أجهل الجمال

123 16 6
                                    


النص الفائز بمسابقة أرض العشاق "النبضة العاشرة" ومن كتابة الرائعة دائما diphylleiaaaaaaa

مبارك للكاتبة فورك معنا. 

نتركك فراولتنا العزيزة كي تذوب في تفاصيل هذا النص العذب


*****

نفخت على زجاج النافذة المتجمد بمرح ثم رسمت عليه قلبا مبتسما، ونفخت على راحتيْ يديّ لعلي أكتسب بعض الدفء. الجو بارد والعالم كله مغطى بثلج سميك ناصع البياض، ورغم أن المدفئة تعمل جيدا إلا أنها لا تكفي. من المؤسف أنه لا يمكنني شراء مدفئة ثانية. المتجر مليء باللوحات الجميلة لكن الشراء نادر جدا خصوصا هذا الوقت من السنة. الشتاء قاس حقا..

الشمس قد غربت قبل قليل، والظلام ينزل شيئا فشيئا دون أن يصل المدينة. وكيف يصلها واليوم ليلة السنة الجديدة؟ الشوارع مُنارة بالأضواء الملونة ومليئة بالزينة المزركشة، الأغاني تُسمع في كل مكان والابتسامات تُرسم بهدوء ودفء على وجوه المارة، كأنه عالم يختلف كليا عن عالمنا. قلة قليلة جدا تقضي هذه الليلة وحيدة مثلي. قد أشاهد فيلما ما، أو أرسم لوحة جديدة، أو قد لا أفعل شيئا على الإطلاق.

الجو أصبح يزداد برودة هنا، لذلك قررت إغلاق المتجر والذهاب إلى المنزل، فعلى أية حال لن يأتي أحد لشراء لوحة فنية في هذه الظروف. ارتديت معطفي الثقيل وقبعتي الصوفية، وما أن أردت المشي نحو الباب حتى دخل شخص ما. أغلق الباب متأففا من الصقيع ثم نظر إلي وسأل ببهجة:

- أتيتِ للتو؟ من حسن حظي إذن!

أردت القول أنني كنت في طريقي للخروج، لكنه لم يدع لي أية فرصة. نزع عنه معطفه وقبعته وعلقهما على الكرسي الخشبي المهترئ ثم أخذ يتصفح اللوحات المعلقة في كل مكان. كان طويلا، ذو عر أشقر باهت ينسدل قليلا على كتفيه. نزعت عني بدوري المعطف والقبعة وأنا أدعو في داخلي أن يشتري لوحة ما، ثم قلت:

- مرحبا بك.. لقد كنت في طريقي للخروج ولم أعتقد أبدا أن أحدا ما سيأتي في هذه الليلة..

- أنا آسف.. يمكنني الذهاب والعودة لاحقا.

- لا.. لا أقصد ذلك. أنا سعيدة بوجودك.

شكرني الشاب ثم استمر في التصفح، فذهبت لإعادة تشغيل المدفئة التي أغلقتها قبل قليل. كانت عادتي أني أحس بالتوتر كلما قابلت شخصا جديدا، وهذا ينطبق على زبائني، لكن هذه المرة لم أشعر بشيء من ذلك. أنا هادئة، ونوعا ما فرحة لأنني أراه وأتحدث إليه، كنت خائفة من قضاء يوم آخر دون التكلم مع أحد، والأهم من ذلك أني فخورة قليلا بنفسي، إذ كان ينظر إلى أعمالي لإعجاب واهتمام.

أعددت بعض الشاي الساخن ليته يدفئنا قليلا، ثم أعطيته له فتقبله بامتنان. لما اقتربت منه، أحسست كأني أغرق في فراغ ما. هذه العينان بلون السماء الصافية، ولمسة يده الدافئة رغم البرد حين أخذ مني فنجان الشاي، ولدا فيَّ شعورا غريبا.

مختاراتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن