04

8 2 0
                                    

الوداع الأخير 02

أدامت النظر إلى تفاصيلها محركة بؤبؤ عينيها من الأعلى و الأسفل، و بازدراء تطالع شكلها الذي يثير الشفقة...بتوتر و تجهم، و في بحة صوتها تلعثم غير بادٍ بين الأحرف..

- أ..أنا سوف...

فقاطعتها بسماجة

- أعرف
- اسمعي يا... عزيزتي، إن آدم يظل رجل هو في النهاية، و لا أعتقد أن هناك قانونا يمنع الزواج من امراة أخرى... ألا تعتقدين أن هذا أفضل من العار...

اندفعت ساراي نحو حماتها بامتعاض شديد...

- أنا لم أقل أيا مما ذكرت أنت و لكن آدم...

فقاطعتها باحتدام مقطبة حاجبيها.. صارخة باسمها..

- ساراي، إن آدم لن يدمر حياته و ينهي عمله بسبب حماقتك... حبكِ له ذاك وحده لن ينفعه و لا بكاءك هذا يجدي ربحا...

عجز اللسان عن الكلام، و العين تدمع و القلب ينزف دون جرح... كانت كلماتها كوقع السكين على القلب...ماذا بقي بعد! تلقت طعنة من قبل زوجها الذي أحبته أكثر من نفسها حتى، و طعنة أخرى من والدته...خرجت من الغرفة و نزلت السلالم و قلبها انكسر ألف مرة في اليوم... هاهي أخته الصغرى التي تمقتها بشدة و لا تطيقها، واقفة أمامها، من الجلي جدا أنها متشمتة بها، توجه إليها نظرات مليئة بالشفقة و الاغتباط ببليتها... بضحكة صفراء..

- ههه، هذا ما تستحقينه... يا جرذة..

هكذا ضمت حاجبيها و أظهرت ابتسامتها الحقيرة المليئة بالفرح الغابط..

عضت ساراي على شفتها و واصلت سيرها غير متجاهلة كلماتها المليئة بالسمية... مرة أخرى أخته الكبرى تقف أمامها، تَخْزُرُها غير آبهة بها، استأنفت سيرها نحو الباب فإذا بأخيه يحملق فيها بلا مبالاة ليهمس لها بضحكة خالية من المشاعر قائلا..

- حمقاء..

و توالت الطعنات الواحدة تِلوَ الأخرى... أظلمت الدنيا في عينيها، راحت مكسورة الخاطر مذلولة الكرامة، مجروحة القلب،...

.............. ... بعد ساعات ... .................

سبب ما جعل آدم يدخل إلى الغرفة ليجد ظرفا على الدرج فذهب ناحيته و حمله فإذا به يتفاجأ، كان نفس الظرف الذي يحتوي على المال الذي قدمه لها،

احتار و تساءل..

- إذا كان هذا هو المال الذي أعطيتها إياه، فماذا أخذت معها

أخذ المال في يده و خرج مسرعا يحاول اللحاق بها،
همّ يبحث عنها بسيارته بينما يسير في الطريق يحاول أن يلمحها لمسحه المكان بعينيه، لكن بلا فائدة، فلم يبقى غير شيء واحد، لقد تذكره جيدا، إنه بيتها العتيق، الذي ترعرعت فيه و الذي تزوجت فيه حيث هناك ملجأها الوحيد، لقد كان يقع على بعد ساعة من منزله هو، و بعد الساعة وصل و صفّ سيارته على قارعة الطريق أمام المنزل، دق الباب مرة و مرتين و ثلاثا و ناداها كثيرا و لكن بلا جدوى، أدخل يده في جيبه و أخرج رزمة صغيرة من المفاتيح و كان مفتاح بيتها الصغير بحوزته، انتقى المفتاح المناسب و فتحه رويدا، طالع المكان يمينا و شمالا فلم يجد أحدا...

- يقع المنزل على بعد ساعة بسيارتي و قد مضى أكثر من أربع ساعات على خروجها من المنزل...
- إذن.. أين يمكن أن تذهب؟

هكذا تساءل مع نفسه المحتارة...
فخطرت بباله فكرة... أدخل يده إلى جيبه مرة أخرى ليخرج منه هذه المرة هاتفه الخلوي...

- ربما هي عند صديقتها، سأتصل بها لأسألها...

رن الهاتف لأكثر من مرة ثم...

- نعم، ماذا هناك؟

- هل ساراي موجودة عندك؟

- كلا

- يوسين أريد...إخبارك بشيء..

- أعرف ما تريد أن تخبرني به

تعجب برهة من الزمن

- أهم.. إذن قد أخبرتك بكل شيء

- لماذا تسأل عنها بعد كل شيء فعلته؟

- يوسين أنت لا تفهمين أي شيء لذا لا تحكمي...

قاطعته بغضب عارم...

- هذا يكفي، لا تتصل بي مجددا...

فصلت الخط عنه...ظل لحظات ينظر إلى هاتفه متعجبا من تحفظ يوسين و ردة فعلها القاسية...
لكنه يستحق...

هكذا من يخون الصداقة، هكذا من يخون الوعود...

ظل اليوم بأكمله يبحث عنها بلا فائدة، عاد إلى البيت، يفكر، رمى بجسده الضخم على السرير و صوب ناظريه نحو سقف الغرفة واضعا إحدى يديه على جبينه بينما الأخرى ممتدة على الفراش، و أطراف قدميه تلامس الأرض، و هو يفكر بقضية اختفاء ساراي...حمل المظروف و تأمله لحظة و هو يهمس لنفسه...

- كما لو أن الأرض انشقت و بلعتها...

و هكذا تنتهي قصة حياته مع ساراي.. و هكذا يموت الحب بين قلوب أنانية و أنفس طماعة...

..................

....منزل آل كوللارد...

و يمضي الزمن... إنه صباح اليوم الموعود، منزل آل كوللارد صاخب، الخدم في كل مكان منتشرون من أرجاء القصر،، بعضهم يعلق الزينات على الحوائط و بعضهم ينسق الحديقة و بعض الآخر يتناوبون بين الدخول و الخروج حاملين معهم أغراضا كثيرة، السيدة لورا تراقب أعمال الخدم و تُسيِّر طريقة عملهم، شقيق آدم يتسكع في القصر منشغلا بالألعاب الافتراضية متجاهلا كل شيء، أما أخته الكبرى فهي داخل المطبخ تسير أموره، أما أخته الصغرى فهي منشغلة بصبغ وجهها بأنواع المساحيق التجميلية...
هو يكون حفل زواج آدم من ابنة السفير ألانا..
و بعد يوم طويل حافل انتهى حفل الزفاف و زفت العروس إلى بيت الزوجية و الكل سعيد بها و الكل رحب بها...

سارايحيث تعيش القصص. اكتشف الآن