(الليلية الخامسة)المرآه المحطمة

23 2 17
                                    

(واقعي)

نشأت فى بيت ريفي من الطوب الاحمر كائن فى ضاحية بعيدة عن المدينة يتكون من طابقين نقيم نحن فى الطابق الارضى فى حين لم يكتمل بناء الطابق العلوى بعد, لم اكن اتخيل ابدا ان منزل حديث الانشاء قد يكون مسرح لمثل هذه الأحداث الغريبة و المخيفة التى شهدناها جميعا.. ليس لدي أي تفسير للظواهر الغريبة التي وقعت على مر السنين فى بيتنا خاصة ذلك الشعور بعدم الراحة والخوف كلما لعبنا فى الردهة كان هذا الشعور يزداد اذا ما توجهنا للعب فى الطابق العلوى انا وشقيقتى. حتى امى راودها هذا الشعور فتجنبت الصعود الى هناك لأكثر من 23 عاما على الرغم من عدم اعترافها بذلك الا اننا كنا ندرك الحقيقة. لم يكن هناك وقت محدد لمشاهدة ظاهرة ما فلا فرق بين النهار والليل فى اى وقت قد ترى المصابيح الكهربائية تنفجر في ظروف غامضة من دون سبب و كذلك المرايا تتهشم فجاة الى الاف القطع الصغيرة دون ان يقترب منها احد و كانت هذه الظاهرة هى الاكثر حدوثا لانها كانت تتصبب فى اصابات الكثير منا بالجروح عندما تنفجر المرايا فجأة وتتناثر قطع الزجاج فى كل مكان حتى اصبح بيتنا خال من المرايا تقريبا. كذلك أوراق النباتات الصغيرة الموضوعة فى اوعية داخل البيت تتحرك وحدها وبقوة دون ان يكون هناك نسمة هواء, الأشياء الصغيرة كالمفاتيح و العملات المعدنية تختفى لتظهر بعد وقت فى اماكن اخرى وغريبة يستحيل ان يكون اى منا قد تركها هناك. أكثر ما كان يزعج للجميع هو الشعور بان هناك عيون تراقبنا اثناء الاستحمام حتى فى احلامنا كنا نرى عيون فى السقف تنظر الينا انه حقا امر غريب ان يرى الجميع هذا الحلم، حتى اننا ظننا ان هناك من يسكن بالفعل الطابق العلوى فى بيتنا ويراقبنا طوال الوقت. . بعد سنوات تزوجت وتركت البيت لفترة عدت بعدها لزيارة اهلى و معى ابني المولود حديثا لابقى مع امى ايام قليلة حتى لا تبقى بمفردها الى ان يعود والدى من السفر .هناك وجدت الامور كلها على ما يرام او هكذا ظننت ففى الليلة الاولى بعد ان نام طفلى وضعته فى الغرفة وذهبت لاشاهد التلفاز فغفوت امامه الى ان عم السكون فجاة عندها فتحت عينى وجدت التلفاز مظلم لقد انطفأ , لم اكترث للامر كثيرا فى البداية لكن بعد ان تناولت جهاز التحكم وادرت التلفاز مرة اخرى وبقيت مستيقظة لدقائق حتى غلبنى النعاس من جديد انطفأ التلفاز من تلقاء نفسه وعندما افقت وجدت جهاز التحكم موضوع على الطاولة امامى على الرغم من اننى كنت قد خبأته تحت الوسادة التى اضع رأسى عليها. ! مرة أخرى اعدت تشغيل التلفزيون قبل ان يدار فجأة فى اتجاه اخر صرخت من الفزع فجاءت امى مسرعة وقالت لى ان هذا يحدث كثيرا فى الاونة الاخيرة لكن ليس هناك ما يدعو للقلق فالامر لا يتعدى تحريك بعض الاشياء ولا خطر منهم على حياتنا ثم اخذتنى من يدى الى غرفتى و وضعتنى فى السرير بجانب ابنى وكاننى طفلة ثم تركتنى كى انام لكن لم استطع النوم الى ان طلعت الشمس . قضيت ساعات النهار كلها وانا نائمة و عندما حل المساء نامت امى وبقيت انا خفت ان اغادر الغرفة فيتكرر ما حدث معى بالامس , احضرت كتابا ورحت اتسلى بقراءته وابنى نائم بجوارى اثناء ذلك سمعت صوت باب البيت يفتح تلاه صوت خطوات ثقيلة توقفت فى الصالة بعدها خيم الهدوء , لم استطه التحرك من مكانى من شدة الخوف وبقيت انصت لكل همسة تأتى من الخارج كان ما يزال المكان هادىء الى ان عادت الخطوات و معها صوت اوراق تتمزق اخذت الخطوات تبتعد الى ان سمعت صوت الباب يغلق بقوة استيقظت امى على اثرها و اتت الى غرفتى وسألتنى من فتح الباب فى مثل هذا الوقت المتأخر فرويت لها ما سمعته , حملت ولدى وخرجت معها نفتش فى ارجاء المنزل عمن تراه اقتحم بيتنا راودتنى كل الافكار المخيفة وقتها اهو لص ام قاتل ...بعد ان بحثنا فى كل ارجاء المنزل لم نعثر على اثر لاى احد ولا حتى الورق الذى سمعته يتمزق . فى اليوم التالى اتت شقيقتى التى تسكن فى المدينة لتكون بالقرب من جامعتها فرحت كثيرا بعودتها , فى الليل سهرنا سويا وتبادلنا الاحاديث الطويلة وقصصت عليها ما حدث معى بالامس عندها اخبرتنى بانها متأكدة من ان البيت مسكون على الرغم من ان امنا ترفض الاعتراف بهذا ثم روت لى قصة حدثت معها عندما عادت الى البيت الاجازة السابقة قالت انها وصلت البيت ولم تجد احدا فى البداية خافت كثيرا من ان تبقى بمفردها خاصة انها تجنبت هذا الامر لسنوات لكنها اضطرت الى الدخول بسبب الجو البارد فى الخارج كذلك لانها لاتعرف الى اين يمكن ان تذهب , بعد ان دخلت البيت مكست فى الصالة ولم تبرحها من الخوف وجلست تراقب الحمام الموجود فى نهاية الممر امامها فهذا المكان لطالما اخافها فى صغرها , تناولت الصحيفة من على الطاولة بقربها لتشغل نفسها بالقراءة بدلا من الاستسلام للافكار المرعبة , فجاة قطع الهدوء صوت المسجل القديم الذى اعتادت امى على وضعه فى المطبخ , اصيبت شقيقتى بالفزع فتركت حاجتها وغادرت البيت بسرعة وانتظرت امى فى الخارج حتى عادت و اخبرتها بما حدث عندها قالت والدتى ان المسجل تعطل قبل فترة قصيرة وهو الان لدى احد المتخصصين كى يصلحه . سألت شقيقتى ماذا كانت ردة فعل امى بعد هذه الحادثة فقالت شقيقتى ان امنا اتجهت الى القول بانى اتخيل اشياء لا وجود لها بسبب الخوف , لكنها فى الآونة الاخيرة بدأت تقتنع خاصة بعد ان تركنا المنزل جميعا وبقيت هى ابى فقط فلم تجد احد كى تلصق به تهمة اصدار الاصوات او نقل الاشياء وافتعال المقالب . استكملت اختى حديثها بانها عانت الامرين بعد ان تزوجت وتركت الغرفة فقد كانت ترى خيالات سوداء تقف عند نهاية السرير و فى كل مرة تنام تستيقظ لتجد نفسها مشلولة لا تقوى على الحركة ولا الصراخ شعرت كثيرا بان هناك من ينام بجوارها ويتنفس فى ظهرها اشتكت لوالدها ولوالدتها لكن دون جدوى كانوا يكتفون بتشغيل سورة البقرة فى الصالة وتركها تعمل طوال الليل كانوا يلاحظون بانفسهم توقف المسجل من تلقاء نفسه فجاة لكنهم استمروا فى تجاهل الامر و برروا تصرفاتهم هذه بانهم لا يملكون مكان اخر غير هذا البيت لذلك حتى وان كان البيت مسكون فعلينا التعامل مع الامر , توقفت شقيقتى عن الكلام وانهارت باكية وهى تقول اذكر اننى ذات ليلة استيقظت على صوت همسات بجانب اذنى وعندما فتحت عينى رأيتها تقف امامى , توقفت عن الكلام مرة اخرى وعادت تبكى وتنتحب بصوت عالى و قالت كانت فتاة تشبهنى لكنها فجأة تحولت الى شىء لست قادرة على وصف مدى بشاعته, سالتها كيف تصرفت عندما رأتها فقالت انها وضعت الغطاء على وجهها و اخذت تقرا بعض الايات الى ان سمعت صوت باب غرفة ابى يفتح قبل الفجر بقليل فرميت الغطاء بعيدا دون ان تنظر حولها لترى ما اذا كانت شبيهتها البشعة ماتزال معها ام رحلت اسرعت الى امى ونامت بجوارها و من وقتها لم تقدم على النوم بمفردها فى هذه الغرفة الا ثلاث مرات فقط ظهرت فيها تلك الفتاة من جديد على الرغم من انها كانت نائمة هناك فى النهار. اضافت شقيقتى قائلة "لا تظنى اننى انعم بالامان فى بقية ارجاء البيت فاينما ذهبت كانت تلاحقنى قطة سوداء كبيرة بحجم كلب تقريبا .علاوة على ذلك ارى دائما ظلال داكنة و كائنات سوداء قصيرة اجسادها مكسوة بالشعر الذى يكاد يكون كفراء الحيوانات من غزارته لهم اعين حمراء متوهجة تحدق بك وهى تقف فى زوايا الغرف. كما ان هناك قزم مبتسم اراه منذ ان كنت صغيرة يرتدى بنطال احمر انه لا يغادر الطابق العلوى ابدا ....

..(5)..

يتبع..

مجمعات ليالي مع شمعتي|+16|حيث تعيش القصص. اكتشف الآن