التمهيـد..

4.4K 131 37
                                    

نيـرة والعابث..
_التمهيـد:-

" كان محبًا.. عاشقًا ربما، لكنه غير عالمًا.. وهنا كانت الأزمة "

كانت الاضواء مشتعلة بكل مكان.. الضحكات تتعالي والتهاني تتبادل، الجميع سعيد.. هناك رائحة من البهجة تنتشر بالمكان ولما لا! فاليوم هناك حفل زفاف يجمع بين شمل عائلتين من اهم العائلات الاستقراطية، بين نجل ابو النصر ذلك المدلل.. العابث.. الوسيم وبين نجلة الصباغ.. نيـرة.. تلك الفتاة الشامخة.. القوية.. الجامحة كما يلقبها زوجها المكتوب كتابها عليه وهو يلعق شفتيه ببسمة خبث..
بعيدًا عن تلك الساحة قليلا.. بغرفة العروس، كانت واقفة امامه مرأتها مرتدية فستان زفافها الابيض الرقيق.. تطالع نفسها بنظرات راضية.. فرحة، تتخيل كيف سيكون رد فعلها زوجها عندما يراها؟! هل ستنال علي اعجابه وهل يجرء علي عدم الاعجاب وهو سيكون واقفا امام كتلة من الجمال!
و.. كيف ستكون الحياة بعد الزفاف!
هي اكثرهم علمًا بـ ايان أبو النصر
ذلك المشاغب.. هي اكثرهم علمًا بمدي عبثه ووقاحته وعدم اهتمامه بالمشاعر وكثير من الصفات السيئة لكنها رغم هذا وافقت عليه
لانها ببساطة.. تحبه!!

هتفت صديقتها روز وهي تنظر لها باعجاب صريح:-
_ايان هيتهبل عليكي يانيرة
نظرت لها وقد ساد الضيق عليها:-
_هو فينه.. الوقت اتأخر اوي
روز مأيدة حديثها:-
_معاكي حق، كان لازم تنزلوا من بدري، انا هروح اشوفه واناديه
اؤمأت لها بينما توجهت روز ناحية غرفة ايان.. التي تجاور غرفة مهرة بذلك الفندق الضخم

اختفت روز لعشر دقائق قبل ان تعود وملامحها تسودها التوتر والارتباك البالغ تطلعت لها مهرة بتعجب من حالتها:-
_في اية ياروز.. مالك متوترة كدا لية
_ايان..
نطقت بها ثم صمتت، بينما ساد القلق علي نيرة وهي تحثها علي الحديث:-
_ماله ايان!
مع طول صمت الاخري راحت تدفعها بيدها لتفيقها من ذلك الصمت:-
_روز جاوبيني ماله ايان؟ هو كويس صح ايان كويس
وبدأت تنهار وهي تظن انه قد اصابه مكروة، فاقت روز من حالتها وقد اصابها الضيق وهي تري صديقتها وقلقها علي ذلك الرجل
اقتربت منها تهتف بجمود:-
_متعيطيش عليه دا ميستهلش
نظرت لها بعدم فهم.. بينما تابعت رزو بملامح اكثر ظلامًا:-
_ايان هرب يانيرة
بعدما كانت تبكي.. توقفت دموعها عن الهطول، نهضت عن جلستها التي كانت قد جلستها علي الارض وهي تكرر حديثها بعدم تصديق:-
_هـرب!
اؤمات روز ولم تنتظر الاخري بل جرت فستانها خلفها وتوجهت نحو الغرفة الذي كان يتجهز فيها، دخلتها فوجدت والديها ووالديه وبعض افراد العائلة يقفون فيها وتظهر علي وجوههم انفعالات مختلفة بين غضب وسخط واحراج وشفقة حيالها
هتف ابيها بغضب:-
_ابنك اتجنن ياعمران، ازاي يتجرا ويعمل كدا في بنت ابراهيم الصباغ، انا هربيه وربي لاجيبه واربيه
لم تكن تصدق ما يحدث كانت تنظر لهم بصدمة وتنظر ل جدران الغرفة بعدم تصديق، لمحت علي فراشه بدلة الزفاف تقدمت منها وراحت تتلامسها بأرتعاش، لم يطيق حتي ملامستها وارتدائها! لتلك الدرجة
هتف عمران بحزن وسخط من فعله ابنه:-
_ابراهيم دا مش وقت كلامك.. ارجوك قدر موقفي ومتاخدش مني موقف نتيجة لغلطة ابني، انتي صاحب عمري وعارف ان نيرة بنتي وتهمني قد اية
مازالت عيناها معلقة علي البدلة بينما تردف بنبرة جامدة:-
_وبنتك اتكسرت يااونكل
_هجبلك حقك منه، والله هجيبه بس انتي اتماسكي كدا انتي مهرة اللي مفيش في قوتك اثبتي دا دايما يانيرة
تعالت همسات بعض الموجودين بالغرفة
_هيفضل طول عمره عديم المسئولية، لو كان بيعرف يعني اية مسئولية مكنش فكر يهرب في يوم زي دا
_هتعمل اية؟ دي فضيحة، فضيحة بمعني الكلمة
_ربنا يستر، نظراتها بتقول انها مش هترحمه
لمحت بجوار البدلة ورقة مطوية، امسكتها وفتحتها فوقعت عيناها اولا علي خطه الانيق.. كان مميز بخطه فدوما ما كان مبعثر وعلي الرغم من ذلك كان يبدو انيقًا

" نيـرة.. انا اسف، حاولت اكمل معاكي بس مقدرتش، انتي انسانة مثالية لكن انا مش زيك.. مش هنفعلك، انا طير حر مبيحبش حاجة تربطه وجوازي منك كان هيربطني، انا اسف.. كان لازم يمكن اخد القرار دا من زمان.. من قبل كتب الكتاب، بس كان في حاجة بتمنعني.. لكن دلوقتي لما لقيت ان الوضع فعلا بقي جدي.. كان لازم ابعد.. انتي اكتر واحدة عرفاني وفهماني، مبتكسفش منك وهعترف انا مقدرش ابقي زوج واشيل مسىولية زي دي.. واني ابقي في يوم اب ومسئول عن اسرة.. اسف "

اسـف.. كررها كثيرا وهو الذي لم ينطقها يومًا.. يبدو انه بالفعل يشعر بالاسف حيالها

طوتها وقد سيطرت علي ملامحها الجمود وعلي نظراتها الظلام

بداية حياة انتهت باللحظة الاخيرة علي يـده.. لتبدأ حياة اخر ستكون نهايتها مكتوبة من قبل قلمها هي وعلي يدها هي.. هي وفقط، اليوم هو سطر النهاية.. وغدا هي ستفعل، فقط فلينتظر.

يتبع...

نيـرة والعابث لـ زينب سميـرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن