7

480 18 0
                                    


كانت تغط في النوم على ساق جدتها التي تتابع أخبار المساء قبل اتجاهها إلى فراشها لكن أفزعها صوت جرس الهاتف الذي دق فجأة كأنه يعلن بسوء الخبر القادم من الجهة الأخرى واستعجاله كذلك.انتفضت حنان من نومها ثم اتجهت إليه تدعو الله أن يكون خيراً لكن دعوتها جاءت متأخرة .. أدركت ذلك عندما سمعت لهاث خليل على الطرف الأخر وقد فتك القلق والذعر ما تبقى من بقايا صوته.سمعتها الجدة تتمتم بجملة وحيدة تضع بعدها السماعة: أطلب الدكتور وأنا مسافة السكة وجايهاستفسرت منها عن المتصل وإلى أين وعدت بالذهاب في تلك الساعة من الليل .. ترددت في إخبارها ولكن ليس هناك من مفر: خليل بنته تعبانه ومامتها مسافرة وهو مش عارف يعمل إيهبغضب جامح: وإنتي مالك وماله ؟؟ .. حتى بعد ما سابك بردو مش سايبك في حالك !- البنت مش ذنبها حاجه يا تيته، وبعدين هو لو عنده حد تاني يلجئ له ماكانش كلمنيعقدت ذراعيها وأدارت وجهها بعيداً: أنا مش عارفة هتفضلي عبيطة كدا لحد إمتى .. كل ما يشاورلك ولو حتى من بعيد تجري عليه وتقوليله شبيك لبيكأمسكت حنان بكف جدتها متنهدة: ومن إمتى يا ستو يا حبيبتي إحنا لما يطلب مننا حد حاجه نرفض؟ .. إنتي ربتيني على كدا ؟نزعت الجدة يدها: مهما تقولي أنا مش راضية عن مرواحك ومساعدتك ليه، وبعدين أم إيه دي اللي تسيب بنتها مع راجل وتأمنله حتى على كرسي الصالون .. جالها قلب تسافر كدا إزاي؟تنهدت حنان: الله أعلم بظروفها ... هـــا .. أروح بقى يا تيته؟أشفقت على حفيدتها الحنون ومع ذلك قالت: روحي يا حنان .. عشان عارفه إنك مش هتحلي عني غير لما أقولك كدا بس عايزه أعرفك حاجه ... أنا مش مرتاحه لمرواحك دا بس مش هأمنعك ف نفس الوقت .. عقلك في راسك تعرفي خلاصكاتجهت الجدة إلى غرفتها بعد أن قفزت حنان مسرعة ترتدي ملابسها لتتجه إلى خليل تعينه على ما يمر به، كزت الجدة على شفتيها: أه لو أعرف العمل اللي عاملهولك راميه فين بس .. كنت حرقته هو وصاحبه بجركن جاز !***تأوهت وهي ترفع رأسها الساقطة على أحد كتفيها ثم تُعدل جلستها وتدلك رقبتها .. نظرت حولها وجدت خليل يتمدد على أريكة في أحد الأركان ويغط في نوم عميق، عادت بنظرها إلى الوجه الصغير الغاطس في نسيج الوسادة وعلى جبينه قطعة قماش مبلله .. أمسكت الصحن الموجود على الطاولة المجاورة للفراش وبدأت تعصر قطعة قماش أخرى وتستبدلها بالموضوعة على جبين هدى.اتجهت إلى المطبخ تُعد الإفطار .. وضعته على صينية وعادت به إلى الغرفة .. أيقظت هدى بهدوء التي نهضت بصعوبة لا تكاد تفتح عينيها لتفتح فمها حتى .. بدأت تناولها لقيمات صغيرة من الطعام فقط لتعطيها القوة على المقاومة لأن الدواء لا يؤخذ على معدة خاوية.تقلب خليل بقلق وأفاق على صوت حنان تشجع هدى بهدوء على متابعة تناول طعامها، ابتسم بحب لقد اشتاق إلى وجهها الذي كان أول ما يراه كل صباح فيتأكد بأن هذا أجمل أيام حياته وأن اليوم يخبئ له من الخير الكثير.انتزع نفسه من أفكاره فلا يصح أن يفكر بها هكذا فهي لم تعد تخصه في شئ .. كم ألمته تلك الخاطرة .. نفض جسده من موضع نومه واقترب منهما متسائلاً عن حالها الآن، أجابته دون النظر إليه وهي تتابع إطعام هدى.- الحمدلله أحسن .. درجة الحرارة نزلت بس خوفت لتعلى تاني فحطالها الكمادات، وأهو بأفطرها عشان أعرف أديها الدوا- الحمدلله .. مش عارف أشكرك إزاي يا حنان- لا شكر على واجب- إنتي أخر واحدة المفروض كنت أطلب منها الطلب دا خصوصاً ..قطع جملته بقلة حيلة لا يعرف كيف يختمها، نهضت ونظرت له بقوة: مافيش حاجه، أي حد كان هيطلب مني مساعدة مش هتأخر عنهسألها بغيظ: حتى جارك دا اللي اسمه بدررفعت أحد حاجبيه مستغربة: طبعاً .. دا جاري ومن حقه عليا أساعده وقت ما يحتاجنيأضافت قبل أن تسمع أي رد منه: لازم أمشي، أصلاً وجودي هنا لحد الساعة دي غلطتنهد معتذراً: أنا أسف تعبتك معايا .. بس منال راحت تزور والدتها في المنوفية عشان تعبت فجأة وما رضيتش تاخد هدى معاها لأحسن تتعديأومأت بتفهم: ربنا يرجعهالكوا بالسلامة .. عن إذنكرافقها إلى الباب الذي فُتح بمجرد اقترابهما منه، دلفت منال إلى المنزل لتقابلها هذه المفاجأة، شهقت صارخة: هي دي بتعمل إيه في بيتي يا خليل !جحظت عيونه تنهرها على كلماتها وقال من تحت ضروسه: هأفهمك بعدين يا منالوضعت منال يديها بخصرها: لا أنا عايزه أفهم دلوقتي .. أغيب يومين عند ماما أرجع ألاقي الهانم دي مشرفة ف بيتي ؟؟اعتذرت حنان وأمسكت بالباب تفتحه: عن إذنكوانشبت منال مخالبها في ذراع حنان بعنف: مافيش خروج من هنا غير لما أعرف بتهببي إيه ف بيتي!أزاح يدها من فوق ذراع حنان صارخاً بصوت يغلب صوتها حدة: قولتلك هأفهمك .. ولمي الدور يا منال بدل ما ترجعي عند أمك بس المرة دي على طولألجمتها كلماته وشيعت حنان بنظرات حاقدة تحمل من الكره ما لا يستطيع تحمله إنسان، ركضت مسرعة تمنع دموعها من التساقط حتى تنفرد بنفسها .. تردد في ثنيات ذاتها .. ليتني استمعت إلى اعتراض جدتي لكن إحساس الأمومة وخوفي على الطفلة كأنها طفلتي المفقودة أفقدني أي تفكير منطقي سوي.***أغلق أنس كتابه بعد أن أتم فروضه ثم نهض متجهاً إلى حاسوبه الآلي يضغط زر بدء التشغيل .. سحب مقعده واستقر به منتظراً عمل الجهاز.فور إعلان استعداد الجهاز للعمل حتى انطلق يفتح حسابه على موقع التواصل الإجتماعي "الفيس بوك" .. تحمس بشدة عندما رأى أمامها إشارة خضراء تدل على تواجدها، بدأ الحديث معها..- السلام عليكم 😊- وعليكم السلام 🙂.- إزيك ؟- الحمدلله أنت عامل إيه يا أنس؟- أهو زي ما أنا- لسه مافيش أخبار عن أختك ؟- لا لسه 🙁.;)- معلش هترجع قريب إن شاء الله- يا رب ^^:P- المهم أنت ركز ف دراستك وبطل تلاكيك- ههههههههههه حاضر .. بس إنتي عاملة إيه مع مامتك ؟- الحمدلله بأكلمها على طول وبأزورها يوم الجمعة .. وف أجازة أخر السنة هأروح أقعد معاها ^^- طب الحمدلله .. ربنا يديم المحبة بينكوا- أنت السبب ف دا لولاك ماكنتش كلمتها تاني وفضلت بعيد عنها مش عارفه أشكرك إزاي- ما تقوليش كدا يا هبه دا كان هيحصل بيا أو من غيري- 😊توقف الحديث وظل أنس يفكر في موضوع للحوار لكنه لم يجد فقرر إلتزام الصمت، شرع يتصفح الصفحة الرئيسية يقرأ منشورات الصفحات التي يتشرك بها ومنشورات أصدقائه.استوقفه هذا المنشور ليقرأه بتمعن .. وكان ما كُتب به حرفياً " السؤال: هل صحيح أن النبي -صلَّ الله عليه وسلم- أرشد إلى تغطية الإناء الذي فيه طعامأ وشراب؟الإجابة: نعم، الأصل في المسلم إن بات فلا يجوز له أن يترك الآنية التي فيها الشراب، أوالصحاف التي فيها الطعام إلا وهي مغطاة، ولو وضع في الثلاجة فأرجو أن تكون بمثابة الغطاء.وتغطية الإناء ليلاً واجب، وهذا خيرللمسلم في دينه ودنياه والأحاديث الصحيحة صريحة في ذلك.فقد أخرج مسلم في صحيحه أن النبي -صلَّ الله عليه وسلم- قال: "غطوا الإناء وأوكوا السقاء وأغلقوا الباب، وأطفئواالسراج؛ فإن الشيطان لا يحل سقاء ولا يفتح باباً ولايكشف إناء...".وفي حديث آخر في مسلم أيضاً يقول -صلَّ الله عليه وسلم-: "غطوا الإناء، وأوكوا السقاء؛ فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء، لا يمر بإناء ليس عليه غطاء، أو سقاء ليس عليه وكاء، إلا نزل فيه من ذلك الوباء"، ولعل في هذا سراً عجز عنه الأطباء، ولعلهم يعرفونه في يوم من الأيام. ولعل هذا سبب لحصول الداء في أو لأمره، الذي لم يكن قد عرف من قبل.وقد أكد النبي -صلَّ الله عليه وسلم-،على هذا الأمر تأكيداً شديداً، فقال: "فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عوداً، ويذكراسم الله فليفعل"، وهذا خير للمسلم في الحال والمال، والمعاش والمعاد.#والله_أعلم. "ما أن أنهى قراءة المنشور حتى ركض إلى شقيقته وزوجة أخيه يطلعهما على ما عرفه، تعجبتا بشدة وعلقت زهرة بتفكير: عشان كدا كل سنة بيطلع وباء جديد وينتشرشاركتها عائشة رأيها: تقريباً .. مش بعيد واللهأنس: أبقوا غطوا الأكل كويسزهرة: إحنا عموماً مش بنسيبه غير لما نغطيه بس هناخد بالنا أكتر بعد كداأومأ أنس وعاد يتصفح المنشورات مرة أخرى متنقلاً بين منشورات عن فنانين لا معنى لها وأخرى عن طريقة تقشير الثوم .. ومنشور عنوانه "المغنية ... شاهد صورها عندما كانت تنام تحت شجرة الجميز" .. ومرة عراك بين ناشط سياسي وعضو بأحد الأحزاب وكيف يسب كل منهما الأخر .. ثم وصل إلى النكات وأصاحبي وغيرهم من الشخصيات الفيسبوكية الأصيلة لتخفف عنه عناء ما رأه قبلاً من منشورات تسبب له الملل من كثرة تكرارها.***صعدت إلى القطار وجلست برفقة حمزه إلى جوار النافذة تشيع عائلته التي أوصلتهم إلى المحطة، اعتدلت في جلستها بعد أن ابتعدوا عن أنظارها، شردت بعيداً تتخيل موقف أهلها إذا رأوها بعد هذا الغياب، لقد مر حوالي العام وهي لا تدري عنهم شيئاً والعكس أصح.لاحظ شرودها لكنه لم يعلق .. توقع سببه وما يسبب لها التوتر .. هو كذلك متوتر لا يعلم رد فعل أناس لم يقابلهم ولم يسمع عنهم شيئاً، لكن إن كانت هي مثالاً عليهم فهو يتوقع العناد ويباسة الرأس وأنهم سيحتاجون إلى مجهود ليس كبيراً بل خرافياً.فكر أن يتجاذب معها أطراف الحديث لكنه تراجع عندما وجدها تسبح في عالم بعيد كل البعد عنه وعن الواقع .. أثر إلتزام الصمت فهو كذلك لا يدري كيف يبخر خوفها وهو لا يعلم ما ينتظره.***حملت حقيبتها وقبضت على يدها الراقدة فوق كتفها بقوة ثم بدأت تسير بتمهل إلى خارج أسوار المدرسة غير مدركه لأصوات الأطفال المتصاعدة وعراك بعض الأطفال نتيجة كلمة قالها أخر .. بعض الأطفال يصعد إلى الأتوبيس سعيدين بعودتهم إلى منازلهم .. غارقة هي في أفكارها.لم تنسَ حنان أمر مي مي والقلادة التي رأتها تلتف حول عنقها، أمن المعقول أن توجد قلادتنا بنفس الشكل والتطابق لتلك الدرجة ؟؟؟في شهرها السابع بعد علمها بأنها سترزق بفتاة، لم تكن الأرض تسعها من السعادة، ستأتي الفتاة التي تدربت منذ طفولتها على دُميتها لتصبح أماً لها .. فكانت تمشط لها خصلاتها الصناعية وتجعل والدتها –رحمها الله- تجدل لها ضفائر كالتي تستكين على كتفيها .. كذلك تبدل لها ملابسها وتقوم بتفصيل ملابس خصيصاً لها من قصاصات الأقمشة .. حتى أنها لم تتركها أثناء استحمامها بل كانت تأخذها لتستحم برفقتها.تمددت على فراشها ترفع قدمها على وسادة كما أمرها الطبيب ثم تناولت دفتر وقلم من أعلى الطاولة المجاورة للسرير .. وضعت طرف القلم في فمها لحظات تفكر حتى شعت إبتسامة فوق ثغرها وبدأت تخط بضعة خربشات لتنتج قلادة في غاية الجمال.دلف خليل إلى الحجرة يطمئن عليها، حالما رأته أشارت له ليقترب بلهفة، تبسم جالساً بجوارها يحيط كتفيها بذراعه ..قالت بسعادة لا مثيل لها: إيه رأيك في السلسلة دي يا خليل؟؟تأملها دقيقة بتمعن قبل أن يعلق بهدوء: حلوة أوي يا حنان .. بس لمين دي ؟؟ثبتت نظرها على الرسمة قائلة بعيون لامعة: دي سلسلة رسمتها لـ ميّ بنتنانظر لها متعجباً: إنتي خلاص هتسميها ميّ ؟هزت رأسها وعيونها تحدق في عيونه: أيوه .. أنا كنت مسميه عروستي ميّ وكنت بأعاملها أكنها بنتي مش عروسة خالص .. وكنت وعدتها من وأنا صغيرة إني لما أخلف وأجيب بنت هاسميها ميّ على اسمهاقهقه خليل: أنا أعرف توعدي واحدة صحبتك مش عروسة يا حنان ههههههههقطبت جبينها: وفيها إيه لما أوعد عروسة يعني !قبَّل شعرها قائلاً بحنان: مافيهاش حاجه يا حبيبتيأعاد الحديث إلى القلادة .. سألها وعيونه تستقر على الدفتر: ومتخيلها تبقى إزاي بقى؟ من الدهب يعني؟هزت رأسها بعنف رافضة: لا، أنا عايزاها تبقى فضة .. بأحسه كدا رقيق .. هيناسب السلسلة أكتر وهيخليها أحلى .. الشكل دا ما ينفعش معاه غير الفضةتخيل ما قالته وتمتم بشرود: فعلاً هتبقى حلوة .. الاسم مكتوب بشكل حلو أوي ما شاء اللهابتسمت ونهضت على مهل: هأدخل الحمام بقى قبل ما أنامداعبها ضاحكاً: أنا لو عملت تذكرة على الحمام دا هأكسب دهببررت بخجل: هو ذنبي يعني؟ .. ما هو الحمل السبب مش بإيدي يعني- معلش .. خلاص كلها شهرين وترتاحيفور إختفاءها في الحمام تناول الدفتر وشق الورقة التي تحوي الرسمة بين طياتها عاقداً النية على تحويلها من مجرد خربشات على ورق إلى حقيقة ملموسة مهما كلفه الأمر.أفاقت على اصطدام فتى بها يركض لاحقاً بالكرة، ابتسمت رغم أنه لم يكلف نفسه عناء الإعتذار، تابعت السير عائدة إلى أسعد ذكرياتها .. يوم فات خليل إلى المطبخ بينما تجلس برفقة جدتها تتسلى بالحديث إليها وهي تعد كعكة عيد ميلاد ابنتها الثاني.نظرت إليه مستغربة: أنت رجعت بدري ليه ؟؟ .. حصل حاجه ؟؟ابتسم وركع على ركبتيه أمامها في حين تركت الجدة ما كانت تقوم به وقد انتابها القلق، أخرج من جيبه علبة حمراء وفتحها لتجد حلمها تحول إلى واقع تستطيع القبض عليه وقت لمسها للقلادة الفضية التي تحمل اسم ميّ فيزيدها بهاءً في نظرها.انتزعت نظراتها قصراً عن القلادة لتنظر له بأعين دامعة: عملتها إزاي دي ؟؟هز كتفيه بخجل: أخدت الورقة اللي فيها الرسمة ووديتها لجواهرجي يعرفه واحد صاحبي وقبل يعملهاليهمست ببطئ: وجبت فلوسها منين ؟؟- من ساعة ما ورتيني الرسمة وأنا سألت تكلفتها هتبقى كام وبقيت كل شهر أخد فلوس من المرتب بس مبلغ بسيط ما تحسيش بيه ولو حسيتي مش هتسأليني السبب مادام ما قولتلكيش أنا لوحدي .. وخصوصاً إنه حاجه بسيطة .. بقيت أخد المسافة مشي من هنا للشغل وأنا رايح أو وأنا جايبدهشه: يعني أجرة الأتوبيس هي اللي هتعمل فرق ؟؟تبسم وقال مازحاً: جنيه رايح وجنيه جاي أدي 2 جنيه في اليوم يعني 60 جنيه في الشهر بالنسبه ليا المبلغ دا كبير أصلاً هههههه وبعدين فين صفة الزوجة الموفرة اللي فيكي يا حنان .. دفنتيها فجأة ولا إيهابتسمت بحب وانضمت إليه أرضاً تتلمس خصلات شعره: تعرف .. أنت أكبر نعمة ربنا رزقني بيها ف الدنيا دي .. ربنا يخليك ليا وما يحرمنيش منك أبداً .. ما أعرفش ممكن يحصلي إيه من غيركأنتهى الأمر بضمة ونحنحه من الجدة .. ألبست طفلتها النائمة القلادة متمنية ألا تنزعها أبداً.لم تكن وقتها تدرك أن فراق الأم لوليدتها أكثر إيلاماً من فقدان المرأة لحب حياتها .. فغريزة الأمومة أقوى الغرائز حتى من غريزة إشباع الجوع أو الحاجه إلى النوم .. خصوصاً لو كانت امرأة ولدت لتصبح أماً كحنان.***وصل القطار أخيراً إلى المحطة المقصودة، هبط حمزه يحمل الحقيبة التي استوعبت أشياءهما معاً وسارت هي إلى جواره بتوجس ..نظر حوله فلم يجد أي وسيلة نقل متوفرة سوى .. الـ توك توك، نظر إليها مستفهماً عما سيفعلانه، ابتسمت هي لأول مرة منذ الصباح وهزت كتفيها: هو دا اللي موجود- أنتوا ما عندكوش تكاسي ولا إيه ؟؟اتخذت وضعية الدفاع وأجابته: طبعاً عندنا، بس دا معاد غدا وتغيير وردياتمشيراً برأسه إلى الـ توك توك سألها متمنياً منها النفي: أكيد مش هنركب دا مش كدا ؟حاولت كتم ضحكتها قائلة بجدية: وهو أنت شايف حل تاني؟ .. ولا عايزنا نستنى لحد ما يجي تاكسي؟؟زفر بحدة وقبض على ذراع الحقيبة بقوة مستغفراً فيما زادت محاولاتها لمنع القهقهات العالية من الخروج .. توجه إلى الـ توك توك الذي دوره الآن في نقل الزبائن وسأله عن العنوان الذي أخبرته به حياه سابقاً .. جلست حياه بسرعة وهدوء فهي معتادة على ركوبه بينما ارتبك حمزه فهو لأول مرة يركبه في حياته خصوصاً بجثته الضخمة تلك والتي لا تتناسب مع حجمه.أخيراً استقر في مكانه ووضع الحقيبة التي ليس لها مكان سوى فوق ركبتيه، انطلق الـ توك توك في إتجاهه غير عابئ بالطريق وتضاريسه أو بالمارة ... اتخذ حمزه عهداً على نفسه أنه لن يركب توك توكاً مرة أخرى .. دائماً ما رأه يسير في الشوارع ويتعجب من هؤلاء الذين يركبونه .. أول مرة رأه اعتقد أنه عربة فرت من مدينة الألعاب .. لا يعتبره وسيلة نقل بل وسيلة للإنتحار أو اللعب الخطير كالصاروخ في دريم بارك.تنهد براحة مترجلاً منه وبعد أن نقد الفتى الذي لا يتجاوز الحادية عشر من عمره إلتفت ليجد حياه متسمرة تنظر إلى المنزل برهبة وشوق في ذات الوقت، اقترب منها ووقف برهة يتأمل المنزل مثلها وجده شديد الإتساع وبه حديقة كبيرة أيضاً يبدو أنهم تخطوا الطبقة المتوسطة بمراحل.ربت على كتفها وتقدم بينما هي تتبعه بتؤده، كانت البوابة مغلقة حاول فتحها بلا جدوى، أمسكت بساعده: استنى .. تلاقي عم فتح الله قافله وراح عشان يتغدىتنهد: أنتوا إيه حكايتكوا مع الغدا بقى؟؟ .. كل البلد بتتغدى ف نفس الوقت ؟!ألقت عليه نظرة جانبية: مش أحسن ما سكان البيت الواحد كل واحد فيهم ياكل ف معاد شكل ؟صمت عندما رأى رجلاً يهرول من الغرفة الملحقة بجوار البوابة يقوم بضبط عمامته فوق رأسه بينما يقبض على طرف جلبابه تحت إبطه، يلوك بقايا غداءه، ويقول بلكنة صعيدية بحته: أنا چاي أهو .. مين هناك ؟؟ثم أضاف غير مصدقاً عيونه عندما توقف أمامهما ولمح حياه عبر البوابة: إيه دِه .. ست حياه !ابتسمت: أيوه أنا يا عم فتح اللهشرع في فتح البوابة بسرعة وسعادة وهو يتمتم على عجل: يا أهلاً يا أهلاً يا ست حياه .. والله البيت ما كان له طعم من غيرك- تُشكر ...ثم أضافت بتردد: هما جوا ؟؟تجلى الحزن على ملامحه: أه كِلاتهم چوا، مافيش غير محمود بيه اللي راح يشوف الغيط، والباشا الكبير بقى يخرج من عيا يقع ف التاني .. والله دي عين وصابتكم يا ست حياهشعرت بالنار تكويها فهي السبب فيما حدث لوالدها ولا تستطيع إنكار ذلك، أمسك حمزه ذراعها يحثها على التقدم بينما ألقى عليه فتح الله نظرة نارية تسأله بشك عمن يكون.أجاب حمزه بثقة وقوة التساؤل الذي رأه في عينيه ولم ينطقه: أنا حمزه .. جوزهاحث حمزه خطاه وحياه تسير خلفه مسلوبة الإرادة تاركين خلفهما الصدمة تعلم ملامح الحارس دون أي إجابة على تساؤلاته التي لا تخصه في شئ.وقفت أمام الباب تنتظر مصيرها بعدما دق حمزه الجرس، سمعت صوت شقيقتها يقترب من الباب قائلة: أيوه جايهاتسعت حدقتيها على مرأى أختها التي كانت أسرع منها في رد فعلها، جذبتها إلى أحضانها بقوة تقبلها كيفما أتفق تعبر عن شوقها بالكلمات والأحضان، نظر حمزه إلى الحديقة وأولهم ظهره حتى يتيح لهما حرية أكبر.زهرة وقد استبد بها الشوق: وحشتيني أوووي يا حياهبكت لبكاء شقيقتها: وأنتوا أكتر واللهأشارت لها زهرة لتدخل فلاحظت مرافقها لأول مرة، عادت بنظرة مستفهمة لحياه التي أجابتها: هأحكيلك كل حاجه دلوقتي بس عايزه أطمن على بابا الأول .. هو كويس ؟جلست معهما في المضيفة وقصت على حياه وضع والدها: من ورا محمود قعد يسأل على شادي دا ويعرف كل حاجه عنه .. مش عارفه إيه اللي سمعه عنه سببله أزمة قلبية ومن ساعتها أي حركة بسيطة بتتعبه ومش بيخرج من أوضته والدكتور قال ماحدش يزعله ولا يقوله حاجه تضايقهزادت دموعها: يا حبيبي يا بابا .. أنا السبب في اللي أنت فيه داسأل حمزه مضيقاً حدقتيه: يعني ما قالش إيه اللي عرفه قدامكوا ؟؟أجابته زهرة وهي ما تزال تسأل عن علاقته بحياه: لا، محمود بس اللي يعرف ومش راضي يقول لحد .. بيقول دي صفحة وانتهتطلبت حياه بلهفة: طب أنا عايزه أشوف بابا يا زهرة .. عشان خاطرياصطحبتها إلى غرفة والدهما بينما بقى حمزه بإنتظارها فتلك اللحظة من حقها وحدها، دلفت إلى حجرته على مهل فوجدته راقداً في سكينة مغمضاً عينيه، تلمست يديه ودموعها تتساقط: أنا أسفة يا بابا، ما كنتش أعرف إنه كل دا هيحصل بسببي .. أنا ندمانه على اللي عملته يا رب تسامحنيغادرت مسرعة فهي لم تتحمل رؤية والدها مستلقياً هكذا، دائماً ما كان كثير الحركة لا يهدأ ولا يرتاح إذا جلس في مكان واحد لفترة طويلة، مرت على أنس ووجدته كالعادة أمام الشاشة المضيئة يضرب على لوحة المفاتيح.- كأني سيباك من نص ساعة بس .. يا ابني ارحم عينيك دي !انتفض مصدوماً ثم نزع نظارته يدلك عينيه بقوة ويمسح عدساتها قبل أن تستقر على أنفه وفوق أذنيه مرة أخرى.ضحكت: شوفت عفريت ولا إيه ؟؟ركض إليه بسعادة يضمها: حيااااه .. وحشتينيعقدت ذراعيها حوله: وأنت وحشتني أووي أووي- الحمدلله إنك رجعتي البيت كان وحش أوي من غيرك- الحمدلله .. يلا ننزل عشان أسلم على عيشه والتؤام اللي وحشوني جداًبعدما وصلت إلى السلمه الأخيرة وقفت وجهاً لوجه أمام شقيقها الأكبر محمود، كانت عينيه تطلقان شراراً وصرخ بها: إنتي إيه اللي رجعك يا فاجرة ؟؟؟هم أن ينهال على خدها بصفعة قوية لكن يداً تسببت في تعليق ذراعه بالهواء، قال حمزه بقوة شديدة لا تقبل مجادلة: مراتي ماحدش يمد إيده عليها حتى ولو كان أخوهاحمدت زهرة ربها فعندما رأت عائشة تفتح الباب ليطل منه شقيقها حتى ركضت إلى ذلك الغريب تطلب منه التدخل فبالتأكيد محمود لن يجعلها تمر مرور الكرام لكن ما فاق الدهشة لديها أن حياه أصبحت زوجته !قطب محمود بشدة: مراتك ؟؟ .. أنت بتقول إيه ؟؟ .. أومال فين شادي ؟؟حمزه بحزم: شادي دا ماضي وراح لحاله .. أنا الحاضر والمستقبلوجه محمود نظراته إلى حياه قائلاً بسخرية: هو إنتي فاكره أنه لما تيجي متجوزة إحنا هنسامحك ونعدي اللي عملتيه دا بالساهل كدا ؟؟نظرت حياه أرضاً بينما أجابه حمزه: إحنا بس شوفنا إنكوا لازم تعرفوا حياتها دلوقتي شكلها إيه وأنها كويسه .. وكمان تطمن على أبوها مش أكترمحمود بعنفوان: وأديكوا أطمنتوا .. اتفضلوا بقى براتناول كفها وهم بالخروج لكن صوتاً رغم ضعفه إلا أن الحزم كان واضحاً فيه: لا أنتوا هتستنوا هنانظر محمود إلى أعلى السلم الذي يعلوه والده وهتف بهدشه: إيه الكلام دا يابويا ؟؟نظر إلى محمود شذراً: عايز الناس تاكل وشنا وتقول طردوا بنتهم برا هي وجوزها ويفضلوا يلتوا ويعجنوا ف كلام وخلاص؟؟وجه حديثه إلى زهرة وعائشة: حضروا لهم الأوضة عشان يقعدوا فيها وجهزوا لهم الغداأومأت كلتهما وأسرعتا تنفذان ما أمر، بينما عاد نظره إلى حمزه: أما أنت بقى .. ففيه كلام كتير بينا لازم يخلصأومأ حمزه: تحت أمركركض أنس يسند والده إلى غرفة المكتب وحمزه يعاونه بينما غادر محمود إلى عمله مرة أخرى دون أن يتناول الغداء الذي جاء من أجله يحمل داخله حنقاً على فعلة والده كذلك غضباً أنه على صواب فيما فعل.أغلق أنس الباب على حمزه ووالده في غرفة المكتب كما أمره وأتجه إلى حياه قائلاً: تعالي نقعد ف أوضتي لحد ما يجهزوا الغدا والأوضة بتاعتك كلها شوية وتكون جاهزةتحركت خلفه وقلبها يدق بعنف متسائلة عما يدور من حديث الآن بين حمزه ووالدها.***مرت حنان على منزل سمية بحجة أن حياه أوصتها بالإطمئنان عليها كل حين، تأملت أن تُحل ظنونها إما بالإيجاب أو بالسلب حتى لا تبقى معلقة بأمل واهٍ.استقبلتها سمية بترحاب وجلست برفقتها تتناول القهوة الساخنة، أتت مي مي وجلست أمامهما تلعب، شعرت حنان بسعادة لا توصف لرؤيتها من جديد.فتحت الحديث مع سمية: ما شاء الله ربنا يخليهالك، هي عندها كام سنة؟ابتسمت: داخله في الـ 9 سنينزادت الأمال لدى حنان فهي في نفس عمر ابنتها إن ما كانت معها الآن: بس مش واخده شبه منك أو من حد فيكوا خالص سبحان اللهارتبكت سمية ووضعت فنجانها على الطاولة قائلة بغموض: أه .. خلقة ربنا بقى نعمل إيه- ونعم باللهأثار رد فعل سمية الريبة داخل حنان لكنها لم تستخدم الضغط حتى لا تكره السيدة قدومها، وبعد تناولها للقهوة ذهبت تلعب مع مي مي قليلاً قبل أن يحين وقت انصرافها.***انفردا أخيراً بغرفتها، سألته بلهفة عن سر حديثه الطويل مع والدها الذي استمر أكثر من ساعتين لكنه لم يجبها ووضع الحقيبة على الفراش يتأمل الغرفة بدقة قبل أن يتمتم:- دي أوضة بنتأجابته بفروغ صبر: أومال حضرتك شايفني إيه ؟قال ببرود وتمهل أثار أعصابها: أنا لما أختك قالت هنقعد في أوضتك افتكرت إني هلاقي بدل الورد دا صبار .. السجادة الرقيقة دي بدلها شوك .. لون الأوضة رمادي غامق أو أسود .. مش ورديتمتمت بحنق: ليه داخل قبر ولا شايفني خارجة من فيلم مصاصين الدماء ؟؟ .. سيبك من الأوضة وركز معايا، بابا كان عايزك ف إيه؟؟تلكأ وقال متجاهلاً حديثها: بس أوضة لطيفةوقفت أمامه غاضبة وهي تحوقل: يا ابني أنت ليه مُصر تستفزني؟؟!جلس على فراشها سانداً جسده على مرفقيه: كيفي كداتنهدت وسألته: بجد يا حمزه، قولي بابا كان عايزك ف إيه ؟اعتدل في جلسته وأسند ساعديه على ركبتيه قائلاً بجدية: كان عايز يعرف حكايتي معاكي إيه وإيه اللي خلانا نتجوز وعرفتك منينبتوجس: وقولتله إيه ؟؟تنهد: هأحكيلك عشان لما يسألك تقولي نفس الكلام بالظبط ... قولتله إنك فعلاً روحتي مصر مع شادي بس إنتي ماكنتيش بتهربي معاه هو بس وصلك القاهرة مش أكتر .. وأنك عملتي كدا بس عشان أخدتيها تحديأضاف بسخرية: وطبعاً بما أنه عارف دماغك فصدقني لما قولتله كداعاد إلى جديته مكملاً: وأنك كنتي مقررة تقعدي عند واحدة صحبتك يومين بس لكن هي احتاجتك معاها عشان جدتها تعبانه .. وحاولتي تكلميهم تقوليلهم بس أخوكي قفل في وشك السكة قبل ما تكملي كلامك .. بعدين حكيتله اللي حصل فعلاً وأنك اشتغلتي في المدرسة خوفاً من أنهم يطردوكي لو رجعتي وبعدين جيتي تدرسي لمي مي وأنا عرفتك وحبيتك وقررت أتجوزكلما كلمة "حبيتك" هي التي استوقفت قلبها لحظة ليستوبعها دون باقِ الكلام، إنه في شوق لسماعها حقاً ولكن عندما يبادله القلب شعوره وليس لإقناع والد بمصالحة ابنته، تخطت هذا وسألته: وهو اقتنع؟أومأ: أيوه .. بس مش أوي .. عشان كدا عايزنا نقعد هنا أسبوع عقبال ما يتأكد من كلاميمصدومة: هو قالك كدا ؟تنهد فاركاً كفيه: لا طبعاً، هو قالي بالحرف "هتنورونا هنا أسبوع .. هتتشالوا فيه فوق الراس عشان الغيبة الطويلة دي والبنت وحشت أخواتها" .. بس أكيد قصده يقولي لحد ما أسأل عليك وأعرف إذا كنت كويس ولا لأ واللي قولته حقيقة ولا كدب- بس كدا ؟- أديته اسمي كامل والعنوان عشان لو حب يسأل عني .. هو ما علقش بس حسيته ارتاح لما عملت كدا لأني لولا واثق من نفسي كويس ماكنتش اتجرأت كدا ع الأقل كنت هأستنى لم يطلب هو منيفرك وجهه بعنف: ممكن أنام بقى عشان حيلي اتهد ولا إيه ؟؟هزت كتفيها بلا مبالاة وغادرت الغرفة ليبدل ملابسه على مهل واتجهت إلى زهرة تلقي في جعبتها ما حدث كاملاً، كذلك مشاعرها التي تنمو يوماً بعد يوم نحو حمزه.***دفعت الغطاء بعيداً، لم تعد تتحمله تشعر أن جسدها ينبض حرارة، اتجهت إلى الحمام تستحم لعل الماء يطفئ لهيب جسدها لكن أتى ذلك دون جدوى ..اللهب كان يتصاعد عبر صدرها إلى فمها، تتخيل أنها إذا فتحت فمها سيخرج ناراً كالتنانين، أعدت فنجاناً من النعناع كمحاولة لتحس بالراحة.جلست تتناوله بالمطبخ وتتذكر أنها ذهبت اليوم إلى الطبيب لأخذ الجلسة، لقد قام الطبيب بتقسيم الجلسة الواحدة على مرتين .. لقد أخبرها أن ما تمر به الآن من الأعراض الجانبية للسائل الكيميائي الذي تأخذه لكنها لم تظن أنه بهذه البشاعة؛ حتى الأدوية لا تُجدي معه نفعاً.كل جلسة تزداد نقمتها على ما هي فيه، تتساءل لما هي خصيصاً ولما الآن؟؟، عندما أدركت عدم جدوى النعناع دلفت إلى غرفتها مرة أخرى وشرعت تبحث عن علكة في مكانٍ ما داخل حقيبتها، تقلب فادي فاتحاً عينيه يسألها بصوت ناعس: بتدوري على إيه دلوقتي يا نجلاء ؟؟وضعت قطعتين في فمها وأعادت باقي العلبة إلى الحقيبة مجدداً: كنت بأدور على لبانمتعجباً سألها: دلوقتي ؟؟- عندي حموضة ومش عارفه أنام منهاسألها بقلق: أنزل أجيبلك دوا ؟هزت رأسها: لا أنا هأندوغ اللبانه شوية وهتروح الحموضة على طول، نام أنت عشان عندك شغل الصبح بدرياستدار عاملاً بكلامها بينما أخفت هي دمعة حزينة فهي منذ علمها بمرضها وكذبها لا يتوقف.

رُزقت الحلالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن