4

777 19 0
                                    

4- أعماق المجهول



أنقلبت دانييل ونظرت إلى الساعه بجانب السرير. ثم أسرعت واقفه وأحضرت تلفونها الخلوي ثم أتصلت بأمها .
- يا إلهي ! ياحبيبتي لم أتوقع منك المجيء هذا الصباح , يمكنني تدبر أمري وحدي .
- يمكننا نحن الأثنتين أن نفرز البضاعة بنصف الوقت .
قالت دانييل هذا ببشاشة وهي تسير إلى خزانه الثياب حيث أختارت بنطلون جينز و بلوزه . ثم ألقت بهما على السرير وتحولت لتحضر ملابسها الداخلية .
-هل أنت واثقه من أن ريف لن يعترض ؟
فقالت والتلفون تحت أذنها :" لا أرى سبباً يدعوه إلى الأعتراض . وليس هناك برنامج معين ليومنا هذا . . لدينا فقط خطة واحدة للخروج بعد الظهر , وسأعود في الوقت المناسب "
أرتدت البنطلون بينما كانت أمها تقول :" هل آتي لآخذك بالسيارة , هل نسيت أنها معي ؟"
رباه ! لقد نسيت :" لا سأكون اهزة بعد ثلث ساعة وسأقابلك عند البوابه "
خلعت بسرعه قميصها , ثم قفزت بسرعه عندما أمتدت يد تأخذ التلفون منها .
مدت يدها تريد أن تستعيده :" أعطني أياه !"
لكنه وضع التلفون على أذنه :" آريين سأقابلك عند المتجر "
ثم قطع الخط.
يظرت إليه دانييل بغضب :" ماالذي فعلته ؟"
- ذالك يدعى مساعدة .
أنتبهت إلى أنها نصف عاريه , فأسرعت تسير مبتعده عنه ثم أسرعت بأرتداء ملابسها بسرعه قياسيه .
-هذا غير ضروري .
قالت هذا من فوق كتفها ثم دخلت الحمام وأغلقت عليها الباب .
وعندما خرجت وجدته في مكانه . . وكانت قد مشطت شعرها ورفعته على قمة رأسها , وأكتفت من الزينة بقليل من أحمر الشفاه .
- انت لم تأكلي شيئاً .
كان هو أيضاً يرتدي بنطلون جينز وكنزه رياضية تحتضن منكبيه العريضين , وتبرز عضلة أعلى الذراع الضخمه .
حملت تلفونها وحقيبة يدها , ثم سارت وهي تقول :" سأكل شيئاً فيما بعد "
- أريد أن أراك تأكلين .
- أنا أكره الرجال المستبدين .
- لقد نعتوني بما هو أسوء بكثير .
- دون شك .
قالت هذا بشيء من التهكم .
وصلت إلأى قمة السلم , ثم هبطت راكضة إلى الطابق الأرضي , واعية إلى أنه خلفها .
الوصول إلى الكاراج يمر عبر طريق الردهه المؤدي إلى الخارج , وبعد ذالك بدقائق خرج بالجاكوار من البوابة الخارجية متجهاً بها إلى شارع توراك رود .
كان موضع متجر "لافام" مثالياً , إذ كان واقعاً في مجمع حديث يتضمن سبعة متاجر ومقهى متخصصاً بتقديم القهوه الممتازه والطعام .
كان على دانييد أن تمح ريق حقه , لأنه تشاور مع آريين عن المكان المناسب للمتجر , وآمر لها بما تريده وتأكد من أن كل شيء قد أكتمل في الوقت المناسب لكي يشترك الجميع في نقل البضاعة المخزونه إليه .
ليس هذا فقط فقد تغير في عيني آريين من غول إلى بطل , فالبضاعة الجديده وصلت أمس , مع وعد بتسليم المزيد غداً .
وعندما أبطأ ريف بالسيارة , ووقف عند المنعطف , قالت له :" أنزلني هنا وسأعود بالتاكسي "
أوقف المحرك ورافقها , رافعاً حاجبيه عندما حملقت فيه متفحصه :" لا حاجة لأن تفتش بنفسك "
- بالعكس من عاداتي أن اتفحص كل أستثماراتي .
اللافته المكتوبة بأحرف مذهبه على واجهة المتجر بدت جيده , ورأت أمها خلف الزجاج تفتح صناديق البضاعة .
هل كانت أمها تطيل النظر إليهما أم ان دانييل تتخيّل ذلك ؟ وما الذي كانت تبحث عنه ؟ عن دليل على أن ريف فالديز أساء معاملة أبنتها ؟
بإمكان دانييل أن تطمئنها إلى أن لاشيء حدث . أو على الأقل لاشيء ظاهراً للعيان .
- هل نبدأ العمل ؟
ألقت عليه نظره سريعة :" هل تنوي البقاء ؟"
- هل هناك مانع ؟
أجابت آريين باسمة :" طبعاً لا . فرز البضاعه سيكون تبعاً للون والطراز و الحجم . وأنا أحب أن انظم العرض وأهتم بملابس الواجهه . وقد بدأت ذالك , أفرزي أنت يادانييل وأنا أرصها على الرفوف "
- وأنا ماذا تريدين أن أفعل ؟
- تنقل البضاعة من الصناديق . قالت دانييل هذا وهي تتقدم إلى إحدى الصناديق الكبيره ثم فتحته . استغرق إفراغ الصناديق من البضاعى فتره , ثم نظمت العلب بحسب نظام معين في الأدراج الواسعة العديدة القائمه في خزانات يصل أرتفاعها إلى الخصر على مدى الجدار المقابل .
قال ريف :" سأذهب لإحضار شيء نأكله . هل تفضلان شيئاً ما ؟"
قالت آريين :"لقد أحضرت معي شطائر وزجاجات ماء , إنها في الثلاجه "
نهضت دانييل واقفه وأخذت تتمطى :" سأحضرها "
-سنحضر معك يا عزيزتي , ما أجمل أن نجلس فترة عشر دقائق .
لم يكن في غرفة المخزن مساحه كافيه للجلوس , لأن الرفوف تبطن الجدران من الأرض إلى السقف . وكان هناك منضدة صغيره وكرسيان , وكابينه للخدمه تحتوي على مغسله وأدوات للطعام وإبريق شاي كهربائي وجهاز "ميكرويف" صغير .
أحضرت دانييل الشطائر والماء ووضعتها على المضده , وهي تقول :" لقد أنتهت كل الأعمال الصعبه "
فقالت آريين مسروره :" شكراً لكما , انتما الأثنين . لم يبقى سوى خزائن العرض والواجهه "
في الساعتين والنصف الماضية , كانت واعية كلياً لحضور ريف وكانت تشعر بكل حركه يقوم بها وبكل أحتكاك لأصابعه عندما كانت تناوله الأشياء , وما زالت تشعر بنظراته التي أطالت النظر إليها أحياناً . .
بعث كل ذلك فيها الأضطراب , وأسوأ من ذالك , أنار ذكريات حية لما حدث بينهما في الليل , ولما سيحدث مره أخرى . كان ذلك واضحاً في عينيه .
كانت الشطائر لذيذة , ثم أختارت أن تنظم المكان بينما شرعت آريين في العمل في الواجهه . أما ريف فبقي مكانه , فألتفتت إليه :" لا حاجة بك للبقاء . سأحرص على العودة إلى البيت في الوقت المناسب لأغتسل وأغيّر ملابسي وأكون جاهزه في الثانية "
مد يدة وامسك بخصلة من شعرها يضعها خلف أذنها :"لا"
تسارع نبضها , ولم تستطع تبريد الدماء الحاره التي سرت في عروقها . كل عصب فيها أخذ ينبض بالحياة لدى لمسته هذه , وشتمته في سرها .
وبحركات سريعة غسلت كؤوس الماء وجففتها ثم وضعتها مكانها , ثم أحتازت غرفة المخزن , شاعره به في أثرها . أبتدعت تصميم عرض للواجهه من التول و الشرائط , ثم ألبست ثلاث مانيكانات . وكان كاتالوغ كبير مصوّر موضوعاً على كرسي أثري منجد بالساتان فوق حماله جوارب مزينه بالدانتيل الفرنسيه .
بعد تفحص مركز وبعد القيام ببعض التعديلات , أعلنت آريين بأن الشكل قد أكتمل .
كل مابقي هو الحاجه إلى وضع ستار على الواجهه الزجاجية ولكن آريين قالت لهما إن بإمكانها القيام بذلك بفسها بسهولة تامة .
- هل أنت واثقه ؟
- طبعاً ياعزيزتي , لقد نسيت أنه لديكما خطه لبعد الظهر ؟
حفلة التنس . . وتذكرت دانييل هذا بذعر . كان ذالك أول عوده لها إلى المجتمع . الأستلقاء متكاسلة عصر يوم هادئ بجانب البحيره وبيدها كتاب جيد هو أفضل حتماً من ألعاب التنس وما يستنزفه من طاقه , هذا عدا توخي الحرص والوعي الدائم إلى تقاليد المجتمع .
- نعم , لدينا .
اجابها ريف بذالك دون أن يغّفل السحابة السريعة التي مرّت على وجهها لحظة , ولكنه لم يعرف سببها .
نظرت آريين إلى ساعتها :" في هذه الحاله , عليكما أن تذهبا , الساعة الواحدة تقريباً الآن . استمتعا بوقتكما وشكراً للمساعدة ".
ومالت إلى الأمام تقبل وجنة دانييل :" سأراك غداً "
لقد أنتعش المتجر , وبدا حسناً تماماً . أخذت دانييل تفكر في ذالك وهي تجلس بجانب ريف في سيارته .
- سأوصلك الصباح إلى المتجر , ثم أرتب امر شراء سيارة لك أثناء النهار .
لم تُرد قبول شيء منه , لكن السياره كانت ضرورية , فقالت:" شكراً "
- أقترحت على آريين أن تتخذ موضفه يمكنها أن تحل مكانك عندما لا تكونين موجوده .
استدارت إليه على الفور :" ماذا تعني بقولك ( لا أكون موجوده )؟"
- سترافقينني في كل رحلة عمل أقوم بها , وستكون هناك مناسبات تحتاجين أثنائها لأخذ وقت فراغ لكي تتمكني من حضور نشاطات مسائية , وسيون هناك أيضاً دعوات غداء لأغراض الخير .
قال لها هذا برفق وهو يرى غضبها المتنامي .
- لمتجر لافام الأولوية .
- ولاؤك هو لي أنا .
قالت هازله :" المعذره , نسيت لحضة , أنني بعت نفسي وقبضت الثمن "
- لا تصعبي الأمر .
كان صوته رقيقاً خطراً , نجح في بعث الخشيه في جسدها .
كان الغداء لذيذاً وعندما أوقف ريف سيارته خلف صف من السيارات كانت الساعة الثانيه ظهراً .
ليليان وإيفان ستانيش !
وغار قلب دانييل بين ضلوعها لأنها ستحضر هذه السهرة بالذات ... إنّ ريف يلقي بها إلى الأعماق , وهي تستطيع تصور قائمة الضيف . وقد تثبتت من ذالك حين دخولها المنزل .
- ريف عزيزي .
وأطلقت ليليان قبلتها الهوائية المعتادة , ثم تقدمت خطوه إلى صاحبته , وإذا بها تقف فجأه :" دانييل ؟"
- زوجتي .
أستعادت هدوءها بسرعه :" ما أجمل هذا , تهاني !"
أحقاً ؟ كم تأخذ الشائعات من الوقت لكي تدور بين الناس ؟ خمس دقائق ؟ ومن هو الأول في محاولة التثبت من القصه خلف الخبر ؟ أم أن الشائعه سبق أم بدأت مع أنتقال متجر لافام إلى مكان آخر ؟
- تفضلا إلى الشرفة وشاركا الجميع . لقد سبق أن بظ إيفان قائمع بأسماء الأشخاص والألعاب .
تكلفت دانييل الإبتسام , وكبحت رغبه صامته في أن تكون في أي مكان ماعدا هذا المكان . ثم سارت في أثر ليليان .
يجب ألا تفوت الفرصة احداً , وصفقت المضيقه بيديها طلباً لأنتباه ضيوفها , ثم أعلنت خبر زواج ريف , مضيفه وهي تضحك :" نحن أول ن يعلم "
ثم ألتفتت إلى ريف وقالت بأبتسامه ماكره :" لقد قمت بهذا الأمر بصمت بالغ , يا عزيزي "
- كما أقوم بمعظم الأشياء في حياتي الخاصة .
سألته بخجل :" أنت لن تخبرنا إذن إي تفصيل ؟"
أمسك بيد دانييل ورفعها إلى شفتيه . كان وجهه جامداً غير مقروء , ثم بعد عدة ثوان مكهربة , أنزل يديهما المتماسكتين إلى جانبه وواجه عيني ليليان المتعطشتين :" لا "
ساد صمت عميق يكاد يسمع فيه رنين الإبره إذا سقطت على الأرض , ثم بسطت ليليان يديها وأطلقت ضحكه رنانة :" هذا يتطلب أحتفالاً "
قامت دانييل بحركة خفيفة لتخلص يدها من يده فلم تفلح . فمالت عليه هامسه :" ماهي اللعبه التي تقوم بها ؟"
- التضامن .
- يقف متضامنين بينما نختلف في المشاعر ؟
- نعم .
- انت تدهشني .
- لماذا ؟
- خلتك لن تتردد في إلقائي إلى الذئاب .
كانت نظراته مباشره وصوته كالحرير وهو يقول :" أنا اهتم بما أملك "
لكنها ليست مما يملك . .
ارتفعت الأصوات بالتهاني , فأحتفظت بأبتسامه مسمّره على شفتيها وأخذ الأصدقاء السابقون يحيونها بحماسه لم تخدعها . فهؤلاء هم الناس الذين لم يعترفوا بها وبأمها بأي شكل منذ إفلاسهما.
والآن , بعد أن أصبحت زوجه ريف , أخذوا يتلهفون إلى تجديد صداقتهم , ويتصرفون كما رأت , بحذر بالغ بشيء من السخريه .
- غير معقول .
كان صوتاً نسائياً منخفضاً التفتت قليلاً لسماعة وإذا بشقراء كالتمثال كمالاً مغرية أكثر منها جميلة , وقد بدت واثقه بنفسها .
قال :" كريستينا "
حولت الشقراء أنتباهها إلى دانييل , وقالت بأبتسامه باهتة :" كيف جرؤت على أن تسرقيه مني؟"
كانت تمزح , ولكن لم يكن في هاتين العينين الرماديتين الباردتين إي هزل .
- عليك ان تسألي ريف ؟
كان اقتراحاً لم يلق قبولاً حسناً البتة , وإن لم تكن دانييل مخطئه , فقد بدأت الحرب للتو .
قالت لريف فيما بعد :" هل هي إحدى غزواتك الكثيره ؟"
- كنا نخرج مع بعض في المناسبات .
كانت هي ترتشف العصير وكان إيفان وليليان ينظمان اللاعبين في ساحتين للعب التنس بجانب أملاكهما , فوجدت دانييل نفسها مع ريف بينما كريستينا مع مرافقها .
ملابس لعب التنس كانت إلزاميه , وتنورتها القصيره ذات الثنيات مع القميص الأبيض عديم الكمين , لم يكونا بأناقه ما كانت كريستينا تلبسه .
ما كان مفروضاً فيه ان يكون لعباً للتسلية أصبح منافسه قويه عندما بذلت الشقراء الجميله جهدها لهزم دانييل . وهو شيء لم تسمح دانييل بحدوثه , فهي معروفه بمهارتها في اللعب ولهذا تمكنت من ردّ كل ضربه تقريباً .
وكما كان متوقعاً , بدا ريف أنه لاعب ماهر , وساعدة في ذالك طووله وقوته .
كانت المباراة بالضربه القاضية , ولم يدهش أحد عندما أنتصر ريف بصعوبه .
لم يؤثر فيه ذالك اللعب , أما هي فإن شوطاً آخر قد يقتلها .
وفي الثامنه قدم العشاء شواءً وكفتة على الفحم مع كثير من السلطات المتنوعة , وتبع ذالك القهوه .
- دانييل , عليك حقاً أن تلحقي بالفتيات أثناء غداء الأسبوع القادم , وسأرسل لك دعوة .
الفتيات . . اهه . . كانت سخريه في كون ليليان تقود الأمور والآخرين يتبعونها . لكنها سترفض الدعوة عندما تصلها , محتجه بالمتجر وإلتزامها به .
- هذا لطف منك .
هناك عدة أعمال خيريه تريد أن تدعمها . . بمنحها مبلغاً من المال , بدلاً من الظهور بين نساء سطحيات متصنعات .
رأى ريف القناع المهذب فانتبه إلى الجهد الذي تبذله في هذا التظاهر . بدت هشه , وكان هناك ظل خفيف تحت عينيها .
أنهى قهوته ثم تقدم إليها :" هل أنت مستعدة للخروج ؟"
-نعم .
أجابت ببساطه , فهي لا تريد الخروج إلا من هنا . لقد نالت ما فيه الكفايه , فهي متعبه , ولم تر السرير قط بهذا الجمال من قبل .
ولكن السرير يعني أن تنام فيه مع رجل سبق أن دمّر مشاعرها المتردده . لم تمر عليها لحضه هذا النهار , نظرت فيها إليه دون أن تجلب إلى ذهنها صورة حية عن الليلة الماضية , فكان عند ذلك يتحرك شيء في أعماقها .
ويا لها من أفكار مدمره ! كان الأمر أسهل لو كان عاشقاً غير ملائم , يهتم بحاجته دون حاجتها .
بعد ذالك بدقائق , شكرا مضيفيهما , وودعا زملائهما الضيوف .
دخلت دانييل السيارة وهي تتنفس الصعداء , مريحة رأسها على مسند المقعد الوثير خلفها .
-قمت باللعب بشكل جيد .
التفتت إليه :" هل تتحدث عن التنس , أم عن التصرفات الأجتماعيه ؟"
استدار بالسيارة حتى وصل إلى الشارع العام :" الأثنين "
- آه يالها من مجاملة .
استحال عليها إظهار شيء من السخريه في صوتها .
كانت الرحلة قصيرة , وإذا بريف بعد دقائق يوقف السياره في الكاراج .
كل ما أرادت عمله هو أن تخلع ثيابها , وتأخذ دوش , ثم تستلقي في فراشها . . لتنام
ولكن حظها بحدوث ذالك هو أشبه بحظها في الصعود إلى القمر , فقد لحق ريف بها .
- الأ يجعل هذا أجتماعنا أكثر مما ينبغي .
لامس كتفها بإصبعه :" لقد سمّرتك الشمس "
بدنوه منها بهذا الشكل , أنتبهت تماماً إلى قوته المدمرة تلك التي أكتسحت حواسها .
وإذا بصوت في أعماقها يعنفها :تحكمي في مشاعرك , الأفضل أن تبتعدي عنه . ولكن حدسها أنبأها بأن ذالك قد يستدعي أكثر مما أستعدت له .
لاحظت على الجانب الأيسر لقفصه الصدري ندبه منحرفه بيضاء . ليست أثر عمليه , أتراها نتجت عن شق سكين على حين غفله ؟
رفعت رأسها ووقفت لتفحص أثر فجوه قريبه من عضمة الترقوه التي بدت أشبه بأثر جرح رصاصة.
وكان هناك أيضاً وشم شرقي غير عادي على أعلى ذراعه اليمنى .
وتسائلت عما جعله يبقيه , بدلاً من أن يزيله ببعض المواد.
سألته ناظره إلى عينيه السوداوين الثابتتين :" ندوب معركة ؟"
- إنها آثار ماضٍ أقل فائده .
- ماذا تعني بذالك ؟
- أتريدين حقاً أن تعلمي؟
- ذالك جزء من حقيقتك .
لقد رفض أن يخبر أحداً عن سنوات حداثته . وألتوت حافه فمه قليلاً إلى الأعلى :" ما أعمق . . .هذا السؤال !"
ثم أنحنى إليها فسألته بغضب :" أيجب عليك ذالك ؟"
- لماذا لا تغمضين عينيك وتستمتعين بذالك ؟
وكان هذا طريقاً أكيداً إلى الكارثه . فهي بدأت تتجاوب ودمها جرى حاراً في عروقها.
- لا أريد ذالك خصوصاً الليلة .
أدرك النبره الخفيفة الأخيره في صوتها , فأحس بالدليل على ضعفها فوضع يديه على كتفيها :" أليس هذا سيئاً؟"
كان كل ما فيها يؤلمها , لقد دمرّ دهر منذ كانت تتدرب , وأشهر على آخر مره لعبت فيها التنس . فقد كان النادي الرياضي احد أوائل ماكانت تذهب إليه بصفتها عضوه في النادي .
رباه , إن أصابعه تنفث السحر , مبرده توتر عضلاتها . كان الإغراء قوياً للغاية بأن تفعل ما أقترحه عليها وهو أن تغمض عينيها فقط .
ما أجمل أن تلقي بنفسها بين ذراعية مريحه رأسها على صدره الرحب . من أين جاء هذا ؟ إن لريف فالديز غرض واحد , وهو أن يرضي رغباته ويصبح أباً لطفل .
تأوهت بصمت , ثم تخلصت من ذراعيه وتوجهت إلى الغرفه وعندما عادت تناولت قميصها المقفل وبدأت بأرتدائه فقطب جبينه وهو يرى لوناً خفيفاً يشوه بشرتها .
كان لديها قدّ لدن رشيق . وساقان رشيقتان , ولها مشية وحركات رشيقة مرنه .
- لماذا ترتدين مثل هذا القميص القطني أثناء النوم بينما هناك أروع القمصان الحريريه والدانتيل في المتجر ؟
التفتت إليه بتحد :" ربما أنا اختار هذا . . لإطفاء المشاعر "
قال ببطء:" أنه لايفيد بشيء "
لم تشأ أن تجيب , بل دخلت تحت الأغطيه بصمت ثم شعرت بالتوتر , منتظره اللحظه التي سيمد فيها يده إليها .
لكن الدقائق أخذت تمرّ, فأغمضت عينيها وقد حلّ بها التعب قاهراً كل رغبة .
وكان الوقت قبل الفجر عندما شعرت بيدي رجل تضمانها إليه . تمتمتها بالأحتجاج لم يؤثر في ريف الذي زاد من أحتضانها .
دفعته عنها , ثم تأوهت بصوت مرتفع عندما بدأ يعانقها بشغف . أستطاع بسهولة أن يجعلها تتجاوب ورأى الشوق في عينيها وهي تدسّ أصابعها في شعره , منسجمة معه في كل حركاته .

-------

انتِ الثمن . . . هيلين بيانشينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن