-لماذا أقتلهُ!! أنا لستُ قاتلة مُستأجرة ، أنا لستُ قاتلة ، هؤلاء الأشخاص الذين قتلتهُم ، فى الحقيقة هُم من قتلوا أنفسهم ، أنا كُنتُ الدافع فقط...
رُبما حان الوقت لِتغيير الموازين ، وأداء واجبي ، أظنُ أنني مُستعدة لِلنهاية الآن.رجعتُ للمنزل ، وقررتُ عدم الذهاب لِلعمل فى الصباح ، وأن أحتسى الكحول ، كنتُ أريدُ منع نفسي من التفكير فى شئ غير أنا ، غير وهم الآن..
=وهل تَحَسنت حالتكِ عند الشُرب؟
*ضحكت بألم*:
-لا.. لقد سَقَطَت الهموم على قلبي وعقلي واحدةً تِلوَ الأُخرى ، أخذ جسدي يَتذكر كيف أن الأشخاص الذين هم عائلتي كانوا سبب نَكَسَتي الكُبرى ، أن أبى جعل مني شخص ضعيف يَرهبُ الآخرين ، جسدي لم ينسى أى أذى سببهُ لى أحد ، المرة الأولى لي لقتل أحدهم كيف كانت مؤلمة ، أمي التي من المُفترض دَعمي ، وَا أَسَفَاه.. لم تَعترفُ بي إلا فى أوقات نجاحي ، عندها فقط تَتذكر أن لها أبنه.
فى يوم موت عائلتي عندما أخبرني جدي بِـأنهم ماتوا فى حادثة سير ، لم أبكِ ، كُنت حزينة قليلًا ، لكن مُطمئنة ، الآن وهم التي عاشت كَـوهم طوال السنين الماضية سَتنالُ حُريتها ، لِهذا نعتني الجميع بِـالفتاة الجاحدة ، الجميع كان يخاف مني ، لماذا؟ لأنهم لم يكونوا أنا..
الشخص الوحيد الذي ألم قلبي فُراقهُ هو جدي ، لا أستطيع التعبير عن حُبي ، لَكنهُ كان رجل مُسالم ، له ذوق رائع فى الموسيقى.شَربتُ لأنسى.. فَأخذتُ إستراحة من الحياة وعلقتُ فى الذكريات ، كأن كل شيء أقسم على مُعاناتي.
بَكيتُ.. بَكيتُ وأنا أحتضن نفسي بِداخلي ، كأني لِأول مرة أمتلك أعيُن ، لم أكن أُريد حياة مثالية ، فقط سالمة.غَفوتُ من الألم ، حتى أيقظني صوتُ جرسِ البابِ ، كان هذا الرجل الذي أعطاني الورقة التي كتبها يونس ، لم يَتحدث.. أعطاني حَقيبة كُتِبَ عليها "يونس النعمان" ورحل ، و لم يكن لدي طاقة لِـسؤاله عن شيء.
كانت عيناي مُنتفخة كثيرًا ، غسلتُ وجهي وصنعتُ كوبًا من الشاي المغلي ، وجلستُ أقرأ قصيدة لِـمعروف الرصافي ، كانت تقول:
_شكوتُ من خصرها ضعفًا و قولت لها
مليكة الحُسن هل عطف على الشاكي
قالت وقد شاهدت وجدي المُبرّح
ما أغراكَ.. قولتُ لها عيناكِ
فأستضحكت وهي تجني الورد قائلة
ما أحسن الورد.. قولت الورد خداكِ
وقولتُ أهوى.. فَـقالت وبالدلال من تهوى
فَـقولتُ لها أيّاكِ إياكِ._
=أنتِ مُغرمة بالفن.
-كان الوسيلة الوحيدة لِلنجاة.أصبحت الساعة حوالي السابعة مساءً ، أعددتُ الباستا ، أنا لا أُحبها لَكنها الشئ الوحيد الذي أُجيد فعلهُ ، ثم أخذتُ حمامًا ساخنًا.. و فَتحتُ الحقيبة ، كان بِداخلها فُستان لَطيف ، لكني لا أنبهر..
-أرتديتهُ وكانت الساعة حوالي التاسعة ونِصف ، وقفتُ أمام المرآة ، إنها المرة الأولى التي أرى نفسي بها بشئ غير الأسود ، كُنتُ غريبة ، لكن جميلة ، لكني لا أنبهر..
كان الفستان قصير ، فَـشعرتُ بالخجل ، هنا علمتُ أنني لا أزال أنثى..
=ثم ماذا؟
-خلعتُ الفستان...
أرتديتُ بنطال أسود ، ومعطف أسود ، وأخفيت وجهي بِقبعة سوداء ، ومن ثم ذهبتُ للفندق ، كان فى غاية الجمال ، الرجال ترقص مع النساء رقص كلاسيك ، هُناك أشخاص يبدو عليهم الحزن جالسون يتناولون مشروبًا ، أخذتُ أبحثُ عن ذلك الرجل صاحب الصورة ، حتى وجدتهُ..
-أخبرتُكِ أنني لا أنبهر.. صحيح!
=نعم..
-لقد كان إنبهاري الأول..
كان أرق وأجمل شئ وَقَعت عيني عليهُ ، وكانت مرتي الأولى التي أرغب فيها بإحتضان شيء غير نفسي.
جلستُ على بُعد منهُ ، أُراقبُ حركاتهُ ، كان يشربُ ويَكتُب ، يُدندن مع الموسيقى ويهز قدمه ، شرب كأسين وسيجارة ، كان لوحة فنية ، وأنا من مؤيدي الفن.
هَمَّ بِالرحيل فَخرجتُ قبلهُ وأنتظرتُ فى ركن مظلم من الشارع ، كان هذا الشارع الوحيد لِلخروج لِذلك الأمر كان سهلًا..
مشى ، فَـتبعتهُ حتى توقف ، ودون أن يَلتف قال بِـصوت غير واضح أكاد أسمعه وأميز حروفه:-
=أنتَ أو أنتِ تُشعرني بعدم الراحة..
لكني لم أُبالي لهُ ومررتُ بِجواره دون أن أنظر لهُ أو أُظهر ملامحي ، فَشعُرَ بِالإحراج وأكمل طريقة..
كان هَناكَ بعد ذلك مَمرين مُتفرعين من هذا الشارع ، مَشيتُ من أحدهم ، وسلكَ هو الآخر ، وكان يَربطُهُما مَمر صَغير فَـسلكتهُ ، لَكني لم أجدهُ ، كان الشارع مُظلم فَـلم أستطع الرؤية ، حتى آتى أَحدهم من خلفي وضَرَبَ قدمي فَـسقطتُ ، وقال:-
=هل تَظُنَني غافلًا! أستطيع قَتلكَ الآن دون أن أُعاقب..ثم وَضَعَ حَقيبتهُ أرضًا وأخَذَ يُشعل سِيجارتهُ.. لَكمتهُ لِـيسقط ، فَضربتهُ مجددًا بِـقوة حتى شعرتُ بآثر دماء على يدي ، وتنهيدة ألمهُ ، فَهَربتُ..
=هل كان أحد رِجال يونس وآتى لِقَتلكِ؟
-لا..
=إذا من كان؟
-نديم.أخذتُ حقيبتهُ وجريتُ عائدة للمنزل ، لم يكف قلبي عن النبض بِـسرعة ، كُنت خائفة ، أتوسل ألا يكون قد أصابهُ مكروه ، لا أعلم لكنه أحيا شيئًا فى صدري مات مُنذ سنوات عديدة.
=ولماذا لكمتيه بِـهذه القسوة؟
-صدقيني لا أعلم ، لم أستطع تمالك نفسي.
جلستُ فى ذهول من نفسي ، بعد ثلاثين عامًا هل يستطيع قلبي أن يَنبُض؟بعدما هدأتُ فتحت الحقيبة ربما أجد شيء يدلني من هذا ، وبالفعل وجدتُ بِطاقتهُ الشخصية وبعض الأوراق الخاصة بِـعملهُ ، ومذكراتهُ اليومية ، كان يسكُنها الحُزن ، الكثير من الحُزن والألم ، وفى آخر صفحة كتب فى دائرة وحولها العديد من علامات الاستفهام (هل يراني الآن؟)
من هذا الذي يراه؟ هل يقصد الإله؟ أم أنهُ على يشعُر بالخطر ، وربما يدري بأن هُناك من يُريد قتلهُ؟
وكانت هُنا الصدمة عندما قرأتُ بياناتهُ...
=ماذا؟
-أسمه "نديم يونس النعمان"..
.
.
.
.
.
.
- يُتَبع...
#رحمة_حامد
أنت تقرأ
-قبل أن أقول اُحبّكَ.. "حكاية مريضة نفسية".
Mystery / Thrillerفى النهايةِ هل يُمكن أنَّ يجتمعُ الخيرُ والشرُ؟ منّ سار طوال الطَريقَ وَحدهُ بِأقدام عارية ، هل يُمكن أن ينل الحب؟ وماذا سيحدث إن نالهُ؟ كَلماتٌ آُخرى مِن جوفِ الليلِ الأسودِ ، حُروفٌ جَديدة غَير التى نألفُها مِن بَراكينِ الألمِ ، مَشاعرّ غريبة باه...