الفصل الحادي عشر – حرب مع الراء
فتح جوزيف عينيه مفزوعاً ،، "مصطفى" ينضم الى قافلة زائريه الليليين .. ينضم الى مخاوفه وكوابيسه التي لا تنتهي .. رفع رأسه قليلاً .. ليرى ان كانت أنجل تنام بعمق .. رأسها المحشور بين الوسادة والغطاء أنبأه بأنها تنام بعمق .. كيف تستطيع ان تنام بعدما حدث اليوم الليلة؟ كيف تستطيع ان تغفو بعد ان هزته حتى الاعماق .. وعاد الشريط يدور في رأسه .. يعذبه للمرة الألف .. دخل لينام بعد انسحاب انجل من العشاء معلنة رغبتها في الايواء الى السرير .. اعطاها ساعة كاملة لتغفو دون توتر لوجوده معها .. وهكذا فقد دخل بعد ساعة بخطواته الصامتة الى الغرفة ليجد ما لم يتوقعه .. موسيقى ناعمة تنساب من جهاز تسجيل قديم وصدأ .. وانجل تجلس على حافة السرير تدفن وجهها بين يديها في بكاء مؤلم .. تقدم بسرعة وهو يسأل بقلق "أنجل مابكِ؟" عندها رفعت نظرها اليه لتصفعه عيناها البنية بأكثر التعابير حزناً وجمال .. كيف يمكن ان تبدو أمرأة بهذا الجمال بينما هي تنهار باكية؟ صوتها الضعيف ارتعش وهي تجيبه "هـ .. هذه الاغنية كانت تحبها مـ .. ماريا" ركع امامها "ماريا؟" اهتز كتفاها في نوبة بكاء جديدة "أختي" .. عندها لم يسأل لماذا تبكي فقد علم من دموعها انها فقدتها .. فقدان قاسٍ ومؤلم .. لكن كيف؟ لم يشأ ان يسأل .. أراد ان يوقف دموعها .. ارادها ان لا تبكي فقلبه يتألم لرؤيتها حزينة .. همس لها بكلمات لطيفة وفاجأته حين هبت واقفة .. نهض هو الاخر .. ليراها تميل برأسها وتهمس بضياع "عانقني" الصفعة هذه المرة كادت ان توقف قلبه .. تطالبه بعناق؟ هل هي بكامل وعيها؟ أجزم انها ليست كذلك .. النظرة الضائعة التي على وجهها اثبتت انها ليست على حالها الطبيعي .. فأنجل لا تستسلم .. حاول ان يكون شهماً وأن يراعي حالتها وان لا يلبي مطلبها .. فهي في النهاية ليست على طبيعتها وسينتهي بها الامر بأن تكره نفسها وتكرهه على حد سواء لكنه لم يستطع .. كله كان يطلبها .. كله كان يريدها .. كله كان بحاجة اليها لتخفف عنه كما هي بحاجة اليه ليخفف عنها .. لذا عندما تقدم نحوها يحيط وجهها بكفيه .. يتحسس عظام فكها الرقيقة وبشرتها الاكثر رقة فأنه كان تقريباً خارج وعيه .. قبلة صغيرة .. بريئة غطت مساحة شفتيها .. ارتجفت بين يديه وسالت دموعها اكثر .. همس لها "ششش كل شئ على ما يرام" اجابته .. لكن بالعراقية .. تمسكت بصدره وهمست شيئا بلهجتها لم يفهمه .. لكنه التقط كلمة انفجار .. ارتد فوراً كأن هناك من اصابه بركلة في معدته .. إنفجار؟ الشخص الوحيد الذي يمكن ان يفكر بأن له علاقة بإنفجار هو مصطفى .. هل تتخيله مصطفى؟ .. هل كانت تقبله وهي ترسم صورة مصطفى في خيالها ؟ .. تباً .. نظرت اليه مرعوبة فور انسحابه المفاجئ ثم اتسعت عيناها وهي تراه يشتم ويضرب بقبضته الحائط ضربتين متتاليتين .. لينظر اليها كأنه يريد قتلها .. تراجعت الى الخلف مذعورة بينما تقدم منها خطوة ليتراجع بعدها خارجاً من الغرفة وهو يصفق الباب كأنه سيخلعه .. زفر جوزيف بضيق .. لقد اهانت رجولته وفكر لدقيقة شيطانية ان يضع بصمته فوق جسدها .. لكنه لم يستطع ان يكون وحشاً الى هذه الدرجة .. فأنسحب من الغرفة .. وعندما عاد كانت تغفو بسلام كأنها لم تهز كيانه قبل ساعتين مضت .. وضع رأسه على الوسادة بشئ من العنف وهمس لنفسه "نمّ .. نمّ .. خروف خروفان ثلاثة خرفان ... " وأستمر بعدّ الخرفان حتى نامت الخرفان وهو لم ينم !
*
كيف تنفصل الروح عن الجسد .. ويبقى الآدمي على قيد الحياة؟ كيف يمكن للقلب ان يخرج عن أضلعه؟ ان يُترك ككائن مستقل في مكان ما بينما الجسد يغادر الى آخر ؟ ... فكرت ملاك بحزن وهي تنظر الى ارض العراق تبتعد شيئاً فشيئاً عن ناظريها كلما ارتفعت الطائرة .. ها هي تترك قلبها .. وروحها في هذا الوطن المُغبِر .. أودعت ترابه نبضها .. عندما سجدت لاخر مرة تودعه .. وغسلت واغتسلت بدمعها المتساقط على التراب .. امسكت حفنة تراب وهي تقبل الذرات المُصفرّة .. تمنت بشدة ان تموت .. ساجدة تموت على ارضٍ تملك روحها .. ارض حلمت بها حرة كضوء الشمس .. كجواد بري .. كطير .. ارض حلمت بها طيبة ومعطاء كالأم .. ودافئة وآمنة كجدران البيت .. تمنت ان تموت وتدفن تحت طيات التراب الذي حوى اختها ووالديها .. وشهداء وطنها .. اولئك اللذي دافعوا عن المحتلين التي تزوجت بأحدهم .. اتراهم يلعنونها؟ .. أتراهم يكرهونها؟ أتراهم يحقدون عليها كما يفعل مصطفى .. مصطفى ! آآآآهٍ يا مصطفى .. مصطفى لم يكن حباً فقط .. بل كان حلم وطنِ الغد المشرق .. حلم الحرية .. حلم تجاوز حدود الديانات والتطرف .. حلم انسانيتها وانسانيته وانسانية هذا الوطن الذي جرّه اعداءه الى هاوية التوحش .. مصطفى بروحه الحرة المقاومة .. ببسالته .. بحبه للعراق .. مثّل لها العراق .. كما ارادته دوماً أن يكون .. وعندما لفظها ورفضها .. شعرت ان الوطن بكامله قد رفضها .. وهذا ما اوجعها .. وما يوجعها .. عندما توسلت به لم تكن تتوسل غفران وتفهم مصطفى الفرد .. بل كانت تتوسل غفران وتفهم مصطفى الوطن .. مصطفى العراق .. مصطفى المقاومة .. مصطفى الحرية .. تنهدت وهي تخفي دمعة سقطت دون ارادتها .. ستترك ماريا .. ماريا التي حتى لم يتسنَ لها أخذ صورتها من غرفتها في بيت الخالة عالية .. ماريا التي وقفت امام قبرها الذي لم يكن في الحقيقة سوى قبراً ضمّ بعض اشلائها .. بعد ان فشل منتشلي ضحايا الانفجار من ايجاد بقاياها الكاملة .. وقفت تودّعها وتودِعُها روحها .. ماريا .. ووالديها .. ودعتهم كأنها لم تودعهم منذ سنوات .. كأنهم يموتون البارحة فقط .. أو ربما لأنها ماتت البارحة .. عندما همست لهم "وداعاً" بصوت كسير لتلتحق بقدرها المتمثل في يوسف .. يوسف ! .. فكرت به .. عقلها لا يزال يرجع بين حين وآخر لتلك الليلة التي سمعت فيها موسيقى ماريا المفضلة .. والتي انهارت فيها باكية لتجده راكعاً يسألها بقلق عن ما يبكيها .. عندها ارادت فقط ان تجد سلاماً ما .. مرفأ لكل الآمها .. مكان ترتاح فيه .. ويا للعجب .. فقد كانت شفتي يوسف هي الشئ الوحيد الذي أشعرها بالامان في لحظة سابقة .. وهي كانت بحاجة لذلك الأمان جدا .. ان تنفصل عن عالمها .. عن حزنها وان تتبلد احاسيسها اليائسة بفعل ضغط شفتيه الرقيقتين .. لذا بكل ما اوتيت من ضعف طالبته بعناق .. صحيح انه ارتد فجأة عنها شاتماً كأنه نادم وخمنت ان الامر بسبب لويسا .. وصحيح انها لم تنسَ كليا على صدره الانفجار الذي أودى بحياة ماريا .. وصحيح انها كرهت نفسها لأنها طالبته بعناق لكنه صحيح ايضاً ما شعرت به من سكون .. كأن هناك من وضع قطعة ثلج على حروق تستعر في روحها .. يوسف الذي تذهب معه الى اخر الدنيا .. ولا تعلم ما يخبأ لها القدر من مفارقات .. استرقت نظرة الى وجهه وشعرت برغبة قوية في البكاء .. ما يحدث كثير عليها .. كثير جدا .. نهضت واقفة .. يجب ان تذهب الى الحمام وتغسل وجهها وتحاول ان تستعيد هدوئها والا انفجرت باكية وقدمت للركاب عرضاً درامياً جميلاً .. سألها يوسف "الى أين" نظرت اليه دون تعبير "الى الحمام .. لن اهرب!" راقبت حنجرته تتحرك في محاولة لضبط اعصابه من تهجمها المستمر عليه منذ أن استقلا السيارة قادمين الى المطار حتى الان .. افسح لها الطريق وشكرت الله في قلبها انه لم يعلق بشئ .. حملت حقيبة يدها واتجهت الى الحمام .. في تلك الغرفة الضيقة جدا .. غسلت وجهها واستقرت يدها على حافة المغسلة تقاوم ارتعاشة بكاء .. فتحت حقيبتها لتخرج مشطاً تمشط به فوضوية شعرها .. لكنها ما ان فتحت حقيبتها حتى اسقطتها وتراجعت الى الخلف تلتصق بجدار الحمام الضيق .. شالٌ أسود خرج من فتحت حقيبتها كجثة ميت .. هذا الشال تعرفه جيداً .. ركعت بعد ان خذلتها رجليها .. كيف وصل الشال هنا؟ الم يسقط اثناء هروبها بعد ان قتلت مايسون؟ كيف جاء الى حقيبتها .. مدت يدا مرتجفة الى الشال ولمست نعومته كمن يلمس جلد افعى .. ارتدت يدها فوراً وهي تشهق .. هل رآها احد تقتله؟ هل هي رسالة تهديد من المعسكر بأنهم يعرفون سرها؟ ماذا ستفعل؟ ماذا؟ .. حملت حقيبتها بعد ان خبئت الشال كمن يخبئ أثر جريمته وقامت تترنح من مكانها وهربت الى الخارج .. تنفست بعمق في محاولة لتهدئة روعها ومشت بأتجاه يوسف الذي وقف ما ان رآها ليفسح لها المجال لتدخل الى مقعدها قرب النافذة .. سألها يوسف بعد ان رأى مدى اضطرابها "هل انتِ بخير؟" .. نظرت اليه بعينين متسعة .. هل تخبره؟ هل تقول له؟ لكن ماذا سيفعل؟ ثم من هو لتخبره ... صوت عقلها اخبرها انه حاميها .. وانه عليه ان يعلم لكن صوت حنقها العاطفي اخبرها انه ليس المتحكم في حياتها وعليها ان لا تعامله كانه زوجها فعلا فتخبره بكل شئ كالزوجة الطيبة .. بعد صراع صغير انتصر حنقها .. فأجابته وهي ترجع رأسها لتسنده الى المقعد وتغمض عينيها قائلة بجفاف "لا شئ" شعرت بعيونه الزرقاء الثاقبة تحدق بها لدقيقة .. فكرت للمرة الاخيرة ان تخبره .. فتحت عينها لتجده قد ادار وجهه الناحية الاخرى وقد اغمض عينيه حاذياً حذوها .. حسناً .. لن تخبره .. قررت .. لكنها لم تستطع ان تتصنع البرود فظلت تتلفت حولها تنظر في وجوه الركاب لا تعلم عن ماذا تبحث .. لكنها فقط تبحث .. وبخوف !
*
شعر جوزيف بتوتره يزداد .. وصدره يضيق .. سيعود الى أمريكا .. الى وضعه السابق .. الى جوبيتر ميلر وأبنيه الحاقدين .. لكن ابتسامة شقت طريقها الى وجهه عندما فكر بتينا .. جميلته الصغيرة .. سيعود اليها متشوقاً .. عندما سمع صوتها على الهاتف كاد ان يبكي لشوقه لها .. بينما انفجرت هي باكية فعلا .. لتعود وبأسلوبها الفضولي المحبب وتسأله "هل هي جميلة؟" .. ولأنها تينا التي تسأل فقد أجاب بصدق "كالملاك" .. عدل من وضعيته .. أنجل بجانبه كانت متوترة .. منذ ان عادت من الحمام وهي تتصرف وكأنها تجلس على حفنة مسامير .. حتى عندما هبطوا في الآردن لأنتظار طائرتهم الذاهبة الى امريكا فأنها لم تنفك تتلفت يمنة ويسرة كأنها تبحث عن شئ ما وكلما سألها ما بها اجابته وكانها أرنب وقع في المصيدة "لا شئ" مما جعله يزداد توتراً .. ترى كيف سيستقبلها والده الخشن واخويه الساخرين .. والاهم كيف ستسقبلهم هي ؟ نظر اليها بطرف عينه .. صغيرة جداً على كل هذا .. صغيرة .. كأنها تينا .. وهو يشعر بالسوء من نفسه عندما تتحرك غريزته نحوها .. لكنه لا يستطيع ضبط نفسه .. كل نظرة منها حتى لو كانت غاضبة او حاقدة .. كل نَفسِ يخرج من صدرها .. كل حركة تقوم بها .. تجعل رجولته تتحرك رغماً عنه .. ومما زاد الطين بلّة انها غير مدركة لمشاعره ولا لقوة جاذبيتها كأنثى .. تلك القوة التي جعلت معظم الذكور حولها يلتفتون للنظر اليها .. مما جعله يشعر بالحنق .. صحيح ان ملابسها كانت بسيطة .. بلوزة سميكة بلون رمادي مع وشاح صوفي ابيض ورمادي .. شعرها الذي ربطته بعدم ترتيب بعد ان هبطوا في المطار لم يكن في احسن حالاته ومع هذا فقد بدت جذابة بما فيه الكفاية لينظر اليها كل الرجال .. وتذكر كيف انه لم يتمالك نفسه عندما واصل شاب في مثل عمرها "البحلقة" فيها .. وكيف انه اتجه اليه وامسك بياقة قميصه وهمس بحنق بلبنانيته الضعيفة "ما تبحلئ فيها" مما ارعب الشاب وجعله يولي هارباً .. ولا ينسى ابداً الإبتسامة الشقية التي لم تستطع انجل اخفائها .. نظر اليها ثانية ... أنجل الصغيرة الى اين تقودينني؟
*
المكان كان هادئاً جداً وروحانياً جداً .. هنا فقط يستطيع ان يشعر بالسلام .. توسلته سوسن ان لا يخرج فهو ما زال مطلوباً .. لكنه لم يعد يهتم .. كأنه فقد الرغبة في الحياة .. هنا بين جدران المسجد الي يضم صلوات ودعوات الضعفاء أمثاله .. شعر مصطفى بالراحة لأول مرة بعد حادث اصابته .. روحه المعذبة .. قلبه الكسير .. وجدا بلسمهما في حضرة الله تعالى .. سجد بخشوع .. ودعى الله في سجوده حتى بكت عيناه .. "يارب اغفر لي" رددها مراراً وتكراراً وهو يشعر بأنه يحمل وزر ملاك فوق كتفيه .. كبريائه قتلته .. كما قتلها بالضبط .. "اللهم السماح .. اللهم انك عفو تحب العفو فأعفو عني" تضرع مصطفى لربه .. وبعد قليل جلس مستنداً الى أحد اعمدة الجامع يفكر فيما سيفعله .. كيف سيكفر عن خطيئته؟ ان غفر له الله .. هل ستغفر له ملاك يوماً ؟ ابداً لن تفعل .. بعد كل ما فعله بها .. هي لن تفعل .. لكنه سيحاول ان يعوضها .. وهو يعلم ما يجب فعله .. لقد حلمت دوماً بعراق أفضل .. بعراقٍ أكثر حباً .. بعراقٍ حر .. وهو سيحاول ان يكون جزءاً من عراقها .. سيحاول ان يغير وان يتغير .. سيقاوم .. سيكمل واجبه نحو وطنه .. ليكمل واجبه نحو احلامهما معاً .. أن لم يستطع ان يكسب عفوها .. فليكسب عفو الوطن .. الوطن الذي اوصله واوصلها الى هذه النقطة .. الوطن الذي خططا لغده كما يخطط والدين لحياة طفلهما القادم .. عليه ان يقاوم .. ان ينهي واجبه كاملاً تجاه وطنيه معاً .. العراق وملاك .. مسح وجهه بيده السليمة.. شكر الله في قلبه وسأله الثبات .. ثم نهض يمشي الهوينا .. يخرج من المسجد .. انساناً آخر .. أكثر اصراراً على الحرية من ذي قبل .. أكثر اصراراً وتوقْ ..
