أوفدتني وزارة المستعمرات عام ۱۷۱۰م إلى كل من مصر والعراق،
وطهران، والحجاز، والأستانه، لأجمع المعلومات الكافية التي تعزز سبل
تمزيقنا للمسلمين، ونشر السيطرة على بلاد الإسلام، وبعث في نفس الوقت
تسعة آخرين من خيرة الموظفين لدى الوزارة ممن تكتمل فيهم الحيوية
والنشاط والتحمس لسيطرة الحكومة الى سائر الأجزاء للامبراطورية، وسائر
بلاد المسلمين، وقد زودتنا الوزارة بالمال الكافي، والمعلومات اللازمة
والخرائط الممكنة، وأسماء الحكام والعلماء ورؤساء القبائل، ولم أنس كلمة
السكرتير حين ودعنا باسم السيد المسيح وقال:
ان على نجاحكم يتوقف مستقبل بلادنا فابدوا ما عندكم من طاقات
للنجاح».
فأنجزت أنا مهمتا وجهة الآستانة مركز الخلافة الإسلامية وكانت
مهمتي مزدوجة، وحيث كان من المفروض أن أكمل تعلمي للغة التركية. لغة
المسلمين هناك فقد كنت تعلمت شيئا كثيرة من ثلاث لغات في لندن، اللغة البلاد شي
التركية، ولغة العرب «لغة القرآن»، واللغة الفلهوية لغة أهل فارس، لكن تعلم
اللغة شيء والسيطرة على اللغة حتى يتمكن الإنسان أن يتكلم مثل لغة أهل. آخر، فبينما لا يستغرق الأول إلا سنوات قلائل، يستغرق الأمر
الثاني أضعاف ذلك الوقت، فإن المفروض أن أتعلم اللغة بكافة دقائقها حتى
الايثار حولي شبهة.
ولكني لم أكن أقلق لهذه الجهة لأن المسلمين عندهم تسامح ورحابة
صدر وحسن ظن كما علمهم نبيهم. فالشبهة عندهم لاتكون كالشبهة عندنا،
ومن طرف آخر فإن حكومة الأتراك لم تكن في المستوى اللائق لكشف
الجواسيس والعملاء فقد كانت حكومة آخذه في الضعف والهزال مما يؤمن
جانبنا.وبعد سفرة مضنية وصلت إلى آستانة وسميت نفسي «محمد» وأخذت
أحضر المسجد (مكان اجتماع المسلمين لعبادتهم) وراقني النظام والنظافة
والطاعة التي وجدتها عندهم، وقلت في نفسي: لماذا نحارب نحن هؤلاء
البشر؟ لوماذا نعمل من أجل تمزيقهم وسلب نعمتهم؟ هل أوصانا المسيح
بذلك؟
لكني رجعت فورأ واستنفرت من هذا التفكير الشيطاني، وجددت العزم
على أن أشرب إلى آخر الكأس.
وقد التقيت هناك بعالم طاعن في السن اسمه «أحمد أفندم» وكان من طيب النفس ورحابة الصدر وصفاء الضمير وحب الخير، ما لم أجده في
أحسن رجال ديننا، وكان الشيخ يحاول ليله ونهاره في أن يتشبه بالنبي
محمد، فكان يجعله المثل الأعلى، وكلما ذكره فاضت عيناه بالدموع، ومن
حسن الحظ أنه لم يسئلني - حتى مرة واحدة - عن أصلي ونسبي وإنما كان
يخاطبيني «محمد أفندي» ويعلمني ما كنت أسئله ويحنو علئ حوا كبيرة
حيث عرف اني ضيف في بلادهم جئت لأن أعمل ولأجل أن أكون في ظل
السلطان الذي يمثل النبي محمد (فقد كانت هذه حجتي في ا و في
الأستانة).
وكنت قد قلت للشيخ: إني شاب قد مات أبي وأمي وليس لي أخوة،
وتركوا لي شيئا من المال ففكرت أن أكتسب وأن أتعلم القرآن والسنة فجئت
إلى مركز الإسلام لأحصل على الدين والدنيا فرحب بي الشيخ كثير وقال
الي ما نصه - وقد كتبته بلفظه - أن الواجب أن نحترمك لعدة أسباب
1- لأنك مسلم والمسلمون إخوة.
٢- ولأنك ضيف وقد قال رسول الله «أكرموا الضيف».
٣. ولأنك طالب علم والإسلام يؤكد على إكرام طالب العلم
4- ولأنك تريد الكسب وقد ورد نص بأنه «الکاسب حبیب ا الله».
أنت تقرأ
مذكرات مستر همفر
Historical Fictionمذكرات جاسوس برطاني في الوطن العربي.. كتاب اكثر من خطير ويخص جميع المسلمين وارجو التركيز قليلا .. جواب لكل سؤال عن حاضرنا هذا.. وصدمه من بعض العلماء الشيعه والسنه!!!