كنا قد غادرنا المشفى مساءا بعد أن تلقيت بعض الارشادات و النصائح النمطية من طبيبي المباشر واتجهنا بعدها الى السيارة التي تنتظرنا و التي يقودها العم جاكوب في حين كان آدم يحمل حقيبتي و يسير الى جانبي و كنت قد لمحت منه نظرات متفحصة دافئة تطمئن علي بين الحين و الآخر ثم هم بفتح الباب الخلفي حيث جلست حذو حقيبتي في حين استقر هو الى جانب أبيه في المقدمة و انطلقنا على اثر ذلك نجوب شوارع نيويورك التي لا تهدأ .كنت أنظر عبر النافذة الى اللا شيء أسترجع بعض الذكريات التي عشتها منذ أسبوعين أو ثلاث حين أخبرني أدم أنه يود استضافتي في بيته و لم يكن قد مر على معرفتي به سوى شهر واحد لم أدري كيف عساي أن أتصرف آن ذاك فقد كنت بالفعل جزعا من فكرة خروجي من المشفى وبقائي لوحدي في شقتي الصغيرة التي لا تبعد كثيرا عن مكان اقامة عائلة العم يعقوب الى أن أصرت هذه الأخيرة على استضافتي للشهرين المقبلين حتى تتأكد من شفائي التام ...
لكن بالرغم من أن آدم و عائلته ينحدران ضمن ذكريات الشهرين الأخيرين اللذين فقدا ولازلت أحاول عابثا استردادهما الا أنني لم أشعر- على غير العادة- بشيئ من التردد حيال مرافقتهما رغم عدم معرفتي الظرفية لهما آن ذاك بل كل ما أقلقني هو حلولي بين عائلة لا أعرف منها سوى فردين لمدة لابأس بها من الزمن قد تجعل مني ضيفا ثقيلا ...صعدنا الدرج متجهين الى الشقة حينها أحسست بشيء من الخوف و الحياء المباغتين فحاولت تناسيهما عابثا الى أن رن آدم الجرس فقبعنا في صمت دام دقيقة أو اثنتين الى أن فتح الباب و أطلت امرأة في منتصف خمسينياتها ذات ملامح شرقية جلية عرفت للوهلة الأولى أنها السيدة فاطمة ربة البيت التي حدثت عنها من قبل و قد كان بينها و بين العم يعقوب شبه ملحوظا حتى ظننت أنهما أقارب بالدم .
انتشلني حينها آدم من ارتباكي و هم بتعريفي بوالدته و تعريفها بي فقامت بدورها بتحيتي و ألقت علي بوابل من الكلمات المرحبة التي نقولها دون وعي منا في العادة و في أغلب الوقت لانعنيها حتى حمحم العم يعقوب ناظرا لزوجه بالحاح ففهمت أنه يريد منها افساح الطريق نحو ابنها و مرافقه الغريب و ما ان ولجنا حتى سمعت وقع أقدام متسارع و بعض الهمهمات المبهمة التي سرعان ما توارت خلف أحد الأبواب المتقابلة في آخر الممر فأخرس غلقه المحكم بعناية ضجيجها في الابان ...
و اثر دخولنا استأذن آدم لكلينا قصد طلب الراحة لسويعات..
أنت تقرأ
كانفاس
Ficción Generalايريك فتى عشريني يفتح عيناه فجأة في مستشفى في احد ضواحي نيويورك ليجد نفسه محاط بجوء من الارتياب و الغموض و في وسط ضياعه و توجسه تمد له يد مرتعشة لمسن و عائلته ذات الجذور و العرق المختلفة و تتولى مهمة تذكيره بهويته أو تراها تعيد كتابتها على بياض؟