الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، الجميع يعدون الخراف مع الملائكة، الجميع نِيام..ولكن لا يفرغ ذلك البيت الهادئ من مصباحٍ مُضيء، في غرفة ذلك الشاب، تبدو غرفته من الوهلة الأولي كأنها مكبٌ للنُفايات، ولكن إن أمعنت النظر ستجد الكثير من الخرائط لمناطق لا يعرف عنها الكثيرون، الكثير من الحواسيب، مع بعض النباتات المرصوصة بجانب سريره، ولا تخلو غرفتهُ من مكتبٍ كبير، تكمنُ عليه الكثير من الدفاتر، مع الأقلام المبعثرة والمزيد من الخرائط، تسأل نفسك ماذا يفعل شابٌ في عمره وسط هذا الكوم من الخرائط؟ فهو ليس مُدرسًا لمادة الجُغرافيا..هو حتي لم يتخرج من كُليته بعد.
دَقَ هاتف ذلك الشاب الماكث علي مكتبه، أجاب عن الإتصال فبدأ يعلو صوت كتغريد العصافير: أين أنت؟لِمَ لم تحضر مُحاضرتك اليوم؟ بحثتُ عنك ولم ألقاك
رَدَ عليه بسرعة مع أنفاسٍ غير منتظمة:أنا..لم أخرج اليوم، مرهقٌ قليلًا، لماذا بحثتي عني؟
تحدثت بعدما زفرت هواءً علامةً علي بداية غضبها: أنت تكذب، مازلت تبحث عن تلك البحيرات، أليس كذلك؟
رَدَ عليها بينما يلتقط بعض الخرائط من علي مكتبه:أقتربتُ صدقيني، في نهاية كُلومبيا توجد منطقة مهجورة تقريبًا، إنها غابة مطرية، وتوجد ثلاث بُحيرات، إحداهنَّ "لاغاثا"
أردفت بعدما ضربت كفيها: حسنًا أيها الباحث، كيف ستعرف أيهما هي تلك التي لا أستطيع لفظ اسمها؟
قال "تايهيونغ" مُتحمسًا:سأقص عليكِ نبأ تلك البحيرة، منذُ خمس عشر ألف سنة تحديدًا غَرَقَ طفلٌ كان وحيد أمهِ، وكان أبوه قد مات، ولم يكن لتلك الأم سوى هذا الطفل، فـفي سنوية موته كانت تذهب أمه إلي تلك البحيرة التي غَرَقَ فيها وتبكي كثيرًا، وتظل هناك عدة أيام تبكي، حتي توفت تلك السيدة ولكن قبل موتها طلبت من جيرانها أن يُلقو بها في تلك البحيرة التي غرق بها إبنها عند موتها لتكن رفيقةً له ولتعتني به في الحياة الأُخري، فألقو بها، وفي سنوية الطفل التي تلت موت الأم رأي سُكان البحيرة شيئًا بدا كشبح تلك الأم تبكي وتنوح، وظلَّ هذا الشبح يزور تلك البحيرة حتي الآن، خافَ السُكان من ذلك الشبح وطلبوا بأن يخرج جثة الأم والطفل من البحيرة، ولم يكن قد مَرَّ الكثير علي موت الطفل و الأم حتي يتحلل عظمهما، فأخرجوا جثثهما، ولكن لم يكف شبح الأم عن زيارة المكان في سنوية موت الطفل، مما أدى إلي هجر تلك البحيرة بالكامل إلا من بعض القبائل..
ردت صاحبة صوت تغريد العصافير بعد برهة من الصمت:أليس هذا مُخيفًا؟لماذا تُريد الذهاب إلي هناك؟
قال "تايهيونغ" بعد أن تنهد:هذه البحيرة لا توجد علي الخريطة، وإنما في كُتب الأساطير، وهذه الخرائط من حولي لتحديد مكان الغابة المطرية التي توجد بها تلك البحيرة، أما أنا فأريد الذهاب لأنه لم يسبق أحد زيارة هذه البحيرة منذُ ثلاثة آلاف سنة، ولا أعلم إذا كنت سأجد هناك تلك القبائل الباقية أم هاجروا؟
قالت "مارسيا":لم تخبرني، كيف ستعرف البحيرة من الثلاث بحيرات؟
قال مُتلهفًا:في ذلك الكتاب الذي قرأتُ فيه عن البحيرة، يوجد تفصيل عن اليوم الذي توفي فيه الطفل، إنه عند إقتران الثلاث كواكب (زحل والمشتري وأورانوس) في ليلة يكون بها القمر بدرًا، والغريب هنا أنه لم يحدث ذلك الإقتران مع تمام البدر منذ مئتي عام، لذلك لم يري أحد ذلك الشبح منذ ذلك الوقت، ولكن بداية الشهر القادم هو حدوث ذلك الإقتران..
قالت بنفاذ صبر:هل حقًا ستذهب إلي ذلك المكان المخيف؟
قال بسرعة:ألا يحمسكِ الموضوع؟ الأسطورة مع الإقتران والشبح؟يستحق العناء
قالت:ماذا ستفعل مع والدتك، ومن أين ستأتي بالمال للسفر؟
قال بعدما ادركَ شيئًا لم يكن في باله:ذلك ما لا أعرفه، هل ستوافق علي السفر أم لا وخصوصًا في سنتي الأخيرة من الجامعة، ومن أين لنا بالمال؟
قالت:نعم فكر قليلًا أيها الأبله
قال:سأتصرف رُبما تحمل أمي القليل من المال، وأنا أعمل أساسًا، لآخذ قرضًا، لأتدين من أحدهم، ولكنني سأكون في تلك الغابة في بداية الشهر القادم
ألقي "تايهيونغ" بنفسه علي السرير بينما يُتمتم:سأذهب إلي هناك
وغاص في نومٍ عميق، ليعد الخراف مع بقية النِيام
______________
لا تنسي ترك تعليقًا يُشبهك يا جميل
البارت:٥٩٦ كلمة
قصة قصيرة، آمل أن تنال إعجابكم..
لا يوجد ما يمُت للحقيقة بشئ، إنها فقط من
خيالي..
------------
شُكرًا لقرائتك
أنت تقرأ
لاغَاثا
Short Storyتبقي الأساطير كما هي، في الكتب تعيش في سلام.. حتي يعثُر عليها أحدهم، وتُصبح عمله الشاغل.. هل نصدق إذًا؟ أمْ نأخذها كأمزوحة تتنقل بين الأفواه؟! كيم تايهيونغ مارسيا كيم نامجون البداية: ٢١-٢-٢٠٢١ النهاية: ٦-٣-٢٠٢١ مُكتملة