الفصل الأول

850 87 227
                                    

لا تنسوا التصويت والتعليق بين الفقرات💙✨
—————

علا صوت الصرخات المكتومة لرجلٍ قيّدت يداه بالحبال ولُفّت الأقمشة على فمه، وراحت قدماه تحاول إيقاف جسده عن التقدم على الرغم من جرّ الحرّاس القاسي له. تعالت دقّات قلبه وجحظت عيناه الممتلئتان بالدموع عندما لاح له منظر الجزء المحظور من البحر، ذلك الجزء الذي يُرمى به من يحكم عليهم الملك بأشنع العقوبات ألا وهي الموت على أيدي حورييّ البحر.

كائنات البحر شرسة، وقد اقتاتت لسنين طويلة على لحوم البشر الذين أرادوا التمتّع بمياه البحر فصاروا فريسةً سهلةً لهم. صار البحر مرعبًا لبني البشر كبارًا وصغارًا، وما كان من الملك العجوز إلا أن يعقد اتفاقًا مع ملك البحر في محاولة لحماية شعبه وبني جنسه.

نصّ ذلك الاتفاق على أن يُسمح للبشر بالتمتع في مياه البحر واستخدامه كيفما شاؤوا دون التعرّض لمخلوقاته، لكن يحرّم عليهم دخول جزءٍ معيّن منه، ومن يدخله يلاقي حتفه على يدي ساكنيه.

مرّت العقود بعد ذلك الاتفاق ليتحول الجزء المحظور من البحر إلى مقبرةٍ لمن يريد ملك الأرض التخلص منهم، فيُحكم عليهم أن يُرموا في الضباب، وبالطبع يعرف الشعب معنى أن تُرمى في الضباب: الهلاك!

تقول شائعة أن من يُرمى في الضباب لا يُسمع صوت ارتطامه بالبحر، فحوريّو البحر يلتقطونه بالهواء ويقتلعون حنجرته بأسنانهم الواحد تلو الآخر قبل أن يسحبوه جثّة هامدة لقاع البحر فينهشوا ما تبقى من جسده.

تقول شائعة أخرى أن حرَس الملك يتركون المحكوم عليه عند حجارة الشاطئ، فإن وجد لنفسه مخرجًا عاش، وإلا تعثّر ووقع بالبحر ليلقى حتفه. تلك الشائعة بدأت عندما ظنّ أحدهم أنه رأى رجلًا قد حُكم عليه بأن يُرمى بالضباب بعد أسبوع من تنفيذ الحكم، لكنه في الحقيقة لم يرَ إلا أخاه الذي يكبره سنًا.

لم تكن الحقيقةُ بعيدةً كلّ البعد عن الشائعات، فالحرّاس يرمون المحكوم عليه ويفرّون هاربين قبل أن يسمعوا صوت ارتطامه بالبحر، إذ أنه ما إن يدخل البحر حتى يأتيه جنديٌ من جنود ترانجين ملك البحر فيقتله أسفل الماء ثم يأخذ بجثته لبيت الجنود، ومن هناك تقسّم الجثة وتوزّع أعضاؤها على كائنات البحر.

كل جنود البحر المكلّفون بقتل البشر يكونون من حورييّ البحر، ويتغير حوريّ البحر المسؤول عن جلب البشر كل شهرين، فيبقى ذلك الحوري بكهف صغير حتى يشمَّ رائحة بشري فيذهب لأداء واجبه ثم يعود لكهفه ويستمر ذلك حتى ينتهي الشهران.

تايهيون هو أحد أولئك الجنود، وقد صار دوره لقتل البشر. كان يكره وظيفته هذه، لكنه لا يستطيع أن يفعل شيئًا غير الانصياع للأوامر، فمن يحدد وظيفة كل مخلوقٍ بحري هو الملك ترانجين، وإن عصيت أوامره فستُقتل بالطبع!

حوريُّ البحر | كانغ تايهيونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن