فبقوا تلك الليلة مابين رعب و توجس وطالت عليهم ليلتهم المخيفة حتى ظنوا أن الصبح لن يظهر عليهم مرة أخرى. وفي هذه الحال الصعيبة لا حظ الأب المحنك أن هذه الأهوال المفزعة تأتي لهم من كلّ مكان إلّا من مكانٍ واحد ألا وهو مكان النار. فأراد التأكد من صحة استنتاجه فأوقد ناراً أخرى في الجهة المقابلة وفعلاً قد كان استنتاجه في محله... يا أحمد قم معي لنجمع الحطب من حولنا ونوقدها ناراً حامية. حسناً يا أبي . ثمّ تمثل عزام بالبيت المشهور إن النار بالعودين تُذكى
وإن الحرب مبدؤها كلامُ فأحاطوا أنفسهم بالنيران على مسافةٍ لا تؤذيهم فخفّ عليهم الضغط قليلاً ممّا مكنهم على شئٍ من الراحة.. أراد الزوج الذهاب لقضاء الحاجة، فحاولت أسماء منعه من الذهاب. كيف تذهب وتتركنا هاهنا ربما لن تعود إلينا أبداً قد يصيبك أمر ماء. ياأسماء إنها الحاجة الملحة وسأعود سريعا. خرج عزام إلى ماوراء النار وأخذ معه شعلة منها ليحمي بها نفسه فما جاوزها إلا و هو بصراخ بناته من خلفه فعاد سريعاً فزعا . مابالكن ؟! انهما خائفتان ياعزام. فجلس عندهما وآنسهما قليلا ثم خرج حتى
وصل إلى جذع شجرة فإذا هو بطائر كبير غريبة صفاته أسود قاتم كالفحم وعيناه حمراوان ناريان كالجمر يحلق من فوقه وله أصوات منوعة مفزعة كلما دنا منه ليتخطفه واجهه بشعلة النار فارتفع عنه ففزع ثم شجع نفسه بقول القائل لقيتُ الغول تسرِى في ظلامٍ بسهبٍ كالعباية صحصحانِ فقلتُ لها كلانا نقض أرضٍ أخُو سفَر فصدِّى عن مَكانى فصدتْ وانتحيتُ لها بعضبٍ حسامٍ غيرِ مؤتشبٍ يمانى فقدّ سَراتها والبرك منها فخرتْ لليدين وللجرانِ فما زال يناوشه بالنار يقدم تارة ويحجم أُخرى ثم رجع القهقرى، ولم يشعر بمن
يترصد له من خلفه الشكل شكل الخنفساء والحجم حجم البقرة حتى إذا دنا منه ضربه ضربةً أطارته عدة أمتار وفرقت بينه وبين شعلته فأصبح محاطاً بهما من غير سلاح الطائر من فوقه والخنفساء من أمامه وبينه وبين شعلته التي خمدت نارها عدة أمتار فمازال ينظر إليها مرة وإليهما مرة أخرى حتى طفئت ولكن النار التي فيها أهله كانت عن يساره بنحو عشرة أمتار ولكن كيف السبيل إليها وهو شبه محاصر . في هذه الأثناء قال أحمد يا أمي إن والدي قد تأخر وإني أسمع أصوات قريبة غريبة فربما والدي في خطر . يا إلهي .. نعم لعل والدك في خطر . نعم ربما ذلك سأذهب لأرى ما الأمر
لا لن تذهب أبداً يابني بلى سأذهب قبل أن يفوتنا الوقت فنندم على التأخر فسكتت الأم لا تدري مالصواب هل خروج أحمد فيه إنقاذ لوالده الحامي لهم في هذه الصحراء الموحشة أو فيه هلاكهما جميعا فأخذ أحمد شعلة من النار كبيرة ثم خرج. فرفعت اسماء يدها قائلة اللهم ائتني بهما جميعا ولا تفجعني فيهما. وفي هذه الحال كان عزام في عراك شديد مع هذه المخلوقات الغريبة وقد انهمك تماما وأما أحمد فقد خرج خائفا مترددا لا يرى شيئا الا ماحوله ثم عاد أدراجه. وفي لحظة ما استطاع الطائر الكبير انتشال عزام من الأرض بمخالبه والطيران به إلى الأعل
إلا أن عزام قد أخذ احتياطاته من قبل فقد ربط نفسه بحبل على جذع الشجرة فما إن اشتد الحبل إلا وسحبه من بين مخالب الطير فوقع على الأرض فسمع أحمد صوت الإرتطام فتوقف والتفت فإذا هو لا يرى شيئاً.. ثم أكمل مسيره إلى أمه.. ولكن عزام اعتدل سريعا وعاد إلى مكان أهله مهرولا ومن خلفه الخنفساء تسعى والطير ينقض فإذا هو باحمد في يده الشعلة الكبيرة فنادى الأب ابنه فرئاه فألقى عليه الشعلة فأخذها فواجههما بها فتوقفا عن المطاردة فما زال يهش بها ويعود هو وابنه إلى الخلف حتى دخلا سياج النار وزال الخطر إلا الأصوات المفزعة من بعيد
أنت تقرأ
خبايا القرية المهجورة
Horrorلقد كانوا يعيشون كعائلة واحدة يسودها الحب والمودة، يعرفون بعضهم عز المعرفة إلى أن جائت هذه الأحداث المريبة التي قلبت كل هذا الود رأسًا على عقب، عزيزي القارئ دعنى أخذك معي في جولة مثيرة مريبة يعلوا بها الأدرينالين في كل خطوة تخطوها في قراءة هذه الرو...