سَـند

95 17 10
                                    

السلام عليكِ مولاتي، وسيدي القارئ.

قبل أن نبدأ مرافعتنا لهذا الشهر، اسمحوا لنا أن نبلغكم بعدم وجود أي محامي أو حتى محرر فكري برع في قضيتنا السابقة.. الأمر الذي سبب لنا نوع من أنواع الأسف والضيق. نتساءل، ماذا جرى لجودة أقلامكم العظيمة؟
ملكاتنا كُثر، والكلاب حولهن أكثر.. هل ستبقى سيوفكم في مكانها دون الدفاع عنهن؟

.
.
.

جاء في القرآن الكريم: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ ﴿٣٢﴾ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ﴿٣٢﴾) المائدة.
وجاء في الإنجيل: وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي».
أما في التوراة: وَلاَ تَأْخُذُوا فِدْيَةً عَنْ نَفْسِ الْقَاتِلِ الْمُذْنِبِ لِلْمَوْتِ، بَلْ إِنَّهُ يُقْتَلُ.
وفيما يخص القوانين الدولية والمحلية في حماية الإنسان من القتل، فيكون عقاب القتل المتعمد هو الإعدام، أي الموت. وهذا ما هو متعارف عليه منذ عقود.

لكن ما هو غريب حقًا، وجود أدمغة لا تزال تُسفك الدماء؛ بحجة أن لا أحد يعلو عليهم، وأن جميع القوانين.. حتى الإلهية منها، تحت أقدامهم النجسة.
مرافعتنا لهذا اليوم جاءت إكرامًا لروح المغدورة نورزان، الشابة الراحلة عن هذه الغابة -المجتمع- بسبب جريمة قتل مُرتكبيها معروفين بسندها.. أهلها.

إن لم يكن ضميرك على قيد الحياة، أو مشاعرك التي يجب أن تمنعك حتى من قتل صرصور صغير.. فعلى الأقل يجب أن تمنعك القوانين، بغض النظر عن كونها إلهية أو حتى بشرية.
هل يمكنك أن تتخيل مدى بشاعة روحك حينما فقط تتمنى الموت لأحدهم؟ ماذا لو حملت السكين وطعنت شابة صغيرة صعدت لتوها على درج العشرين عامًا؟ والأشنع من ذلك، هو أنك من ضمن أفراد أسرتها! يا لقذارتك!

بغض النظر عن سبب القتل، فأنت لست الإله لتحدد إن كان فلان يستحق الموت أم لا.

الفظاعة لم تنتهي إلى هنا، بل أن طاعني الآنسة الصغيرة تركوها تصارع الموت في الشارع، ولاذوا بالفرار وسط أنظار الناس في وضح النهار. وما لا يمكنك تخيله، هو أن هؤلاء الصنم، لم يتحركوا من مكانهم لأجل إنقاذها؛ فالحجج كثيرة: نخشى أن تكون قد طُعِنَت بسبب جريمة شرف! أو أن من طعنها ذو سلطةٍ تعلو علي، أو أنهم قد يشيروا بأصابع الإتهام نحوي.. الخ من الهبل البشري الذي بات متداولًا هذه الأيام.
أتتخيل أنهم فكروا بكل شيء.. إلا إنقاذ هذه المسكينة؟

الشابة الصغيرة، كانت ضحية عائلة تتكون من أب متوفي وأم ضعيفة القوى.. وإخوة جُبناء، بالإضافة لعم متسلط نذل يخلو من الرحمة. قصة واتبادية صحيح؟ للأسف باتت هذه القصص السخيفة واقعنا!
فالشابة تزوجت وطُلِقَت مرتين إجبارًا من قِبَل الوحش المُسمى بعمها، وفي الثالثة رغب أن يزوجها إبنه. الآنسة الجميلة رفضت ذلك، وحاولت أن تحتمي تحت ظل إخوتها، لكنهم كانوا أجبن من حمايتهم لشرفهم، فتخلوا عنها لتحاول حماية نفسها قدر المستطاع برفقةِ والدتها.
غيرت اسمها، ومكان سكنها.. لكن للشياطين آذان وعيون، فما أن أمسكوا بها حتى قتلوها بحجة الهرب منهم، ورفضها الزواج من صاحب النسل النادر.. ابنهم الدنيء.

كثيرٌ ما نسمع أن أهل الإنسان ليسوا إلا سنده في الحياة، أن يساندونك ويحمونك، يراعونك ويضموك إلى صدورهم عند الهلع، يكونون عمودك الفقري لمواجهة المصاعب.
ما فائدة وجودك في الحياة إن لم تكن ذا منعةٍ لأهلك؟ ما هدفك وغايتك في الوجود إن لم يكن أولها إدخال السرور والبهجة في قلوب أقرب المقربين إليك؟
أتُقتَل لأنها إمرأة يا مجتمع يا فاسد؟ أتصارع الموت أمامكم دون أن تحركوا ولو عضلة واحدة فيكم، لأنها إمرأة؟ أتسري قوانينكم لأجل مصالحكم فقط؟ أتثور دمائكم لمنافعكم لا غير؟ كيف يمكن لقطعة اللحم الفاسدة في رؤوسكم أن تفكر بالاحتمالات قبل أن تصرخ ضمائركم بكم: أنقذوا الروح المعذبة!
كيف يمكن لأقلامكم أن تسكن، ولألسنتكم أن تخرس عندما تشاهدون شابة صغيرة تموت غدرًا دون المطالبة بالثأر لدمائها؟
أبات الشر الآن أكثر بطشًا من الخير؟ هل تخيفكم تكشيرة أسنانه القذرة أكثر من غضب الرب والقانون؟

تموت لأن سندها نفسه قتلها، ألن يدافع عنها أحد؟
ألن تُقلب الآية الآن لأجلها، يظلمها القريب فيثور لأجلها الغريب؟

هناك دلائل أخرى وسطور لم تُذكَر، لكننا سنسمح لمحررينا الفكريين أن يتحدثوا عنها، انطلقوا وقاتلوا الجهل!
إشارة لمن تحب أن يقرأ هذا الفصل.
.
.
.
ينتهي موعد استقبال المشاركات في الثامن من شهر تشرين الأول (08/10/2021).
لا تنسَ الإطلاع على شروط الاشتراك في المرافعات، ستجدها في الفصل الأول من هذا الكتاب.
بالتوفيق!

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 07, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

تحرر فكريحيث تعيش القصص. اكتشف الآن