وفي أثناء هذه الأجواء الكئيبة ذهبت علياء وحسناء في غفلة من أهلهم لتلعبا مع بعض الدواب فبعدتا عنهم شيئاً فشيئاً فلم يشعروا إلاّ باستغاثة علياء وبكائها وصراخ حسناء وعودتها مسرعة باكية مستنجدة. ماذا حصل يا حسناء؟ لقد سقطت أختي علياء في الحفرة هناك. أين هذه الحفرة ؟ هناك هناك. فنظروا فلم يجدوها، يسمعون استغاثتها ولكن لا يرونها، أين هي ياتُرى؟ ياعلياء ياعلياء ..أيت أنتي يا علياء.. أنا هنا .. أنا هنا .. أين هنا يا ابنتي ؟
لقد سقطت في الحفرة. فذهبوا إلى مصدر الصوت فرأوها ساقطة في حفرة صغيرة فأخرجوها وأسعفوها وعالجوها.. ثم ذهب الأب ليتفقد هذه الحفرة لعلهّا تدلّه على شئٍ من أسرار هذه القرية العجيب أمرها فما زال يقلّب أحجارها ويوسع في حجمها ويزيد في عمقها حتى وجد فيها صخرةً بيضاء ملساء منقوشٌ فيها سرٌّ من أسرار هذه القريةِ العجيبة فعاد إلى أهله مسرعاً مستبشراً فلمّا رأوه علموا أنّه وجد شيئاً مهمّاً فالتفوا حوله متشوفين له متشوقين لخبره فلما أخبرهم بما وجده منقوشاً في الصخرة ذهبوا معه إليها فإذا فيها: «في عام كذا-أي قبل خمسين عاما- خرجنا
جميعاً من هذه القرية الجميلة وكان ذلك بسبب غزو الأشباح كلّ ليلة لقريتنا ولم نستطع المقاومة فقررنا في بادئ الأمر أن نخرج منها قبل غروب الشمس إلى مسافةِ ميل منها ثمّ نعود إليها نهاراً لنكمل فيها معاشنا فلم نستطع تحمل هذا العيش ولم نقدر على إخراجهم من قريتنا فقررنا بالإجماع الرحيل عنها إلاّ رجلاً واحداً منّا قرر البقاء والعيش على هذه الطريقة المرهقة » فقالت الزوجة إذن مارأيناه منذ البارحة إنما هو من فعل الأشباح. قال الزوج ربما. إذن دعنا نرحل الآن يا عزام.. لقد تملكني الخوف نعم يا أبي دعنا نرحل.. دعنا نرحل.. إنهم
يروننا ولا نراهم . قال الزوج نعم الأمر مخيف ومع ذلك فهو مشوّق جداً لمعرفة لغز هذه القرية. يا زوجي العزيز قدعرفنا السر في نقش الصخرة فما الداعي من البقاء بعد ذلك. لا ..لا ..ليس ما كُتب هنالك الحقيقة الكاملة ، نريد أن نعرف هل هي قصة حقيقية وإن كان نعم نريد أن نعرف لماذا غزوهم لابدّ أن سبب ذلك أمرٌ عظيم يستحق العناء لكشفه . قال له الجميع بصوتٍ واحد كيف نبقى بجوار هذه الأشباح ..؟ الأشباح خلق مثلنا لا تفوقنا في القدرات إلا قليلا، ونحن البشر أشجع منها، وهي لا تتقوى علينا إلا إذا خفنا منها فكلما زاد خوفنا منها زاد تسلطها
علينا وكلما زال خوفنا منها زال تسلطها علينا بل حينئذ هي التي تخاف وتهرب،ثم تمثل بقول الشاعر حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروةٍ خضعت لديه وحركت أذنابها واذا رأت يـومـا فقيـرا عـابرا نـبحت عليه وكشرت أنيابها وكذلك أيضاً عندنا أعظم سلاح في التحصن منهم وهو ذكر الله سبحانه وتعالى . ومع ذلك لن نبقى هنا بل سنذهب عنها إلى مسافة ميل كما كانوا يفعلون لننام ونبقى هناك وأعود إليها كل صباح لأتزود منها وأستكشف أمرها وبهذا ننجوا ونعرف حقيقتها. فبعد تردد من الزوجة وافقت .. قال الزوج نريد أن نبحث عن أعظم خيوط
هذا السرّ وهو الرجل الوحيد الباقي إن كان مازال على قيد الحياة . فجهزوا أنفسهم للرحيل إلى المنزل الجديد قبل أن يدركهم المغيب وذهب الأب في هذه الأثناء على فرسه يجول حول القرية ليرتاد لهم أفضل مكان للنزول فيه . فوجد أرض مرتفعة مطلة على البرية من جميع انحائها وقريب منها لفيف من الأشجار فقال هذا أنسب مكان نستطيع من خلاله أن نستكشف البريّة ونرى أيّ رجل يمر ولو كان بعيداً وكذلك لفيف الأشجار نستفيد منه الحطب والستر لقضاء الحاجة، فعاد إلى أهله فأخذهم إليها ، فبقو هناك أياماً وفي كل صباح يذهب الزوج إلى القرية ويأتي بالطعام والشراب ويستكشف بعض أمرها
أنت تقرأ
خبايا القرية المهجورة
Horrorلقد كانوا يعيشون كعائلة واحدة يسودها الحب والمودة، يعرفون بعضهم عز المعرفة إلى أن جائت هذه الأحداث المريبة التي قلبت كل هذا الود رأسًا على عقب، عزيزي القارئ دعنى أخذك معي في جولة مثيرة مريبة يعلوا بها الأدرينالين في كل خطوة تخطوها في قراءة هذه الرو...