4⃣- سقوط الأقنعة.

32 15 31
                                    

فالجانب المظلم من القمر هو الجزء الأصعب رؤيته؛ وتسليط الضوء عليه يحتاج إلى طاقة كبيرة.
-البجعة السوداء/نسيم طالب.

على منصة خشبية وُضِعت تحت ظل الشجرة، جلس تشا سونغ وو يرتاح بعد إلتقاط الفطر مع عجائز القرية، جَلَست على جانبه الأيمن كيم سوو آن وثم بدآ الحديث عن أيام الدراسة وذكرياتهما مع زملائهما آنذاك، لم يلحظ تغير نبرة صوتها ولا أسلوبها في الحديث حتى باغثته بسؤال أطلق الشك داخله.

" تتذكر عطلة الربيع في السنة الأخيرة من الثانوية؟".

أجاب وهو يشيح بنظره ناحية اليسار، ضَغَطَت على الوتر الحساس، والتوتر بدأ في التراكم داخله، "نعم بكل تأكيد من يستطيع نسيانها كانت من أروع الرحلات التي قمنا بها".

" هل سرقت المال من المشرف؟".

أشار بيده نحو صدره وقال متعجبًا " أنا!"، قاطعته بعد أن لمست جبهته قائلة:

" الآن لنخرج الأسرار من هذه البئر المليئة".

" أخبرني الحقيقة، أنت من سرقت المال وليس هان دوجين، أليس كذلك؟".

قاوم الكلمات، وطفح العرق من على كفيه وهو يضغط عليهما، لكنه لم يستطع المقاومة أكثر، خرجت الكلمات من فاهه دون توقف، اعترف بكل شيء فعله ذلك الصيف، كيفية سرقته المال من المشرف، إنفاقه هو وزمرته من الزعران على الحلويات والوجبات الخفيفة، حتى تزوير الأدلة وتلفيق التهمة بهان دوجين.

مضت دقيقتين وهو في حالة صمت، و كمن إنقطعت الكهرباء عنه ثم عادت فجأة، اتسعت عيناه وارتفع حاجباه الأسودان وفغر فاهه مندهشًا، وقف بحركة آليه ووجه جسده بزاوية 90 درجة مئوية راغبًا في الهروب، لكن كيم سوو آن أوقفته، أمسكت بذراعه وثم قالت:

" مهلًا، إلى أين أنت ذاهب؟ سوف تبدأ الحفلة الآن".

وقفت وثم اقتربت من أذنه ببطء وهمست بأوامرها ليس للفتى تشا سونغ وو بل إلى وحوشه التي تسكن أعماقه المظلمة.

" الآن إظهر وبان، أخرج كل شيء كان قد كتمه داخله".

اعتلت نظرة فارغة وجهه وإتجه بحركة آلية نحو العجائز الجالسين تحت ظل أول شجرة قابلته.

" أنا لم أرد مساعدتكم، فعلت ذلك لأبدوا جيدًا أمامكم، أما خلف هذا القناع يقبع وحش، أنا مسخ أناني و جشع، أرتدي هذا القناع، قناع اللطافة والطيبة؛ لأخفي قُبح تصرفاتي، أنا شخص يتلذذ بأذية الغير، وغدٌ يريد إمتلاك كل شيء ولا يهمه إذا طحن غيره تحت قدميه إذا أبعدوه عن غايته."

وقف وسط الشارع وتابع الإدلاء بالحقائق التي حاول هو ووالده طمسها بالرشوة والعنف في معظم الأحيان، أفعال السرقة والتنمر التي مارسها، حتى قضايا الفساد والرشوة التي ارتكبها في عمله، اعترف بها بصوت عالٍ أمام سكان القرية، وعندما أخرج كل شيء داخل جعبته توقف فجأة، وكمن كان تحت تأثير تعويذة أو سحر ما انصدم من فعلته وانهمرت الدموع من مقلتيه.

" ما الذي فعلته! سوف يقتلني والدي".

سبب المعاناة هو تضخم الرغبة.
-آرثر شوپنهارو.

جَلَسَت على الأريكة ووضعت رجلًا على الأخرى فوق الطاولة ثم كتفت يديها خلف رأسها وأسندت ظهرها على الأريكة.

نظر نحوها رافعًا حاجبه الأيمن باستهجان" عفوًا، كيف دخلت إلى هنا ومن تكونين؟".

أنزلت رجليها من على الطاولة و استقامت بجلستها وأردفت" آسفة على وقاحتي، نسيت أن أُعرّف بنفسي، في الواقع أنت تعرفني جيدًا، الآن أشعر بالخذلان قليلًا، كيف أتبخر من ذاكرتك هكذا؟".

" لا أعتقد بأننا قد تقابلنا من قبل، وإلا كنت قد تذكرتك، فأنا رجل فولاذي الذاكرة".

" هيئتي مختلفة قليلًا، لكن لا يوجد ضرر من إنعاش ذاكرتك".

" من فضلك غادري مكتبي منزلي...".

" آه، أظن بأنك تتناسى ضحيا إبنك بعد أن تتخلص منهم".

" هل أتيت إلى هنا كي تهدديني؟.. هذا يعد إقتحامًا للممتلكات الخاصة، سوف أتصل بالشرطة".

" أنا لم أتكبد عناء القدوم من أجل ذلك" صمتت قليلًا وهي تقلب كفّيها وثم أردفت وهي تنظر إليهما " أتيت إلى هنا لأحكي قصة" نظرت نحو تشا هان غيول وثم قالت" قصة طفل، الطفل الذي حُبس في المعبد ظلمًا".

أرسل ضربة مدوية إلى مكتبه وشرايين رقبته برزت بوضوح نتيجة لإندفاع الدماء فيها بشكل مفاجيء " غادري حالًا..."

" أين آداب الضيافة سيدي، وجب أن تطلب من زوجك أن تُعِدّ لنا شايها بالأعشاب المميز، يجب أن تسمع القصة كذلك فهي وأنت كذلك جزء منها".

أصدر الباب صريرًا فقطع سلسلة التحديق بين الطرفين، دخل متبخترًا وهو يمسد على ظهر القطة التي يحملها بين يديه، تبعه تشا سونغ وو والسيدة تشا سوهيون، لم يكن الإثنين بدراية عمّا يفعلانه، أجسادهما تتحرك مثل ربوتات مأمورة.

" اعذرني على تطفلي، قد أتيت بدون موعد، لكننا عائلة، لا نحتاج إلى مثل هذه الأشياء".

رفع الكم الأيمن من قميصه كاشفًا على العلامة التي تحتل المنطقة الممتدة من رسغه حتى نهاية ذراعة.

" الآن تبدو الأشياء أوضح، أراهن على أنك تناسيت أمري! أبي".

حمحمت كيم سوو آن وقامت من على الأريكة، اتجهت إلى خلف كرسي تشا هان غيول، وضعت يدها على كتفيه و دفعته نحو الأسفل لترغمه على الجلوس.

" حان وقت القصة، فليجلس الجميع" بنبرة صوت حادة أمر تشا وون جي كلا من تشا سونغ وو و تشا سوهيون بالجلوس فجلس الإثنان على الفور.

لحنٌ مَحتُومحيث تعيش القصص. اكتشف الآن