الفصل الثاني

6 0 0
                                    

نور والمجهول:
الفصل الثاني :
وصلت رنيم إلي غرفة نور  بمستشفى السجن ودخلت الغرفه
رنيم : نور
رفعت نور رأسها ونظرت إلي رنيم لم تعرفها رنيم أحست  رنيم أن نور قد كبرت عشرة أعوام يالله هكذا تفعل المصائب بالإنسان تزيده سنين فوق سنين عمره لقد كانت نور وردة تشع بالحياة فماذا حدث لها لتصبح هكذا من أمامي أنثي فاقدة لكل معاني الحياة أنثي فاقدة الأمل في الحياة هذا ما كانت تقوله رنيم مع نفسها عندما رأت نور
ذهبت إليها وجلست بجانبها ومسحت علي رأسها
رنيم : نور حبيبتي عاملة ايه
نظرت لها نور ولم ترد
رنيم : مالك بس يا حبيبتي فيكي ايه
نور بسخرية : فيا ايه قولي مفيش ايه ثم تحولت نبرتها إلي النحيب والهيستريا  أنا فيا كل حاجة قهرة وذلة وموت جوزي وحكم بالاعدام أنا خلاص مبقاش فارق معايا حاجة أنا عايزة أموت وجاهزة للاعدام خلاص مبقاش في حاجة تفرق عايزة أموت يمكن ارتاح
نظرت إليها رنيم ولا تصدق أن تلك نور الفتاة المفعمة بالحيوية صاحبة أجمل ابتسامة رأتها يوماً
وضعت رنيم يديها علي كتفي نور وأخذت تهدهدها كأنها طفل صغير وتحاول تهدأتها ولكن نورلم تهدأ نظرت لها رنيم
رنيم : أنا آسفة علي اللي هعمله بس أنتي محتاجة كدا  فعلاً
نظرت لها نور باستفهام لم ترد ولكن كان الرد صفعة سقطت علي وجه نور
نظرت لها نور بذهول كأنها لا تصدق ما حدث للتو وكأنها وعت للتو مايحدث حولها نظرت إلي رنيم باستغراب
نور : رنيم
علمت رنيم أن نور الان قد عادت إلي أرض الواقع ويمكن الحديث معاها بهدوء و روية
رنيم : ازيك يا نور يا حبيبتي عاملة ايه
نور : الحمد لله زي ما أنتي شايفة الحال اللي وصلتله
رنيم : اهدي يا حبيبتي إن شاء الله خير
نور باستهزاء : خير
رنيم : أيوه طبعاً خير كل حاجه في الدنيا خير ربنا بيقول " وعسي أن تكرهوا شيئاً وهي خير لكم وعسي أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم " وفي يوم من الأيام صدقيني هتعرفي الحكمة من كل اللي حصلك دا
وربنا بيقول " ولا تقنطوا من رحمة الله "
نظرت لها نور وكأنها وجدت في كلامها التطبيب علي جرحها الذي مازال يقطر دماً
نظرت لها باهتمام فعلمت رنيم أنها قد نجحت في جذب انتباهها وبداية إخراجها من تلك الحالة فبدأت في إكمال ما بدأته
رنيم : حبيبتي أنتي لازم تخرجي من وترجعي توقفي علي رجليكي من تاني ترجعي نور اللي ما بيهزهاش أي محن مش عشاني ولا عشان نفسك لا عشان ولادك اللي أنتي هتكوني ليهم كل حاجة الأم والأب لازم تستعدي للي جاي اللي جاي أصعب من اللي فات كتير
نظرت لها نور و كأنها قد أدركت للتو أولادها فقد نست أنها أم في خضم ما حدث لها يا الله بالفعل هي في حاجة للرجوع لنفسها من أجل أبناءها هؤلاء الأطفال الذين يمثلون لها كل شيء في هذه الحياة فهي من اليوم ستكون لهم الأب والأم
نظرت لرنيم بقوة : أنا هقاوم وهرجع أقوي من الأول عشانهم
رنيم : تمام يبقا متفقين هنبدأ من الأول هتحكيلي كل حاجة حصلت في اليوم دا بالتفصيل الممل
نور وقد رجعت بذاكرتها إلي ذلك اليوم المشؤوم الذي فقدت فيه زوجها قرة عينها ووالد أطفالها
في نفس الوقت الذي كانت تحكي نور لرنيم ما حدث معها
كان هناك في مطار القاهرة الدولي ينزل هو من الطائرة القادمة من ألمانيا مرتدياً نظاراته الشمسية و معه حقائب سفره
خلع نظاراته الشمسية و ظهرت عيونه البنية الواسعة أنه أدهم
فلاش باك :
كانت عائدة من عملها في الجامعة كأستاذة جامعية في كلية الحقوق وكانت قد تركت أولادها عند والدتها فقد قررت الذهاب للتسوق في ذلك اليوم فاليوم هو عيد ميلاد
زوجها فقررت مفاجأته ذهبت للسوق فكانت تريد إحضار بعض الملابس لأبنائها وإحضار هدية لزوجها في عيد ميلاده وقد تأخرت كثيراً في ذلك اليوم للازدحام في ذلك اليوم فقد قارب الليل علي الدخول
ركبت سيارتها وعادت إلي منزلها وصفت السيارة أمام العمارة الفخمة التي تقطن بها هي زوجها وأولادها ونزلت منها وحملت الحقائب التي قامت بشرائها ألقت السلام علي البواب الذي كان ذاهب لصلاة المغرب فقد صدح آذان المغرب في الأرجاء
البواب : هاتي يا هانم اشيل عنك
نور : لا مش مشكلة يا عم عبده عشان تلحق المغرب توكل أنت علي الله و أنا هشيلهم
عبده : يا ست هانم هشيل معاكي طيب
نور وهي تصعد : لا مش مهم روح أنت
تركها وذهب إلي الصلاة أما هي ضغطت علي زر المصعد حتي تصعد إلي الطابق الخامس حيث تسكن خرجت من المصعد حاولت إخراج مفتاحها من الحقيبة لكن لم تستطع إخراجه من كثرة الحقائب التي تحملها فقررت ضغط جرس الباب ولما لم تجد مجيب قررت وضع الحقائب أرضاً وإخراج المفتاح وبالفعل قامت بإخراج المفتاح وحاولت وضعه في الباب ولكنه سقط أرضاً فانحنت لالتقاطه
نور : استر يارب
وضعته في الباب هذه المرة وقامت بفتح الباب ودخلت إلي شقتها الفخمة وأخذت تنادي علي زوجها
نور : ياسين ياسين
ولم تجد مجيب
نور : راح فين دا
أخذت تبحث عنه في أرجاء المنزل دخلت إلي غرفة نومهما ولم تجده بحثت عنه في الحمام كذلك ولم تجده
نور وكأنها قد تذكرت شيئاً : زمانه في أوضة المكتب
ذهبت إلي غرفة المكتب والتي كانت في الناحية الأخرى من الشقة لهذا ظنت أنه لم يسمع صوتها
تحركت في اتجاه الغرفة وجدتها مغلقة وضعت يدها علي مقبض الباب وفتحته ببطء حتي تفاجاءه ولكن كانت المفاجأة من نصيبها حين وجدته مقتولاً غارقاً في دمائه مطعوناً بسكين في بطنه جرت إليه في زعر لا تصدق ما تري نزعت السكين وحاولت أن تضمد الجرح ولكن لم تفلح حاولت أن تتحسس نبضه ولكن لم تجد نبض شهقت بعنف  وكانت دموعها تهبط بلا توقف وبلا إرادة منها وصلت إلى هاتفها في صعوبة شديدة وقامت بالاتصال بأبيها ليسرع في نجدتها ولكن حتي يصل والدها لابد أن تتصرف ففتح باب شقتها و أخذت تصرخ وتصيح كي ينجدها أحد السكان هرع إليها السكان حينما سمعوا بنشيجيها الحاد دخل أحد السكان للداخل ليري ماذا حدث وما إن دخل ورأي المشهد وهي تحمل السكين بيدها حتي تأكد أنها الجانيه  حتي صاح بعنف فدخل كثير من السكان وطالبوا ألا يلمس شخص أي شيء وقاموا بالاتصال بالبوليس والاسعاف أما هي كانت في وادي اخر لا تصدق ما حدث لا تشعر بما حولها شعور الفقد شعور لايمكن وصفه خاصة إذا كان فقد شخص قريب من القلب شخص لايمكن تعويضه شريك الحياة والدرب
و ما إن أتت الإسعاف حتي أعلنت عن الوفاة أما الشرطة فأخذت البصمات عن المكان وقاموا بالقبض عليها فهي المشتبه به الأول كان قد وصل والدها في ذلك الوقت ولكن لم يقدر علي فعل شيء وهي كذلك أخذوها لتلقي مصير مجهول ولا تحضر جنازة ولا عزاء زوجها وتقضي عدتها في السجن بدلاً من بيت الزوجية
باك
انتهت نور من قص ما حدث ودموعها تهطل بغزارة وتشهق بعنف
بدأت رنيم في تهدأتها
رنيم : اهدي يا نور
نور ببكاء حاد : مش قادرة حاسة بنار جو صدري محدش قادر يطفيها ولا حد حاسس بيا حاسة إن روحي بتتسحب مني بالبطيء مش قادرة خلاص
رنيم : اهدي بس و أنا اوعدك هنلاقي المجرم الحقيقي بس تخرجي من هنا الأول
نور بأمل  : هو أنا ممكن اخرج بجد
رنيم : طبعاً إن شاء الله هتخرجي اتفاءلي خير
نور بهدوء : إن شاء الله
رنيم : نور أنتي محامية وعارفة مكنش المفروض تلمسي حاجة ايه خلاكي تمسكي السكينة ليه دي كانت أكبر غلطة عملتيها
نور : معرفتش افكر ساعتها كان عقلي واقف كأني نسيت كل حاجة كنت واقفة في حالة صدمة بس

*************

في كافتيريا كلية الصيدلة كانت تجلس تلك الجميلة أسيل  في حزن شديد علي ما حدث لأختها بل هي أمها كانت تهتم بها وبأصغر تفاصيل حياتها كأنها أم ثانية لها
جلست بجانبها صديقتها لارا
لارا : مالك بس يا أسيل
ترغرغت عينا أسيل بالدموع : مش مصدقة أبداً اللي حصل لنور في لحظة اتدمرت كل حياتها جوزها مات وهي اتسجنت وولادها من غير أب وأم كل دا ليه دي عمرها ما أذت حد
لارا ولا تعرف كيف تواسيها : اهدي بس وكل حاجة هتبقي كويسة اجمدي كدا عشان مامتك
مسحت أسيل دموعها : يلا بينا هنتأخر علي المحاضرة
دخلتا إلي المحاضرة في مدرج الفرقة الخامسة والأخيرة بكلية الصيدلة وجدوا أن الدكتور لم يدخل بعد جلستا في مكانهما حتي دخل الدكتور وعرف عن نفسه وبدأ في شرح المحاضرة في سهولة ويسر بعد مرور حوالي ساعتين خرج الدكتور بعد انتهاء المحاضرة
خرجت كلاً من أسيل ولارا
لارا : بس الدكتور الجديد دا شرحه حلو اوووي
لم ترد أسيل وكانت في ملكوت آخر
لارا : أسيل أسيل
أسيل : ها في ايه
لارا : في ايه مالك يا هانم مش مركزة معايا ليه اللي واخد عقلك
أسيل : واخد ايه وبتاع ايه يا بنتي أنا في ايه ولا في ايه كنتي بتقولي ايه بقا
لارا : ولا حاجة كنت بقولك إن الدكتور الجديد شرحه حلو
أسيل : أيوه فعلاً كويس مش بطال 
لارا بضحك : كويس وجايه علي نفس ليه كدا أيوه طبعاً أولة الدفعة أربع سنين لازم تقول كدا وميعجبهاش حد
أسيل بابتسامة : أنتي بتقري كدا عيني عينك
لارا بضحك : لا أنا بحسد بس
ضحكت الفتاتان وسعدت لارا كثيراً لأنها أخرجت أسيل من حالتها ولو مؤقتاً
وساروا في طريقهم إلى المنزل

*************

أما عند نور و رنيم كانتا تتناقشان حول ماهية القضية وما سيحدث وما هي التطورات التي ستجد عليها حتي دق باب غرفة نور في مستشفى السجن نظرت لرنيم كأنها تتساءل هل أتي معها أحد وكان ينتظرها في الخارج
حركت رنيم كتفيها علامة عدم المعرفة
نور : ادخل
فتح الباب تدريجيًا حتي دخل الطارق
نظرت له نور باستغراب
نور  :أدهم
يتبع ----------------------------
بقلمي : أمنية يونس

نور والمجهول للكاتبة أمنية يونس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن