مارك يتحرى خطوات الكونت

126 4 0
                                    

- صمم مارك على أن يشتغل بجد طوال النهار ، فقد كان يقوم بإدراة سياسة التأمين على الأنترنيت و علاقات العملاء ، و بعد ذلك يصدر شهادات للموظفين و يتعامل مع التأمينات الاجتماعية . و يقوم بجولة حول المكان مساء ، بعدها يخلد إلى النوم بعد أن يغلبه جفناه.
- لم يكن يعلم أن يوما ما ستنقلب الأمور رأسا على عقب و لن تمر مرور الكرام.
- ذات مرة، أَمَّ مكتب الكونت فاليوس ليتحقق من صحة طلب شراء عقار .
- مرحبا سيد كونت، لو سمحت ، أرغب في أن تتأكد من هذا الطلب و توقعه لي.
- رد الكونت: لا يمكنني ذلك، لدي أمرا مهما لا بد أن أفعله، دعه لمرة أخرى .
- استغرب مارك الأمر ، فليس من عادته أن يؤجل استدعاءات كهذه . فالتزم الصمت و قال باقتضاب:
- طيب . لكن لا تنسى ذلك.
مالبث أن أغلق الباب خلفه و رغب في الانصراف حتى سمع الكونت يلقي مكالمة هاتفية . فاسترق السمع، كان يخاطب شخصا ما بصوت خفيض.
- ينبغي أن تطبق ما قلته لك ، لن أرتاح حتى أفتك به.
- المهم أن تجلبه لي ، سوف أجعله يندم على كل لحظة أراد فيها أن يغريني.
- أنا قادم على الفور، لا تتحرك من مكانك. انتظرني في المكان المقصود.
ثم أغلق الهاتف. كان قلب مارك يخفق  بشدة . أكان هذا مجرد حلم؟
لقد علم ماذا ينوي الكونت أن يفعله، أدرك أيضا أنها ليست المرة الأخيرة التي يفعل فيها شيئا مشينا.  بل مرات عديدة كان يخرج فيها خلسة إلى الخارج. و ما أدهشه هو أن أحدا لم يكن آنذاك . لا بد أنه ألهاهم بمهمة حتى يتمم أهدافه.
سمع فجأة خطوات قادمة من الباب. فابتعد مهرولا إلى مكتبه و كأن شيئا لم يحدث. ظل يشاهد الكونت و هو يغادر عبر ثقبة صعيرة بالجدار ، لم يشعر و هو يحاول أن يتبعه بخطى هادئة . ما لبث أن ظل الكونت خارجا عن البيت حتى لحق به مارك بإطراق حتى لا يكتشف أمره.
ولج حانة و أشار إلى رجل ثم أخد مقعدا بجانب هذا الأخير،  و مارك يترقبه من بعيد دون أن يشعر به و هو يتحدث إلى الرجل:
- أفعلت ما طلبته منك حرفيا؟
- بلى، إنه بالجهة المقابلة ، المسكين غافل عما ينتظره.
- حسنا . ثم أخرج رزمة كبيرة من معطفه بها مبلغا  كبير من المال.
- هذا هو مبلغك الذي اتفقنا عليه.
- أخد الرجل  الغريب المبلغ و بدأ يعده. و عندما انتهى من ذاك أردف قائلا:
- هذا ما كنت أريده بالظبط.
- علي الذهاب من هذا المكان لتنفيذ خطتي، و الحق بي في وقت آخر لكي لا يفتضح أمرنا. 
قال ذلك و اتجه إلى كهف قريب مهجور ، و تبعه مارك إلى هنالك. كان ينتظره شابا على مقربة من الكهف .
- قال له الكونت: يبدو أنك انتظرت طويلا. كنت مشغولا جدا و قد انتهيت لتوي من مهامي.
- لا بأس، أتود أن تنفد مشروعك هنا.
- نعم ، فأنا أحتاج إلى مكان هادئ جدا  لكي أستطيع أن أركز . تابع و هو يلقي نظرة بالخارج أملا في عدم العثور على أحدهم يراقبه.
- أنا عطشان، أرغب في شرب الماء من الينبوع ، لنذهب إليه فورا.
كان الشاب على وشك أن يستدير عندما استل الكونت  فاليوس خنجرا بغمده يلمع تحت أشعة الشمس الحارقة ، و غرسه في أحشائه تاركا المكان يسيل منه الدماء القادم من الخنجر. أطلق الشاب صرخة كبيرة تركت آثار صدى كبير في ذلك الكهف و جمد مطروحا أرضا بلا حراك. لقد اغتاله الكونت!! .  عندئد قام هذا الأخير بوضع التراب عليه و أخفى آثار الدماء المنتشرة في كل صوب و كل مكان، و قد مسح سيفه بمنديل غارقا بالدماء هو الآخر. ثم هرب و ترك مارك مجفلا لرؤيته ذلك المشهد. بدأ يرتعش أكثر فأكثر، لكن لم يكن هناك وقت للتحسر. فقد يلحظ الكونت غيابه لدى  وصوله، لذا اتجه إلى طريق مختصر و ركض  بأقصى سرعته للحصن.
لحسن حظه أنه وصل قبله بدقائق معدودة.ظل يتنفس الصعداء بصعوبة. لم يعد يستوعب الأمر. فمصير ذلك الرجل يمكن أن ينطبق عليه أيضا و تنتهي الأمور بما لا تحمد عقباه. أخد يبرح الغرفة ذهابا و إيابا و هو يقول:
- يستوجب علي أن أبلغ عن هذه الجريمة في أقرب وقت ممكن.

فاليوس جوناثانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن