الفصل الثامن
تضع أم خمائل يدها على رأسها تتكلم بحسرة مع أم رحمة
"لعنة المسخ أصابت هذه المرة اثنان من نسائه!! أنها تتطور "
تضرب كفاً على أخر وهي تتذكر فعلة بوران
"كنت أعلم أن أبنتي ستهد ما بنيناه بثانية"
"لا تقولي هذا... أصلاً لم يكن الزواج سيتم ففهد أخذ الفصلية للمشفى وتركنا دون أن يحترم أحد...."
لم تكمل أم رحمة جملتها ليشحب وجهها
"خمائل!!"
ضاقت عين زوجة العم لتهتف بها
" لما تذكرين تلك الأخرى!!"
لتشير أم رحمة بيدها للباب ورائهم .. التفت أم خمائل لتهرع أبنتها بحضنها تبكي وحالها يبدو مزري فالكدمات تملئ وجهها!! كانت ترتعش
"أمي انقذيني... لقد هربت من المعتوه كامل بمعجزة ...كانوا يريدون جعلي كبش فداء لينتقموا منكم ...خبئيني أنا خائفة"
حاولت والدتها السيطرة على صدمتها...انعقد لسانها من خباثة آل السماك فهم دوماً يسبقونهم بخطوة ومكرهم أشد منها...تمالكت أعصابها ووقفت تفكر لا يمكن أن تنهار الأن وهم بذروة تحقيق الهدف لتسحب أبنتها بقوة وهي تحدث أم رحمة بقلق
" أنا سأذهب للسرداب لأخبأها... تأكدي أن لا أحد رآها ثم اتبعيني "
جرجت خمائل لتنزل بها لأسفل الدار المظلم
"الأن وعيت لفعلتك الغبية ...لكن الأوان قد فات "
عادت أم رحمة تطمئنها بعد مدة
"لا تخافي لم ينتبه أحد فالكل مشغول بتنظيف خارج الدار وأخبرتهم أن لا يعودوا قبل جعل الحدائق نظيفة ويزيلوا الخيم ويرتبوا المكان والرجال لم يعودوا من المشفى...اذاً ماذا حدث لك كل هذه المدة!!"
اخبرتهم خمائل بمخطط كامل وأهله وعندما وصل بها هنا لم يجدوا عرساً لذلك غافلته وهربت من قبضته... اخبرتهم أنها عاشت بذل وعذاب سالت دموعها بحسرة
"لم أكن أعلم أنه استغلني ليقتل عمي تذكرين ذلك اليوم المشؤوم أمي ...أنا من يومها أشعر بالذنب والأن يريدون قتل فهد والباقون "
ليلوح لهم ظل يقف أمام السرداب رفعت النساء بصرهن ليتمتم بصعوبة بالغة
"أنت لم تموتي !! وكنت السبب بقتل أخي!! والأن أبنه"
عادت خمائل خطوة للوراء همست بخوف "أبي!!"
أختفى اللون من وجه أم رحمة بينما زوجته صمتت حانقة ولم تهتز مثلهن لينزل السلالم يجرجر أقدامه يهز رأسه بعدم تصديق
" على فهد دفنكن جميعاً.. يجب أن يعرف أي أفاعي تلتف حوله...هل تستخدمين بناتي للثأر لأنكم لم تحكموا طوال عقود وتشعرون بالنقص منا!!"
لترد زوجته بحقد
"لن تستطيع لا أنت ولا فهد أن تفعلوا شيئاً بنا ...ألا ترى يا زوجي أنتم بتم القوة الأضعف هنا... غانم جمع ثلاثة أرباع العشيرة الأن بصفه ...ثورتنا ستبدأ قريباً للإطاحة بفهد ... كنا نريد ارضائك قبل موتك لكن يبدو أنك لا تستحق هذا ...فلا تهددنا بأبن أخيك الضعيف"
ضاق تنفسه واتسعت عيناه وهو يرى وجهها الحقيقي ... هي وأبن عمها صمتوا كثيراً انتظروا اللحظة التي يلدغونهم بها فتحقق مرادهم ...حتى بين العائلة الواحدة الحقد والعداء موجود من أجل منصب ومكانة زائلة!!ليسقط أرضا يحاول التنفس دون جدوى ... ركضت أم رحمة تساعده لتشهق بقوة "لقد مات!!"
صرخت خمائل لتصمتها أمها وهي تحذرهم
"لنعيده لغرفته وكأنه مات هنالك"
التفت لأبنتها التي حشرت نفسها بزاوية السرداب تبكي
" ستبقين هنا كم يوم وبعدها سأهربك لمكان أخر وإياك والتنفس حتى مفهوم!!"
اغلقت عليها بالمفتاح وخرجت المرأتان تزحفان الجثة بهدوء.
............................
يجلس بجناح المشفى الأهلي بالمدينة الذي بعثهم له سنمار فمن يملكه صديقه المقرب ...لم يتردد فهد بإيداعها بأكبر مشفى وسيوفر لها كل ما تحتاجه لتتعالج وتعود معه سالمة ... مغمض الأن عينيه ومنذ كلام الطبيبة معه وهو يشعر بالمر داخله ...يشعر بالغضب من نفسه... ماذا فعل بها...كيف ظن بها سوءاً!! يتذكر نظراتها المؤلمة بعد اتهامه القاسي لها دون أدلة ...لما لم ترده أو تدافع عن نفسها ليهز رأسه بأسف
"وهل أعطيتها حقها ذلك اليوم!! لقد حاصرتها بزاوية ضيقة وعاملتها كما تعامل العواهر !!"
ضرب صدره يحس بالجو خانق حوله ليصل مسامعه صوت خطوات كعب أنيقة تقف أمام جناحه لتُفتح الباب !! لابد أنها طبيبة أو ممرضة نهض ليستقبل المستطرقة ليقطب جبينه فلبسها لا يدل على موظفة هنا!! أراد أخبارها انها أخطئت لتتمتم بحزن
"كيف حال أبنتي يا فهد؟"
..........................
بعد مدة كانا يجلسان بمواجهة بعضهما لتبادر ثريا الحديث
"طبعاً تتساءل من أين عرفت بك وكيف جئت هنا !!"سنمار" يخبرني بكل ما يحدث أنه يشفق علي يعتقد أني استحق فرصة أخرى ...أنه شاب ذو قلب طيب لكنه لا يعلم خفايا الامور...منذ أخذوا ابنتي من المركز وأنا بحال سيء اعتقدت أني فقدتها ... لقد نجت من قبضة عابد بأعجوبة فطبعاً عندما يتعلق الموضوع بمصالحهم وسيادتهم لا يهم شرفهم ولا سمعتهم وقتها"
هتف وهو يشعر بضيق من الحديث معها
" أكيد منجد أخبرهم ما أخبرني به لذلك ضربوا عصفورين بحجر "
تفاجأت وبانت عليها الحيرة ليردف
"منجد اخبرني أنكما عشيقتاه يوم رحت للمشفى لأراه...."
صرخت بقهر
"ما قاله الخنزير كذب ...أبنتي لم تكن عشيقه له هي نقية كنقاء الثوب الأبيض..."
"اعرف ...أعرف ابنتك بريئة ولم تدنس...."
اوقف ثورتها ودفاعها المستميت لتقاطعه وهي تسدل أهدابها بأسى
"صحيح هي نقية لكنها ...بتول مدنسة!!"
نظر اليها بذهول لتضيف بلوعة مريرة
"هل تعتقد أن فقط من يمس جسدها تدنس!!ألم يخبرك الحقير ما فعله بها عندما كانت طفلة ...."
ارتجفت فبكت بألم جعلته يتأثر بقوة... اقترب منها يعطيها مناديل ورقية لتمسك بيده وكأنها تمنت أن يصغي أحد لها ...يسمع ما يختلج قلبها من سنوات ...تريد ازاحة الهم القابع داخلها
" بعد موت أبنتي الأولى هندية وصدمة حورية بسببها هددت أباها بفضح سر الإيوان أن لم يعطني إياها .."
نظرت اليه ليصمت فهو أيضاً يعرفه لتكمل
"جلبتها هنا لأحميها ولم أعرف أني سأجني عليها ... "
وضعت يدها على فمها وحكت له ما حصل وما فعلته هي بعدها بأبنتها....نهض من مكانه بقوة... صمته اعلمها أنه لو ضربته صاعقة كان أفضل من أن يسمع ما تفوهت به لتضيف من بين شهقاتها البائسة
" كنت أحتاجه تلك الفترة ...خفت ان أفقد مصدر عيشتي ومنجد كان يحضر لها عملاً كما حضره لي ...كنت أعلم أنني لن استطيع الوقوف ضده ...لذلك تحايلت عليه خدرتها لتلهيته ولو عاندت كان سيبيعها للخارج !! فكرت ماذا اذا شاهدها قليلاً...العين لن تفسد جسدها ...حتى أنني صورتها له مخدرة ليبتعد عن طريقها خفت أن يتهور ويذهب للناحية فكل شيء جائز ...وبعد أن رقد هربتها لوالدها سليمة وقلت أنها ستتزوج ولن يدري أحد ولم أعلم إلا بعد أن كبرت أني كسرت قلبها وروحها "
يشعر في هذه اللحظة وكأن ناراً شبت به لن تنطفئ ويده اصبحت شبه قبضه لينطق الكلمات من بين أضراسه
"هل تعلمين بما أشعر تجاهك الأن وما أريد فعله بك وبعشيقكِ!!"
ابتسمت لتصدمه
"لهذا اخبرتك سراً لا يعرفه أحد ...لأنني أرى فيك الرجل الذي تمنيه لها وأنا سعيدة فسنمار أخبرني معدنك ...لذلك كان يجب أن تعلم ما أصابها لتعتني بها لتداوي ندوبها فهي لم تشفى أبداً... لو كنتَ رجلاً أخر صدقاً لم أكن لآتي وأعكر مزاجك ولا يهمني الأن حتى لو قتلتني فأنا ميتة منذ أمد بعيد"
زفر بقوة ليرخى ملامحه... أحس بحزن يلف قلبه ليغمغم
"تعذبت حورية كثيراً ولم تشكو وجعها وبدل ذلك كانت تداوي جراحي وتحاول اعادة ثقتي بنفسي !!أي قلب تملكه هذه الفتاة"
وقفت تقترب منه
"حورية لاتشبه ثريا وعابد أبداً هي لا تشبهنا ...بل كانت مزيج من بياض طفولتنا قبل أن تلوثنا الأيام ... قبل أن يحجّر المجتمع والعادات نفوسنا ...فخري لم ولن تكون عاهرة أو قاتلة كوالديها... بل حافظت على نقاء روحها ولم تسمح لا لقريب أو غريب أن يغيرها... أرجوك احتويها كما لم نفعل يوماً "
جلى حنجرته يبعد مشاعراً قوية انتابته
"أنا مثلكم ألمتها و لا أستحق حتى ظفرها"
هزت رأسها بعدم رضا
"أنتما خلقتما لبعض كل منكم لديه ما يحتاجه من الأخر ... عيونك تفضح مكنونات قلبك البريء وهو يشبه قلب أبنتي ...هنيئاً لكما ...من اليوم لن تسمعوا بنا وعيشوا حياة لم نعشها ولم نطلها"
خرجت ثريا منكوبة من المشفى لتقابل أمام الباب منجد!! ركضت صوبه بهلع ليتمتم
" أخبرتك أن لا تخرجي دون أذني!! أنت تعلمين أن جواسيسي بكل مكان!!"
تلعثمت وهي ترمش بقوة "جئت أقوم بفحوصات...."
" لا داعي لتشرحي لي...المهم جئت لأخذك لمرشحنا الانتخابي فسيلقي خطبة بعد ثلاث أيام ونريد أن نجعله مرتاح وسعيداً ليخرج للشعب بوعود جميلة... ستذهبين لمزرعته وتعتني به "
"غريب!! ألم تكن توكل هذه الأمور لصغيراتك اليافعات!! أخر مرة توسلت اليك عملاً مع كبار المسؤولين قلت بأنني عفى علي الزمن"
ضحك وهو يسحبها للسيارة
"وهل استطيع تغير أمراتي الأولى ومنع الجائزة الكبرى عنها!! "
انطلقوا لينظر للمشفى لقد تبعها متعمداً ...منذ اتصالاتها مع سنمار بالهاتف وهو يتمنى أن يسمع خبر موت حورية لكن لم يحدث!! توعدها أنها لو نجت من الكل فسينتقم منها على ما فعلته به ليمسك بعينه المفقوعة والتي تذكره بجريمتها نحوه من شهور.
............................
كان ناهي يحاول ضرب كامل بحزامه الجلدي وعابد وعايد يحاولون السيطرة على غضبه يصرخ بقوة والعشيرة متجمهرة حولة خائبين الظن
"فاشل... شيء واحد طلبته منك من أجل العشيرة فماذا تقول هربت الفتاة منك!! الم أوصيك أن تضع عينيك عليها!! لتمت... لتمت الأن فأرتاح منك "
يصرخ كامل من زاوية الغرفة
"اقسم لم يكن هنالك عرساً ولم يكن هنالك حرساً على حدودهم...صدقوني كانت ناحيتهم مدينة أشباح أسال مؤيد فهو كان يراقب الناحية من أيام !!"
أومأ مؤيد يؤكد كلامه فهم لا يعلمون ما يجري ..نظر ناهي للجميع "ماذا الأن هل نجلس كالنساء حتى يأتون آل الصياد ويحتلوا بيوتنا ويسبوا نسائنا ويجعلونا نعمل كعبيد عندهم!!"
تجرأ مؤيد للكلام لأول مرة
"الا ترون أن آل الصياد باتوا غريبين جداً منذ موت كبيرهم حتى أن فهد رضى بالفصلية على أن يحاربنا مع أنه يعلم بما فعلته بالمدينة!!"
حملقة العيون صوبه جعلته يخبرهم بما كان يخفيه
"اجل فهد يعلم بأنها كانت بمركز الشرطة ومع ذلك وافق عليها!! يبدو أنه لم يكن مجرماً كما يشاع عنه بل يبحث عن سلام معنا ووحدة كما يتردد على ألسن ناحيتهم"
شهق ناهي ليردف مؤيد "أرجوكم ألم تملوا من الحروب فبالنهاية كلنا نعود لنفس الجد ...ولو لم يتدخل الأغراب بيننا ووضعوا الحدود على أراضينا لكنا عائلة واحدة...الن يكون رائعاً لو أننا من يتحكم بزمام أمورنا وليس "هم" وماذا لو توحدنا من جديد وقسمنا ثرواتنا بما بيننا وصبحنا ومسينا على بعض هل سينقص هذا من شأننا!!"
ضاقت عين ناهي وبان حنقه من الكلام الغير مألوف هنا لكن البقية كانوا صامتين مستغربين أمر الفتى العابث فجاءة ينطق كلام معقول!! جلس ناهي على كرسيه يشير لمؤيد أن يقترب جره من رقبته بقوة
"نتوحد ونعيش بسلام!! وماذا عن نشوة النصر والظفر والمكسب والفوز عليهم... أنت لم تشعر بتلك المتعة وكيف تجعل جسدك ينتشي وأنت ترى اعدائك خائفون ...يركعون تحت قدمك يتوسلون منك العفو ...تلك اللحظة الرائعة تشعر أنك تملك روحهم وبكلمة واحدة منك تستطيع أن تحييهم وتميتهم..."
غمغم مؤيد مع نفسه "تباً لجنون العظمة..."
صمت ومازالت رقبته تحت رحمة عمه الكبير ليكمل الاخير بنبرة غضب
"ثم لو توحدنا اذاً لن يعود للأسياد نفع هنا وسيتركوننا نتخبط وحدنا ونحن لحد الأن لم نحقق الحلم الذي وعدونا به لو نفذنا ما يريدون ...العالم كله سيركع تحت قدمنا وسيجعلوننا أمة تحسدها بقية الأمم ...انتظروا لكي نصل لتلك المرحلة ودعك من الخطب الغبية وعد للهو والعبث مع ذلك الفاشل كامل والذي اتمنى قتله هنا لو لا أنني محتاجكم هذه الأيام"
تمتم عايد " عمي أبني صحيح اخطأ لكن أكيد خططنا لن تنتهي هيا لنفكر بخطة جديدة نجعل آل الصياد ينهضوا من سباتهم الغريب هذا"
صرخ يصمته "كيف والأسياد قادمون انه الاجتماع الأخير قبل الانتخابات سيحظى آل الصياد بحظوة وحماية "المنظمة" سترى ذلك ....هل تعلم أن تعدادهم زاد بالسنوات الأخيرة وغناهم لا حدود له وأراضيهم كبيرة جداً حتى جانبهم من الإيوان يبدو أكثر رقياً... من تعتقد سيختارهم "القادمون" عندما يقارنون بيننا!!"
ليرده عايد ويصدمه هو الأخر
"ألست انت من أمر بقتل النساء وجعلتنا نقل عدداً وأيضاً لم يعد من السهل تزويج رجالنا لبنات النواحي الأخرى ...الكل يخاف منا لكن أنظر ها هو أبني أيوب سيعيد أمجادنا "
أومأ ناهي برضا لأخر جملته ليهتف
" أجل معك حق بهذا ...أجلبي لي ماء يا سرى يا أم الوريث "
صرخ عايد يناديها لتتمتم أم سنمار من بعيد
"انها مختفية من العصر...أنا خائفة أن يكون حدث شيء لها فحالتها الصحية سيئة"
تلفت مؤيد ونظرات هلع بانت على ملامحه
" سأذهب للبحث عنها "
تبعه عدد من الشباب يلحقهم أيوب مدعياً الاهتمام ....ليبقى عابد وعايد وناهي لوحدهم الأن وكل خططهم ضاعت يشعرون بيأس لم يعهدوه غمغم عابد والد حورية
"اذاً لم يحدث ما أردناه بل زاد بؤسي انا بالذات بترك وصمة عاري تتنفس ... لو أنني قتلتها لوفرنا العذاب الذي أعيشه "
ليرد أخيه بغضب
"اخبرتك انا أكثر من أراد انهائها لكن أيوب هو من أقترح فصلها لفهد ...اعتقدنا سنستفيد منها "
"انت لن تشعر بي لأنها ليست أبنتك وكلام منجد برأسي يحطمني.. آه لن اهجع حتى أردم عليها التراب ...الناس حولي ينظرون لي بانحطاط ...مجرد تنفسها هنالك ينكس رأسي يا ليتني لم أستمع لكم "
هتف ناهي يسكته بسخط
"حسناً يوم تبدأ حربنا مع آل الصياد سنتخلص منها معهم...فقط لأجد الشرارة ... مجرد شرارة صغيرة تجعل الحرب الكبرى تبدأ".
وصل مؤيد للبئر وهو يعلم أنها دوماً تختلي مع نفسها هنا عند غضبها لكن لا أثر لها!! لينتبه لوضع البئر اقترب ليوقفه صوت أيوب
"لنبحث بمكان أخر لا أعتقد أنها ستأتي لهنا وهي حامل"
"انتظر لما البئر مردوم من فعل هذا !!سأنادي الشباب لنزيل الصخور"
أوقفه ايوب بغضب "أنا فعلت..."
نظر مؤيد بحيرة ليردف أيوب وهو يفكر بكذبة
"اردت قطعه على آل الصياد فهم دوماً يستغفلونا ويأتون ليشربوا منه لطعمه العذب فقطعته عليهم ونحن لا نحتاجه فالآبار بناحيتنا كثيرة عكسهم!!"
ضاقت عين مؤيد هو لم يسمع أن أحد من آل الصياد يعبر للبئر لكن أيوب أدرى اومأ له وانطلقوا يبحثون عن سرى بمكان أخر.
...........................
تنسل خيوط الشمس على وجنتيها تعطيها بعد أخر من جمال يأسره طوال الليل يراقبها لكنه يعلم أصل ما يفعله ...الذنب يفتت قلبه ..
أزاح خصلات شعرها بعيداً عن عينيها ...ليعي تواً أن هذا ما يحتاجه لنهاية حياته... مجرد أن يصحو وهي بجانبه يراقبها لتفتح عينيها معلنة بداية يوم مبهج ...هذا سيكون كافياً جداً ...ابتسم وهو يفكر أن حورية لن تستيقظ بعده مطلقاً...خُيل أليه كل يوم سينهض على ضوضائها ...تقفز على السرير لتصحيه وستمضي يومها تتغزل بوجهه لتبين له أنه كامل لها ...هو الأن يرى نفسه بعين حورية ...كم هو رائع أن ترى نفسك بعيون من يعشقك... ويتمنى أن يريها بعيونه من هي حقاً "انها براءة طفلة قراحة معجونة بشقاوة صبية مقدامة مختلطة بمشاعر مراهقة مفتونة متمردة ...مغمورة بإحساس شابة عاشقة مضاف لها لمسة حنان أم معطاءة لتنتهي تلك الخلطة السحرية بحكمة سيدة كهلة يستفيد منها كل من حولها... هي كلهن تجسدن بحوريته ...أمله وحلمه... لا بل صارت واقعه الأجمل ... ومن ضمن استمتاعه بالتحديق بها ... فتحت عيناها لينهض مرتبكاً
"سأجلب الطبيب الأن "
هرب بسرعة وكأنه لا يريد أن ترى ذنبه بعيونه حتى يستجمع شتات نفسه ويعتذر بصدق ويطلب السماح...
بعد مدة اطمئن على وضعها فزالت العقبة التي خنقته... كم كان خائف عليها... لكن هي كانت حالها محزن تجلس على حافة السرير محنية الظهر كمن يحمل ثقلاً على ظهره همست
"كنتَ تريد أن تعزز مكانك وانظر ماذا حدث بسببي!!نكثت العهد"
هنا قطع الغرفة بسرعة ليجلس أسفل قدمها
" حتى لو لم تحدث مشكلتك لم يكن سيحدث زفافاً "
تذكرت حورية ما حدث ليلة أمس وحديث غانم قبل أن يغمى عليها
"كيف هي !!هلا اتصلت بسنمار لنعرف وضعها"
"بوران بخير لا تخافي"
"اذاً لما أنت حزين!!"
فجاءة يأخذ يدها بين يده يضغط عليهما
"سامحيني على ظني السوء بك وتصديق منجد!!"
شعر بتصلب جسدها رفع رأسه ليشاهد ما مرسوم على ملامحها فكانت تظهر معاناتها فور ذكر أسمه
"ما سمعته زلزل عقلي وقلبي فكيف بمن عاشت لحظاته!!"
هزت رأسها بحيرة تكتم غصتها
"لكنك تعرف بهذا الأمر مسبقاً وحاسبتني عليه أول ليلة عندك اخبرتك أني كنت مجبرة وبحياتي لم أرضى أن اكون بهذا الوضع الموجع لما نعيد فتح الموضوع!!"
اتساع عيناه اعلمها أنه لم يكن يعرف هذا الأمر لتضيف بدهشة
" يومها أنت لم تقصد ما حدث لي بطفولتي ...."
أحنى رأسه
" اخبرني أنك عشيقته واختلفتما على النقود وضربته وهذا ما جعلك تكوني بمركز الشرطة"
صمتت تحس بكرب عظيم ... هذا اذاً ما جعلها تعاني كان يريدهم أن يقتلوها لينتقم منها... لمعت عيناها لتطلق شهقات مؤلمة كانت تكتم صدرها تميتها ...ينظر لدموعها المتساقطة على أصابعه كانت كنهر فاض كيله لقد عرف بسرها هذه المرة يا ليته علم به مبكراً
" لا تبكي بسبب ما فعله ذلك السافل فهو لا يستحق حزنكِ... سأقتله لأجلكِ ...فقط اخبريني ما تريدين وما سيسعدك وسأنفذ من فوري"
هزت رأسها بحزن أشعره بعجز لم يعهده
"لا أريد سماع كلمة قتل ولا تعذيب ولا أريد مشاهدة الدم أمامي!! موت الناس لا يسعدني مهما كانوا أشرار... ما أريده يا فهد حياة بسيطة ملؤها الحب والأمان الذي افتقدته من صغري أهذا كثير عليّ!!"
"ليس كثير... لكن استندي علي... بت من أمس أشعر بالدونية قربكِ... أريدك أن تشعريني بأنك تحتاجيني أكثر مما أحتاجك ...أريد أن اكون حاميك وسندكِ... أرميه علي كله!!"
تحدق بوجهه بنظرات منكسرة ليردف
" حزنكِ ...دعيني اكون من يرسم البسمة على شفتيك الكالحة ولا تترددي بالفضفضة لي عن ما حدث معك بالماضي شاركيني كل شيء من هذه اللحظة "
كلامه يشعرها بالثقة هي تريد فجاءة رمي الذكريات الموجعة خلفها ...تريد بدأ حياة جديدة مع فهد من دون جحيم الماضي ولا خوف المستقبل لتبدأ بأخباره من أول ما انتزعت الدنيا منها سعادتها وصولاً لليلة عرس عمها ناهي .
...........................
"قبل سنتين"
بعد هروبها بعيد اعتقال رجال عشيرتها بصورة مخزية صادفت سنمار تلك الليلة كان حاله مضطرب مثلها... لقد تم ضربه واهانته وكان سينتقم لكن فهد الصياد سبقه وفضحهم ....يقفان وسط البساتين يعانيان مما حدث
"أين ستهربين بوضعك هذا تعالي معي !!"
"لا ...هم يعرفون مسكنك يا سنمار سيصلون لي ...سأعود اليها ليس لدي حل أخر للخلاص!!"
نظر بحيرة اليها لما تتكلم عن والدتها بشكل منفر !!لكنه من جهة أخرى وافقها على الأقل والدتها ستحميها ...وصلت لثريا كانت صامتة تبتلع ألم الضرب والقهر الذي واجهته وسنمار من شرح كل شيء للأم والتي صدمت حورية برد فعلها حيث أخذتها يومها بعيداً عن منطقتهم الأولى كانت أبنة عم والدتها قد توفت ...هذه المرة ثريا تركت العز من أجلها فبثت الأمل بروحها من أن الأنسان يمكنه التغير ويتوب عن أخطائه... عاشت أشهر هادئة ...امها تعمل أكثر من قبل لكن ما يثير الحيرة كانت ميسورة الحال ولم تعاني وحتى رفضت أن تعمل ابنتها !!كانت تخبرها أن تنتبه لدروسها التي استأنفتها لقد تقدمت بمحو الأمية كثيرا وهذه المرة لن يأخذوا حلمها ... لتعود ثريا يوماً والكدمات تغطيها جعل حورية تسأل برعب لتجيب
"تعرفين المسنين أن لم أخدمهم جيداً يضربوني ...لا تهتمي بي عودي لتدرسي وحققي حلم أمك والا صرت مثلي حبيبتي"
رن هاتف والدتها لترفضه وهي مرتبكة !!هذه التصرفات هي من يجعل حورية مشوشة وحائرة....دخلت امها تستحم وهنا قررت عليها أن تغذي فضولها ...دخلت غرفة والدتها فتشت الحقيبة لتجد كروت عدة تهجت الاسماء بروية كلهم أناس يملكون شركات ومناصب عليا!! واخيراً عاد الهاتف يرن ركزت على أحرفه التي لسعتها بقوة... نطقته بصورة متقطعة
م ن ج د!! ارتدت للخلف لتخرج والدتها بسرعة ومازال شعرها مبلل كانت تلف المنشفة حولها اصطدمت بابنتها والتي بان ذهولها فجسد أمها مليء بالبقع الداكنة أثر ضربها !!...خطفت ثريا هاتفها تصرخ على منجد وتغلقه لتجلس تبكي محنية الظهر فقد فُضح المستور...نظرت حورية لوالدتها فترقرقت الدموع بمقلتيها لتجلس تحتضنها من الخلف ...قبلت كتفها المجروح أثر خدوش رجل مقيت شوه جسدها....دموعها تحرق بشرة ثريا التي بدأت ضرب رأسها وصدرها لتتمتم حورية بتوسل
"توقفي حبيبتي أرجوك"
هي لا تحكم عليها فهي الاعرف ما مرت به ومن هي لتصدر حكمها عليها ركعت حورية تقبل يديها
"امي لنبدأ من جديد... أرجوك أنا لا أريد رفاهية سأعيش بغرفة ...سأكل مرة واحدة لكن لنعيش بعيداً عن منجد وعن أبي وغيره لنبتعد عن الرجال انا أكرههم فهم لا يفعلون شيئاً سوى ضربنا وتشويهنا"
دهشة والدتها منها كانت كبيرة هذه الفتاة نضجت قبل أوانها بكثير احتضت رأسها وهي تعدها
"أعدك لن ألوث نفسي والوثك معي حوريتي ....سنختفي بعيد عنهم جميعاً ....من اليوم لن يعنفنا ويستغلنا أحد حبيبتي".
.................................
مرت مدة طويلة تعيش على وضعها الهادئ صحيح هاربة من رجال عشيرتها ومن رجل يهدد أمها لكنهما تعيشان براحة ولو كان حالهما المادي صعب...هي تعمل عند خياطة من الصباح وحتى المساء وأمها عادت لتعمل بدار المسنين بحق هذه المرة.... باتتا تضحكان اكثر و تنامان مطمئنتان وتشعران بالسكينة فلم تعد تريد إلا الاستمرار هكذا لكن!! في ليلة قاتمة لم تعد أمها ليطرق الباب بقوة فتحت لتجده منجد!! الوغد هنا ....ويخبرها أن أمها محبوسة بتهمة التعدي على زبونها!! دخل بقوة ينفث دخانه سيجاره المقرف بوجهها
" سيقتلونها هنالك بالمركز لأنها لم تصمت الغبية وحاولت رد الضرب أنه رجل ليس من عامة الشعب أنه من فوق!!"
أحست أن هواء الغرفة أنتهى تريد كرسي لتجلس والا ستقع بل لقد هوت روحها وهي تسمع الحقيقة ...الغضب تغلغل داخلها خدعتها أمها ...تكلمت باستياء
"اذاً انقذها أليست حبيبتك لما جئت لأخباري!! "
"لا أستطيع إنقاذها الرجل غاضب جداً لكنني اقنعته بصفقة وهو سيفكر بموضوعها"
تستمع بترقب ليكمل
" أنه وزير الدولة تخيلي لو ملئت مكانها ستكونين صاحبته ستعيشين برفاهية وماذا لو رُشح مستقبلاً لمنصب أعلى ستكونين محظية رئيس الدولة ... أمك رفضت ما طلبه فعوقبت.... أملي بك لإنقاذها"
احتقنت عيونها تهز رأسها لتنطق الكلمات التي شقت حنجرتها
"ولما رفضت ثريتك مطلبه أنها بالنهاية عاهرة واكيد لن تدعي الشرف مع وزير أو غيره"
زفر بغيظ "لقد أوكلوها مهمة فرفضتها !!"
قهقهت بسخرية اغضبته لقد كانت تشبه المجانين بردود أفعالها ليضيف
"أمك رفضت التجنيد!! "
ماتت الضحكات البائسة على شفتيها فلم تفهم لينورها ويعرفها حقيقة العالم القذر الذي تعيشه
"تعرفين أن السياسيين تمويلهم يكون من "الخارج" ومن يمولون وزيرنا "الأسياد " اولياء أمرنا الذين لا نستطيع قول "لا" لهم ...ارادوها أن تذهب "لمكانهم" ليتم تدريبها عدة أشهر كما نفعل ببقية العاهرات وبعدها يتم نشرهن للدول الأخرى ونستهدف كبارها ومسؤوليها ...هن سيكونن محظيات ومرتاحات طوال حياتهن وبالمقابل سيجلبن أسرار لن يستطع أكبر جواسيس المخابرات الوصول اليها... أمك كانت ستنول الشرف وتجعلني كلبهم الأول في البلد لكنها أفسدت مخططي ...خافت أن تذهب عندهم... اما أنت قوية لن ترهبي.. أنا اقدم لك كنوز العالم تحت قدميك وأرى بعينيك طموح بحياة أخرى ..أنت لم تخلقي للفقر والشقاء بل للدلال والتغنج ولبس الحرير والماس ..من أول ما رأيتك وعرفت أنك المختارة"
صمتت مطولاً لتساءل بنبرة عجب
"من هم هؤلاء بالضبط ومن أين لهم كل هذه الأموال ليمولوا الناس!!"
اقترب بسعادة ظناً منه أنها ستوافق بسؤالها عنهم ...اسهب يبين لها
"أنهم ليسوا دولاً أو أفراد من عقود يسيطرون على كل القارات لو غضبوا انقلب العالم ...بضغطة زر يهدوا دولاً ويبنوا أخريات...يلعبون بالبورصات ويتحكمون بالذهب والثروات....دخلوا لكل بيوت هذه الأرض واستعبدوا الجيوش والمنظمات ...لا يوجد كرسي حكم أو مملكة قائمة أن لم يكونوا موافقون عليهم ولا يوجد شيء بقاموسهم أسمه انتخابات... ولو أرادوا أرضاً سيأخذونها ولو كرهوا حكومة سيمحونها بوصمة عار وسلسلة افتراءات... الثورات والانتفاضات والانقلابات كلها من تخطيطهم أما المعارضات والكيانات وحتى الارهابيون من صنعهم يخرجونهم وقت الأزمات ولو وجدوا سلاماً حولهم سيثيرون مجموعة من الفتن ولو كانت عينهم على خير أرض ينشبون حرباً أهلية فلم يعودوا يتدخلوا بأنفسهم ويخسروا الأرواح بل الأسهل أن يستغلوا حماقة الشعوب لقتل لبعضهم فيحصدوا الغنائم ويرقصوا على جثث الأغبياء...ولا يوجد دول عظمى عندهم فهم الكيان الاعظم وأذرعه يمتد من شرق لغرب المحيطات...انهم...!! "
توقف وهو يرى انسحاب اللون من بشرتها
" لا تتعبي عقلك فقط قولي نعم لنسد الفراغ ...القافلة سترحل غداً صباحاً وبعد أشهر ستكونين من أغنى أغنياء العالم وليس ببعيد سنراك بالمستقبل مرشحة لمنصب كبير !!"
شخرت بسخرية
"كم كنت حمقاء وأنا اعتقد أن النخاسين فقط من باعوني وأختي بالصغر ولم أعلم أن هنالك نخاس أخر ينتظرني"
اغمضت عينيها ببؤس هي ترى الصورة الواضحة أمامها ....حتى "العهر" صار منظم ومدبر ...لهذا خبأتها والدتها لقد خافت من ما يريدون... فتحت عينيها وقد قررت ما تريد...لمحت أداه الحياكة على الطاولة فلقد جلبت عملها المتعب اليوم معها لتسهر عليه ليلاً ...يا ليتها تعود ساعات للوراء عندما ظنت أن الحياة لن تصيبها بصدمة أكبر...اعطته ظهرها لتضحك بقوة
"لهذه الدرجة سعدتِ بالصفقة!! كنت اعلم أنك ذكية وستبحثين عن مصلحتك "
استدارت وملامحها باتت غريبة... تضحك لكن ضحكتها حزينة ولم تصل لعيونها رفعت اداة الحياكة لتغرزها بعينه ...اتصلت بنفسها بالشرطة ذلك اليوم ليخلصوها منهم ... احست أن السجن الصغير ببلدها أفضل من السجن الكبير الذي ستعيشه لو ابقت على منجد بقربها.
............................
الوقت الحالي بالمشفى
تنظر اليه يقف بهدوء يجلس بجانبها يتنفس بعمق لتتمتم
"أرى أن وضعي مع منجد صدمك أكثر مما قلته عن التجنيد!!"
أغمض عينيه
"لم أعتقد أنك ستصدمين بحقيقة العالم مبكراً لكن لما لم تخبري الشرطة وقتها عن منجد لما تركتيهم يسجنونك تلك الأشهر ..."
ابتسمت بحزن
"بل قلت لهم عن صفقته المريبة... لكن الصدمة جاءت مرة اخرى من ثريا من تعشق منجد أكثر من حياتها... لقد صمتت ولم تدافع عني بينني كاذبة وأهلوس ... أمي جعلتني يائسة متقبلة وضعي... أمي باعتني من أجله ومن أجل ما يوفره لها !! "
"وضعها أمس كان يبكي الحجر "
أومأ لها بعد دهشة ملامحها
"أجل هي من أعلمني ...أنها نادمة لكن يبدو أنهم مازالوا بطريق الشر فهيئتها تدل على الترف "
نظر بعينيها " لن يصل أحد اليك بعد الأن وسأحقق حلمك بالسلام والأمان حتى لو كان علي مصافحة ناهي السماك مغتصب الاطفال"
ضحكت ليضحك فقد أراد تغير الجو الذي تكدر ...كل منهما شاهد فظاعة العالم وحان الوقت ليرتاحا يقبل يدها يهمس
" لا تبالي بعد اليوم لشي وأنت معي وأنسي كل العالم "
رن هاتفه صوت عاتك جعله يقفز من مكانه "عمي !!"
نهضت حورية وهي ترى تأثره
"عد يا فهد لابد أن تترأس الدفن ...لا تترك لهم مجال للأقاويل فيكفي ما يحصل...أنه مشفى مؤمن!!"
وعدها بلهفة
"غداً من الفجر سأكون معك وأي شيء يحصل اطلبي من الممرضة الاتصال بي هم يعرفون رقمي تمام!!"
قبل جبهتها بسرعة عندما وصل للباب لا تعلم ما الذي وخزها لتهمس "فهد"
استدار بسرعة نحوها رفعت يدها تلوح له ...هي تعلم أنه وبعد خسارة عمه سيكون وحيداً وتائه دعت أن يبث الله القوة بداخله ليصمد ضدهم.
.........................
فتحت عينيها ببطء ترى رجل يصلي بعيداً أين هي !!
نظرت حولها أنها بالمشفى ....اكمل سنمار صلاته تقدم مبتسما بوجهها يحاول أن يخفي خبر موت والدها قدر الامكان وهدد الجميع بعدم التقرب اليها هذه الأيام والا لن يكتب تقريراً زائفاً ....تفاجأ من قسوته عليهم من أجلها !! جلس على السرير
"أخيراً صحوت أيتها الاميرة من البارحة وأنا ساهر قربك "
"هل تعامل كل مرضاك هكذا تبيت بغرفهم و.....تصلي هنا"
"لا ...فقط أنت لذلك افخري بأن الطبيب سنمار نفسه يراعيك"
نظرت للباب فيطمئنها
" لن يتجرأ احد على ازعاجك"
رمشت تشعر بذنب لقد أرادت أن يقتلها... أرادت جره معه لجنونها نظرت بعيونه التي اربكتها لتحاول تغير تحديقه الغير مريح
"كنت تقرأ كما يقرأ فهد لا أعرف كيف تسمونها... "
"انها تلاوة القران ألا تقرئينه ألم تدخلي مدرسة ...سمعت أن فتيات الصياد يدخلن المدارس لحد الصف السادس الابتدائي وليس مثل ناحيتنا حيث ممنوع على الفتيات ذلك!! "
اسدلت أهدابها "بلى دخلت المدرسة لكننا لا نصلي أو نقرأ القرآن اثنان فقط من يفعلون وهم الذين نكرههم ...فهد وأمه"
نظرت لدهشته
"امي تقول أنه ملعون وقلبه وسخ وأمه تحمل دم أهلها القتلة لذلك صلاتهم لن تحسب ...نحن حتى مسجد الناحية بات مهجور إلا من عدد قليل من الرجال المسنين ولم يعد الآذان يرفع منذ قدوم الاسياد ...سمعت يوماً عمي يقول لنحترم رغباتهم فهم أولى أن نرضيهم!!"
رد بسرعة يهز رأسه
"وكأني اسمع حديث أهلي ...كم هم متشابهون يا الله رحمتك بنا ...نحن نبيع ديننا لإرضاء بشر مثلنا فكيف ستنصرنا ونحن ذللنا أنفسنا!!...لا تهتمي سأعلمك الصلاة أما القراءة استطيع أن احفظك سوراً قصيرة بالبداية لتتليها انها دواء اليأس يا بوران...وعندما تخافين من القادم فلتدعي كثيراً لأن لو جيوش الأرض حُشدت ضدك وتآمر اتباع الشياطين لتحطميك فما دمت مؤمنة بأن الله أقوى من اسلحتهم ودباباتهم وخططهم سينصرك عليهم ولا تستسلمي لو وجدتهم فازوا ... أنه امتحان وعلينا أن ننجح به ...نحن صحيح بعنا الدين والأرض والعرض لكن مازال هنالك منا سائرون على الطريق القويم وأملي أن يظهروا قريباً....الأن حان الوقت لتستريحي أغمضي عينيك وابعدي كل وساوس الشياطين من فكرك"
حديثه مطمئن وتتمنى أن يكون لديها تلك الثقة ....حسناً ستنفذ ما يريده عله ينجح وتصبح مؤمنة كإيمانه القوي والذي فجاءة حسدته عليه.
............................
انتهى الدفن يجلس فهد بملحقه استعدادا ليوم العزاء الأول
"لا تحمل نفسك ذنباً ... اعرف أنك تلوم حالك لكن أنه اجله بني"
فغر فاهه وهي يسمع لنبرة الحنية بصوت نجمة
"لم تعودي خائفة للكلام معي... دوماً كنت تنهيني عن هذا "
"كنت مخطئة بفعل ما يريدون فأذيت ابني بالحرمان وتركت الغريبة تربيه ...كان علي القتال من أجلك وليس التفرج من بعيد.. اجل لا تستغرب أنها كلمات فتاة حكيمة أسمها حورية لقد جعلتني بعد سنوات أعرف كيف كنت مخطئة بحقك وتهاونت بحقي قبلك"
أحنت رأسها ليشاهدها تفتح خرقة وردية تخرج منها سلسلة ذهبية
"هذه أخر ما اعطتني اياه والدتي عند وداعي... احتفظت بها لأنها من رائحتها وماتت ولم أراها... اعطيها لحورية هدية أعرف انك تتوق لبدء بداية جديدة مشرقة معها"
ابتسمت لتضيف "لو كان يعلمون هنا أنها عندي لقتلوني "
رأت همومه بوجهه تمنع سعادته... اخذ السلسة لتفاجئه تفتح ذراعيها ...الاندهاش أصابه بالبداية لكن بعد أن تأكد من رغبتها بضمه أرتمى بحضنها ...هذا ما كان يتوق له منذ الصغر هذا الحضن الذي يشبه أن يضمك العالم أجمع وبعدها لن تحتاج لشيء بعده همس
" اشتقت لك ِ كثيرا يا أمي".
.............................
لم يصدق أن يأتي نهار اليوم التالي سيطمئن على حورية وسيعود لكنها غير موجودة بغرفتها!! بحث بكل مكان حتى وصلت أحدى الممرضات
"عفواً ...رجل جاء لأخذها وترك هذه الملاحظة وشدد علي أن أعطيها لزوجها فقط !!تفضل"
فتح الورقة متعجباً ليجده عنواناً... هل هو سنمار!! لا والا كان أتصل به!! لا يريد التفكير بالموضوع وصل العنوان المذكور ...انها عمارة ...صعد الدور المعني ليجد باب الشقة غير مغلق وكأنهم متوقعين وصوله!!
فتح الباب ببطء وعقله يعلمه ما يجري لكن قلبه ينفي أن تكون حورية فعلتها ...كان الأن بالداخل ليستدير جانباً فيلمحها حورية معطية ظهرها له تقف تكلم منجد... تهمس له ماذا تقول!! أكيد تقنعه بعدم التعرض لها... أجل هذا ما جاءت من أجله وما خاطرت بنفسها وسمعتها مرة أخرى!! جاءت لتحذره من الاتصال بها لكن لما لم تحذره هنالك بالمشفى... أنتبه له منجد ليبتسم بخبث ويرفع هاتفه بمرح!!
قهقه منجد بشماته لتلتفت حورية تتسمر بمكانها... أما فهد وبعد نظرات الذنب بعيونها يشعر أن الدم يتدفق في عروقه ساخناً هائجا كما لم يحصل بحياته... وصل لمنجد يسحبه من ياقته وبدأ بلكمه وصب جام غضبه عليه لم يعد يرى أو يسمع شيئاً من حوله...لتنكمش حورية بزاوية الغرفة وهي ترى دمه الذي يتطاير لقد حطم وجهه ليبتعد عنه يتنفس غضباً مستعر ...بينما كانت تحدق بفهد برعب ولم تعد تعلم من الأنسان المخيف الذي تحول اليه ...جاء هسيسها مرتجفاً "فهد"
هدر بصوت ارعبها "أنت اخرسي ...."
صوت صفعته القوية لوجنتها هو من حطم سكون المكان حولهم!!
...........................
صوت نجمة جعل أم خمائل تركض للسرداب هي وأم رحمة يتساءلون كيف نزلت وهي مصابة بقدمها وكيف عرفت !! ليأتيها الجواب وهي تقف وابنتها الباكية بقبضة نجمة
" لو لم تخرج بسبب الجوع لما عرفت ما تحيكين لأبني ووفري كذبك ...ابنتك اعترفت بكل شيء"
عضت أم خمائل شفتيها لتردف نجمة بقهر
"لا سكوت بعد اليوم أبني لن يظلم وسأفضحكم "
سحبت الفتاة ومرت من قرب أمها وفجاءة ضربة من خلفها جعلتها تهوى من السلالم دون حراك
صرخت خمائل "قتلنا الاخرى امي!! "
رمت أم خمائل الانبوب الحديدي وأم رحمة تلطم خدها
"كيف سنفسر هذه الجريمة "
"انتن أغبى من رأيت بحياتي!!"
نظرن لفوق وغانم ينزل السلالم يصل لقرب خمائل عاقدا حاجبيه بقسوة
"لو أنكم شاركتموني من البداية بالأمر لما اضطررنا للمرور بهذا العذاب ...كنت اخبرتني يا أبنة عمي وأنا خبأتها لكِ"
شاهد شحوبهن ليضيف
"انا كنت أريد موت مأمون قبل آل السماك وما حصل اليوم جيد سأرد ضربتي لأبنه الملعون ولقد هيأتم الفرصة...الأن اسمعنني ونفذن بالحرف الواحد"
صرخت أم خمائل تمسك يدها فأجتمع اكثر المعزين الأن حولها من نساء ورجال شباب وأطفال وشيوخ العشيرة ينظرون بقلق والدم يصب من يدها واخيراً وقف غانم وزوجته يدّعون الهلع
"ما بك!!"
"الفهد الأسود قتل نجمة وحاول قتلي !!".
...................
أنت تقرأ
تحت إيوان النخاس الجزء الثالث من سلسلة بتائل مدنسة لكاتبة مروة العزاوى
Romansaقربان دم أنا حكايتي ليست عجبا! فكم من مثلي سيقت كأضحية وكم من مثلي ماتت كمدا مولدي عار! جنسي نكبة! وأدي راحة! وموتي بهجة! أيا رجال عفنت أفكارهم بوجودي! أيا ذكوراً خابت قلوبهم بصمودي! ساقوني كقربان لرد الأذى ! قادوني ككبش لردع الوغى! رجال ...وبئس ر...