مشى جوزيف بقلب يدق متسارعاً جمباً الى جمب مع ملاك التي كان يشعر بها ترتجف بجانبه .. حتى انها اقترب غريزياً منه .. بعد قليل سيرى وجه والده يطل من بين تلك الوجوه الكثيرة .. وجهه كما اعتاد ان يراه بصرامته المعهودة وابتسامته التي تبدو تجهماً اكثر منها ابتسام .. سمع صوتها الخائف يهمس "يوسف" نظر اليها متوتراً فرأى امامه طفلة صغيرة خائفة ودون اي كلام لف ذراعه حول كتفها وقال "سأحميكِ يا أنجل لا تخافي .. كل شئ على ما يرام" شعر بها تندس به اكثر .. الطفلة المسكينة ترتعش.. رقّ قلبه لأجلها .. هذا عالم جديد عليها .. لكنه لن يتركها لوحدها .. سيفي بوعده ويحميها .. سيحمي زوجته الصغيرة حتى من نفسه .. هذا ما وعد نفسه به .. وقد زال بعض توتره .. واخذ نفساً عميقاً ليقابل عائلته ثابتاً غير مضطرب .. كما هي عادة جوزيف ميلر المحنك.. من بعيد .. التقط شكل تينا الجميل .. تقف مرتدية بلوزة بيضاء جعلتها ملائكية تماماً .. ابتسم وصاح "تينا" اجفلت انجل بجانبه فشد على كتفها "لاتخافي هذه اختي" .. ركضت تينا نحوه تفتح ذراعيها وهي تصيح "جو" ورمت بنفسه بين ذراعي بشدة تطوق عنقه .. شعر بأنجل تبتعد قليلاً .. احتضن اخته بقوة ودار بها فرحاً .. وهو يضحك "ايتها الشقية اشتقتكِ" بينما هي واصلت معانقته كانها تود عصره .. بعد ان هدأ لقائهما العاصف التفتت تينا الى أنجل ونظرت اليها للحظة بتعبير صامت ثم انفرجت شفتاها عن ابتسامة كبيرة وصاحت "جو انها فعلا كالملاك" راقب انجل تنظر اليه بارتباك وقد احمر وجهها خجلا .. مما جعلها تبدو اجمل .. لكن تينا لم تعطها الفرصة فقد رمت نفسها عليها هي الاخرى تعانقها .. شاهد كيف ان انجل ارتدت بادئ الامر في مفاجأة .. ثم ما لبثت ان استرخت وابتسمت وهي تقول "مرحبا تينا" بصوت خجول .. شد انتباهه حركة ما .. ابعد نظره عن الفتاتين متوقعاً رؤية والده .. لكنه تفاجأ بماتيو يقف بطوله الفارع وبدلته الفاخرة وابتسامته العابثة الحاقدة .. نظر ماتيو اليه وهو يقول "أهلا بالاخ المقاتل .. وزوجته" ! .. "أهلاً بالاخ المقاتل .. وزوجته" عندما سمعت ملاك هذه العبارة استدارت لتواجهها عينان زرقاوان .. لرجل فارع الطويل وسيم المظهر .. عينان لم ترتح لهما .. عينان ذئبيتان .. ذكرتها بعينا الرجل الذي قتلته .. انقبض قلبها .. هناك شئ سئ سيحصل !قراءة ممتعة..
يتبع...
أنت تقرأ
حرب مع الراء!..(الجزء الأول من سلسلة حـــ"ر"ــــب)مكتملة
Romanceرواية بقلم المبدعة بلقيس علي(الجزء الأول من سلسلة حـــ"ر"ــــب) بين حاء وباء الحب ينغرس الرّاء بقسوة ليحيل رقة وشفافية الحب الى عنف ووحشية الحرب بين الحب والحرب .. تدور احداث الرواية حقوق الملكية محفوظة للكاتبة بلقيس علي..