دققت في السقف اتذكر لحظات مرت من حياتي، لم افعل بها شيء ولم اقم باستغلالها ويا لحظي انها قد تكون اجمل لحظاتي سعادة وانا لم اعشها، وابقى اتساءل لما ذلك لما ضيعت شهورا وسنوات من حياتي وانا استميل للراحة بحجة التعب، مع انني لم اتعب حقا، كان تعبي الحقيقي عندما ادركت ان الايام التي ذهبت يستحيل ان تعود، لكني ادركت ذلك متأخرة جدا، وندمت، ولا ينفع الندم صاحبه ابدا... كل هذا واكثر يجول في خاطري عند نظري لسقف تلك الغرفة التي تغمرها الكآبة كصاحبتها التي لطالما شعرت بالوحدة ولا تزال وحيدة... تفكر كثيرا فيما فاتها وفيما فقدته وفيما ستفقده مع انها لا تأبه كثيرا لما ستفقده لاحقا لأن الأهم قد ضاع حقا...
إن هذه حالة (ضحى) منذ أن تعرضت لصدمة صدمة جعلتها تكتشف وتدرك معنى الحياة والصداقة والوفاء دفعة واحدة وكم هذا كثير عليها كثير على شخص لم يفكر من قبل ولو لوهلة بهذا الامر... ان أقرب وأعز الأشخاص إليها قد ينقلب عليها أو يتركها في لحظة ضعفها... إنه سبب وجيه لحالتها ولا يلومها أحد على ذلك فمن كانت تظنهم سيكونون معها دائما ولن يتخلو عنها هم من قد خذلوها وابتعدوا... انكسر قلبها و تهشم الى آلاف القطع التي تناثرت ويستحيل جمع ذلك الشتات المنهمر داخلها،وكم من ذكرى حزينة قاسٍ وقعها على قلب(ضحى) واخرى شبه سعيدة تلاشت واختفت مع ذلك الانكسار كأنها ريح عصفت فاسقطت اوراق شجر الخريف تلك الوحيدة المتبقية في الشجرة..
************استيقظت على وقع اقدام خفيف يقترب من حواف غرفتي.. لابد وانها امي اتت لكي توقظني فاليوم سأزوال دراستي بعد ان تغيبت لفترة، عقلي مشوش قليلا ربما هو توتر خفيف سيزول اثره بعد قليل، هناك افكار غريبة تجول في نفسي هل ستتغير نظرة زملائي إلي الان... لايهم ان تغيرت من الاساس فعلى كل حال هم مجرد اشخاص سطحيين يدعون الوفاء والصدق وفي داخلهم مكر ثعالب وغدر افاعٍ يبتسمون في وجهك ابتسامات رائعة تغرك، وكلما نظرت لشخص آخر زادت روعة الابتسامة وكأنها مسابقة على صاحب" من سيأخذ جائزة امكر ابتسامة "، تغرك الوجوه فتصدق ان كل من يضحك في وجهك صديق وان كل من يواسيك يحس بك وبآلمك، حزنك، جراحك التي لم ولن تندمل فيبعث لك اشارة تحسسك بالراحة والطمأنينة إلا انه يستدرجك لمصيدة ومكيدة عظيمة وشباك نسجها باحتراف كي تلتسق بها كعنكبوت نصبت شباكها في انتظار فريستها... لن يدوم لك كل صديق كما تسمونه بل سيغدر بك في لحظة ضعف كما حدث لي...
دقت امي الباب وبدون ردٍ مني دخلت والقت بابتسامة رايت فيها النور وبعد هنيهة قالت:" صباح الخير ياوردتي، ارى انك قد استيقظتي بالفعل.. "
حاولت تجاهل آخر كلمتها وبادلتها الابتسامة ورددت: "صباح الخير يا امي" ثم قلت في نفسي "طبعا سأستيقظ ليس من عادتي ان اتأخر على دوامي..." قاطعت امي حبل افاكري وبادرت بالسؤال: "هل انت مستعدة لكي تعودي.." تمهلت قبل الاجابة واومأت برأسي علامة على الايجاب، فقالت "حسنا.. اذن استعدي ريثما احظر لكي الفطور" ابتسمت ابتسامة ملأها التردد والخوف بعد سؤالها وبعد ان خرجت من غرفتي اخذت نفسا عميقا وقلت بصوت اكاد اسمعه " هل هذا ايضا حلم مزعج سيتكرر علي كسائر الاحلام التي اعتقدتها واقعا وسبحت في سرابها... الم افق من هذا الحلم بعد... لابأس وان كان كذلك سأعيشه ريثما استيقظ... "
وقفت من على سريري الذي تململت فيه لدقائق واتجهت مباشرة الى الحمام اخذت حماما منعشا واتجهت الى المرآة ارى الفتاة الواقفة امامها... هل هذه انا..
تنظر الى زرقاواتها وتبحر في سحرهما وجمالهما الذي وقع فيه الكثير والكثير، ذات العيون الزرقاء وخصلاتها الذهبية المنسدلة على كتفيها... التي تعكس ضوء الشمس عليها... سرحت شعرها ولبست ثيابها كالعادة وذات الالوان التي لاتمل منها قميص اسود وسروال اسود كذلك حذاء رياضي ابيض... بعد ان اكملت خرجت من غرفتها ونزلت السلالم وهي منكمشة الوجه، لاتدري ما تفعل انها لحظات غريبة تمر عليها... نظرت الى والدها الذي يجلس على مقربة من شرفة غرفة المعيشة والقت التحية: "صباح الخير يا ابي" فلم يرد عليها، لقد كان وهما من اوهامها فقد توفي والدها قبل سنة .
سماح(الام): ضحى اسرعي تناولي فطورك ستتأخرين.. هيا!!
ضحى: حسنا انا قادمة في الحال...****************
انتهيت من الفطور... ثم وطأت اقدامي عتبة الباب... انظر الى ضوء الشمس تتسلل خيوطها الي وكأنها تقول اهلا بعودتك، وذلك النسيم الذي يدلل خصلات شعري ويلعب بها... الجو رائع كانه جو ربيعي لكننا في نهاية الخريف... سينسحب الخريف عما قريب ليغزونا الشتاء باحواله جيدة كانت ام سيئة... فبأي حال ستمر تلك الايام وتبقى ذكرى فقط تمر علينا على حين غفلة...
_______________________________________________
الفصل الأول من روايتي بعنوان:أنا أعلم
يتبع في الفصل الثاني بعنوان:اليوم الأول .
أنت تقرأ
on the edge of the end
Actionقصة الفتاة التي تعود بها الاحداث الى ماضٍ لم تعشه وتعيش تلك اللحظات التي لم ولن تعيشها في واقعها ابدا، وتدرك ان لكل شيئ حدود ان لم نلتزم بها انقلبت علينا