الفصل الرابع
كاد أن يخرج خلفها و لكنه توقف عندما وجد "دنيا" أمامه و هي تتحدث بإبتسامة خفيفة:
-"أمير" بيه في حد مستنيك في مكتبك.
زفر بحنقٍ ثم هبط الدرج ليتجه ناحية مكتبه هاتفًا بنبرة عالية:
-متسيبيش "نغم" لوحدها.
أومأت له عدة مرات ثم خرجت من المكان لتتجه ناحية حديقة المنزل فشهقت بصدمة ما إن شاهدت تلك المصيبة، لذا تراجعت بخطواتها لتعد مجددًا للمنزل و هي تصرخ ب:
-"أمير" بيه إلحقنا يا "أمير" بيه.
دلفت لغرفة المكتب بلا مقدمات فنظر لها "أمير" بتوعدٍ علي تصرفاتها الحمقاء، بينما هي تصرخ من بين لهاثها العنيف لتتحول تعابير وجهه الغاضبة الي تعابير أخري مذعورة ليهب واقفًا بخوفٍ، بينما ذلك الرجل الذي كان يتناقش معه حول العمل يتابع ما يحدث بعدم فهم و الفضول يسيطر عليه:
-إلحق يا "أمير" بيه، "نغم" الحصان بيجري بيها بهستيرية و محدش عارف يوقفه.
خرج راكضًا من غرفة المكتب، ثم خرج سريعًا من البيت لحديقته ليحاول البحث عنها بعينيه فتفاجأ بالحصان الذي ركض من خلفه بأقصي سرعة، بينما هي فوقه لتصرخ برعبٍ:
-إلحق يا "أمير" الحصان فك.
هز رأسه بحيرة لا يعرف ما الذي يجب عليه فعله، فذلك الحصان خاص بوالده الي توفي منذ عامين و قد كان له عامل مخصص يهتم به، أما هو فلا يملك أي خبرة بالأحصنة، بحث بعينيه سريعًا عن ذلك العامل ليتذكر إن اليوم هو يوم أجازته فجز علي أسنانه بعصبية و هو يركض خلف الحصان بقلة حيلة، و بتلك اللحظة وقعت هي من فوق الحصان بلا وعي، فوقعت علي ذراعها لتصرخ بألمٍ، بينما الحصان يقف بعيدًا بعدما توقف عن الركض!
ركض ناحيتها و هو يصرخ بقلقٍ:
-"نغم" إنتِ كويسة؟
إقترب منها ليجد ذراعها تغمره الدماء، فجحظت عيناه و شعور العجز يسيطر عليه مجددًا ليشعر بالحيرة فيما يجب عليه فعله، فصرخت هي بوجهه بفظاظتها المعهودة بالرغم من حالتها:
-إنتَ هتقف تتفرج عليا يا زفت إنتَ روحي شوفلي دكتور ي...
توقفت علي عن الحديث لتتأوه بألمٍ شديدٍ عندما لمست مكان الجرح بالخطأ، فنظر هو لها بشماتة هاتفًا بإبتسامة مستفزة:
-شوفي عشان لسانك الطويل بيحصلك إية.
جزت علي أسنانها لتنهض من علي الأرض و هي تحاول عدم تحريك ذراعها المصاب، ثم إقتربت من تلك الزاوية التي بجانبها، بينما هو يراقبها بترقبٍ و فجأة جحظت عيناه بتوترٍ عندما وجدها تلتقط تلك العصا الغليظة من علي الأرض لتتجه ناحيته تنوي ضربه بها، فأخذ هو يركض بلا توقف ليحاول تهدأتها بنبرته العالية:
-إهدي طب عشان أجيبلك دكتور يشوف دراعك.
نظر خلفه ليري أين هي فوجدها تكمل ركض خلفه فظل هو يركض بصورة سريعة و كل ذلك و هو لا ينظر أمامه فسقط وقتها بالمسبح بعدما لم ينتبه له، بينما هي تتوقف ليرتسم علي ثغرها تلك الإبتسامة المنتصرة، ثم عادت لداخل البيت و بداخلها سعادة عجيبة مما حدث له!
خرج من المسبح و هو ينظر لملابسه المبتلة بغلٍ، ثم أخذ يتوعد لها و هو ينهض من مكانه و فجأة تنحنح بحرجٍ عندما وجد أمامه صديقه "مالك" الذي حاول إخفاء ضحكاته:
-طب يا "أمير" أسيبك أنا شكلك مشغول.
رمقه بتأففٍ ثم هتف بأسفٍ و هو يمرر كفه علي خصلاته الكثيفة المبتلة:
-معلش يا "مالك" اليومين دول مشغول في كذا حاجة، حتي الشغل مش عارف أركز فيه.
ربت "مالك" علي كتف صديقه قبل أن يبتسم بهدوء قائلًا:
-متقولش كدة يا راجل دة إحنا صحاب.
ثم تابع بفضولٍ:
-بس مقولتليش مين اللي كانت بتجري وراك بالعصاية دي!؟
تنهد بعمقٍ قبل أن يرد عليه و عينيه تلتمع بصورة تلقائية لم يعرف سببها:
-هقولك، بس إستني أروح أغير هدومي و أنزلك أحكيلك و بعدها نكمل كلام في الشغل.
*******************************
وقفت "بسنت" تتابع "دنيا" و هي تهتم بجرح ذراع "هدير" الذي أخبرتها إنه جرح سطحي لا يدعو للقلق أو للفزع، ثم تركتها "دنيا" لتخرج من الغرفة بعدما إستمعت لصوت "أمير" و هو يصيح بإسمها، فظلت "نغم" تتابع "بسنت" بنظراتها المتفحصة، ثم صوبت نظراتها تجاه تلك الصور التي تملئ غرفتها، و ما إستطاعت فهمه هو إن تلك هي صور للعائلة، فتنهدت بعدم إهتمام و لكنها توقفت فجأة عندما رأت صورة لطفل صغير يشبه "أمير" فتسائلت وقتها بعفوية:
-هو دة "أمير"؟
إنتبهت "بسنت" لها فردت هي عليها بإبتسامتها الواسعة بحماسٍ فهي كانت تنتظرها لتتحدث منذ فترة طويلة:
-لا دة بابا الله يرحمه و هو صغير، تحبي أوريكي صور "أمير"؟
أومأت لها "نغم" فإتجهت هي ناحية تلك الحقيبة الكبيرة الموضوعة بجانب غرفة ملابسها، إلتقطتها لتأخذها معها تجاه "نغم" التي كانت جالسة علي الفراش لتتابعها، ثم جلست بجانبها لتفتح الحقيبة و هي تخرج منها عدة صور ل "أمير" لتهتف من بين ضحكاتها:
-بُصي كان شكلوا عامل إزاي و هو صغير.
إبتسمت "نغم" و هي تنظر لتلك الصورة التي جعلتها تنفجر بالضحك، فقد كانت الصورة بحفل ما و تقريبًا حفل موعد ميلاده و وجهه ملطخ بقطع كعكة موعد ميلاده، ثم أخذت صورة أخري من "بسنت" لتتابعها و هي تهتف من وسط ضحكاتها هي الأخري:
-و دي بقي كان بيحاول يطلع الشجرة عشان ياخد تفاحة.
ضيقت عينيها بخبثٍ ثم همست ببراءة مزيفة:
-ممكن أخُد الصورة دي؟
توقفت "بسنت" عن الضحك ثم تسائلت تلقائيًا:
-تاخديها خالص!؟
إتسعت إبتسامتها الماكرة ثم همست بلؤمٍ لم تلاحظه "بسنت":
-لا أكيد هترجعلك تاني.
أومأت لها "بسنت" ثم أخذت تعطيها عدة صور حتي تراها وسط ضحكاتهما و كإنهما صديقات منذ عدة سنوات!
*****************************
-إنتَ إتجننت يا "أمير"!؟
قالها "مالك" بصدمة و هو يرمق صديقه المقرب بعدم تصديق بعدما وضح له خطته التي تسير بلا مشاكل فلم يستطع هو السيطرة علي أعصابه ليوبخه بتلك العبارة، فرد عليه بنبرة هادئة و لكنها مستفزة:
-إية المشكلة يعني!؟
رفع حاجبيه بعصبية قبل أن يصيح بغيظٍ:
-يابني الناس هتقول عليك إية!؟.....طب الناس لما تيجي تسأل عنها و عن هويتها و تعرف هي مين هتعمل إية!؟
رد عليه "أمير" بإرتباكٍ بعدما أطرق رأسه ليهرب من عينيه حتي لا يظهر برماديتيه الحيرة الواضحة:
-كل دة سهل و أنا هعرف أتصرف فيه.
زفر "مالك" بضيقٍ قبل أن يصيح بعبوسٍ و هو يهز رأسه مستفهمًا:
-طب إنتَ تعرف مين البنت اللي معاك دي!؟
رد عليه بسذاجة و هو يهز كتفيه ببساطة:
-"نغم".
لوي شفتيه بسخرية ليوبخه مجددًا بنبرته المزعجة:
-إنتَ مش مكسوف من نفسك و إنتَ رايح تخطب واحدة متعرفش غير إسمها.
فرك كفيه من فرط الضغط الذي تعرض له، ثم صاح بنفاذ صبر و هو يلهث بعنفٍ:
-دي خطوبة تمثيل يعني أي كلام، و كام يوم و هنسي خالص حاجة إسمها "نغم".
ثم تابع بنبرة شبه حادة و هو يعتدل في جلسته:
-سيبك من أي حاجة تانية و خلينا في الشغل.
ظلا يتحدثان بخصوص العمل لعدة ساعات و بعدها نظر "أمير" لساعة يده ليرفع حاجبيه بتعجبٍ هاتفًا ب:
-ياااه الساعة تسعة بليل!
إبتسم بخفة و هو ينهض من علي كرسيه قائلًا بصوتٍ أجش:
-إحنا بقالنا كتير بنتكلم.
ثم تابع بهدوء و هو يخرج من الغرفة:
-يلا أسيبك أنا.
و قبل أن يهبط الدرج تمتم بعدم إطمئنان:
-يارب اللي في دماغي ميطلعش صح.
******************************
خرج من غرفته و هو يصيح بأسم "دنيا" فأتت هي له و هي تتسائل بنبرة ناعسة:
-خير يا "أمير" بيه.
رد عليها بإستفهامٍ و هو يضع كلا كفيه بجيبي بنطاله:
-هي فين؟
ردت عليه بتساؤلٍ:
-تقصد "نغم"؟
أومأ لها فردت هي عليه بنبرة عادية و هي تشير ناحية غرفة شقيقته:
-مع "بسنت" هانم في الأوضة.
تركها ليتجه ناحية غرفة شقيقته و قبل أن يضع كفه علي مقبض الباب ليديره أطرق علي الباب عدة طرقات خفيفة فلم يستمع لأي رد، لذا فتح الباب ببطئ ليجد ما لم يتوقعه!
وجدهما نائمتين و بجانبهما تلك الصور الكثيرة، فإقترب هو منهما و هو يبتسم بعفوية بعدما رأي صوره و هو صغير، ثم سحب الغطاء عليهما ببطئ حتي لا يصدر أي أصوات، و كاد أن يغادر و لكنه تذكر جرح ذراعها الذي كان ينزف بالصباح فإقترب منها ليري ذراعها الأيمن فتأكد من شكوكه حول كونه جرح سطحي، و قبل أن يغادر مجددًا رأي خصلاتها الصفراء القصيرة تحجب عنه رؤية ملامحها بوضوحٍ فتنهد هو بإرتباكٍ قبل أن يزيل خصلاتها بهدوء، و بتلك اللحظة شرد هو بملامحها الطفولية و هي نائمة بلا غضب أو شراسة، إستطاب الوقوف هكذا و هو شارد بوجهها الخالي من التعابير، و فجأة تذكر كلمات صديقه التي جعلته يستفيق، فأطبق جفنيه بندمٍ علي كل شئ و فتحهما مجددًا لينظر لوجهها مجددًا و هو يهمس بقلقٍ ظهر علي تعابير وجهه التي إنكمشت بإستهجان:
-قلبتي حياتي في يومين!
بقلم/رولا هاني.
..............................................................
![](https://img.wattpad.com/cover/283458108-288-k330009.jpg)
أنت تقرأ
متسولة إحتلت قلب الأمير
Storie d'amore-طبعًا و أكيد طريقة أكلك مش هتبقي مناسبة أبدًا ف ياريت تشوفيني باكل إزاي و إعملي زيي. لوت شفتيها بتهكمٍ ثم تمتمت بضيقٍ: -لسة هقعد أتفرج عليك و إنتَ بتاكل! رأته يقبض علي الشوكة بكفه الأيسر و علي السكين بكفه الأيمن، ثم قطع قطعة صغيرة من اللحم ليأكلها...