الفصل السادس
مرت الأيام متباطئة ثقيلة على آل السماك الذي يترقبون ضربتهم الموجعة بينما آل الصياد منشغلين بالتحضير للعرس الكبير منهم من هو خائف ومنهم من استكان خصوصاً أن الفصلية لم تمت وها هو اليوم الرابع يعدي عليها وهي بخير!!حورية هي الوحيدة المعزولة عن أفكار من حولها فقد وجدت اخيراً ملجأ لها مع الخالة "نجمة" أم فهد منذ تلك الليلة وهي تشعر بالحياة ...الخالة تعاملها كأبنة لها ..كم هو شعور مبهج عندما يهتم بك أحدهم!!كانت تنام معها بنفس الغرفة قرب المطبخ وتصحو معها تعمل وتضحك وتتحدث معها بكل شيء ...بضعة ايام حولتها من غريبة بالحياة الى أبنة لأم لم تنجبها هذه المرأة لا تستحق ان تعيش هنا فلو كانت بمجتمع أخر لكانت امرأة ذات شأن بسبب أفكارها وأخلاقها ووعيها.. كانت حورية تراقب الجميع من بعيد فلا أحد مسموح له بالكلام معهما ومن كانت عينها عليه بالذات هو فهد فتتنبه حواسها عندما تسمع بخطواته من بعيد عبر النافذة فلم يكلمها منذ تلك الليلة العصيبة... لقد تأكدت مما قالته امه ..الشر ليس طبعه بل صار أهله يسوقونه لأنه صار زعيمهم وهو يريد أثبات قوته عليهم مهما كلفه الامر ..
منشغلات بأعمالهم ككل يوم وفجاءة تدخل زوجة العم تنتشلها مما كان يخامر ذهنها... نظرت لنجمة بتعالي
"لا تتكاسلي هذا الأسبوع هذا ليس زواج عادي أنه زواج رئيس العشيرة وابنتي اقصد أسيادك وسيحضر رؤساء عشائر النواحي المجاورة !! أخرجي الأواني الفضية من الدولاب وأبدئي بتلميعها من اليوم "
اومأت الخالة لها تمشي بصعوبة...هذه السيدة تبدو لئيمة بالنسبة لحورية ولاحظت أنها تغار لتسمع هتافها بعد تعثر ام فهد أمامها
"تحججي بقدميك واتركي العمل ونامي طوال اليوم!! أو ما رأيك بأن اقوم بأعمالك يا عائبة "
دفعتها بقوة لتركض حورية تسند أم فهد تناشد بحزن
"قدمها فعلاً بحال سيئ لما لا تعطونها اليوم اجازة ...انا سأفعل ما تريدين!! "
تسمرت زوجة العم ونساء العشيرة المتواجدات وحتى العاملات فلا أحد مسموح له بالرد عندما تتحدث سيدات المنزل !! همست "نجمة" بقلق لتلافي الموقف الذي ساء
"سامحيها أرجوك... مازالت طفلة لا تعي الوضع"
نظرت أم خمائل لأحدى العاملات تطلب أن تجلب لها العصا.. حاولت أم فهد التأسف لكن يبدو ان زوجة العم وجدت تسليتها بينما حورية لم يرف لها جفن وهي تشاهد ما يحدث أمامها... وقفت بشموخ مستعدة لتلقي العقاب فهي ضُربت بأشياء أقسى من العصا الخفيفة هذه ... امسكت ام خمائل عصاها بقوة موجه يدها نحو حورية وفجاءة حولت مسارها لأم فهد متعمدة لتنهال عليها بضرب مبرح تصرخ بغيظ
"هذا كي لا تحشدي ضدي أنصار وتثبتي أنك سيدة ومن مستواي "
وقفت حورية امامها لتأخذ الضرب وتبعد المرأة المسكينة والتي ردودها صمت مؤلم... هي صغيرة وستتحمل فجلدها قد ثخن من أثر ضرب أهلها وستتعافى بسرعة كما تفعل دوماً ليهدر صوت مرعب من أمام باب المطبخ جعل أم خمائل ترمي عصاها ...نظر الجمع لمصدره كان "فهد" على صهوة جواده يرفع سلاحه للسماء وفهده الأسود يبدو بحالة هجوم ليتقدم الحيوان ويصل لحورية يتمسح برأسه قرب يدها فهيأ لهم كلب وليس فهد ضاري!!ليتمتم صاحبه وهو يترجل بهدوء ويتقدم نحوهم
"هل هنالك شيء يا زوجة عمي!! "
تلعثمت وهي تنظر للحيوان قرب حورية
"لا لا يوجد فقط مناقشة عادية بين النساء!!"
نظر لفم حورية النازف
"هل اساءت لكِ بشيء لتضربيها...أن كانت كذلك كنت أخبرتني وأنا أدبتها لك"
نظرت أمه وحورية اليه بصدمة ليضيف وهو يمسد على رأس فهده الذي زمجر
"غريب ..يبدو أن فهدي يشعر بالغضب !!هل تعلمين يا زوجة عمي أن حيوان الفهد عندما تضرب وليفته ماذا يفعل "
اقترب من المرأة الشاحبة اللون بسبب نظراته المخيفة
"يمزق قلب من يؤذيها!!"
تلعثمت زوجة عمه وبان استيائها
"ماذا...ماذا تقصد!!"
ضحك لمنظر الجميع من حوله
"انها حيوانات ضارية ومخيفة أنا فقط اعطيكم معلومات ما بالكم شحبت وجوهكم وكأنكم رأيتم شبحاً"
لتستدير أم خمائل تضغط على اسنانها بقوة نظرت اليه من خلف ظهرها تهمس لنفسها
"تمتع بجبروتك... سأتركك اليوم لأنها أخر أيامك كزعيم"
استدار فهد أيضاً لقد فعلت حورية فعلتها وبعد أيام فقط وقلبت ناحية الصياد ...هو لم يتفاجأ فقد توقع أن تثير فوضى لم يعهدوها هنا ... ليشعر بيدها تمسك ذراعه
"ماذا تفعلين!!"
نظرت اليه بثبات تمنعه من التحرك وتشير بيدها الحرة للجهة الأخرى لم يفهم مقصدها
"اسمعي انت لست زوجة قانونية لترتاحي بإمساكي..."
"اعرف يا مولاي لقد حفظت درسي "
فتح عيناه بقوة لسخريتها وردها السريع لتهمس قربه
" خالتي تم ضربها أيضاً واسيها بكلمة واحدة على الأقل"
شعر بقلبه يدوي بقوة هل ضربت أمه أيضاً!!هو لم يرى سوى ضرب حورية... نظر لوالدته الهادئة هنالك.. بطفولته كان يبكي من بعيد وهو يرى والده يضربها... مرة أراد الدفاع عنها فتم معاقبته وحبس بالحظيرة المظلمة النتنة ثم عفوا عنه عندما وعدهم أن لا يتدخل .. ذكرته حورية بتلك الأيام العصبية يوم شاهدها فتمزق قلبه عليها ...لكن المشكلة والده فقط من كان يعاقب لذا تحمل وصمت...اليوم زوجة عمه قد تجاوزت حدودها كيف سيتصرف؟ رفع رأسه للسماء يعتريه غضب وأسى ليهتف من بين أسنانه وهو ينظر لحورية
"انت السبب فهي لم تصدم مع زوجة عمي طوال حياتها وبسببك تم اهانتها!!"
كانت النظرات من المتواجدات ازدادت والهمس علا بينهن ومازالت حورية تقف تسد الطريق ليبعدها عنه... استدار للموقد لكنه تردد فخرج مسرعاً دون ان ينظر ورائه ليبدأ جميع آل الصياد بتداول ما حدث بسرعة الريح حتى وصل الخبر لكل اهل ناحيتهم
" زعيم الصيادين بالمطبخ يتدخل بأمور النساء ويدافع عن فصليته!!
............................
تلك المواجهة من يومين لم تكرر فغداً يوم العرس الكبير كل ناحية آل الصياد أصبحوا على قدم وساق ووزع الحرس على الحدود بينما العريس نفسه مختف عن الانظار!! و العروس وضعها مخيف فهي تخرج فجاءة من الظلام تسير شاردة وكأن روحها سلبت منها ...كانت حورية الأن بالحديقة الخلفية تتحدث مع أحد أقرباء فهد طفل بشوش ومرح كان يعتني بالورود معها تحدثه ضاحكة لتشعر ببرودة غريبة وظل يحجب شمس الربيع التي ظهرت بعد شتاء غائم طويل لم ترفع رأسها لابد أنه مستاء من تصرفاتها للأن... بينما فهد جذبته من بعيد ضحكتها الرنانة أنتبه لتغيرها فاليوم لا ترتدي الأسود بل فستان بلون العشب و باتت كدمات وجهها أخف مظهرة ملامحها الخلابة... وشعرها الأسود كان حكاية معذبة لقد أسدلته بينما لا يسمح هنا للنساء الا بعمل الضفائر... هل تتمرد!! لكن لما تمردها يجعل قلبه يخفق بقوة!! انتابته موجه حزن وهو ينظر اليها فحورية ضحية وما حدث بالمدينة كان نتاج لقسوة عشيرتها ومنجد معهم وهو سيرد دينه لها عن طريق حمايتها من هذا المجتمع وجعلها تتوب وتبدأ من جديد حياتها.. وبهذا سينقذ منقذته من المستنقع الذي كانت تغرق فيه مجبورة...اعاده من شروده ضحكة الصغير ليحتقن وجهه بالدماء...هل يغار عليها من طفل ؟صرخ به لا إراديا يخبره الذهاب لأمه لتقف حورية بهدوء
"ماذا تثرثرين معه يومياً !!"
رفعت بصرها بذهول نحوه اذاً كان يأتي ويراقبها!!اشارت للأزهار التي قطفتها
"كنا نعتني بها لأقدمها هدية لخالتي نجمة "
شاهدت الحيرة بعيونه يبدو انه لا يعرف أن والدته تحبها لترفع يدها أمام وجهه
"أعطها اياها ستفرح أكيد"
استدار يهز رأسه بغضب ...تعرف انه لن يفعل شخرت ليقف يستدير رافعاً حاجبه يتمتم من خلف لثامه
"ما معنى هذه الضحكة المستهزئة "
هزت رأسها بمرح فتمايل شعرها مع حركاتها جعلته يتمنى الصراخ بها أن تتوقف لتضيف بثقة
"انت لن تكون مختلفاً وتهز رجولتك الغالية وتقدم أزهار لامرأة مهما كانت فينبذك مجتمع الرجال يومها!!"
تقدم بسرعة نحوها وخطف الباقة من يدها
"رجولتي لن تهتز لأي سبب يا أبنة عابد واستطيع أن اقدم الورود لأمي وبأي وقت فهي مصدر سعادتي بالدنيا ولو أن باقة صغيرة ستسعدها اذاً سأنشي لها حديقة مليئة بها واضعها تحت قدمها بل من اليوم سأزين الدار بالورود من أجلها...."
لم يكمل وحورية تبتسم!!شعر أن أحد اخذ الأزهار من يده ليسمع همسها من ورائه
"هذه الازهار هي أجمل هدية وسأعتني بها ككنز ثمين حصلت عليه من كنز أثمن هو أنت"
لا يعرف كيف يصف ما يختلجه الأن استدار لوالدته ليرى تلألأ الدموع بعينيها عادت للمطبخ والغبطة تعتليها ...لأول مرة يفعلها كان يعاند حورية ولم يعلم أن الأمر سيسعد والدته هو شيء بسيط جعلها ترضى عنه!! استدار ليهرب لملحقه يفكر بما حدث للتو فجاءة ركضت حورية خلفه لتنزع الشماغ الأسود فلثامه بات يزعجها تريد روية تعابير وجهه وليس عيونه فقط !! تقلصت عضلات وجهه وهو يراها تكوره بيدها هو لم يعتد هذه التصرفات تساءل وهو ينظر لها أهي مختلة مثل بوران !!هتف بقوة
"أعيده بسرعه "
"لن تغطي وجهك... لكن أن أردت لبسه على رأسك كبقية الشباب سأعطيه لك"
"لا تستفزيني يا أبنة عابد فلست بمزاج..."
قطبت جبينها لترد عليه بتعالي مصطنع
"لما تناديني أبنة عابد !!حسناً يا أبن مأمون تعال وخذه"
ركضت مبتعدة ليصرخ يناديها فتتجمهر النساء ينظرن من نافذة المطبخ لكنها وبدل أن تخاف لفت الشماغ على رقبتها كانت ستهرب للمطبخ لتشعر به يحاوطها من الخلف يحاول ارجاعه منها لتقاوم وهي تهرب من قبضته تضحك بصوت عالي ...أنتبه أنها تلعب معه!! كانت في هذه اللحظة كعصفور غادر قصفه مستمتع لأول مرة بمتع الحياة البسيطة... اجبرته بأفعالها أن يجاريها وكأن داخله يريد أن يعود ويحيى معها وبها...بات الأن يحاول ان يسيطر على يدها بمرح وبنفس الوقت لا يريد ايذاء جسدها ليتكوما على أرض الحديقة ومازالا يخوضان معركة مضحكة بالنسبة للنساء والفتيات المراقبات لتصرفاتهم من كل نواحي الدار وفي خضم تشابكهم ونسيانهم زمانهم ومكانهم يشاهد فهد عدة اقدام لرجال شمخوا فوقهم !!فيتسمر بمكانه ومازالت حورية بين احضانه تقهقه لعدم تمكنه من غلبتها...أول رد فعل جاء منها انتزعت نفسها من بين يديه ليقفا فاختبأت بسرعة خلف ظهره ...كان رجال الصياد كبارهم ومسؤوليهم يقفون فاغرين فاهم وكأنهم ينظرون لجريمة بشعة حدثت وليس مجرد موقف بريء بين رجل وزوجته!! فهد يعلم بما يفكرون تواً بالنسبة لهم هو نكس رؤوس العشيرة وكسر العادات ولوث أسمهم... وما حدث الأن غير مقبول...رفع يده لوجهه أحس أن عيبه كُشف أمامهم ليس عيب الوجه فقط بل القلب والروح ليفاجئا بإنزال يده من قبل حورية فرغم الموقف الموتر لم تتركه... شعر بارتجافها منهم رغم ادعائها الثبات فهي معه لم تخف وتصرفت على طبيعتها... شعور بالرضى تملكه وهو يفكر أن حورية معه "فقط" تشعر بأمان.. اذا أنها لاتهابه مع أنه مسخ دون الباقي...
صمت قصير حل ليقطع حباله غانم الصياد فيتحدث بغيظ وهو ينظر لورائهم فقط كانت أم خمائل تغلي غضباً هنالك بين النساء ... اشار بدونية وهو يكلم حورية
"أنتِ... اذهبي لمكانك بالمطبخ فلديك والخادمات يوم طويل لتحضير مأدبة عرس رئيسنا واتركي اللعب!! استهتارك ليس غريب على سليلة المجرمين فدم ناهي وعابد يجري بداخلكِ!! "
احنت رأسها واستدارت لتسمع هتاف فهد العالي
"حورية..... "
استدار اليها بسرعة والكل يراقب.. رفع هامتها لتنظر أليه وقام برفع الشماغ من رقبتها يغطي رأسها معيداً بأصابعه خصلات شعرها داخله ...تمتم بحدة
"من الأن غطي شعرك عندما تخرجين...لا أريد أن يتمعن أي أحد مهما كان بشعر ... زوجتي "
تسمرت حورية من رده الصاعق وهكذا حال الكل حولهم لقد تحداهم بصورة مبطنة!! تطاير الشرر من عيون الرجال لقد باعهم فهد بلمحة بصر والأن مع اعلان فهد أن حورية زوجته أذا سيكون ممنوع على أي أحد أن يهنيها!!تكلم غانم من بين أسنانه
"يبدو أننا تعدينا على حرماتك لم أعلم أنها تعتبر "زوجة" أسف منك نحن سننتظر بالإيوان يا......رئيس عشيرة الصياد"
غادروا مستائين والنساء تفرقن بين ضاحكة وبين مغتاظة ومن وقفت تبتسم لهم هي "نجمة" تنظر لأبنها بحنو فقد وعد أنه سيجعلها تفتخر به ولن يكون كوالده وقد وفى.... بينما بوران تراقب الوضع من أعلى المنزل همست بسمة قربها
"ماذا يحدث لأول مرة يفعلها فهد!! هل أحب فصليته رغم ان أهلها قتلوا أباه!! "
تمتمت بوران بابتسامة حزينة
"لأنها من البداية لم تكن لفهد مجرد فصلية!! "
............................
تسمع الزغاريد قد علت منذ ساعات الفجر الأولى.. نساء ورجال الناحية بدأوا يهلوا ليساعدوا بهذا اليوم ... النساء توزعن منهن بالمطبخ ومنهم بالقاعة الكبرى بالدار يزينونها لوضع كوشة العرسان والباقي بغرفة العروس... أما الرجال يحضرون الخيم لاستقبال الوفود والزوار... نظرت أم فهد لحورية الصامتة تساءلت أيمكن أن تكون حزينة!! وصلت قربها حيث كانت لاهية بغسل الأطباق تمسد على رأسها لترد لها ابتسامة باهتة اظهرت ما يعتمل نفسها أكيد تتمنى أن تكون هي العروس والناس تأتي ليهنؤوها... تتزين من الصباح تستعد ليومها البهيج... اليوم الذي تتمناه كل فتاة بعمرها فحرمت منه حورية ونجمة على السواء ....تنهدت الأم بحسرة وهي تفكر ستتعود على وضعها يوماً وستتقبل مصيرها مثلي ..لتمسك حورية أسفل بطنها الألم قوي وصار هذه الأيام شديداً وقبل أن تفهم نجمة ما بها دخلت أم خمائل المطبخ تعطي الأوامر بعصبية ...تحث الجميع للعمل دون توقف واخيراً توجهت لحورية بالكلام متعمدة
"اذهبي واعطي العريس حاجياته ...ساعديه ولا تتركيه إلا بعد أن يكمل تجهيز نفسه ليستقبل عروسه بالقاعة الكبرى "
حورية فهمت نفسية زوجة العم الأن انها تكره فهد جداً ومجبورة لإعطائه ابنتها لكنها تريد رد ضربة لها عما حدث من أيام ... هل تعتقد أنها تهينها هكذا !!ارادت أخبارها أن لا تتعب حالها لتصمت متراجعة فبسببها ذلك اليوم تأذت أم فهد...ذهبت لملحقه منفذة الأوامر تلفتت حولها لقد مر أسبوع منذ دخلته خائفة تعتقد أنه سُيقطع رأسها لتخرج منه بحقيقة أخرى غيرت مفهومها للرجل الذي فصلوها له.
............................
تجلس بوران على سريرها منكمشة رافضة مجاراتهم... بسمة تحاول جرجتها للاستحمام لتدفعها بقوة انتبهت لأحدى قريباتها وهي تجلب فستان الزفاف الأبيض الفاخر لتنهض بعصبية تخطفه ووضعته تحت قدمها جاعلة منه ممسحة... لكن الأمر لم يكفيها لتخطف المصوغات الذهبية التي يحملنها فتحت النافذة لترميها والفتيات يولولن يحاولن تهدئتها دون فائدة ...صرخت والدتها من أمام الباب طلبت من بسمة أخذ الفستان لتنظيفه وأمرت الجميع بالخروج
" لقد عرفت أن فهد غير مسؤول عن موت زوجاته فلما الجنون الان!! تحملي كم يوم اخبرتك أن النهاية قريبة...عمك غانم قد أعد العدة لنعدي هذا اليوم بسلام ولنرضي والدك المريض ...فهد اصلاً لن يقربك أن كان هذا ما تفكرين به!! "
عضت على شفتيها بقهر
"سابقا كنت أكرهه بسبب اقوالكم واشاعاتكم وفضلت الموت على أن يكون زوجي أما اليوم سببي ليس فهد... بل أنتم لن أساعدكم بتحطيمه حتى لو كان هذا ما يريده أبي... الان أرى انه سيء الحظ فعلاً ...لا يعرف ان أهله وسنده يشحذون السكين لطعنه "
صفعتها امها بقوة وهي تتوعدها وتحذرها من فعل شيء وتخريب الارتباط ...همست قرب أذنها وهي تقرص ذراعها بقوة ألمتها
"اسمعي يا فتاة انا لأجل اهدافي قتلت حتى عمال الإسطبل لأن لو عرفوا أن أختك هربت لنبذنا من العائلة ...وهدفي هو أن نسيطر على خزائنها ونسيطر على الايوان ...الأن عرفتي من هي أمك وأن وقفت بوجهي سأحبسك طوال حياتك بالسرداب ولن يعارض أحد فانت بالنسبة للجميع مجرد مختلة وجيد أن المسخ سيتزوجك"
شعرت بوران بأن الارض تميد بها من هذه المرأة امامها تكلمت برعب
"قتلت لأجل ماذا !!انت لن تكوني رئيسة وليس لديك ولد..."
رفعت أمها رأسها بتعالي
"أبن عمي غانم موجود وهدفنا واحد لو حكم العشيرة وسيطرنا على الناحية كلها فلن يبقى شيء بهذه الدنيا لن نطوله... افهمي يا غبية أنا اعمل من أجل مستقبلنا... فهد وجوده سيدمرنا انه يخطط لإحلال السلام مع جميع الأراضي المجاورة وأن حدث وتوحدنا مرة أخرى سيغضب "الأسياد" وسيتركوننا للأبد!!"
تركتها أمها لوحدها تعاني نكبتها ليعود لعقلها ما قاله سنمار يحفر عميقاً بروحها يمزقها ...فقد أطلعها على حقيقة تمنت لو لم تسمعها
...............................
"في مشفى سنمار"
"اعتقدت ان أختك خمائل ماتت وحزنت حتى جاء أبن عمي كامل يتبجح امامي أنها تسكن بشقته بالمدينة ووعدها بالزواج عندما تحدث عنها علمت انه يتسلى بها وهي الغبية صدقته ...كامل سرقها نكاية بي طوال حياته كان يتحين الفرصة لطعني "
سألته بوران " هل اهلك لهم يد بهروبهما"
ليجيبها بأسف
" ال السماك بعد أن علموا منه بدل أن يصححوا الخطأ ويعيدوا الفتاة اخفوهم بمكان بعيد كي لا يصبح كامل مجرماً بأخذ شرف الصياد لانه عندها سينتهون من الناحية وستتبرأ منهم العشائر!!
قانون العشائر المتناقض فيه مقبول أن نتقاتل من أجل أرض أو ثروات أو حتى بسبب مواشي وسيبارك الكل للعشيرتين بعد انتهاء المعركة ويعتبرونهم أبطال حرب ...أما القتال من أجل شرف فهو غير مسموح وسينهي العشيرة المعتدية ...كم بت أكره هذه القوانين وأريد حرقها "
طلبت بوران أن يفسر أكثر ما حدث ليردف بحزن
"اخبرني كامل انه اقنع أختك بزيارة أمها ليوفقوا بين العوائل وهو سيحميها من أهلها لو رفضوا .... وهو نفس اليوم الذي قتل به عمك...المهم حصلت هنالك مشادة عكس ما أراد كامل يبدو ان عمك لم يستمع لهم ومن يلومه بعد فعلتهم ...ومع الأسف فتح كامل النار عليهم ...أشعر بالذنب وأنا أرى المجرمين متمتعين بحياتهم ولا أستطيع حتى أن أخبر عنهم الشرطة أنا ايضاً مكبل بقانون العشيرة فمن يفعلها ويفضح أهله لا أحد.. أنت ايضاً مثلي و كلنا هنا نسير على خطى العشيرة لكننا نتمرد لنكذب على حالنا أننا أحرار مستقلون"
...........................
عادت للواقع أمسكت برأسها تشد شعرها بقوة ...اي حياة غادرة هذه الي تعيشها حتى سنمار لم يفهم ... أهله استغلوا غباء خمائل ليغتالوا الرئيس فمن غيرها ستفتح البوابات الداخلية لغريب مسلح وأكيد والدتها لها اليد العليا بالموضوع ...خمائل لم تفكر أنها لن تكون مهمة لكامل ولن يتزوجها مطلقاً ... فمن تفرط بشرفها ستفرط باهلها أيضا وبالناس جميعاً.. بائسة كيف جعلت العدو يقتل عمك وزوجته وذهبت معه !! يا ليتك كنت ميتة وأفخر بك ولا أن اعيش ذلة قرابتك ...لم أعد احتمل لم أعد أقوى حتى على شيء بعد اليوم" اغمضت عينيها مستسلمة
"أسفة يا فهد يبدو انني أيضاً سأجني عليك مثلهم".
...............................
وضعت حورية الدشداشة وحزام البندقية والشماغ ورتبتهم بصف على فراشه الذي اعدوه بعناية... فراش عرائس لقد أجبروه تلك الأيام أن يفتح ملحقه لهم وكان ينفذ بصمت وسيستقبل به زوجته... نظرت للغرفة حولها متحسرة كم هي جميلة ..مسدت على الفراش الحريري الأبيض الناعم ...نظرت لحالها بالمرآة تستحق كونها خادمة لأن من يهينها أهلها لا تستحق أن تكون ذات مكانة عند أحد فرغم كل مساوئ آل الصياد لكنهم على الأقل لا يفرطون ببناتهم وجيلهم الجديد يتميزون بالإنسانية لكن آل السماك اطلقت آهة موجعة ... وفي خضم لوعتها وتحسرها شعرت به يخرج من الحمام ...لم يكلمها بل جلس على كرسي أمام سريره أخرج سلاحه وبدأ بتلميعه فاليوم سيطلق منه عشرات الطلقات النارية ليعلم آل السماك بفرحهم... كان شعره مبللا والمياه تتقطر على ثيابه أشارت للمرآة
"أرى أنك وافقت لوضع مرايا كما وافقت على أشياء أخرى بهدوء"
لم يجبها حتى أنها لا ترى ملامحه ولا تعرف بما يفكر !! لا يمكن أن يكون سعيد بهذه السرعة فمن أسبوع كان يكره النساء...فكرت ما شأنها لما هي مغتاظة وكأن شيء يخصها سيذهب لأخرين !! لتحذر نفسها من الدخول لخانة الغيرة وإلا ستغرق بتلك الهوة السوداء لكن لم يرضها حديثها مع نفسها لتهتف
"ألن تجفف شعرك ستمرض هكذا"
رفع رأسه ببطء وتكلم ببرود مزعج
"حسناً فلتنشفيه لي أليس هذا ما جلبك لهنا "خدمتي""
ضاقت عينيها لكنها شعرت بالراحة فهو مستاء وليس سعيد كما فكرت...لكنه يحاول جرحها بالكلمات ليمرر هذا اليوم العصيب عليه هي متأكدة أنه اليوم يحتاج من يؤازره فلينفس عن غضبه معها أفضل من أن يتجاهلها فيؤلم قلبها... ذهبت لحمامه بسرعة وجلبت منشفة.. فاجأته وهي تضعها على شعره !! وقف مجفلاً وهو يبعد يدها.... نظر صوبها يضغط على سلاحه ليصل اغتياظه منتهاه
"حورية السماك !!"
ابتسمت له فهو ينادي أسمها كانت ستهتف ترد عليه ...لتعود متراجعة رغم الاغراء بمناوشته لكن لا لقد علمتها أم فهد ضبط نفسها والسيطرة على تمردها.. احنت رأسها ليتمتم بحيرة
"أليس لديك شيء لتقوليه لي!! ألست غاضبة أو حزينة!! "
هزت كتفها دون مبالاة ليتمتم بغضب
"حسنا فلتمثلي دور البلهاء والخرساء الأن لكن هذا لن يدوم ستعودين لحقيقتك...."
زفرت باستياء
" ليس لي حق بالغضب أو الحزن وأعرف ماهي حدودي ...لقد كدت أوقعك بمشاكل البارحة ..خالتي نبهتني جيداً أقصد "والدتك""
همس وتعابيره صارت حزينة
"أنت أول شخص يقول والدتك ..هل تتألم كثيراً بسبب مايحدث اليوم !!"
" لا هي بخير و فخورة لأنك لم تفعل ما أرادوه بالنسبة لي ...لكنها تتمنى لو تتخذ قراراتك بنفسك ..."
ينتظر كلماتها التي توقفت بفمها لتضيف برجاء غريب
"لا تتزوج بوران "
نظر اليها بعدم تصديق لتظهر ابتسامته ويبان تعرج خيوط العملية معها
"هل أمي من تريد ذلك أم أنتِ !!"
أصطبغ وجهها بحمرة بعد جملته زادتها جمالاً ..زمت شفتيها بقوة ففعلاً أمه لا تريد منه الزواج لكنها لم تخبر أبنها بالأمر ولا تشجعه على رفض تقاليدهم ولا تحثه حتى وحورية تمنت بداخلها أن لا يتزوج وستنتهج نهج والدته ولن تفصح عن ما يخالجها ليتمتم
"وجهك مفضوح لا تستطيعين الكذب.. هيا اعترفي أنك وقعت بهواي وستموتين الليلة من الحزن وأنتِ تزفيني لعروسي "
ضحك بمرح رغم انها مرتاحة لسعادته المفرطة لكن كرامتها أوجعتها... لأول مرة تشعر بأن لها كرامة تؤذيها وتجرح من أقوال رجل!! لم يتوقف عن القهقهة أنه يسخر منها بقوة لتعود شخصية حورية المتهورة تطفو على السطح صرخت بقوة مستاءة
"ماذا لو عادت خمائل ستكره الأختان بعضهما!!"
وضعت يدها على فمها وتسمرت بمكانها بينما صمت فهد ولمعت عيناه ...تقدم منها بهدوء
"ماذا قلتي!! خمائل تعود !!"
كادت تهرب ليمسك يدها بقوة يجبرها التفسير ...عادت نظرة الفهد المخيفة بعينيه ...وضعت يديها على وجهها تحمي نفسها هل توقعت أنه سيضربها !! تركها بسرعة ينظر للمرآة ليشعر بالمقت من نفسه وطعنة أخرى تخترق ظهره .. شعر بقلبه تمزق أجزاء وتناثر في هاوية سحيقة ...هذه المرة لن يعود ولن ينجو
"الأن وضح كل شيء "
استدار اليها لتشعر بالندم فهي من جعلت عيونه تظهر مدى حطامه شتمت نفسها تباً لك يا حورية على لسانك الطويل ليتمتم بأسى
"بوران ستهرب أيضاً ولن الومها ...فقط أثلجي قلبي يا حورية فأنت أشجعهن لأنك لمستي المسخ لتنجي بحياتك ...."
صار حاله مؤذي جداً ...تريد أخباره أنه ليس مسخاً فالمسوخ الحقيقة هم من حولهما ليقاطع كلماتها قبل حتى نطقها
"اخبريني كيف شعرن وهل قربي شيء فظيع لهذه الدرجة!!..افهميني جيداً لما من أحببتها حتى الوجع اشمأزت مني.. لما تركتني "نجود" بتلك القسوة بعد أربع سنوات حب!! "
تركها يفتح النافذة يلتقط الهواء بعمق يشعر أنه يختنق ...قبضت على يدها بقوة لتقترب تقف أمامه تهمس
"من تبحث عن شكل وليس جوهر لا تستحقك يا فهد الصياد"
وفجاءة رفعت نفسها تحاوط عنقه بكلتا ذراعيها تغمره بتلك العاطفة التي لم يتخيل يوماً حتى أنها ستغدقه بها .. يشعر بشفتيها الناعمة تضغط على جرحه المقزز دون أن تغمض عينيها ...خفقان قلبه وتشوش الرؤية أمامه ينبئانه انه لم يعد بموقف مألوف ليسقط سلاحه من يده!! سلاحه الذي عاهد نفسه منذ حادثه أن أمسكه فلن يسقطه ولو كان يحتضر.
................تم
أنت تقرأ
تحت إيوان النخاس الجزء الثالث من سلسلة بتائل مدنسة لكاتبة مروة العزاوى
Romansقربان دم أنا حكايتي ليست عجبا! فكم من مثلي سيقت كأضحية وكم من مثلي ماتت كمدا مولدي عار! جنسي نكبة! وأدي راحة! وموتي بهجة! أيا رجال عفنت أفكارهم بوجودي! أيا ذكوراً خابت قلوبهم بصمودي! ساقوني كقربان لرد الأذى ! قادوني ككبش لردع الوغى! رجال ...وبئس ر...