مُقَدِمه

120K 1.1K 199
                                    

التاريخ : ٢٠١٨/٩/٢٠
المكان : ضاحية العرب في باريس
الزمان : الساعه الرابعه عصراً .

أميّ الحبيبه :
اكتب إليكِ من باريس ، من إحدى المقاهي
أتخذُ مكاني خلف الزُجاج في جوّ المقهى الدافئ
وأنا اُراقب الشوارع الخاليه من المارّه تقريباً وهي مُغطّاة بالثلوج
منظر بديع لم نعتد عليه في نجد العذيّـه .
الجوّ بارد جداً في الخارج ولكنّ الأماكن كُلها مدفأه بالتدفِئة المركزيّة ،
البيُوت والمقاهي والمكاتب ، داخل الأماكن المُغلقه لانشعُر بالبرد
ونتحرّك بالملابس الخفيفه ، لكنّ الوضع يختلف
عندما نخرُج إلى الشارع ، لابُد من إرتداء البالطو الثقيل .
اقيم في ضواحي باريس ، في إرجنتوي " الحيّ المليئ بالعرب "
هو الحيّ الذي يقولون عنه : نهاره نهبٌ وعنف وليلهُ جرائم
ولكن لابأس يا أمي ، فأنا بمجاورة أناسٌ لُطفاء
الكثير من الأصدقاء ، ليسوا أصدقاء سكن أو مجرّد إخوه فحسب
بل أكبر من ذلك بكثير ، إنهم عائلة ‏، قلوبهم مجتمعه
قد تختلف اللهجات وقد تختلف الجنسيّات
بل وقد تختلف الديانات أيضاً
ولكن تبقى المبادئ !فلكلٍ مبادئه
اختلفنا في عدّة اشياء ولكن
اتفقّت قلوبنا على المحبّه والإخاء
فرحنا واحد وحزننا كذلك ، فلا تقلقي .

ختاماً يا أمي : اليوم هو يوم ميلادي !
هل يتوّجب عليّ الفرح ام التساؤل :
هل تحققت أمنياتي الصغيرة ؟
التي طالما سعيت وعصيت عائلتي من أجلِها ؟ ‏
هل بصفتي كإنسان يتوّجب عليّ تحمل كُل هذا ؟
واقع مرير ، قلبٌ لاذ بالفرار من بلاده وتقاليده
عقلُ توّجب عليه العيش على إنه بالأربعين من عُمره
جسدٌ لا يعرف التحلّي إلا بالصبر، ثم ماذا ؟
. .

الشجاع و الهنوفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن