بعد مرور خمسة أيام قام غزال بعدهم الفصل الثالث
على أصابعه لما يحالفهم من القلق حول المدعو خليل وكأن التاريخ يعود من جديد عن طريق خليل وانجذابه لوردة مثل انجذاب والدها لوالدتها لم يستطع غزال أن يتماشى مع هذه الحيرة وبالفعل بعث لأحد موثوق منه لكي يجمع الأخبار المؤكدة عن خليل وترك نفسه لهواجس الشيطان والوساوس التي عصفت برأسه حتى عندما وصل خليل في اليوم التالي لبدء عمله فكر غزال كثيرًا أن يواجهه ولكنه عدل عن ذلك فكر أيضًا أن يطرده ولكنه لم يجد الحجة الكافية لطرده دائمًا عندما يلقاه يشرد في الفراغ أمامه يستعيد ذكرى هذا اليوم لدرجة أن خليل شك في أمره كان يتذكر كلمات والد خليل الكريهه وهو يقول: طبعًا دلوقتي ماجد مات بعد أبوه و أمه والمفروض يتعمل إعلام وراثة.
هز غزال رأسه متفهما وأنصت سمعه ليتابع ابراهيم في حقد قائلًا: بس خلاص أنت أخدت كل حاجه يا غزال خسارة شقى عمر أبوه وأمه يروحوا ليك.
أحس غزال حينها بالدوار ولم يعلم سببه أهو من السفر المفاجئ والغير محسوب أم من موت ماجد أم من كلمات المحامي اللاذعة ولكنه تنهد ورد عليه قائلًا: لا دول مش ليا يا متر دول لوردة بنته اللي كان ممكن تكون هنا دلوقتي هي ومنى أمها كمان.
نظر إليه إبراهيم بضيق ليتابع غزال بسعادة قائلًا: بس ده نعمة من ربنا يمكن لو كانت هنا كان الكل أخد حقها.
رد عليه إبراهيم بقدرة رهيبة كأن لم يمت أحد في هذه العائلة: الكل كان مستني اليوم ده بفارغ الصبر وأنا علشان ماجد غالي عليا هقول إنهم خسروا كل حاجة في البورصة.
رفع غزال حاجبيه قائلًا: يعني مش هتفكر تقول للكل يا متر ولا هتحاول في يوم من الأيام تتعدي على حقوق البنت الغلبانة.
هز ابراهيم رأسه باستسلام ليرد غزال بتمني قائلًا: طب ياريت يبقى عملت معروف هيقعدلك في ابنك.
ولكن تبقى السؤال الآن لماذا سكت طيلة الخمسة عشر عامًا وجاء اليوم ليبحث عن وردة وأموالها هل هذه صدفة أم مدبرًا من قبل إبراهيم.
بينما هو يحدث نفسه جائه إتصال هام فرد بلهفة ليأتيه صوت الطرف الأخر قائلًا بتأكيد: بعد ما كلمتني كثفت المراقبة و تاني يوم زرعت أجهزة تصنت في تليفوناته مفيش حاجة تثبت كل اللي قلته.
ليردف بثقة: خليل عصامي جدًا حابب يبني نفسه بنفسه.
و تشاء الصدف أن يكون هذا الشخص الذي راقب خليل صديقًا مقربًا من ناصر وتبدأ الشكوك تساور ناصر من ناحية سؤال غزال عن خليل وبعد إنهاء مكالمة غزال لمحامي الشركة صديق ناصر فسأله ناصر بتوجس قائلًا: أول مرة أشوف أبويا بيهتم بحد بيشتغل عنده بالطريقة دي ده زى ما يكون عريس متقدم.
ثم توقف عند تلك النقطة وجحظ بعينيه قائلًا: يا خوفي ليكون بيرسم يجوزه البت المفعوصة.
ولا نتناسى أن هذا الأمر سوف يسرد لزيان بكل حذافيره والذي تضايق قائلًا: مش يمكن خايف ليطلع طماع زى اللي قبله ما هو لازم ياخد احتياطه برضه.
ثم تابع بسخرية قائلًا: وبعدين زمان أبوك معملهاش وسأل على حد لأنه مكنش لاقي لكن دلوقتي الفلوس بتلعب.
مط ناصر شفتيه ببرود ليستطرد زيان قائلًا: بس أنا نفسي مش مرتاح للواد ده وخصوصًا بقي أمك اللي قلبها انفتحله بسرعة.
ثم تابع باختناق من شكل خليل قائلًا: وهو شكله واد أصفر وملزق وشكله ناوي يلعب على البت ويوقعها.
ركز ناصر في حديث زيان عن والدته التي تعلقت بخليل ومدحها الدائم له وحديثها عنه وعن إعجابه بطعامها رغم بساطته واعتباره ولدًا ثالثًا وبعث له وجبات يومية خاصة عندما علمت أنه يعيش بمفرده إضافة إلى ذلك مدح المحامي عنه لغزال كل ذلك سيدفعهم ليتعلقوا به أكثر شرد ناصر في خليل وصفاته وحب بهيرة وغزال له تأكد في تلك اللحظة أن أسئلة غزال عن خليل للتأكد من معدنه وأنه ليس برجل فاسد يعيش بمفرده وكل هذا ترتيبات لإلصاقه بوردة دائمًا يهتمون بها ولأمرها يخشون عليها من ارتباطها بأي شخص يريدون لها تفصيلًا على ذوقهم.
ابتسامه أنارت وجهها عند رؤيته رغم شعورها بالإجهاد بسبب تضاعف المحاضرات لديها فهي بالعام الأخير ومطلوب منها مشروع للتخرج وبالرغم من تعبها أصرت على الحضور إلى الشركة لتتلمذ على يده في إدارة المشروعات حتى أنها كانت تتناسى أمر إفطارها وتعتمد على وجبة الغذاء المبعوثة من بهيرة لها وله ولغزال وبالرغم من أن أغلب المأكولات نباتية إلا أنها كانت تلتهمها هي وخليل لدرجى أن بهيرة كانت تبعث لهم أكلًا خصيصًا ولكن كان يعود مثلما كان لدرجة أصابت بهيرة بالتذمر يوماً قائلة: يعني أنا أتعب نفسي وأعملكم الأكل اللي يناسبكم وأنتوا ترجعوه زى ما هو.
ثم تابعت وهي تلوي شفتيها قائلة: طب أنتِ بتعملي كده علشان متحسسيش أبوكي انه محروم هو بقي ايه مش عاجبه؟
ابتسمت وردة لتراضيها قائلة: بالعكس يا ماما..
ثم استطردت وهي تقبل يدها قائلة: أنتِ عارفة كويس من أول يوم أكل من ايدك خليل ورغم إنك مكنتيش عاملة حسابه وكانت شوربة عدس إلا إنه عشقها، وبعدين يا ماما أنتِ ناسية إن خليل كان عايش بره ومتعود على الأكل الهيلثي.
عقدت بهيرة ما بين حاجبيها فهي لا تفهم معنى الكلمة لتوضح لها وردة قائلة: أكيد ملوش في اللحمة والفراخ والبط المحشي والمحمر.
في تلك اللحظة دلف إليهم غزال ليشاركهم في الأمر ويتحدث عن خليل باستحسان لتتفاجئ بهيرة من ردة فعله وحديثه المتحول عن خليل لتلوى شفتيها بتساؤل قائلة: أخيرًا رضيت عن الواد ده أنت نشفت ريقي بقالك أسبوع قلقان منه وأنا أقولك الواد باين إنه كويس.
ثم رفعت كتفيها قائلة: ايه يعني عايش من غير أهله؟
قطبت وردة جبينها قائلة: ايه يا بابا المشكلة في انه عايش لوحده؟
ثم استطردت تصارح والدها قائلة: خليل حكى لي أنه كان ممكن يشتغل في أحسن شركة هناك بس شاف إن هناك مش محتاجينه زى هنا.
ابتسم غزال إليها بخبث حيث شعر بتقربها من خليل فوجه حديثه إليها قائلًا: الفترة دي صعبة عليكي أوي يا وردة ايه رأيك أتفق لك مع تاكسي يوديكي ويجيبك علشان متبقيش مجهدة بالشكل ده.
انفرجت أساريرها فهذا سيعطيها بعضًا من الحرية و لكنها صدمت من بقية كلماته حيث قال: وكمان بلاش تيجي الشركة كتير.
انكمشت عضلات وجهها واختفت ابتسامتها قائلة: اللي تشوفه يا بابا مع إني شايفة إن حضوري في الشركة مش بيتعبني ولا حاجة.
هز غزال رأسه بحزم لتحاول مرة أخرى قائلة: بالعكس ده حتى في حاجات مش بقدر أستوعبها خليل بيشرحها ليا.
فهمت بهيرة ما يجول بخاطر غزال من قلق فاندفعت قائلة: بعد ما تخلصي يا وردتي احنا مش عايزين حاجة تشغلك عن الدراسة احنا ما صدقنا بقيتي في أخر سنة.
ثم استطردت بحسرة قائلة: أهو تفرحيني بدل اخواتك الشماليل.
هزت رأسها بتفهم وذهبت إلى غرفتها تجلس مع نفسها وتحدثها قائلة: بقي يا ربي أنا ما صدقت حد يفهمني أحسن من اخواتي ده أنا مش بصاحب حد غير تارا من خوفهم عليها.
ثم شردت قائلة: بس خليل فيه اختلاف رهيب يمكن علشان وحيد زيي.
وفي تلك الأثناء ارتفع رنين هاتفها وسرعان ما أجابته حتى لا ينتبه لها أحد لتنفرج أساريرها عندما رأت الشاشه تضيء باسمه لتهتف بلهفة قائلة: اتعشيت يا خليل اوعى تقول لا هزعل بجد أنت بسببي متغدتش النهارده علشان كنت بتشرحلي المسائل.
ضحك خليل على خوفها عليه ولكن ما أوقف ضحكه كلماتها عندما استطردت قائلة: بس خلاص أنا معدش وجودي يشغلك تاني.
عقد خليل ما بين حاجبيه قائلًا: معنتش هنشغل بوجودك تاني! ليه بس كده يا وردة هو أنا اشتكيت لحد منك بالعكس ببقى في منتهى السعادة وأنا معاكي.
علم أنه استعجل الأمر ولذلك تنحنح قائلًا: أقصد وأنا بذاكر لك.
ابتسمت وردة ابتسامة باهتة وقالت: معلش بقى يا خليل بابا وماما رفضوا أجي الشركة اليومين الجايين لحد ما تخلص فترة الامتحانات.
ثم زمت شفتيها قائلة باستسلام للأمر: يلا فرصه تخلص مني ومن زني.
على الجانب الأخر بعد انصراف وردة من حجرة بهيرة جلست بهيرة مع غزال تحاول أن تشغله عن التفكير في موضوع خليل قائلة: أنت كمان مش بتاكل كويس اليومين دول مش عاجبني بتاكل بس علشان تاخد الأنسولين وده غلط.
ثم تابعت وهي تربت على ركبتيه بحنان قائلة: بطل تفكر في خليل يا أخويا الواد شكله كويس.
هز غزال رأسه برضا قائلًا: أكيد كويس طول ما هو بعيد عن إبراهيم أنا ارتاحت لما اتأكدت إنه مش مبعوت لينا منه.
ولكن غزال ما زال القلق يثيره حيث قال: بس هنعمل ايه لو اتعلق بالبت والبت اتعلقت بيه؟
زفرت بهيرة واحتجت قائلة: أبوس ايدك ما تسبقش الأحداث وتخاف وتقلقني معاك ومع ذلك ايه يعني هي يعيبها ايه احنا ربناها أحسن تربية.
ثم تابعت بثقة قائلة: وإن كان على الاسم أنت معاك اللي يثبت.
نظر إليها بأسف قائلًا: أنا خايف عليكي أنتِ أكثر يا بهيرة تقدري تقوليلي هي صدمتها لما تعرف هتبقى ازاي، علاقتها بيكي مش يمكن تتهز.
ثم رفع يده إلى وجهها يربت عليه بحنو قائلًا: أنتِ نسيتي أنتِ متعلقة بيها ازاي؟
أنتفضت بهيرة قائلة: اوعى تقول إنها ممكن تتمرد علينا، لا يا غزال وردة مش كده ولا عمرها هتبقى كده.
ثم استطردت بسخرية قائلة: يا أخويا ده أنا بحس إنها من بطني أكثر من الزفت زيان وناصر.
تنهد غزال بتعب بسبب السر المكتوم في قلبه قائلًا: أنا هحاول على قد ما أقدر إنها تفضل متعرفش السر ده خالص وربنا يعينا على اللي جاي.
ثم دعا ربه قائلًا: ويا رب اللي جاي يكون أحسن ليها ولينا.
كان خليل ينتظر وصول غزال لمناقشته في موضوع منع وردة من الوجود في الشركة تلك الفترة ظنًا منه أن هذا الأمر أجمع عليه أشقائها خاصة أنه منذ بدء عمله في تلك الشركة يأتيه رسائل نصية من رقم مجهول عن وردة ولكنه لا يعطي لهذه الرسائل أدنى اهتمام ولكنه لم ينسى كل كلمة قرأها أمس بعد أن أغلق الهاتف مع وردة بساعة.
(ابتعد عنها فمثلها لا تلائم عائلتك)
من يعلم بالذي يدور بداخله فهو لم يعمل معهم منذ فترة وبالتالي لا يستطيع في تلك الفترة حدوث أي شئ ملفت للأنظار لأنه كان مسيطرًا على كل شيء لكنها تعلقت به جدًا ولكن من هذا الكائن الذي توغل في قلبها وعلم أن حبه ينعش قلبها أخذ يجوب الغرفة إيابًا وذهابًا منذ لحظة وصول تلك الرسالة يريد أن يفهم معناها ومقاصدها ومن المهتم لأمره حتى يرسلها تذكر ابن خالته هارون عندما عرض عليه أمر العمل بالشركة. نعم فهارون لم يأتي للعمل هنا بل في خضم بحث خليل عن عمل وهو يتحدث مع خالته كوثر استمع هارون إليهم جيدًا وجائته الفكرة. خليل هو الذي سيحالفه الحظ للوصول إليها وسلب كل شيء منها بأسلوبه الساحر في جذب القلوب بالإضافة أنه تنطبق عليه الشروط أكثر منه. هنا لمعت الفكرة الخبيثة ليعرض هارون على خليل فرصة العمل عند غزال وهي فرصة صائبة وفي لحظات شرود خليل لم ينتبه على وصول غزال وابتسامته الطيبة له ليتنهد في نفسه قائلًا(ألم يكفيني ظل ابتسامتها لأراك أنت الأخر تبتسم مثلها ولكن لم أكتفي بضحكاتها التي أختم بها يومي أريد ضحكتها تحيطني في كل مكان) نظر إلى غزال وجده يريد منه الحديث فعلم حينذاك أنه لا مجال حاليًا لتخيل ضحكاتها.
نظر غزال إلى خليل وهو شارد واندهش من شروده قائلًا: طب رد السلام يا خليل ده أنا يا ابني قلت سلام عليكم تلات مرات ايه للدرجة دي مش سامع.
ثم سأله بضيق قائلًا: أنت لسه في بداية شغلك معانا أومال بعدين هتعمل ايه؟
ارتبك خليل ورد بتوتر قائلًا: أيوه أنا أسف حضرتك معلش منمتش طول الليل وأول ما النهارطلع جيت على الشركة على طول.
وتابع وهو يتنهد بتعب قائلًا: حتى لا فطرت ولا شربت قهوة كمان.
تنهد غزال قائلًا: طب كويس إن دي حالة عابرة ومش هتفضل دايمًا.
ثم تابع بإرشاد قائلًا: أصل أنا يا بني تعبت كتير زمان وأنا بشتغل عند العالم واتعلمت أكون مركز. إنما أنت منمتش امبارح ليه تعبان فيك حاجة؟
تنهد خليل بتعب قائلًا: أنا الحمد لله صحتي كويسة وعاده مش بحط في بالي أي حاجة.
توقف وأنتهزها فرصة للوصول إلى مبتغاه فأردف قائلًا: بس بصراحة الموضوع زاد عن حده من يوم ما اشتغلت عند حضرتك.
عقد غزال ما بين حاجبيه قائلًا: من يوم ما اشتغلت عندي! يعني ايه مش فاهم تقصد اني بضغط عليك بالشغل.
واستطرد بسخرية قائلًا: طب ما أنت عارف طبيعة الشغل هنا ايه وأكيد اللي قبلك قالك.
زفر خليل بإختناق قائلًا: لا طبعًا مش من طبيعة الشغل، إن كان على الشغل أنا مستعد أنحت الاسفلت رغم إني مش محتاج.
استغرب غزال من حديثه ليردف خليل باندفاع قائلًا: بس في حد من يوم ما اشتغلت بيبعتلي رسايل تضايقني.
نظر غزال إلى خليل ليرى فيه التعالي الذي بوالده ليتمالك أعصابه ويتحدث بهدوء قائلًا: طيب يا ابني، لو أنت شايف إن شغلك عندي يخليك في وضع يضايقك فبلاها الشغلانة دي رغم إني مش فاهم برضه.
وتابع وهو متأكد من أن خليل يعلم الحقيقة حيث أردف قائلًا: يمكن علشان وضعي قبل كده.
تنهد خليل بتعب قائلًا: ممكن تفهمني كأب أنا مش قصدي كده خالص ولو بدور على الوضع كنت فضلت بره مصر.
عقد غزال ما بين حاجبيه بعدم فهم ليوضح له خليل قائلًا: أنا بيجيلي رسايل هدفها أبعد عن وردة.
أوقفه غزال بيده قائلًا: مفيش داعي تدخل وردة في النص وردة بنتي إنسانة بسيطة وروحها حلوة ايه اللي هيخلي حد يبعتلك رسايل تبعد عنها.
ثم ضيق عينيه قائلًا: بينك وبينها ايه علشان ده كله؟
تجمد خليل من السؤال ولم يجد جواب له ماذا يقول بقى السؤال معلقًا حيث استوقفه عن استكمال حديثه. نظرًا لصدور محادثة من بهيرة.
الماضي مشكلة عند أغلبية الاشخاص ويصبح فيما بعد معضلة للحاضر وتعجيز في المستقبل عن مواصلة هؤلاء الأشخاص دورهم في الحياة.
اضطر خليل إلى الاستئذان بسبب مهاتفة بهيرة لغزال هاتفت بهيرة غزال وهتفت بضيق ليحاول من بين ثرثرتها أن يفهم سبب ضيقها فهتف قائلًا: خير يا بهيرة كل ده كلام ورا بعضه مش مفهوم ما تهدي كده وأنتِ بتتكلمي هفهم أنا ازاي أنتِ عايزة ايه كده.
ثم تابع بحيرة قائلًا: وبعدين هو أنا مش لسه نازل من عندك؟
زفرت بهيرة بصوت حانق وقالت: أه لسه نازل من عندي بس مريحتنيش وبعدين عايزة أعرف رد فعله ايه لما عرف إن وردة مش جاية النهارده.
ثم تابعت بحزن قائلة: كمان بقى هي مضايقة.
حدق غزال بعينيه في الفراغ قائلًا: مضايقة من ايه بقي هي ثومه نزلت تغلس كعادتها ولا صعبان عليها نفسها أنها مش هتشوفه.
لا تعلم بهيرة كيف تجيبه فهو يسأل سؤال إجابته نعم ليزفر هو بحنق متابعًا: بصي يا بهيرة كل اللي حسبته لقيته.
رفعت بهيرة يدها ووضعتها على رأسها تفركها قائلة: ثومه نزلت غلست عليها زي عادتها وكنت عايزة أخنقها بايدي.
ثم أردفت بحزن قائلة: ومن ساعتها يا قلب أمها عمالة تعيط وقافلة على نفسها وحالفة ما تروح الجامعة.
أراد غزال أن تسرد له بهيرة الأمر برمته وبالفعل سردته له
فلاش باك
هبطت ثومه إلى الأسفل بعد أن استمعت لهم ليلة أمس وغزال يحذر وردة من التواجد في الشركة الفترة القادمة صعدت إلى شقتها وأدارت هاتفها لتهاتف خليل لكن وجدته مشغولًا فاستنبطت أن وردة تهاتفه وتأكدت أنه سيكون هناك علاقة بينهما فيما بعد فبدأت تزيد من رسائلها له حتى بعثت له أخر رسالة والتي أثارت غضب خليل ولهذا كان يود أن يسرد الأمر لغزال ولكن غزال منعه أنتهزت فرصة ذهاب غزال إلى الشركة وهبطت إلى الأسفل ومن أول وهلة نظرت إلى وردة وجدتها حزينه فلوت شفتيها وأصدرت منها صوت شفقه مصطنعة قائلة: يا عيني يا وردة مالك دبلانة كده ليه كل ده علشان مش هتروحي الشركة وتشوفي خولي الجنينه طب وايه يعني؟
نفخت وردة بضيق لتتابع ثومه بشماتة قائلة: طب تصدقي عم غزال أول مرة يتصرف صح.
تعصبت وردة من داخلها ولكنها تحكمت بأعصابها قائلة: مش هتتعلمي بقا يا ثومه تبطلي تدخلي في خصوصيات غيرك.
ثم نهضت تدفعها نحو باب الشقة قائلة بسخرية: أنا شايفه إنك تطلعي زى الشاطرة كده تفكرى تطبخي طبخة حلوة لزيان يمكن حياتكم تبقى أحلى.
وتابعت وهي تتحدث بغرور قائلة: أما أنا عن إذنك ورايا شغل كتير أنتِ عارفه أنا هبقى المهندسة وردة.
قصفت جبهتها وأشعرتها بالدونية ولأول مرة بحياتها تفعلها وردة وبسبب أنه قد طفح الكيل من ثومه وأمثالها وبالرغم أنها قامت بالضغط على الخلايا العصبية لثومه وأوصلتها إلى حالة هائلة من الغضب والغيظ إلا أنها كانت تتأكل بداخلها من سوء ما تمر به في عدم أخذ القرار بنفسها.
باك
تعالت ضحكات غزال قائلًا لبهيرة: وزعلانة يا بهيرة دي بنتك قصفت جبهتها والله وكبرتي يا وردة وعرفتي ازاي تردي.
ثم تابع بشماتة قائلًا: بس بجد البت ثومه دي غشيمة ومفضوحة.
عقدت بهيرة ما بين حاجبيها قائلة: ما هي طول عمرها مفضوحة بس غشيمة دي اللي مفهمتهاش تقصد ايه يا غزال وايه اللي حسبته في خليل ولقيته؟
وتابعت تزفر قائلة: ونعمل ايه في البت وردة؟
أسئلة كثيرة طرحتها بهيرة على غزال وهو لا يريد الإجابة خاصة بعد ما كشف أمر ثومه في إرسال الرسائل إلى خليل فهذا هو غزال يفهم أن تلك الأفعال مصدرها ثومه، أيضًا لا يريد أن يظهر خليل بالصورة التي تجعل بهيرة تتعلق به أكثر فهو ما زال يخشى على وردة من بطش والد خليل ومن بطش خليل نفسه قد يكون متأمرًا مع والده وقد يكون رتب نفسه أن يظهر بصورة جيده قبل أن يلتقي بهم.
أما عن وردة نياط قلبه تتقطع عليها يعلم أنها تعلقت بخليل لأنه أول شخص سُمح لها أن تتحدث معه وتلتقي معه فتعلق وردة به شئ طبيعي ولكن الغير طبيعي والمقلق أن يكون نسخة مصغرة من والده.
الحياة مزيج بين ما صنعناه يومًا في خيالنا وبين ما شاهدناه من واقع صنع كلا من غزال وبهيرة خيالًا لوردة وها هو يتحقق ليصبحا هما الأب والأم أما عن الأب والأم الحقيقين فقد صنعا خيالًا ليس له علاقه بالواقع لينزلقا من بعدها إلى الهاوية تدمر كل شيئ بسبب رسم خيال زائف.
استدعى غزال خليل في مكتبه ليستكمل حواره ولكن دلف خليل وقطب جبينه منذ لحظة دخوله وتسائل فيما بينه كيف سيتحدث معه عن وردة في وجود شخص أخر ولكن وجدها فرصة لتحقيق ما يرنو إليه ابتسم غزال له قائلًا: تعالى يا خليل زيان مستنيك من بدرى هو كمان قلقان وحاسس إنك مش مظبوط من كام يوم.
ثم تابع بصدمة قائلًا: وأنا بصراحة حكيت له إنك بيجيلك رسايل هدفها تبعد عن وردة.
لكم أن تتخيلوا غزال عندما استدعى زيان أفهمه أنه سيحاول طرد خليل ويريد مساعدته وهنا انفرجت أسارير زيان لهذا العمل ولكن بعد ما قاله غزال تغير الوضع خاصة عندما وجد علامات السعادة على وجه خليل الذي ابتسم بخبث قائلًا: أهلًا يا أستاذ زيان الحقيقة أنا مليش علاقة بأنسة وردة غير في حدود الشغل وبس.
و استطرد وهو يمط شفتيه قائلًا: ومش عارف ليه بيجيلي الرسايل دي ومحبتش تجيلكم زيها وتشكوا فيا.
نظر غزال إلى زيان وابتسامة خبيثة تظهر على وجهه قائلًا: الحمد لله إنك اتصرفت وقلت لينا الأول أصل احنا عالم شكاكين خصوصًا لما الموضوع بيخص وردة.
ثم اشار بيده نحو هاتف خليل قائلًا: هات كده الرقم يا ابني واعطيه لزيان.
قام خليل بفتح هاتفه وأملاه على زيان وهو يشدد على كل رقم منه ويلفظه براحة شديدة قائلًا: اتفضل الرقم أهو ده حتى كمان بأخر رسالة متسجلة عندي أنا بحثت كتير على التروكولر.
توقف لحظات ثم هتف بمكر قائلًا: لقيته باسم غريب كده مش مفهوم بس حلو أنه مش بيتغير.
كان زيان يكتب الرقم ويحفظه بهدوء مصطنع فهو يعلم جيدًا أنه رقم زوجته ولكنه قام بإخفاء ذلك وحاول قلب الموضوع على خليل وإلصاق كل شئ به فهتف بحنق وهو يسخر قائلًا: مالك بتمليه بالقطارة كده ليه وهو ده اللي هيثبت إنك كويس ومعملتش حاجة مفيش دخان من غير نار يا أستاذ.
ثم تابع وهو يريد إتهام خليل قائلًا: واللي بيبعت ده أكيد شايف عليك حاجة.
التفت إليه غزال بحنق قائلًا: هو في ايه يا زيان الحق عليه إنه جاي ينبهنا إن في شخص واخد باله من وردة.
زفر زيان ليتابع غزال بشك قائلًا: عايز بدل ما تدور مين بيبعت الرسايل تشرب الموضوع لخليل.
زفر زيان بضيق قائلًا: لا طبعًا وبعدين هو أنا لو دورت عليه هلاقيه وحتى لو لقيته هعمل لبنتك فضيحة على أخر الزمن.
ثم أردف بتهديد انبثق من عينيه قائلًا: ولا أنت مش واخد بالك إن أنت لازم تكتم على الموضوع؟
نظر له غزال بلوم قائلًا
-بقي كده طب تمام هات الرقم طالما أنت عايز تكبر دماغك أنا هعرف مين صاحب الرقم ده.
ثم تابع باستهزاء قائلًا: كنت مفكر إنك أخوها الكبير اللي خايف عليها.
لم يستطع خليل تحمل كلمات زيان اللاذعة فهتف قائلًا: على فكرة الموضوع مش بيدين وردة في حاجة ولو تلاحظ الرسالة هتفهم كويس إن صاحب الرسالة عايزني أبعد عنها.
هنا أثار غضب زيان ولكن أمثال خليل لا يبالون حيث استطرد بحيرة مصطنعة قائلًا: اللي مش فاهمه ليه.
رد عليه زيان بغضب قائلًا: وأنت مالك أنت مين أنت لا أبوها ولا أخوها ولا خطيبها ولا جوزها.
حانت اللحظه لخليل لكي يرد عليه رغم بقية حديث زيان حيث قال: جالك رسالة زى دي يبقى تلم حاجتك من الشركة وتمشي لو خايف على نفسك.
أشاح خليل بوجهه إلى الجانب الأخر باشمئزاز قائلًا: مينفعش يا أستاذ زيان كده يثبت الكلام عليا وأنا مش جبان علشان أعمل كده.
وتابع بخبث وصدمة قائلًا: وإن كان على أنا مالي فأنا فعلًا بحب وردة.
تسمر غزال في مكانه وقاطع خليل عن استكمال كلماته للمرة الثانية في يوم واحد قائلًا: ما تقولش كلام في لحظة أخدتك النخوة ليها أنا عارف إن زيان مستفز وممكن يخلي اللي قدامه يفقد أعصابه.
ثم تابع وهو يرفع رأسه قائلًا: لكن مش للدرجة دي يا خليل.
رد عليه خليل بجدية قائلًا: ليه حضرتك هو أنتم شايفيني عيل أو حتة موقف مستفز يخليني أعمل راجل عليكم؟
استطرد بثقة قائلًا: أنا راجل وبجد وكلامي كله جد ومش هتغير حتى لو ايه.
نظر إليه زيان بكل حقد وغل قائلًا: من أول مرة دخلت فيها الشركة وأنا شكيت فيك شكيت إنك ممكن توقع البت في حبالك.
من يشك بمن خليل هو الذي شك به بأمر الرسائل ولكن أمثال زيان يخطئون ويلقون أخطائهم على الغير استكمل حديثه السام قائلًا: ولما مقدرتش وأبويا لاحظ ومنعها تيجي قلت تعمل حركة الرسايل.
صدم خليل من رد زيان وتعجب كيف له أن يشك إلى هذه الدرجة وهو الذي أتى لهم وأعطاهم الرقم أيضًا فهز رأسه بقلة حيلة قائلًا: أنا لو عايز أوصلها في ميت طريقة أعملها مش ألجأ لموضوع رسايل تافهة علشان أعملها فضيحة.
عقد غزال ما بين حاجبيه ليصدر خليل من بين طيات لسانه جملة جعلت غزال مصدومًا حيث قال: أنا لو عايز أعملها فضيحة هخليها تهرب معايا.
تسمر غزال للمرة الثانيه وكأنه يستعيد الماضي ويعود أدراجه مجددًا ولكن أراد إنهاء هذا الحديث وقام بضرب الرقم على جهازه الخلوى ونظر إلى زيان وهتف عاليًا وقال: مش ده رقم البت ثومه مراتك برضه ولا أنا كبرت وعجزت ومبقتش بشوف.
ثم هجم عليه وأمسك تلابيبه يهزه بغضب قائلًا: بقي عامل حكاية ورواية أنت ومراتك علشان تفضحنا وتفضح البت؟
اهتز زيان وانتفض بين يدي غزال قائلًا: راجع الرقم يا حاج غزال أكيد مش ثومه، ثومه أه تلقح كلام توقع بس متوصلش تخرب بيوت.
بصق غزال في وجهه ليريه زيان أنه سيد الرجال حينما تحدث قائلًا: استحالة تعمل كده وهي عارفة أخرها.
رد عليه غزال باشمئزاز قائلًا: عارف إنها نزلت الصبح تنغص على أختك وأنا دلوقتي جبتك علشان تشوف الحية اللي أنت عايش في حضنها.
هتف زيان باستنكار قائلًا: أكيد مش هي ولو هي يا بابا ايه هترميني تاني بره الشركة ولا تخلي أمي تطلع ترميها بره الشقة زى المرة اللي فاتت.
تابع غزال نظراته المميتة لزيان ليردف زيان بقلق ورجاء قائلًا: بابا أنت عارف ثومه بتعمل كل ده ليه وبعدين حقك عليا وأنا مستعد أعمل أي حاجة أنت عايزها بس بلاش ترمينا.
سأله غزال بخبث قائلًا: يعني لو قلتلك طلقها تطلقها؟ بلاش دي لو قلتلك إني موافق على عريس معين في دماغي هتوافق وتبقي ضهرها وسندها؟
تحدث بتلك الكلمات وهو ينظر إلى خليل بطرف عينيه وزيان يحاول التفكير في هذا الأمر ليتابع غزال قائلًا: ولا هتفضل في الألاعيب مع مراتك؟
انفعل خليل لذكر غزال عن العريس المنتظر وهتف بصدق قائلًا: أنا اللي عايز أتجوز وردة أرجوك يا عم غزال أنت متعرفش أنا معجب بيها قد ايه.
ابتسم غزال ابتسامة طفيفة ليتابع خليل بكل ثقه وهو ينظر إلى زيان قائلًا: وأنت قلتها والحاجة بهيرة بتعتبرني ابنكم.
نظر إليه غزال بإمتنان قائلًا: شكرًا يا ابني على نبلك وكرم أخلاقك حقيقي كنت أتمنى أولادي يكونوا في ربع أخلاقك وأسف إنك شفت فيهم الجانب السيئ.
ثم أراد غلق الموضوع مؤقتًا حيث قال: وبالنسبة لطلبك ده شيئ سابق لأوانه اتفضل دلوقتي على شغلك.
عاد خليل إلى مكتبه لا ينكر أنه كان على قدر كبير من السعادة خاصة بعد مدافعة غزال عنه أمام ولده وثقة غزال المطلقه به أنه ليس من أصحاب تلك الأفعال والأكاذيب يتمني أن يقرر غزال الموافقة على مطلبه شرد كثيرا بها وبجمالها وشخصيتها التي لم يرى مثلها أبدًا وقرر ألا يمضي هذا اليوم بدون رؤيتها فهو متلهف لرؤيتها ومتشوق للقرب منها
وما هي إلا ثوان قليلة من التفكير وبينما هي جالسة مع والدتها في غرفة المعيشة سمعوا ذلك الصوت الذي يصدح من الهاتف وما أن فتحت الهاتف وقرأت الرسالة تبعها صوت جرس الباب وتبعها صوت رنين الهاتف أخذت تهمهم في نفسها عن ماذا تفعل فهو واقف عند باب منزلهم جانب من داخلها يريد أن يفتح له وجانب أخر يرفض بشدة خوفًا من زوجة شقيقها المتطفلة بينما هي في لحظة تفكيرها وشرودها فتحت بهيرة الباب ليسود الصمت لمجيئه ونظرات الدهشة تعلو على وجه بهيرة من جرأته ونظرات قلق من وجوده تخص وردة، زفرت بهيرة بحنق وكانت كأنها تجلس فوق فوهة بركانية يأتيها صوته المرح وهو ينظر إلى وردة بعشق قائلًا: ماما بهيرة أنا جعان أوي وقلبي حاسس إنك عاملة حلة عدس من اللي قلبي بيحبوا ومعاها البنتجان المخلل.
واستطرد باصطناع ليثير شفقتها قائلًا: وأنا وحيد وغلبان هاكل وهمشي.
قبل حديثه كانت تنوى بهيرة على طرده ولكن ماذا تفعل مع هذا الخليل الذي يقتحم عقلها وبشدة قبل أن يقتحم قلب ابنتها.
أنت تقرأ
منايا يا مليكتي🤣 (ورقي)😉
Roman d'amourهل تعلمين كم من الحب الذى اكنه في قلبي لك ؟...اسالي عني ورد الحدائق ...حاكيته احلا الكلام عنك وعن طيبه قلبك ...اريدك يا منايا يا مليكتي بحلال الله...ولا يهمني اي شئ آخر مقابل الظفر بكي ...والله يشهد علي وعودى وتأكدي أني أميرك وخليلك.