نوفيلا "حياة نور"
"الفصل الثاني"
_ استجمعت كلماتها، وشجاعتها لـتخبره بما في جوفها، من أجل مستقبل فلذات كبدها..
خرجت من هذه الغرفة المتهالكة والتي تشبه المُعتقل وتضيق بها ذارعًا، وجدته جالسًا على الأريكة الخشبية الواسعة رافعًا إحدى قدميه ومستندًا عليها بذراعة اليسرى، يكركر بأرجيلته ثم ينفس دخانها ليكون سُحب رمادية سرعان ما تنتشر بهذا المنزل المتهالك مُحدثة رائحة كريهة..
فهذا الرجل المزارع المتهجم الوجه، والذي يناهز عمره الواحد والخمسون، لم يكن سوى زوجها "سامي"_ أجلت صوتها وقالت بهدوء: كنت عايزة أتكلم معاك في موضوع
_ أجابها بتهجم وبُغض ومازال يتنفس من أرجيلته: مش فضيلك يا وليه، حلي عن سمايا
_ قلبت عينيها بضيق ونظرت له بإذدراء: أنا إسمي "نور" مش وليه، وبعدين مش شيفاك مشغول، ولا شرب السم ده شغل..
_ نظر لها بـ لامبالاة، وقال بضيق: چصري (قصري) يا نور وچولي(قولي) إللي عندك خلصيني_ جلست بعيدة عنه، واسترسلت حديثها: كنت عايزة أقدم لــ «حمزة وحفصة» في المدرسة السنادي، فحبيت أقولك إن هجهز ورقهم وأقدملهم..
_ بمجرد أن سمع كلمة "مدرسة"؛ ثار غضبه ووقف على أُهبت الأستعداد للإنقضاض عليها صارخًا بصوت مرتفع بهمجية وجهل قادح: أنا معنديش عيال بتتعلم يا ولية، إنتِ إتهبلتي في عچلقك(عقلك) ولا أيه، مدارس أيه إللي أدخلها لعيالي؛ أنا هعمل زي ما أبوكي عمل معاكِ وعلمك ولا أيه، وفي الأخر ما أنتي مرزية في خدمة عيالك وشغل الغيطان..
ثم أقترب منها على حين غُره بهمجية ممسكًا بخصلاتها بعنف، قائلًا بجهل تام: علام العيال ده تنسيه خالص؛ الواد من النهاردة هيروح معايا الأرض يتعلم الفلاحة زي باچي(باقي) العيال، والبت تنزل في بيت شيخ البلد تتعلم الخدمة وتخدم هناك، أنا مش هدفع چرش(قرش) واحد في الكلام الفاصي ده.._ حاولت تخليض خصلاتها من بين براثينه، وهبطت دموعها بحسرة قائلةً برجاء: حرام عليك دول عندهم ست سنين لسه، مدمرش حياتهم، وبعدين دول عيالي أنا كمان وليا الحق فيهم ... ومش هسيبهم للجهل والتخلف ده أبدًا ..
_ كلماتها أثارت غضبه أكثر وكانت النتيجة لذلك ضربًا مبرح بجميع أنحاء جسدها جعلها غير قادرة على الحراك
_ أيه يا بت إنتِ هتكسري كلمتي، وتعلي صوتك عليا .. أنا أكسر رچبتك(رقبتك) واچطع(اقطع) لسانك يا عديمة الرباية.............
خلف أحد الأبواب يقف طفل وطفلة من نفس العمر منكمشين على بعضهم البعض بخوف بعدما سمعوا ورئوا ما حدث لوالدتهم...
فزع الأطفال عندما فُتح الباب بعنف ورئوا والدهم مُقبل عليهم بشر، جذبهم بقوة من أذرعهم
وقال بقسوة: تعالوا... هتفضلوا چاعدين(قاعدين) كدا لغاية إمتى، أمكم مدلعاكم ومن هنا ورايح إنت هتنزل تفلح(تزرع) معايا يا واد إنت..
وإنتِ يا بت هتنزلي تخدمي..