الفصل السادس

15.4K 1.1K 106
                                    

عبث باسم الحب

الفصل السادس :-

كانت رهف متجمدة أمامه، أمام الشخص الذي جعل حياتها السابقة ماضي مشوه وحاضرها مهزوز مُعرض للإنهيار في أي لحظة...!

والآخر لم يقل صدمة عنها، بل باغتته رؤيتها هكذا دون مقدمات بعد إنقطاع دام طويلًا..!
اقترب منها خطوة هامسًا في ذهول كأنه لا يصدق عيناه:
-رهف!
فتراجعت هي كالملسوعة خطوتان للخلف دون تفكير، متسعة الحدقتان، تود بل الهرب من تلك المواجهة التي لم تستعد ابدًا لها، وظهر أمامها من العدم كالقنبلة الموقوتة التي تفجرت في وجهها دون أي انذارات..
تخطى "أحمد" الصدمة أسرع منها، وتألقت الابتسامة على وجهه رغمًا عنه وهو يسألها:
-رهف، انتي بتعملي إيه هنا؟
كانت رهف معقودة اللسان، تود الصراخ في وجهه والركض بعيدًا، ولم تكد تكمل محاولتها الأولى لدرعه حتى ظهر "مروان" فجأة يحيط كتفها بذراعه ضامًا إياها له، ويهتف بابتسامة سمجة تخفي الكثير خلفها:
-أهلاً يا أحمد، أحنا في شهر العسل، وأنت؟

فحين غادرت رهف، وكان مروان ينظر نحوها بلا هدف، رأى "أحمد" الذي وقف أمامها يتحدث بما لا يسمعه، ثم ظهرت ابتسامة لزجة على وجهه أسقطت شرارة حارقة في صدر مروان الذي نهض فورًا متجهًا نحوهما، بينما الشيطان يغذي هاجس أسود لاحقه من ماضيه الأسود يردد له أنها مثلها مثل غيرها... أنها كانت تعلم بوجود أحمد في هذا المكان وتعمدت مقابلته!

ولكنه هز رأسه بقوة وكأنه يحاول طرد أشباح الماضي التي تفرض سيطرتها على عقله؛ مستعينًا بحركة جسدها المصدوم المرتعد في التأكيد لنفسه أنها تفاجأت وتود الهرب من أمامه..

عاد لواقعه منتشلًا نفسه من بقاع التفكير؛ مستمتعًا بالصدمة التي استباحت قسمات وجه "أحمد" الذي أخذ يردد مذهولاً:
-شهر العسل؟
اومأ مروان مؤكدًا، وتجمع كل البرود الذي يكمن بالعالم فيه وهو يقول بنفس الابتسامة الباردة:
-اه، أصل أحنا اتجوزنا أنت متعرفش ولا إيه؟
ثم ربت على كتفه متابعًا:
-معلش يا صاحبي ماعزمتكش أصل الفرح كان على الضيق كده.
تحركت عينـا " أحمد" نحو رهف، ونظراته تصرخ فيها بالخيانة!
وكأنه ليس مسئولاً عن أي شيء حدث..

فيما كانت رهف تتنفس بصوت مسموع لتهدئة اضطراباتها الداخلية، متشبثة كالقط المذعور في مروان الذي كان وجوده يعطها كم هائل من الدعم المعنوي والثقة التي لم تتخيل وجودها حين تحين هذه المقابلة.. يرمم شروخ قديمة أحدثها هذا الشخص فيها..!

فأمال مروان رأس أحمد لجهته هو بدلاً من رهف، واستطرد في هدوء ظاهري مُحذرًا:
-لأ عينك تبقى معايا أنا يا حماده عشان منزعلش من بعض.
نالت الصدمة من أحمد الذي أدرك أن مروان هو المنتصر في الجولة الأولى في حرب جديدة بدأت لتوها ضمن سلسلة حروب كيدية متخفية بدأت منذ القدم بينهما..!!!
فلم يود أن يطول انتصاره، لذا حاول الخروج عن طور الصدمة، وراح يردد في خبث قاصدًا استفزاز واستهلاك أعصاب مروان:
-الف مبروك، لو عوزت أي مساعدة في أي مشكلة أبقى قولي، أنت عارف بقا أنا خبرة تجربة معاها ٣ سنين.
تمنت رهف أن تنشق الأرض وتبتلعها، وبدأت وصلة جديدة من جلد الذات داخلها؛ هي مَن تسببت بتعريض زوجها لهذا الموقف القذر، وتعريض نفسها أيضًا..!

نوفيلا " عبث باسم الحب " بقلم/ رحمة سيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن