الجزء 01

8.6K 106 16
                                    


"الحياة في نهاية المطاف تغلب، وإن بدا غير ذلك والبشر راشدون مهما ارتبكوا أو اضطربوا أو تعثرت خطواتهم، والنهايات ليست نهايات، لأنّها تتشابك ببدايات جديدة "

_لقائله ...

•••

اختلط صوت قطرات الماء المنسابة من ثقوب ( الدش ) الضخم بصوت همهمات ونحيب واهن ليخلق سيموفنية شديد الكئابة اكتملت بالبخار الذي تسلل من الكابينة الزجاجية( للدش )ليحيط بالمكان معطياً منظراً ضبابي باهت .

لم يمضي الكثير من الوقت حتى فُتح باب الكابينة لتخرج فتاة متوسطة الطول لتتجه نحو المرآة التي تخفت بين سحب البخار .

توقفت امامها لقرابة الدقيقة ...بدا وكأنها مترددة من مسح البخار عن المرآة وكأنها تخشى رؤية وجهها ... ولكن في النهاية لم يكن هناك بد من مواجهة نفسها ، زفرت بعض الهواء بهدوء قبل ان تمد يدها ببطئ لإزالة طبقات البخار لتتكون صورتها امامها تدريجياً ...تأملت نفسها في المرآة لتغرورق عيناها بدموع متكبرة ذات أنِفة ترفض حتى أن تتحرر من سجن مقلتيها .

كانت نظراتها شاردة ، مكسورة ، متألمة .

قامت بفك ربطة شعرها لينسدل بنعومة اسفل ظهرها وباليد الاخرى قامت بحمل مِقص معدني ...

عضت على شفتها بغضب مكبوت عندما احست بدمعة دافئة هاربة من عينها وقليلاً حتى بدأ صوت نحيبها بالعلو .

توالت شهقاتها المكتومة لتطبق على شعرها الكثيف بانفعال وكأنها تعلن عن اعدامه .

تساقطت خُصلات شعرها المغدور بها أرضاً لتتحول نظراتها المكسورة تدريجياً الى نظرات ثلجية باردة لا تعكس عما بداخلها لترتسم بعدها ابتسامة متمردة أعلى شفتيها .

________________________________________

عاد بظهره الى الوراء ليغوص في كرسيه الوثير ... بالرغم من انه لا يزال مستيقظ الا ان عينيه كانتا مغمضتان ... بينما برز جانبي فكه العريض لجزه على اسنانه ...

بدا مسترخياً جداً ...

اقتربت منه احدى المضيفات بإبتسامة متصنعة فُرضت عليها في وظيفتها وتعاملها مع المسافرين ... طلبت منه بصوت هادئ ربط حزام الامان لأن الطائرة على وشك الهبوط .

فتح عيناه لتبرق رماديتاه وهو يبتسم ابتسامة صغيرة جانبية ليومئ لها برأسه بينما امتدت يداه لربط الحزام ... ( سبحان الله وبحمده )

رمقته المضيفة بنظرات مُعجبة جاهدت لكي لا تبدو واضحة ... ثم ابتعدت بعدها عنه لتتوجه للبقية اللذين يشاركونه في درجة رجال الاعمال التي تعج بالتفاصيل الفخمة لتطلب منهم ايضاً ربط الأحزمة .

عاد لإسترخاءه مرة اخرى وما هي الا دقائق حتى هبطت الطائرة على مطار هيثرو الدولي .

انهى اجراءاته بيسر وسهولة وانطلق نحو الرجل الذي يحمل لوحة كُتب عليها اسمه ...

كسارة البندقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن