الفصل الأول
تستمع منذ مدة لعصف الرياح العاتية فيبدو أن إعصار ثائر أتٍ لا محالة...قرقعة الأبواب بقوة وهلع الحيوانات وثورانهم بالخارج وصوت جذوع الاشجار المتصادم بسقف الحظيرة كله صخب أزال الهدوء من فترة وأعلن بداية ضجيج سيحل على عالمها الموحش....رفعت نظراتها بصعوبة ليديها المكبلة فوق مستوى رأسها فلم تعد تشعر بالألم ... لابد أن الخدر تملك كل جزء من جسدها, تنظر للسلاسل الحديدة التي الان أصبحت جزءاً منها تكلمها بحزن
"يا ليتك لست جماداً وتحرريني من بؤسي ...يا ليتك تطلقين عناني لأهرب... لكن لا انتِ سبب قوتهم فتقيدهم لي هكذا يجعلهم يشعرون برجولتهم وغلبتهم عليّ"
بصقت دماً من فمها يعلمها أن دماؤها ستظل تجري وتزين أرض الحظيرة المحبوسة فيها من أيام ومازال القرار بأمرها لم يحسم بعد... فكبير عائلة السماك غير موجود و هو من سيصدر الأمر أنه عم والدها حاكم عشيرتهم "ناهي السماك "الرجل الذي تخطى السبعين والذي يكرهها منذ سنوات ووالدها "عابد السماك" سينفذ أي شيء يريدون....اما شقيق والدها عمها "عايد السماك" فسيكون أول المرحبين بذلك هو أراد فصل رأسها عن جسدها منذ أيام لولا أنهم منعوه لسبب لا تعلم ما هو لحد اللحظة !!هم يعتبرونها خزي ووصمة عار "فناهي السماك" وأد بناته فور ولادتهن وقد أصبح قانون بعائلتها منذ تسلمه حكم العشيرة منذ سنوات طوال وفعلاً قُتلت كل البنات بأمر سيد السماكين والذي لحد الأن يخوض معاركه مع جميع خصومه بالناحية وما حولها والتي تسميها (ناحية الظلام) وهي منطقة عشائرية بعيدة جداً عن المدينة حيث تتوزع النواحي بأرجاء البلاد ويسكنها أبناء العشيرة الواحدة ولا يُسمح للأغراب بالسكن معهم ولا يستطيع أحد التوغل فيها دون أذن اهالي (الناحية ) و يا ويله من يتعدى على أراضي السماك ...سيموت ولن يجد أحد جثته....لكن ورغم قوانينهم الصارمة والدها "عابد السماك "تمرد على العائلة يوماً حيث لم يرضى بقتل بناته... اعتقدت أنها وشقيقتها التي تكبرها بعامين "هندية" محظوظات حيث كانتا استثناء من الوأد فوالدها بسبب عشقه لأمها "ثريا " فتاة من المدينة والتي دخلت قلب والدها من أول نظرة وكانت قوية بجعل زوجها ينفذ كل ما تريد....كان الجميع قد كرهه وسخروا منه لضعفه تجاه امرأة !!حتى مرت السنوات وانفصلت أمها عن أباها وتركت الناحية المشؤومة لكنها تركتها وأختها ايضاً...كان الشرط الوحيد للطلاق أن تتنازل عن البنات الصغيرات وفعلاً فعلت دون تردد ومن يلوم أمها لقد عاشت معاناة هنا بكنف أبوها ورجال السماك....لكن اليوم اثبتت أن والدها كان مخطئ بترك أبنته على قيد الحياة.... لذا هو سيتقبل العقاب هي فقط مدة فكبير السماكين لن ينسى حقده ومتأكدة انه حضر لها ميتة شنيعة...ليس أمامها سوى انتظار متى ينفذ بها الحكم...وأخيراً ستنتهي الحياة التي لم تكن سوى سلسلة صدأة كسلاسلها هذه ...كانت تخنقها وتميتها حاولت الصمود والثبات لكن كل كان يؤدي لهذه النهاية ...واخيراً ستلحق بأختها "هندية" وترتاح كما ارتاحت هي... آهات خرجت من بين شفتيها المليئة بالدم .....سبع سنوات منذ شاهدت أختها تذهب بليلة عروس لرجل أكبر من والدها لتعود صباحا كجثة هامدة... فتاة في الثالثة عشر من عمرها ما الذي مرت به بتلك الليلة السوداء لتعود مليئة بالكدمات والدم يلف جسدها يحتضنه يعلن تدنسيه بأبشع الصور بدل أن يلفها الورد كأي عروس في صباحيتها!!هي لم تتجاوز ألم الذكرى لليوم تذكر أن الكثير فرحوا بموت هندية وسيفرحون بموتها أيضاً!! رجال عشيرتها سينتهزون الفرصة ليس فقط تعذيبها الذي تفننوا به من أيام بل سيجعلونها تتوسل الموت عند اقدامهم فأهلها الذين لديهم نقص وجورهم يعم الجميع لن يرتاحوا بموت رحيم لها ولن ينقذها أحد أيضاً من براثنهم.... هم يخافهم جميع الناس المحاطين بالناحية لكن فقط "آل الصياد" من يفوقونهم قوة وصيت وغنى... عائلة الصياد التي تحكم النصف الآخر من "ناحية الظلام " هنالك البنات لا يقتلن عند الولادة كعائلتها لكن مما سمعته فظلمهم ليس أقل من آل السماك وزوجات ولي عهدهم متن بعد أقل من أسبوع واحد من الزواج ...يقال ان أبن الصياد يأخذ أرواحهن بسبعة ايام بعد أن يذقن العذاب أشده.....والعداء بين العائلتين مستمر من يفوز "بالإيوان" الذي يفصل العشيرتين ...لا أحد يعلم لما يستميتون جميعهم على احتلاله!! رغم أنه الأن مقسوم نصفين نصف "لناهي وأهلها والنصف الاخر لآل الصياد" ويفصل بينهما جدار عالي لا يمكن اختراقه لكن لا أحد يستطيع التوغل لسردابه الغامض لحد اللحظة....وهكذا الموت والثأر والقتل ممتد منذ أمد بعيد منذ تفرق الأخوين "السماك والصياد" نسبة لمهنة كل واحد فأحدهما كان يكمل الأخر وفجاءة صار العداء المجهول!! لتنتشلها من سرحانها أصوات تحطم قفل الباب بفعل الرياح شخرت ساخرة من الوضع برمته بعد أن ثابر أبناء عمومتها لجعل الحظيرة كقبر واغلقوها بأحكام حتى لم يدعوا منفذ للهواء يتخللها ليذهب جهدهم كله أدراج الرياح التي تهب الأن!!تنظر لحالها ولما آلت اليه وبدأت تهمس لنفسها بكلمات وكأنها تواسي ذاتها " آه يا حورية لم تكوني سوى قشرة خاوية ...نخر العفن لبك ...وصرت بقايا بالية....فلا تحزني مهجتي ..فقد أن أوان الهاوية"
هذه الكلمات قد أعادتها لأول مرة شعرت
بروحها قوضت وطفولتها شوهت وبراءتها انتهكت.
.................................
"قبل ست سنوات"
بعد موت هندية بسنة والدتها لم تنسى حزنها و قررت فضح العشيرة والتحدث مع الصحافة عن سر الناحية المظلم أو يعطيها آل السماك حورية فانصاع "عابد" مرة أخرى لنقطة ضعفه "ثريا "وعصى عمه "ناهي" بالتخلي عن أبنة السماكين والكل يعرف أن ثريا تعلم بأمر خفايا الإيوان ... نقطة سوداء أخرى بحق والدها والذي كشف سره بلحظة غباء...عندها حورية ذهبت لتعيش بالمدينة مع والدتها تاركة "ناحية الظلام " وماهي إلا مدة قليلة فقط مرت عليها لتبدأ رحلة معاناة أخرى جعلت العالم كله سواد ليس فيه لمحة أمل... ففي احدى الليالي تجلس بغرفتها تستعيد ذكرياتها السابقة مع أختها بعقلها...كانت تمسك بمكبس شعر "هندية" الفضي وهو على شكل زهرة كان لديها واحد أخر مثله ذهبي وقد ضاع يوم موت أختها قبل عام مع أرنبها المسمى "نونو".... كن يقمن بلبس متشابه ويقمن بتسريح شعرهن بنفس الكيفية الأن بقيت لوحدها ورغم الجو الغريب والمتحرر هنا وأمها وعدتها بأنها ستجعلها تدرس وتحقق مالم تستطع هي فعله لكنها تريد أختها أنها تشعر بالوحدة والحزن ....يقال أن من بعمرها الأن وصلن لمرحلة متقدمة بالدروس وهي لا تعرف حتى كيف تكتب أسمها!! حثتها والدتها كثيراً وها هي تشرع بدروس محو الأمية.... والدتها خرجت للعمل فهنا تخرج المرأة وتعود متى شاءت وهم يعيشون هنا مع "أبنة عم والدتها" هي مقعدة ونائمة طوال الوقت حيث تعرضت لحادث سيارة قتل فيه ابنها الوحيد وتركها عليلة وزوجها لا يتواجد سوى ليلاً بالمنزل هي تشعر بالتغير قليلاً فهي هنا تلعب أكثر الوقت بالدمى وتتفرج الرسوم المتحركة متى شاءت!! وبدأت تحلم كأي طفلة على أعتاب المراهقة بأمور ستفعلها عندما تكبر كالدراسة والسفر وتمني أشياء كثيرة فقد كان الحلم عند أهل والدها حرام...هنالك أجبروها أن تكون كبيرة فمنذ سن السابعة لم يسمحوا لها باللعب خارجاً وحبست بالمنزل ولا يوجد تلفاز وعزلت عن الاولاد وكانت تعيش تقريباً بالمطبخ ...تطهو وتقوم بعجن الطحين طوال النهار وتغسل الصحون وتنظف الأرض كحال النساء بالعشيرة ولم يسمح لها بالطلب أو التحدث كما يعجبها لكن ابناء عمومتها الذكور كان مسموح لهم فعل كل شيء مع أن بعضهم كان بعمرها!!لكنها كانت دوماً غير مطيعة ومتمردة وترفع ضغطهم جميعاً نساء ورجال حتى يقومون بتأديبها كل حسب طريقته القاسية ...أما هنا افهموها أنها مازالت طفلة وعليها التصرف كالأطفال لقد تشوشت فعلاً هي الآن ماذا!! شعرت بالباب الخارجي يُفتح انه الزوج أو كما تسميه "العم منجد" لم يتكلما كثيراً فقط يحيها من بعيد... أبتسم صوبها وكان يحمل أكياسا كثيرة
"والدتك اتصلت ستتأخر الليلة تعرفين أنها تعتني بالمسنين ويبدو أن هنالك حالة طارئة أن احتجت لشي أخبريني صغيرتي "
اومأت ليذهب لغرفة زوجته سمعت صراخه لكنها لم تهتم فوالدتها حذرتها من التصنت أو الاهتمام بأي ما يجري داخل المنزل....بعد مدة شعرت بالعطش خرجت من غرفتها ... كان العم "منجد" يجلس بالصالة أمام التلفاز ويضع زجاجة يتجرعها وقربه عدد من الأطباق فيها مكسرات لكنه منكب بالفرجة بهاتفه ليغضب ويرميه!! انتبه لها وهي تعود من المطبخ بهدوء ....تحدث بنبرة هازئة
" هل تريدين الشرب معي!!"
قهقه بسخرية وهو ينظر لقسمات وجهها الحائرة ليبدأ هذيانه
"العاهرة الأولى مشلولة والثانية أقفلت بوجهي لقد جاء زوجها من عمله.... لقد انتهت تسلية هذه الليلة مع الأسف"
بدأ التلفظ بعبارات سيئة وشتم كثيراً ...لينهض يترنح وبيده زجاجة شرابه ....استدارت للعودة لغرفتها ليصرخ يوقفها نظرت صوبه تتساءل ما به أنقلب عمها الهادئ فجاءة!! ليصطدم بالطاولة أمامها فيتناثر المشروب على قميصها... ابتعدت بسرعة كانت محرجة لكنه فتح عينيه بوسعها وأثار الشراب بين معالم جسدها العلوي وكأنه يرى شيء جديداً عليه... ابتسم بمكر
"اعترف أنك بعمر الثانية عشر لكن لديك "شبه جسد أنثى" يقولون أن بنات النواحي يكبرن قبل بنات المدن رائع جداً يا أبنة ثريا"
عادت مسرعة لغرفتها لم تستمع لندائه وهو يخبرها العودة ....هي تعرف أن الرجال كلهم يغضبون ويضربون عندما لا تنفذ أمر ولا تطيع لكنه كان مختلف بنظراته !! الافضل أن تتركه يبدو أنه يشرب ما يسمى كحول لقد شاهدت هذا الشيء بالتلفاز... لم ترى احد من أهلها يشربه يبدو أنه هنا ايضاً شيء طبيعي.... خلعت قميصها المبلل لم تعرف أنها لم تعد لوحدها فهنالك عيون تراقب معالمها الفتية من ثقب الباب!! مسحت آثار الشراب من عنقها وارتدت قميص نظيف... استدارت تنظر للباب المغلق بريبة لكن لا يوجد أحد فالصالة هادئة والتلفاز قد أُطفئ لابد أنه ذهب لينام ... هزت رأسها غير راضية أن تكون جبانة يبدو أن العيش بالمدينة غيرها...عادت لتدرس استلقت على بطنها تكتب واجبها لكن شعور مزعج يمتلكها وكأنها مرصودة !! تسحبت لبابها فتحته بهدوء لتتسع حدقة عينيها لمنظر غير مألوف لها !! كان أمام غرفتها وحاله لا تعرف كيف تصفها أو حتى تعبر عنها بسنها هذا!! صرخت ليجفل استدارت تريد غلق الباب ليسحبها يمسك بمؤخرة رأسها يلصقها بالحائط أمامها شعرت بتحطم عظام جبهتها من ضربته ليهدر بصوت مرعب وقد فقد رشده أثر هذه المقاطعة منها
"لا تتحركي!! دعيني أنهي متعتي اولاً وأعدك لن أؤذيك "
تسارعت انفاسها في هذه اللحظة و فقدت قدرتها على النطق ملتصقة بالحائط ترتجف بقوة لا تعلم من صدمتها ما هو الموقف الذي تواجهه وكيف تتصرف!! يده مازالت على مؤخرة رأسها واصبحت بشرتها تحت أصابع يده حارة تحرقها وكأنها نار مستعرة !!
تذكرت أنها عانت من قبل وشاهدت أشياء فظيعة ورغم كل ما واجهت لكنها لم تشعر ابداً مثل ما يختلج روحها الأن!! لما لا تستطيع فعل شيء لما تشعر وكأنها مشلولة!! ليتنفس بنفس بشع قرب أذنها
"لا تخافي مني وكوني عاقلة حتى لانجلب الفضيحة لأنفسنا"
قلبها يدوي بقوة ويكاد ينفجر ...اغمضت عيونها بقوة لا تستطيع ازاحة يده التي تخنقها هو شعور مؤلم ينتابها فهو لا يضربها أو يشد شعرها أو يوجه سوطا لاذعاً على بشرتها ولا يلاحقها بسلاح فتهرب وبعدها تعالج جرحها...الشيء الذي يحصل هنا كيف تصنفه كيف تعالج نفسها منه !! ترك عنقها وتراجع للوراء لا يتكلم لا يبدي رد فعل انتهزت الفرصة لتتحرك قليلاً ...نهرها ليعيد ضرب رأسها بالجدار
"اعطيني دقائق قليلة فقط وبعدها سأتركك أيتها الطفلة العنيدة "
صوته الحانق جعلها منصاعة لأمره... لم تستدر كان بعيداً عنها كثيراً ...كانت تغرز اظافرها الصغيرة بالحائط تريد أن تستجمع تلك الشجاعة التي تتباهى دوماً بها لكن لا فائدة والمنظر منذ قليل لا يفارق عقلها!! وفجاءة أحست بكلامه المتثاقل والمتقطع من بعيد
"استديري.....لقد ارتديتُ ملابسي"
عندما لم تفعل صرخ بقوة لتستجيب استدارت ببطيء وعيونها مصوبة أرضاً
"لما وجهك شاحب ها!! من يراك يقول أنك تعرضت لتحرش جسدي أو اغتصاب لا سامح الله.... أنا لم ألمسك حتى ولن افكر يوماً بذلك...شرفك عندي غالي ولن أدنسه فعمك لا يحب لمس الصغيرات بل يريد نساء مكتملات النضج ....وأريد الانوثة تشع من كل زوايا جسدهن ...صدقيني يا حورية لأني لست بمنحرف أنها لحظة شيطانية وانتهت واياك وقول شيء وإلا سينتهي بك الأمر بالشارع انتِ وأمك "
تركها متسمرة بمكانها واغلق باب غرفته لتتحرك بصعوبة وتغلق بابها تنكمش على نفسها ورائه وتسمح لدموعها بالهطول... هي من تعودت أن لا تبكي بعد تعنيفها من أبيها او أعمامها ...لم تبكي عندما رأت جثة أختها... لم تبكي بعد ما حصل معها قرب الجرف...كانت تخبر نفسها البكاء سيضعفك وعليك أن تكوني صلبة كانت بعمرها هذا لاتهاب شيئاً!! اليوم دموعها سرت تحرق بشرتها همست
" أمي "هذا كل ما كانت تريده علها تستطيع الفهم.
.........................
"الوقت الحالي بالحظيرة"
عادت لواقعها وهو كمالة لحكاية البؤس والخذلان ...لم يلمسها عمها يومها صحيح لكنها شعرت وكأنه يربطها بسلاسل خفية هو فقط من يتحكم بها كانت مصعوقة تشعر بأنها ضربت على رأسها ضُربت لتعرف انها لم تنجو من قفصها الخانق "بالناحية" بل مجرد تغير مالك المفتاح ...ذلك اليوم ايقنت أن لا قائمة سوف تصلح ما أنكسر وتبعثر...هدأت العاصفة قليلاً لتسمع صراخ أبن عمها المنبوذ (طبيب الناحية) والذي لا يحترمونه لأنه يكره افعال عائلته ولأنه فضل العلم على السلاح ولأنه يدافع عن حقوق النساء ولا يصمت ... يبدو أنه علم بموضوعها وجاء والدته تطلب منه الرحيل والا جاء كبار العائلة وعاقبوه
""سنمار" أرجوك بني لم لا ترحم أمك الضعيفة ....أنا ليس لي سواك وبسببك كبار العائلة يحتقرونني نحن لوحدنا هنا ليس لدينا ظهر نحتمي به"
تسمع صوت أبن عمها الحزين
"حرام ما يجري يا أمي لقد تعبت فعلاً من افعالهم أبن عمي "كامل" فعل فعلته الشنيعة وهرب لما تعاقب حورية !!"
سمعت ضحكة خبيثة معهم لقد ميزتها أنه ابن عمها الأخر "ايوب" شقيق "كامل" لتسمع كلامه المسموم
"أخي كامل رجل ومن حقه فعل ما يريد ومادام لدينا قرابين سندفعها بلاء "
هكذا اذاً لقد وعت للكلمة "قرابين!!" اذاً وجودها من أيام هنا يرتبط بفعلة "كامل"!! حاولت الاستماع بكل جهدها دون فائدة يبدو أن معركة كلامية احتدت بالخارج ومن معرفتها "لسنمار" طبعاً سيحكم عقله على قبضته وسيخاف على والدته الضعيفة من بطش "ناهي السماك" وعايد وعابد والدها...بكت زوجة عمها هي غريبة هنا وبعد موت زوجها ظلت تتقاذف كباقي النساء بين سطوة الرجال وأبنها نُبذ لكنه صمم على فتح مشفاه الصغير الذي يربط الناحية بالمدينة لكي يبقى قرب أمه....فجاءة انتهت الأصوات ورحلوا هذا كل ما كان يجري يومياً يأتون ويرحلون ماعدا "أم سنمار" و"سرى" الفتاة المسكينة التي زُوجت من كم سنة لأيوب كما حال باقي البنات لا رأي لها وأهلها فقراء ورضوا بالمبلغ الذي رماه عليهم والد أيوب "عايد " يقتلون بناتهم ويشترون بنات الناس بأباخس الأثمان ولا يوجد رقيب أو حسيب أو نهاية لهذا الجور والطغيان.....لتدخل سرى وزوجة عمها تراقب الطريق
"لا تطولي يا "سرى" حتى لا ننكشف "
وصلت سرى اليها تحاول مسح الدماء من بشرتها وتنظيف يديها وقدميها لتتأوه
" لم يعد ينفع ما تفعلين اتركيني أرجوك "
لكن سرى مصرة تحاول أن تداوي ما تستطيع لترفعها بصعوبة
"هيا يا حورية ساعديني "
بكت حورية وسرى تضع قدراً تحتها وترفع ثيابها
"يا إلهي اعتقد أنه بسبب عنادك لديك مشكلة عليك إخراج السموم من جسدك والا ستموتين !! "
كزت على أسنانها لوضعها المهين والمؤلم لكن من تعاند هنا سرى تريد خيرا لها همست حورية بوهن
"أليس الموت افضل لي من هذا !!"
