عبث باسم الحب
الفصل الرابـع :-
إلتفت مروان برأسه ناحية الغرفة التي تقطن بها رهف، حينها عادت ملامحه للتجهم الممزوج بشر وغيظ حاول بكل طاقته دفنهما، والاستنجاد بعقله محللًا ما رآه منذ قليل..
ظل يهز رأسه محاولًا اقناع نفسه، واقتلاع أي شكوك تراكمت في عقله؛ هي لا تدري كيف تم احضار هذه الدمية، بالتأكيد ستكون والدتها مَن قامت بذلك عن جهل، وإلا مَن سيكون؟!اومأ برأسه وكأنه يؤكد ما ارتمت إليه أفكاره، لاعنًا غادة وتأثيرها السلبي على حياته؛ معترفًا داخله أنه بات كالأرض الزراعية التي يتطلب استصلاحها اقتلاع بقايا النبتة السوداء القديمة كي تنمو وتترعرع النبتة الجديدة دون أي شوائب من الماضي.
حرك أقدامه متوجهًا نحو رهف، ووقف على عتبة باب الغرفة ليتنحنح بقوة حتى يُعلمها بوجوده، فرفعت رهف عيناها له لتقرأ بين سطور عيناه ما لم ينطق به لسانه من ندم على الاندفاع والعصبية، فدارت رأسها للجهة الاخرى عاقدة ذراعيها معًا تزم شفتيها كالأطفال وكأنه ترفض في كبرياء محاولة الصلح التي تتوقعها منه.
فاقترب مروان حتى وقف أمامها، وقال في صوت أجش مخالفًا كل توقعاتها:
-قومي لمي هدومك.
إتسعت عيناها وكأنه صفعها للتو قاتلًا كل توقعاتها التي كانت تحوم عقلها في مهدها..!
أخذت ترمش بعينيها عدة مرات تهمس دون استيعاب:
-إيه!!
لم يستطع مروان كبح تلك الضحكة على مظهرها والتي تسربت مفتتة عبوس شفتاه المصطنع، فرمقته رهف بنظرات منزعجة تسأله في استنكار:
-أنت بتضحك على إيه؟
لتتراجع ضحكته شيئًا فشيء، ثم أردف وبقايا الضحكة لازالت عالقة بفمه:
-لمي هدومك عشان هنسافر بكرا الصبح.
فسألته بصوت خافت عاقدة ما بين حاجبيها:
-هنسافر فين؟؟
وبهدوء أجاب:
-شهر عسل.
-شهر عسل!!!
رددتها مذهولة وكأنها تتأكد من كون ما سمعته صحيح، فأومأ مؤكدًا برأسه:
-ايوه شهر عسل، هو انتي ناسيه إننا المفروض عرسان ولا إيه؟
صوت عالي صدح داخلها متهكمًا في مرارة، عروسان كانا يتصارعان في شجار مشتعل بجنون منذ قليل !!
ولكنها كبتت ذلك داخلها حين عادت تنظر له هازة رأسها مرددة في خفوت تود إنهاء كل هذا والاسترخاء في صمت:
-لأ مش ناسيه، ماشي.
فتحرك مروان مغادرًا من أمامها دون أن ينطق كلمة أخرى..
فيما تداخلت الأفكار بعقلها، وبدت للحظات غير قادرة على استيعاب أيًا من أفكارها المتشابكة، فمنذ قليل كان كالمجرم وكأنه يوشك على قتلها، والآن يخبرها أنهم سيسافرون لشهر عسل..!بدأت هي تمسح على رأسها عدة مرات متنهدة، تتمنى ألا تفقد عقلها مع ذلك الرجل غريب الأطوار الذي تزوجته..!
بعد وقت قليل.. في غرفة النوم...
جلست "رهف" على الفراش متنهدة تنظر لملابسها التي أخرجت معظمها على الفراش بحيرة لا تدري أيهما تأخذ وأيهما تبقي، دلف مروان ينظر لها؛ يحاول تلطيف الاجواء التي تعكرت بينها، فقال مستنكرًا حين رآها جالسة وكأنها ارتكبت جريمة شنعاء:
-انتي لسه قاعدة؟!
اومأت رهف برأسها بلامبالاة والتعجب تقافز بين حنايا وجهها:
-ايوه قاعده في إيه يعني!!؟
هز مروان رأسه نافيًا وراح يخبرها في حزم وجدية مصطنعين:
-لا لا دا كلام برضو، لازم تقومي دلوقتي.
فأشارت رهف للملابس المُلقاه على السرير تخبره بصوت حانق:
-ما أنا بدأت وطلعت كل الهدوم وبشوف هاخد إيه، ممكن تسيبني بقا ؟!
رفع حاجباه معًا وقد تغضنت ملامحه بعدم رضا وهو يهز رأسه:
-إيه أسيبك دي؟ رجلي على رجلك لازم اشوف ناوية تلبسي إيه.
ثم ودون أن ينتظر ردها كان يبعثر الملابس الموضوعة على الفراش، حتى وقعت عيناه على بعض "قمصان النوم" التي كانت بين الملابس، فأمسك بها بسرعة قبل أن تستطع رهف أخذها، وضاقت عيناه وهو ينظر لها وتحدث والمكر يفوح من بين حروفه:
-انتي واخده دول اااه منك يا شقية مش سهلة انتي بردو.
شعرت رهف بالهواء ينحسر من رئتيها وأنها ستفقد الوعي حالًا، وقد تحول وجهها للحمرة المخالطة شحوبه من الصدمة، وحاولت بصعوبة أن تُجلي صوتها فخرج مبحوحًا:
-أنت بتقول إيه لا طبعًا أنا آآ... دول كانوا آآ كانوا مع باقي الهدوم، لكن انا مش مطلعاهم مخصوص.
ابتسامة عابثة كانت تحلق على ثغر مروان الذي جلس على الفراش متنهدًا يقول في براءة ذئب ماكر:
-حيث كده بقا يبقى لازم أقعد ونختار نشوف هتاخدي أنهي فيهم.
اذبهلت رهف التي رددت متسعة الحدقتان:
-إيه! تـ إيه ؟ تتفرج على إيه؟
فهز كتفاه معًا كأنه يخبرها بشيء بديهي:
-على قمصان النوم يا رورو فتحي مخك معايا امال.
التوت شفتا رهف مرددة بما يشبه الهذيان والبلاهه تعتلي وجهها:
-قمصان نوم، يعني إيه قمصان نوم؟
كاد مروان يمد يده أخذًا أحد القمصان ليشير لها به، ولكنها سارعت تلتقط ما كاد يأخذه لتخفيه خلف ظهرها، ثم نظرت له عاقدة ما بين حاجبيها وبقسمات مشدودة وشفاه مزمومة كانت تردف كأنها على وشك البكاء:
-لا والنبي يا مروان لا.
-اشمعنا يعني مروان لا، ما امة لا اله الا الله زمانهم شافوهم وهما بيرصوهم مع حماتي قبل الفرح، ولا هي جت على قرمط يعني؟!
صاح مروان منزعجًا في نبرة درامية، فهزت رهف رأسها نافية وهي تهتف محاولة إقناعه:
-يا مروان أفهم والله مش هينفع هتحرج بجد.
ليهز مروان رأسه نافيًا وبجدية مُصطنعة مُضحكة وبراءة لا تليق به:
-لأ منا مش بجح عشان أتفرج وأختار عيني عينك كده، غمضي عنيكي وأنا هختار.
أنت تقرأ
نوفيلا " عبث باسم الحب " بقلم/ رحمة سيد
Lãng mạnنوڤيلا رومانسي اجتماعي.. بقلمي/ رحمة سيد .. كاااملة ❤️