الغرفة بدون أن يُعير لكلام أمه اهتماماً... شعرت بحنقة لأنه تجاهل كلامها..

- أصبح يتجاهلني منذ أن تزوج تلك اللعينة...

دُقَّ باب الغرفة،استأذن دخوله فوجدها جالسة على جانب السرير باتجاه النافذة، أغلق الباب خلفه متوجها ناحيتها، جلس على الطرف الآخر من السرير،... لا شيء غير الصمت و الهدوء يجول المكان حولهما، هي مازالت مصدومة مما رأته مازالت الأسئلة في رأسها تتكرر بلا جواب منتظرة منه أن يخترق الصمت و يحادثها، ... عن كل شيء،  ربما هناك مبرر أو سبب، ربما كان بريئا فليس كل ما يرى من البداية يكون حقيقيا...لم يكن بيده حيلة غير أن ينهض، همَّ بالخروج فوقفت من بعده و توجهت إليه مسرعة، أمسكته من كلتي ذراعيه تشدهما بقوة نحوها و عيناها تذرفان الدموع بغزارة..

- أخبرني أن ما رأيته ليس حقيقيا، ..قل لي، هيا، ..قل إن كل ذلك مجرد سوء فهم، أخبرني أنك لم تقترب من تلك الفتاة و لم تلمسها أبدا...

أمسك آدم ذراعيها برفق و أبعدهما عنه.. و بدون شفقة على سوء حالها و ببرود قال لها..

- ما رأيته كان حقيقيا...

اتسعت حلقتا عينيها، عجز لسانها عن الكلام و شحب لونها و اصفرّ

- هيا، انزلي للافطار، عندي كلام أريدك أن تسمعيه مع جميع أفراد العائلة

...................

بعد الإفطار...اجتمع الكل على الأرائك حول الطاولة الزجاجية المستديرة التي تقبع وسط ركن البيت الكبير،...خرجت ساراي من غرفتها، بدأت بنزول السلالم رويدا رويدا، لاحظها آدم بزاوية إحدى عينيه كما ناظرها باقي أفراد العائلة...

فقاطعت لورا والدة آدم صمت العائلةبسؤالها..

- لماذا جمعتنا يا عزيز أمك، ما الذي كنت تود محادثتنا عنه؟

آدم و بجلسته تلك التي اعتاد أن يجلسها دائما و في كل مكان، العمل، المكتب و حتى في البيت،بحيث يعتدل على الكرسي و يركب رجليه فوق
بعضهما شابكا يديه تحت ذقنه، و بملامح جادة غير مازحة و واجمة غير مبتسمة أطرق يقول و بدون مقدمات..

- سوف أتزوج يوم غد بابنة السفير لويس ألانا...

الجميع في صدمة و حيرة، كلهم تفاجؤوا بالخبر الذي سمعوه، و لكن فجأتهم لم تكن اكبر من صدمة ساراي التي شعرت على حين غرة بالأرض تدور بها فسقطت على إحدى أدراج السلالم جالسة تتأمل ما سمعته من كلام صدر من حنجرته...و لكن السيدة لورا كانت واضحة عليها السعادة،  واضح أنها غير مهتمة بأمر ساراي و لا بحزنها، تهلل وجهها و ابتهجت بفرح مهنئة ولدها على هذا..

- مبارك لك، مبارك لك يا بني...

لم تحتمل ساراي سماع تهليلات والدته و مباركته على هذا الفعل،.. نهضت متشبثة بجدار السلالم مسرعة إلى غرفتها،.. لم تعد قدماها تقويان على حملها فجثت أرضا على ركبتيها، لقد أصبحت روحها هذه المرة كشظايا الزجاج لا يمكن جمعها و قلبها الذي صار عبارة عن أشلاء لا يمكن جبرها ببساطة، كل شيء انتهى، و ما سَأَر من الأمل قد انتهى، و بدد ظلام اليأس نور الابتسامة لحظة اصدار آدم قراره بالزواج مجددا لحظة إعلانه عن مخالفته للوعود التي قطعها عليها... و بعد سويعات ذهب آدم نحو غرفته و في نيته شيء ما... فتح باب الغرفة نادها ساراي..

- ساراي،...

سكت آدم متفاجأً مما صورته حدقتا عينيه، كانت ساراي قد جمعت حقيبتها، واقفة أمام النافذة تنظر إلى السماء بأمل يائس، و بصوت مبحوح ندهت قائلة..

- أريد الانفصال، سأرحل... من هنا و أترك لك الغرفة و... حتى البيت...

لم تكن كلماتها نابعة من أعماقها، بل ظنت بأنه سيمنعها عن الرحيل سيعانقها، ربما سيعتذر أو يغير قراره، بيأس كانت تتأمل هذا و لكن صمت آدم لدقائق و ببرودة أعصاب قال لها..

- كما شئتي،... لن أمنعك إذا كنت ترينه حلا يناسبك، ثم أغلق الباب و هم بالرحيل دون أن يهتم بمشاعرها..

....................

مر الوقت بسرعة، خيم الليل على العالم، و هاقد آن أوان الليالي الظلماء، فحتى القمر تركها الليلة و لمدة ثلاثة أيام على التوالي .

سارايحيث تعيش القصص. اكتشف الآن