الـفـصـل الـحـادي عـشـر

123 11 0
                                    

-

داخل ذلك السجن الصغير بقسم الشرطة، كان هـاري يجلس على ذلك السرير الرث يطالع الأرضية بشرود مريب. مر أسبوعان منذ تلك الليلة، وهو على نفس حالته.. صامت، لم ينبث بحرفٍ واحد منذ دخوله لقسم الشرطة. قاطع شروده صوت الشرطي قائلاً برسمية:
«سيد ستايلز، يمكنك الخروج الآن. لقد دفع المحامي الخاص بك كفالة إطلاق سراحك، بشرط ألا تقترب من الأنسة كيت كولينز وإلا ستسجن مجددًا.»
رفع هـاري رأسه بهدوء، ليجد مارك -أحد المحاميين الخاصين به- يقف خلف الشرطي بفخر. أبتسم هـاري بتكلف للشرطي وهو يومئ له.
«قم بتوقيع بعض الأوراق قبل خروجك سيد ستايلز بشأن عدم الإقتراب من الأنسة كيت.»
توجه هـاري تجاه الشرطي الأخر، وقام بتوقيع الأوراق ببرود. أنهى توقيع الأوراق بعد لحظات، ليرحل خارج قسم الشرطة وخلفه مارك وباقي المحاميين.
دلف هـاري لداخل سيارته بالخلف ثم صعد مارك بجانبه، بينما باقي المحاميين أتجهوا للسيارة الأخرى خلفهم. صمت هـاري للحظات بعدما تحركت السيارة، ليطالع مارك قائلاً:
«عمل جيد مارك.»
«أشكرك سيد ستايلز، هذا أقل ما أفعله من أجلك.»
أجاب مارك برسمية، ليومئ له هـاري قبل أن يكمل:
«وماذا بشأن كيت؟»
توتر مارك وهو يتحاشى النظر له، لينفجر به قائلاً:
«تحدث مارك.»
أنتفض مارك بخوف من صراخه، ليتحدث متلعثمًا:
«س.سيدي، ن.نحن لم نجدها.»
«ماذا تعني بلم تجدوها؟»
أستنكر هـاري بغضب، ليكمل الأخر بخوف:
«سيدي، لقد أختفت منذ أسبوع. لا أحد يعلم أين ذهبت، كما أن هانك أغلق مكتبته ثم رحل هو وعائلته ولا أحد يعلم عن وجهتهم.»
«وأصدقائها؟»
تحدث هـاري بهدوء مريب، ليجيبه الأخر بتوتر:
«رحلوا أيضًا دون سابق إنذار.»
صمت هـاري لدقائق، بينما الأخر يكاد يموت من خوفه.
«صدقني سيدي نحن مازلنا نبحث عنهم حتىٰ تلك اللحظة. رجالك يقومون بما فى وسعهم، أقسم لك سيد ستايلز.»
«إذًا أبحث عنها بشكل مكثف أكثر، حتىٰ وإن كانت بأخر مكان على هذا الكوكب مارك.»
تحدث هـاري صارخًا، ليومئ له مارك سريعًا.
«أعثر عليها بأسرع وقت مارك، وإلا لن تعجبك عواقب ما سأفعله.»
أكمل هـاري بهدوء وهو يطالع النافذة بجانبه، ليومئ له مارك قائلاً:
«كما تريد سيد ستايلز.»

-

بينما فى الجهة الأخرى تحديدًا فى هولندا، داخل أحد المزارع البعيدة هناك.. كانت كيت تجلس على العشب، تتأمل الغابة حولها. لا تشعر سوى بالرياح التي تضرب خصلات شعرها، لتحركها بإنسياب. هناك الكثير يجول بداخل عقلها، فمنذ اللحظة التي أعتقلوا فيها هـاري وهى ليست بخير أبدًا.
تشعر بفارغٍ يملؤها، هناك شعور مجهول يطاردها منذ تلك اللحظة.. ربما ندم على ما حدث، أو حُزن تجاه هـاري أو ربما شعور بالذنب..
كل ما تعلمه هى أنها ليست بخير أبدًا لأنها تشعر بأن هناك شيئًا خاطئًا قد قامت بفعله.
قاطع تأملها صوت سيباستيان خلفها قائلاً:
«هيا كيت، العشاء جاهز.»
ألتفت له كيت، ليطالعها الأخر بحُزن لحالة صديقته.
«هيا كيت.»
نبث بها سيباستيان مجددًا، لتستقيم كيت من مكانها وتتجه نحو المنزل الذي بجوار المزرعة.
فور إنتهاء العشاء، جلس الجميع بغرفة الجلوس. الجميع يتحدثون، بينما كيت أكتفت بالصمت.. تفكر به وبأفعاله، تفكر بماضيه وحالته النفسية.

أنه لأمر سئ بأني مازلت أفكر به رغم ما فعله. أعني هـاري فى النهاية بشر، والبشر يخطئون.. ما يجعلني أقول ذلك هو أن هناك جزء مظلم وماضٍ أليم قد مر به هـاري ليصل لما هو عليه الآن. لقد رأيت الصراعات التى مر بها داخل عينيه الحزينتين.. هـاري فقط يحتاج للمساعدة، وأنا سأكون الشخص الذي يقدم له تلك المساعدة. قد تكون تلك مخاطرة كبيرة، لكني مستعدة للمخاطرة من أجله.

بعد مدة أستاذنت كيت من الجميع، لتصعد لغرفتها. أغلقت باب غرفتها، لتتجه نحو هاتفها تبحث عن أسم الدكتور النفسي الخاص بهـاري ديفيد أوين. فتحت كيت أحد المواقع التى كانت تتحدث عن الطبيب أوين والذي تم نشره منذ عامين، ولقد تفاجئت كثيرًا مما قرأته.

"تم القبض على الطبيب النفسي الشهير "ديفيد أليكسندر أوين" بعدما كان يقوم بتعذيب مرضاه داخل جدران المشفي الخاص به. عُرف بين المرضي بوحشيته وأساليبه القاسية فى التعامل مع مرضاه، وقد أكد أوين بأنها طريقته فى علاج المرضي من الأمراض النفسية، بل ظل يُصر حتىٰ بعد دخوله السجن أنه لم يقم بأي جريمة تجاه مرضاه أنما كان يقوم بعلاجهم فقط. وتسببت أساليبه تلك بمضاعفات كثيرة لمعظم المرضي، حتىٰ وصل الأمر لإنتحار بعض المرضي بسبب عدم قدرتهم على تحمل ما قام به الطبيب أوين، والبعض الأخر مازال يُحاول تخطي ما حدث له داخل جدران تلك المصحة المرعبة.."

وضعت كيت يدها على شعرها بعصبية، لما قرأته توًا. إن ذلك الطبيب هو من جعل هـاري يُعاني أكثر.. لقد كانت هناك فرصة له حتىٰ يُصبح أفضل، فرصة لمساعدته. بحثت كيت مجددًا على أحد المواقع عن مكان شركة ستايلز ببريطانيا تحديدًا لندن، لتدون العنوان فى ورقة قبل أن تُغلق هاتفها. أخرجت حقيبة سفر، لتضع بعض الملابس بعشوائية والأشياء المهمة التي ستحتاجها. أغلقت الحقيبة لتضعها على الأرضية ثم بدلت ملابسها سريعًا. كتبت ورقة صغيرة تشرح لهم سبب رحيلها، ثم خرجت بهدوء من الباب الخلفي بعدما تأكدت بأنه لا يوجد أحد بالأسفل. تجاهلت كيت كل أفكارها التي تخبرها بعدم فعل ذلك، لتتجه نحو المطار وتصعد لأول طائرة متجها إلى لندن..

𝐒𝐭𝐮𝐜𝐤 𝐖𝐢𝐭𝐡 𝐘𝐨𝐮 || عالق بكِ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن