الخاتمة
_ ابتعدت عن مرمى يديه، وأزالت دموعها فـ ظهوره في مثل هذا الوقت ليس بصالحها أبدًا، وسيُثير الأقاويل من حولها...
_ بينما "علي" فأخذ يبتسم من غير تصديق، فلو كان أحد أخبره بأن هذا سيحدث ما كان سيصدق...
سبع سنوات فراق لم تلمحها عينيه، ولم يسمع صوتها، يحيا على ذكراها فقط ...
_ همس بخفوت متلعثم من أثر تلك المفاجأة: نور، حبيبتي... أنا مش مصدق ... وأخيرًا يا نور ... إنا كــ..._ استجمعت ذاتها، وقاطعته بحزم: لو سمحت يا دكتور علي، إللي فات ماضي وإنتهى .... وكل واحد شاف طريقه، إنت دلوقتي في مكان وأنا في مكان ومسئول مني طفلين ..
_ لم يستوعب ما قالته، وردد بصدمة: دكتور علي!!!!
أنا مش فاهم حاجه، تقصدي أيه؟ ووصلتي هنا إزاي؟ وإزاي سيبتي البلد؟_ تنهد بفروغ صبر، قائلة: هربت من البلد علشان خاطر ولادي ميدقوش من نفس الكاس إللي أمهم شربت منه ... وجيت هنا أشتغل عاملة زي ما شوفت كدا ... وكنت بنضف الشقة دي وإللي عن طريق الصدفه طلعت شقتك..
وياريت ورجائًا محدش يعرف مكاني لأن معنديش مكان أروحه ألا ده ..._ نظر لها بوجع، وألامه قلبه لتلك الكدمات المنتشرة بوجهها الملائكي والذي يتضح من خلاله كم المعاناة التي لاقتها...
فـ "نور" طفلته تغيرت كثيرًا، وانطفيء نورها..
تلك اللمعة التي كان يجدها دائمًا بخرزتها الزرقاء لم تعد لها أثر ...أقترب منها مرةً أخرى واضعًا يديها على كدماتها: أيه دا كله يا نور ... مين عمل فيكي كدا ... وليه دا كله يا نور، البلد مش سايبه وتقدري تطلقي ولا تعيشي هربانه العمر كله ... نقدر نحل كل حاجه وإحنا إتجمعنا من تاني وهنبقى مع بعـــ....
إرتدت للخلف وقاطعته بعنف: معدتش فيه مع بعض ... وياريت ننسى إللي فات زي ما نسينا سبع سنين ..
_ نطق بصدمة شديدة مغلفة بالوجع الذي إخترق قلبها: ننسى ... زي ما نسينا سبع سنين .. هو واضح إن أنا نسيت يا نور ... وإنتِ قدرتي تنسي علي بالسهوله دي ...
_ ألمها قلبها لرؤية وجعه لكن يجب أن يبتعدوا عن بعضهم البعض، هذا الأفضل للجميع، تحدثت بهدوء: أرجوك يا علي كفاية وجع ... أنا لازم أبدأ حياة جديدة، كفاية المعاناة إللي شوفتها ... صدقني أنا معدتش أنفع لأي حاجة غير تربية الولاد... ولو حد عرف بوجودنا في نفس المكان الكلام هيتقال كتير والناس ما بتصدق وكمان كل إللي في البلد هيتأكدوا إن هربت علشانك...
_ ابتلع ريقه، وأخذ ينسج كلماته: ماشي يا نور ... هكون موجود معاكي في نفس المكان ولا كأن موجود
هستحمل يا نور أشوفك كل يوم قدام عيني وأنا مش قادر أقرب منك ولا أقدمك أي مساعدة
هتحمل أكتر وأكتر يا نور زي ما إنتي إتحملتي ..
هحاول مقربش لعيالك ولا أقربلك علشان مثيرش الشكوك
هتحمل أشوف عذابك ومعناتك كل يوم وكل دقيقة على الأقل هتبقي قدام عيني ..
هستناكي يا نور لغاية ما تقولي بس كفاية..
هنتظر وهصبر يا نور لغاية ما يمل الصبر من صبري ..
هفضل على أمل إنك ترجعي ليا تاني وتنوري حياتي إللي ضلمت من ساعة ما مشيتي منها..
هستناكي لأخر العمر يا نور عيني ...
بس متمنعنيش إني أحبـــــــــك ....