تنظر لنفسها أي مواصل وصلت اليها ولأي ذنب ارتكبته حتى تتبول بقدر مطبخ!! ولو لم تكن سرى موجودة وفكرت بهذه الفكرة من يومين فهي كانت تفعلها كالحيوانات بالحظيرة !!خرج صوتها هسيسا بائساً
"يا ليتني لم أولد كما قالت أمي يوماً "
أليم جداً ما يحصل لها هي لم تتخيل أن تعاقب هكذا وبإنسانيتها حتى أنها تحسد باقي الحيوانات بالحظائر الاخرى أنهم يعاملونهم أفضل منها!! تريد سؤالهم لماذا؟ ماذا فعلت لكم؟ هل سرقت أو اعتديت على أحد؟ هل سلبت ونهبت وجرت على أحد؟ هل قتلت العالم أجمع ؟ لما اعيش ذلة وهوان لم يعشها قبلي بشر!!
تنظر سرى لوجهها المشوه المعالم حضنت رأسها
"أنه قدرنا يا حورية وعليك الرضا به...منذ مولدنا ونحن نعلم أن نهاياتنا هكذا ومحظوظة من تموت بعزة وكرامة "
تركتها سرى من مدة لا تعرف حسابها فلم تعد تعي حاضرها جيداً كانت تنام وتصحوا متسائلة أهي مجرد دقائق أم ساعات ....فالظلام حولها طوال الوقت وبغفلتها وبالغرق بمأساتها تشعر بشيء يقضم قدمها !! فتحت عينيها تحاول التركيز من بين العتمة كانت عيونه تنظر اليها لتجده جرذاً يقف على ساقها يحاول أن يغذي نفسه من دمها !! حتى الصراخ كان في هذه اللحظات شيئا صعباً على حنجرتها ....هي متأكدة أنها النهاية ...لأنها لو لم تكن تحتضر على الاقل كانت شعرت بالوجع والجرذ يأكل من لحمها!!استسلمت للجرذ وكأنها تمنحه السلطة هو لينهي حياتها فهو وغيره من في الخارج متشابهون ولا فرق من ينهيها.... ليُضرب باب الحظيرة بقوة !! هرب الجرذ وملأ الضوء المكان ...استطاعت مشاهدة خيالات كم رجل ....احدهم ركع قربها يتفحص وجهها المشوه لكنه غطى أنفه بسبب رائحتها النتنة بينما وقف أخر فوق رأسها كان مغطى بالسواد من فوق لتحت!! كان يحمل سلاح مخيف ليبان أبن عمها "مؤيد " من عمها الأصغر الميت لكنه كان جباناً بالعائلة يفعل ما يؤمر به ....بان رعبه فور رؤية الوافدان ليقف امامهما صرخ الرجل الراكع قربها
"لا يحق للمجرمين أن يقفوا بوجهنا يا مؤيد السماك"
لتسمع اخيراً ما حصل ومن لسان مؤيد وبنبرة حذرة
"نعلم أن ابن عمي قتل رئيس عشيرة وزوجة "آل الصياد"
لكننا اخبرناكم أنه لدينا فصلية وما تفعله يا "فهد الصياد" خارج عن العادات فلا رجل يعاين فصليته لقد تم الأمر باجتماع الكبار اليوم وأعتقد أن رجال السماك سيغضبون لو علموا بمجيئك أنت وقريبك المزعج"
لم يبالي الرجلان بثرثرة مؤيد يبدو انهم يحتقرونه... اذا هذا الواقف بشموخ فوق رأسها هو "فهد الصياد" اذا هذا ما حدث... لقد بيعت له لرد الأذى ومنع الحرب .... اذاً لم تقتل على فعلتها بالمدينة لأنه ببساطه كانت تعد ككبش ....وهذا ما جعل سنمار الرجل العاقل يهرول لهنا!! هذه هي الخلاصة فقد كانت ذات منفعة لآل السماك لأول مرة بحياتها!!
نهض القريب من قربها ليرفع "فهد الصياد" سلاحه بوجهها موجه فوهته الباردة على صدغها ويتمتم بغيظ واضح
"اذاً فصليتي لم تكن سوى الباغية التي جلبتموها من مركز شرطة المدينة!!"
........................تم
أنت تقرأ
تحت إيوان النخاس الجزء الثالث من سلسلة بتائل مدنسة لكاتبة مروة العزاوى
Romanceقربان دم أنا حكايتي ليست عجبا! فكم من مثلي سيقت كأضحية وكم من مثلي ماتت كمدا مولدي عار! جنسي نكبة! وأدي راحة! وموتي بهجة! أيا رجال عفنت أفكارهم بوجودي! أيا ذكوراً خابت قلوبهم بصمودي! ساقوني كقربان لرد الأذى ! قادوني ككبش لردع الوغى! رجال ...وبئس ر...