بداية

22 3 9
                                    

أيعقل أن تستيقظ على خبر مثل هذا؟!

" استيقظ يارماح إنَّ البلدة محاصرة بالتنانين".

م م م..... مهلًا مالتنانين؟ ولمَ أنا موجودٌ في قبو الأكاديمية؟ ولم كل هذا الإزعاج؟.

       التفتت حولي فإذا بي أرى جميع سكان القرية داخل القبو، لحظة ما الذي أتى بهم إلى هنا؟ ولمَ هم مذعورون؟.
  
      بدأت بسؤال الناس عن الحاصل في هذه البلدة لكنني لم ألقَ أي استجابة، وكأنني قد قمت بسؤال نفسي، عاودت سؤالهم مرة أخرى لكن الخوف متكلل في داخلهم؛ إذًا هو مامنعهم من الإجابة، لكن لحظة، أين أمي وأبي؟ أين أختي؟ أين عائلتي؟.

        أنني مليء بالذعر والقلق على أهلي! بدأت أبحث في أرجاء القبو، تبًا، أنه واسعٌ جدًا وممتلئ بالناس، أين بإمكاني إيجادهم؟!

        مهلًا، كأنني لمحت فتاة تشبه أختي رونق، ذهبت إليها لاتأكد أهي رونق أم مجرد شبيهة لها، اقتربت منها فإذا بي أرى تلك الدمية في يدها نعم، تلك أختي.

      حضنتها حضن الأم لطفلها، كأنني لم أرها منذ قرون، مع العلم بأنني كنت أتشاجر معها ليلة البارحة، سألتها: أين أمي وأبي؟ وماذا يحصل في هذه البلدة؟.

     قالت لي وهي تضحك: إنني فرحة جدًا، إنَّ التنانين منتشرون في البلدة وسيلعبون معنا كما في أفلام الخيال العلمي ، سألتها: ومالتنانين؟، أجابت وهي تشير إلى ثقب في جدار القبو، هؤلاء هم، إنهم تنانين، وجهتُ عيني صوب الثقب؛ لأرى مالتنانين؟، تجمدت أطرافي من هِول المنظر، شحب وجهي، وتقلصت عيناي؛ لأنني لم أعتد على رؤية تلك المخلوقات في الحياة الواقعية!!.

       لكن أين أمي يارونق؟ ولم نحن موجودون في القبو مع أنني أتذكر بأني كنت نائمًا في بيتنا؟ أجابت: لقد حطمت التنانين بيتنا وأنقذنا عمي سمير....لحظة!! ماذا حدث لأمي يارونق؟!قالت بصوت ضاحك: تساقط عليهما حطام البيت وناما.

       ناما؟! لكن ماذا تقصدين بناما يارونق؟! قالت ببراءة: رأيت حطام البيت يتساقط عليهما، ثم سال منهما عصير أحمر اللون.

          بدأت أبكي بشكل هستيري، علمت حينها أنهما قد ماتا ، ثم سألتني لمَ تبكي يارماح؟ قلت لها: هكذا أنتم ياأطفال لكم عالم مخمليّ، زاهي الألوان مزدان بقلوبٍ كالدرر، وأرواحٌ باذخة الطهر، لاتجهلون شيئًا، لكن تصفونه بنظرتكم البريئة، ثم حضنتها بشدة.

           توقفت عن البكاء؛ لأنني استوعبت وأخيرًا بأن البكاء لن يعيدهم للحياة مرة أخرى وهو لن يجدي نفعًا، وأنني سأحافظ على بقاء رونق سالمة.

            بعد بكائي الذي استمر لدقائق شعرت بأنني قادرٌ على تحمل المسؤولية، شعرت وكأن شجاعة الكون كله صُبَّت عليَّ صبًا، جازفت قليلًا، وحملت الرمح بيدي، استجمعت قوتي وخرجت من القبو.

إن المعلم زعفران معرض للتهديد من قبل التنانين، نعم، لقد فقدت أمي وأبي لكنني لن أخاطر بحياة رونق والمعلم زعفران وأخسرهم، سأحافظ على ماتبقى من أحبابي! .

         صعدت على قمة الجبل حيث توجد قلعة المعلم زعفران ، رميت الرمح بأقوى ما أوتيت من قوة ! أصبت الهدف ثم قتلت التنين الأول، ولحقه الثاني، ثم لحقه الثالث، حقًا إنهم مجرد ثلاثة تنانين لكنهم عمالقة جدًا ويصعب التعامل معهم! .

        كنت ملطخًا بالدماء، وممتلئ بالجروح، فإذا بي أسمع التصفيق الحار، وتهاتف الناس مع بعضهم، وصراخهم الذي كاد أن يخترق طبلة أذني، مشاعري متضاربة بين حزني على فراقي لوالدي، واعتزازي بنفسي مع تصفيق الناس، أم إحساسي بالفرح بسبب قدرتي في التغلب على التنانين.

       خرج المعلم وهو حاملٌ بيده الحزام الأسود، أحقيق ما رأته عيناي؟! أهذا الحزام الأسود الذي لطالما حلمت برؤيته؟ قال لي بكل فخر واعتزاز: أحسنت يابني، استطعت التغلب على العدو الذي لاطالما رُعِبتُ من مواجهته، لم أتوقع أنك كنت تستطيع ذلك، لقد كنت تخاف من الحشرات فكيف استطعت مواجهة عدو أنا خائفٌ منه؟! .

        لم أكن فرحًا جدًا؛ لأنني كنت أنتظر وجود أبي الذي حلم برؤية تلك اللحظة، لكن مهلًا... لم أتفقد أبي وأمي هل هما ماتا حقًا أم كان سوء فهم فقط، صرخت بأعلى صوتي وأنا في قمة الجبل: أين والداي؟، أجاب طبيب يعمل في المستشفى: إنهم في المشفى كانت بهم جروح بسيطة وهم بخير الآن!! .

       لم أصدق ماسمعته أذني!لقد كانا مائتين كيف عادو من الحياة؟ عرفت ماقصدته أختي بـ" كانا نائمين".

     ذهبت إلى المشفى ومشاعري مهتاجة من: فرح، وخوف، وقلق نعم، إنهما أبي وأمي لقد كانا على قيد الحياة!! .

        لم أستطع وصف فرحتي عندما رأيتهما مرة أخرى كنت فرحًا جدًا لدرجة أن عيني بدأت تشفق علي وبدأت بإنزال قطراتها، إنها تظن نفسها غيمة!!.
"وهكذا انتهت قصتي التي لطالما حُمِدت عقباها".

بنيابيلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن