الفصل الرابع

111 15 4
                                    




لأول مرة ؛ ينزعجُ كيونقسو من الأصوات المحيطةِ به، أصوات السيارات و الناس و حتى صوتُ الرياح المحببِ له. حين استقرّ كفُّ تشانيول على كتفه... شعر بأن الكون بأكمله يصِرُّ كلما تأرجح. تشانيول الذي عاد لطبيعته و عادت الحيوية إلى وجههِ بدا مقيتاً... و كيونقسو يكره التقلب المفاجئ في مشاعره حيال صديقه.

توقف القطار المحمّل بأفكاره بسماعهِ لصوت تشانيول يسأله عمّا اذا كانت ترجمتهُ صحيحة، تنهّد شاكراً له بينهُ و بين نفسه.. لو لم يوقفهُ تشانيول.. لانحرف القطار عن مسارهِ و تحطّم في مكانٍ ما.

رفع عيناه لتلتقي بعيني بيكهيون الذي ابتسم بدوره، كان من الواضح أنه يراقبهما، أو لربما راقبَ تشانيول فقط؟ عيناه لا تنفكان عن الشاب الطويل، بدا هائماً فيه! لم يأخذ كيونقسو كلام جونق ان على محمل الجد، فبيكهيون شابٌ جادٌ في عمله و لا يبدو مريباً البتّة. لربما اجتاحته الغيرة.... لكن كيونقسو لم يذكر شيئاً حول اعجابهِ بروعة بيكهيون لجونق ان ! من الغريب أن يقرأ أفكاره! لربما تبعَ احساسهُ فقط؟ بعضُ الأشخاص يمتلكون احساساً لا يخيب...

سار بيكهيون نحو تشانيول الذي عاد إلى مقعده، يضغطُ على كتفيه بكفّه حتّى غُرزت أصابعه و بدا الآخر مرتبكاً، راقبهما كيونقسو و نسي كيف يتنفس حين لاحظ أن ابتسامة بيكهيون لم تسقط..

و مجدداً..... فكّر في أن بيكهيون شبيهٌ بجونق ان.

سار على طرف الطريق الفارغ متجهاً إلى المكتبة، حان الوقت لاقتناءٍ كتبٍ جديدة يلتهمها خلال نهاية الأسبوع. فقد أنهى أعمالهُ المتراكمة و لم يبقى بين يديهِ سوى الفراغ الذي يُبغضه.

دفع بالبابِ و رنّ الجرس، الأضواء الصفراء من الشارع تسطعُ عبر الزجاج وسط تلك الليلةِ الزرقاء. اضاءةُ المكتبة و رائحة الخشب و الكتب تراقصا حتّى لفحا وجهه، يأتي إلى هنا مراراً لكنهُ لم يعتد على هذا الدفء... الدفء الذي لا يشبهه

ألقى التحية على الرجل العجوز ذو النظارات المستديرةِ بإطارٍ ذهبي، مالك المكتبة.

"هل أنهى جونق ان مناوبته؟" سأل كيونقسو بينما يقف بغرابةٍ و عدم ارتياحٍ في بقعة ما.. محاولاً تبادلَ محادثةٍ طبيعيةٍ مع الرجل الذي لا يعمل في مكتبتهِ الخاصةِ إلا نادراً .

" جونق ان يعمل مع دونقوو في المستودع، ألم يخبركَ أنه يعمل في المناوبة الليليةِ منذ أكثر من شهر؟"

نفى كيونقسو برأسه... أي مكتبةٍ تلك التي لا تغلق أبوابها طوال اليوم؟ من المريحِ وجود مكانٍ كهذا، يمكنه القراءةُ في أي وقتٍ لو نفذت الكتب من أرففه.  تذكّر بعد بضع ثوانٍ مضيّ ثلاثةِ أسابيع منذ حادثةِ جارته و سأل مرتبكاً " متى تنتهي المناوبة الليلية ؟" 

شجر الشتاء ينادي // كايسوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن