-قبل أن نبدأ تذكروا.... أن الحب هو الوحي الوحيد الذي يأتي على شكل غيمة تحمل في قلبها المطر وما سواه مجرد إيحاءات كاذبة لسحب صيف عابرة.......... لكن كما تأتي الغيمة بالمطر فإنها قد تأتي بالرعد الذي يضرب القلب ويقسمه الى نصفين !
............
الإيحاء الخامس: لربما نكون مختلفين لكننا مع هذا متشابهين *
*الأغنية لـ (بونجوفي)
-أنا التي تنتمي الى كل شيء لا تنتمي اليه !
-أمل آدم
...............................
هتفت بهلع وهي تستوعب العبارة المكتوبة بالخط العريض:
-ماذا؟ لكن هذا غير صحيح
وجدت يد الغريب تمتد الى كتفها وتدفعها خطوة الى الوراء ليخطو داخلاً الى البيت مغلقاً الباب خلفه بعد أن القى نظرة واطمئن ان لا أحد رآهما....
-اسمعي أيتها المصيبة، لا أعلم ما يحدث ... لكننا نواجه مشكلة.... اذ يبدو ان الصحافة تقول قصة مختلفة عن ما حصل
اخذت منه الجريدة ... وراحت تقرأ الخبر وعيناها تتسعان بغضب ودهشة...... لقد كتبت الصحافة بأنها عشيقة لعارض الأزياء الذي يقف أمامها ويبدو كأن الشياطين تتلبسه وانها هي وعشيقها هاجما هذا الرجل الاسرائيلي "البريء" واعتديا عليه وهو الآن يرقد في المستشفى يعاني من غيبوبة.
صرخت وهي تضرب على ورق الجريدة بظاهر كفها:
-هذا هراء... كل هذا لم يحصل
تقدم نحوها الرجل الذي تدعوه الصحافة مارت ورفع سبابته وقال بتهديد:
-اسمعي، مثلما ورطتني في هذا ستخرجينني منه... اذهبي الى الشرطة وقولي بأنني لست عشيقكِ وبأنني لست متورطاً معكِ في أي شيء.....
ثم اخذ يمسح شعره بكف يده بعصيبة مواصلاً كأنه يحدث نفسه:
-لا أعلم كيف تظنني الصحافة عشيقاً لكِ.... كأنهم لا يعرفون ذوقي في النساء
تصاعد الحنق على شكل موجات حمراء شوشت أمامها الرؤيا...... صاحت به:
-يا عديم الاحساس..... هل هذا وقت ذوقك؟.... اللعنة عليك وعلى نسائك وكأني سأختار رجلاً مثلك...... ألا تدرك في أي ورطة نحن؟
رفع حاجبه وقال مصححاً بحنق:
-أنتِ.... وليس نحن..... انها ورطتكِ انتِ وليست ورطتنا نحن
اغمضت عينيها تحاول ان تسيطر على غضبها ثم فتحتهما ولوحت بالجريدة امام وجهه:
-ألم تقرأ ما مكتوب؟ انهم يقولون اننا شركاء
كتف ذراعيه امام صدره:
-وهذا ما ستنفينه حين تذهبين الى الشرطة... ستقولين ان لا علاقة لي بالأمر
-ألم تفهم للآن؟ الا ترى بأن ذهابي الى هناك سيعني ان نسجن معاً بتهمة قتل متعمد؟ ألم تقرأ القصة الملفقة؟ ألم تقرأ ان ضابط الشرطة هو من صرح بهذه القصة؟ لقد ألفوا حكاية لتوريطنا... ان ذهبت الى هناك لن نخرج كلينا سالمين
قطب وقد بدا مشككاً بما تقوله:
-لايمكن ان يكون هذا، لربما كان مجرد سوء تفاهم .... ثم ما أدراني بالقصة الحقيقية، كل ما اعرفه انكِ طعنتِ الرجل، لربما كان الأمر كما تقول الصحافة.. لربما هاجمتيه دون وجه حق وبتدخلي الأحمق تورطت معكِ....
راقب الغضب يتزايد على صفحة ملامحها..... ولم يكن غضبه أقل وقعاً..... تساءل في نفسه أي حظ لعين عاثر اوقعه في هذه الورطة
قالت له بغضب:
-اسمع انا لا اعرف ذلك الرجل، كل ما هنالك انني رأيته يضرب فتاة في الشارع دون ان يساعدها أحد فرميته بحجر لتهرب الفتاة لكنه حاول اللحاق بي وحين امسكني اخذ يضربني انا الأخرى.. فاضطررت للدفاع عن نفسي....... أنا لست نادمة على مساعدة تلك الفتاة
اخذ ينظر اليها بمزيج من الغضب والحيرة..... كانت مجرد كتلة صغيرة يوحي وجهها بالطفولة بينما تزم الان شفتيها بعناد كالأطفال.... لم يكن يتخيل ان هذه الصغيرة الحمقاء شجاعة الى هذه الدرجة لتدافع عن فتاة لا تعرفها وجدت انها تتعرض للعنف .......
ابعد حيرته وركز على غضبه... لولا حماقتها ما كان هو هنا الآن......
سألها بنفاذ صبر:
-اذن، ما الحل؟
اختفى الغضب من وجهها وحل مكانه الخوف والقلق.... كان وجهها سهل القراءة مثل قصة اطفال بسيطة المفردات..... ارتخت في وقفتها ثم استندت الى الجدار وبدت ضائعة وهي تجيب:
-لا أعلم...
زفر بضيق:
-تورطيننا في مصيبة ثم تقولين لا أعلم.... جدي حلاً بالله عليكِ
نظرت الى نقطة ما على الأرض وقطبت حاجبيها بينما تداعى شعرها المموج حولها وظلت صامته للحظات ثم فجأة استلت هاتفها لتتصل بشخص ما وقبل ان يسألها عما تفعله كانت تتحدث الى الطرف الاخر من الاتصال:
-مرحباً سهى... كيف حالكِ؟...
صمتت للحظة ثم قالت:
-أجل لقد قرأتها.. كل ما قيل فيها كذب... لم يكن الأمر كما مكتوب....
لحظة صمت اخرى اتبعها صوتها مستنكراً بشدة:
-بالتأكيد ليس عشيقي.... هل انتهى العالم؟
شعر بالحنق... هل تترفع عنه تلك الفتاة التي لا يصل جمالها الى ربع جمال صديقاته المتعددات....... فلتشكر الله لأنه يكلمها من الأساس..... هو مراد السالم، الرجل الرائع المثالي الوسامة بالتأكيد لن يتخذ امرأة مثلها كعشيقة.... فرغم كل شيء هو لديه ذوقه الرفيع الذي لن يفسده بكتلة الشعر المموج هذه...
قاطع تفكيرها صوتها وهي تخبر صديقتها بكل التفاصيل.... ثم قالت:
-أحتاج الى مساعدة، علي أيجاد مكان آخر.... لا بد انهم سيقومون باقتفاء أثري... هل أستطيع الاعتماد عليكِ في هذا؟
ابتسمت وهي تسمع الرد وعادت تقول:
-انا ممتنة لكِ جداً سهى.... سأنتظر خبراً منكِ....
فجأة غامت عيناها لشيء قالته المدعوة سهى ....
تمتمت:
-أجل سأكلمه الآن... عليه ان يعرف
انهت الاتصال ونظرت اليه قائلة:
-ستساعدني صديقتي... سنذهب الى مكان آخر... وسيبحث أخوها المحامي في تداعيات القضية وسنرى ما الحل...... سأتصل بأبي كذلك....
قالت اخر جزء من جملتها بصوت مرتجف....
لكنه لم يعر الموضوع اهتماماً..... بل علق:
-من الأفضل أن تجدي لنا حلاً
هتفت:
-ألم تسمع ما قلت منذ لحظات.... انا أعمل على ذلك...... وأنت بدل ان تقف مكتوف اليدين هكذا تعرض علينا طلتك البهية.... قم ببعض الاتصالات وحاول ان تجد حلاً.....
رفع أحد حاجبيه باستهزاء...
-سمعاً وطاعة ايتها المصيبة
حولت نظرها عنه نحو هاتفها متجنبة رداً لاذعاً يجعل الواقف أمامه يعرف مكانه الصحيح..... لكنها لم تكن في حال يسمح لها بمشاحنات طفولية ...... عليها ان تتصل بوالدها.... عليه ان يعرف ليساعدها
ابتلعت ريقها وارتجفت يدها قليلاً وهي تضغط زر الاتصال... بعد دقائق جاءها صوت والدها يقول بحنان:
-حبيبتي امل
اغمضت عينيها ثم فتحتهما واخذت نفساً عميقاً وهمست:
-بابا
راقب مراد وجهها يشحب وهي تهمس بإسم والدها.... استدار عنها وتركها تتعامل مع الأمر بينما اخذ هاتفه وتجاهل عشرات الاتصال التي لم يرد عليها... واتصل بأخيه ..... رغم انه يعرف ان صخر غاضب منه.... لكنه بالتأكيد لن يتوانى عن مساعدته...... بعد لحظات سمع صوت أخيه وهو يقول ببرود:
-ما الأمر مراد؟
قال باختصار
-أنا في ورطة....
......................................
أنت تقرأ
إيحاء الفضة(الجزء الثالث من سلسلة حـــ"ر"ــــب)مكتملة
Romansرواية بقلم المتألقة بلقيس علي الجزء الثالث من سلسلة حـــ"ر"ــــب حقوق الملكية محفوظة للكاتبة بلقيس علي