الفصل الأول

43 9 16
                                    

"الفصل الأول"
"ذات الوجهين"
"اجاثا كريستي"

كان الشابان جالسين في قصر "رامات" يتداولان الرأي في الأحداث الجاريه.
وكان الشاب الاسمر هو الأمير "علي بن يوسف"  شيخ "رامات" من أغنى إمارات الشرق الأوسط اما الشاب الأشقر فهو قائد طائره الأمير الخاصه.
وعلى الرغم من هذا البون الشاسع في المرتبه الاجتماعيه فقد كان بينهما صداقه وثيقه تمتد جذورها إلى عهد الزماله في الجامعه.
وقال الأمير "علي" وهو لأ يكاد يصدق ما حدث:
-ما كنت أتصور يا "بوب" أن يطلقوا علينا النار.
وأجاب "بوب رولينسون":
-كانوا يقصدون قتلنا.
وتريث الأمير برهة ثم قال:
-اتراهم سيعاودون الكَّرة..؟ كان ينبغي أن نغادر البلاد منذ أسبوعين أو ثلاثة..
-اغلب الظن انهم سيفعلون..
فقال حاكم "رامات" في شئ من التجهم:
-إني لأكره أن افر هارباً...إن الجبن ما كان قط من شيمي.
واستطرد الأمير في شئ من الانفعال:
-كم يخامرني الأسى عندما أفكر في كل ما صنعت من أجل رفاهية هذه البلاد..!مستشفيات..ومدارس..ورعايه صحية.
وقاطعه "بوب رولينسون" متسائلا:
-ألا تستطيع السفاره أن تفعل شيئاً..؟
-أتريد مني أن ألجأ إلى السفاره واحتمي وراء جدرانها؟ محال أن أقدم على هذا.
وبدت عن صدر الأمير تنهيدة متسمة بالمراره وقال:
-وهل نسيت يا صديقي أن التهمة التي يقذفونني بها هي إني منحاز إلى الغرب..؟
واستطرد الأمير:
-كان جدي طاغية جباراً يحكم البلاد بالحديد والنار..
وفي الحروب القبليه كان يقتل أعداءه بلا رحمة ويصلبهم على جذوع الأشجار. ولو أن أحد همس بأسمه لشحبت الوجوه وارتجفت الاواصل. ومع ذلك فقد ظل في نظر شعبه مبجلاً مقدساً. أما أنا فماذا كان من شأني..؟ بنيت لهم المدارس واقمت لهم المستشفيات ومع هذا فهم يلعنونني ويطلقون عليَّ الرصاص، فليت شعري،ما الذي يريدون...؟أتراهم يؤثرون حكم الإرهاب والدم المراق كما كان شأن جدي..؟
وقال الأمير "علي":
-ولكن الديمقراطية..
وابتدره بوب مقاطعاً:
-الديمقراطية كلمة جوفاء فارغة تحمل أكثر من معنى على عهد "الاغريق" كان الطغاة يقطعون الرءوس أو يشنقون الناس. ثم يزعمون أنهم يفعلون هذا بأسم "الحق الإلهي" وكانوا ينادون في القوم بأن حكمهم ديمقراطى بأسم الشعب ومن أجل الشعب ومن عجب أن رعاياهم كانوا يحبون ذلك ولا يستنكرونه...وفي عهد الثورة الفرنسية ساد حكم الإرهاب وتلقاه الناس مرحبين ثم أطلقوا على كل هذا أوصاف ديموقراطيه.
فهمس الأمير "علي":
-ولكننا لسنا بالقوم المتوحشين..اننا اليوم في عصر الحضارة.
فقال "بوب" معقباً:
-ما الوسيلة المثلى لأنقاذك من هذه الأخطار التي تهددك...؟أليس في الجيش من يمكن أن تركن إليه...؟
وفي بطئ وتمهل هز الأمير رأسه نفياً وأجاب:
-لو انك بادرتني بهذا السؤال منذ أسبوعين لرردت عليك بالإيجاب. إما اليوم فإنني في شك من الأمر.
فقال "بوب" :
-صدقت..وهذه هي الكارثة..ان قصرك هذا ليبعث الرعدة في اواصلي. فأومأ الأمير "علي" برأسه في حزن وقال:
-أصبت فما من قصر من قصور الحكام الا ويزخر بالجاواسيس والعيون المبثوثة...
-اسمع يا أمير "علي"...اذا كنا قد انتوينا مغادرة البلاد فعلينا أن نبادر بذلك على الفور.
فرد الامير:
-أدرك هذا...لقد بت الان مؤمنا بأنني أن بقيت فلا مناص من أن اقتل.
وعقب "بوب" بقوله محذراً:
-ولكن يجب ألا يغيب عنك اننا قد نستهدف للموت أثناء فرارنا ولذا سنضطر عندئذ إلى الطيران فوق الجبال وفي مثل هذا الفصل من السنة يكون الأمر مجازفة تنطوي على أشد المخاطر.
وقال الأمير ببساطة:
-اني لأكره أن أفر هارباً ولكنني في ألقت ذاته لأ اريد ان اصبح شهيداً يمزقني الرعاع ارباً.
وساد الصمت هنيهة قال الأمير بعدها:
-فليكن إذن...!سنقوم بالمحاولة فمتى نرحل...؟
-كلما بادرنا كان هذا أفضل....ولكن ينبغي أن نذهب بك إلى المطار بذريعة طبيعية لا تثير الشكوك...ما رأيك في أن تزعم أنك ذاهب لمشاهدة الطريق الجديد الجاري إنشاؤه في المطار، فلا يفطنون الى انك تنوي مغادرة البلاد؟
وعندما تمر بسيارتك أمام المطار اهبط منها وسأكون قد أعددت الطائرة فنستقلها على الفور...وطبعا لن نأخذ معنا شيئاً من الحقائب.
وقال الأمير:
-شئ واحد احرص على أن أخذه معي.
وتساءل "بوب":
-وماذا يكون هذا الشئ..؟
وارتسمت على شفتي الأمير ابتسامة ملتوية تنم عن الدهاء وأجاب:
-أنه هذا...!
ودس يده في جيبه ثم أخرجها وبسطها فإذا في راحتيه كيس جلدي صغير..وفك رباط الكيس وافرغ محتوياته على المائدة امامهما.
وما أن رأى "بوب" ما امامه حتى لهث أنفاسه وجحظت عيناه وتفجرت دهشته في صفير خافت انبعث من بين شفتيه وهمس:
- يا رب السماوات...! أهي حقيقية..؟
وأجاب الأمير "علي":
-طبعاً حقيقية...ومعظمها كان ملكاً لأبي. ولكني أضفت إليها المزيد على مر الأعوام أن من تقاليد اسرتنا أن تجمع الألماس لحين الحاجة...أتدري كم تبلغ قيمتها اليوم...؟مليوناً من الجنيهات...!
وللمرة الثانية انفجرت شفتا "بوب" عن صفير الدهشة والذهول وردد:
-مليوناً من الجنيهات...! من يصدق ان مثل هذه الكومة الصغيرة من الأحجار البراقة تعدل كنزاً...
وقال الأمير:
-أن الألماس يدير عقول الناس...ان لك أن تتصور كم من مآس وقعت وكم من دماء اريقت في سبيل الحصول على هذه الالماسات النادرة ولكنني سأعهد بها إليك انت..
وحملق "بوب" مذهولاً وهتف:
-نعم...اليك انت...اني لا أريد أن تقع هذه الالماسات في أيدي أعدائي....اني لا أعلم متى يقومون بالثورة ضدي...انهم قد يوجهون ضربتهم بعد شهر أو ربما بعد اسبوع بل أنا لا استبعد ان تقوم الثورة في هذه اللحظة بالذات.وقد لا يكتب لي أن أظل على قيد الحياة حتى أصل إلى المطار فخذ هذه الالماسات الان...
فاشتدت الدهشة بـ"بوب" وقال متسائلاً:
-وما عساي أن أفعل بها...؟
-دبر الأمر بطريقة ما بحيث تخرجها من البلاد.
-اتعني انك تريد أن أحملها بدلا منك..؟
-يمكنك أن تقول هذا إلا إذا وفقت إلى وسيلة أخرى لإرسالها إلى "أوروبا" وإذا قضي علي بالموت هنا فاذهب بها إلى رجل سأذكر لك اسمه وعنوانه فأنه خبير بالتعامل في مثل هذه الأشياء.
وران عليهما الصمت هنيهة ثم قال "بوب" :
-انك تثق بي وتأتمنني على كنزك ولكن ألم يدر بخلدك أن مليوناً من الجنيهات تدير أشد الرؤوس صلابة ونزاهة؟
فقال الامير:
-إذا دارت الرؤوس جميعاً فإن رأسك انت-ودون الناس أجمعين-لا يمكن أن يدور...واني أثق بك يا "بوي"...♥️🥀


                     -انتهى-

ذات الوجهين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن