الفصل الثامن

14.3K 1.1K 156
                                    

عبث باسم الحب

الفصل الثامـن :-

دقائق معدودة مرت وهي لازالت عاجزة عن إعطاءه الرد المناسب، تشعر أن مؤخرًا أصبحت تحشرها الظروف بين كماشتين يأبيا أن يُفلتاها..!
سمعت صوته الذي كان كأعزوفة مُزعجة تصاحب موت محتوم وهو يسألها في برود:
-هاا يا رورو مسمعتش ردك؟ التقرير اللي أخدته من المستشفى مستني، وبيثبت إن الهمجي بتاعك اتعدى عليا بالضرب المبرح.
كان لسان حالها يصرخ بالنفور والغضب، وعقلها مُلجم بالمفاجأة التي باغتها أحمد بها، لا تستطع حتى التفكير بطريقة صحيحة، بينما هو يتابع مواصلًا ضغطه على النقطة المهزوزة في قلق وتردد داخلها:
-ومتهيألي أنتي عارفة عقوبته إيه، وحتى لو خرج بكفالة او ماتحبسش، بس يكفي الفضيحة الجديدة اللي هتحصل وأنتي عارفة الناس مابتسيبش حد في حاله.
جزء من كلامه كانت تصدقه وبقوة، فهي لم تصدق كيف أُغلقت صفحة الماضي المُلطخة، حتى تأتي هذه الفضيحة لتفتح تلك الصفحة مجددًا مُذكرة الناس بكل شيء، وحينها لن ينقذها أحد من أن تكون علكة مرة أخرى على ألسنتهم..!
ولكنها أيضًا لن تستطع قتل علاقتها بمروان في مهدها، لذا إنتفض عقلها بحثًا عن مسار صحيح للتفكير تستطع فيه إنقاذ علاقتها بمروان وتحجيم الشر الذي ينبثق من أحمد تجاهما..
وخرجت حروفها متلبسة ثوب الفخ الذي يود إبتلاعه:
انا عارفة إنه تقل عليك في الضرب شوية، أصل مروان إيده تقيلة.
نجحت في استفزاز الرجولة داخله وفك لجام البرود الذي كان يفرضه على أعصابه في تعامله معها، فخرجت اجابته مشحونة بالغضب:
-انتي هبلة هو مين دا اللي تقل عليا في الضرب، هو ماعرفش ولا عمره يعرف يتقل عليا، أنا اللي ظبطت التقرير وأنا اللي كنت سايبه بس يديني ضربتين بمزاجي عشان القضية تبقى على مقاسه.
شيء من الراحة غمر دواخل رهف، فصدرت عنها تنهيدة قصيرة غير مسموعة قبل أن تتمتم ببرود مشمئز شابه ما يتلبسه:
-متتصلش بيا تاني أحسنلك، أنت واحد مريض ولازم تتعالج.
سمعت جملته المطلية بغضب باردة نيرانه:
-تمام أوي، أنا هاوريكي بقا المريض دا هيعمل إيه يا رهف.
-في ستين داهية.
غمغمت بها في غل وهي تغلق الخط، ثم أمسكت الهاتف تتأكد أن المكالمة قد تسجلت، ثم زفرت في راحة بعد أن تأكدت، لا تدري متى يغادر ظل أحمد وماضيه حياتهما، متى تخلو صورة حياتهما الجديدة من شوائب عبثه الذي لا ينتهي؛ عبث باسم الحب..!

نهضت تسير في الغرفة دون هدف، وحديث صامت يدور بعقلها عن فكرة إخبارها لمروان من عدمه، وكعادة الظروف تحشرها دائمًا بين اختيارين لا تستطع الإقدام على نيران أيًا منهما بسهولة، فقط تتحرق بين أطراف ألسنة تلك النيران..
فهي إن أخبرت مروان ربما يُحركه غضبه نحو بلاء جديد لا يحسب حسابه، وإن لم تخبره ربما يفعل أحمد أي شيء وتُفضح تلك المكالمة وحينها سيسقط بلاء غضب مروان على رأسها هي..!
رفعت رأسها لأعلى تهمس متوسلة مشتتة:
-يارب أعمل إيه أنا تعبت.
وكأن الإشارة الإلهية جاءتها سريعًا متمثلة في حضور مروان الذي بدأ يطرق بهدوء باب المنزل، فتحركت رهف مسرعة لتفتح الباب ..

نوفيلا " عبث باسم الحب " بقلم/ رحمة سيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن