البداية .. حكاية روح (الفصل الثاني)

1.8K 79 17
                                    


البداية (حكاية روح)

الفصل الثاني - بقلمي منى سليمان

* سهم مسمُوم *

دب الخوف بقلب روح وسيطر بعد ذلك على سائر جسدها فتراجعت للخلف خطوة واحدة شعرت بها وكأنها مرت بجسر طويل، في حين ضرب الغضب كل ذرة بكيان زينب وباتت تصرخ بوجه ابنتها بلا وعي لدرجة أيقظت ماهر من نومه فانتفض عن فراشه وركض باتجاه المطبخ وقبل أن يسأل عن سبب النيران المشتعلة التي كانت على وشك التهام كل شيء، أبعد روح عن طريق والدتها وخبأها خلفه ثم هدر بحدة

- أنتِ أتجننتي يا زينب ولا إيه؟! صوتك واصل للشارع كله
- أنا فعلًا أتجننت ولسه هتجنن من عمايلها، أنا خلاص تعبت، تعبت ومبقتش عارفة أعمل إيه، سنين شايلة الحمل وعاملة زي التور في الساقية ما بين البيت والشغل علشان ما أحرمهاش من حاجة ولا أحسسها بغياب أبوها، ولما قولت خلاص الحِمل قل وقربت توصل لبر الأمان جاية بكل بساطة تقولي عايزة أسيب الكلية وأحول كلية تانية

رافقت الدموع كلمات زينب فشعرت روح بالحزن لأجلها وأحست بالندم لأنها ركضت خلف قلبها وتخلت بسهولة عن حلمها وحلم والدتها ولم يسرقها من غفلتها سوى صوت جدها

- أهدي يا زينب ووحدي الله، أكيد روح عندها أسباب
- أسباب إيه يا بابا اللي تخليها تعمل كده؟! دي كانت بتاكل الكتب علشان تنجح بتفوق، ولما وصلت للي هي عايزاه جاية ببساطة تقول مش عايزة أكمل
- طيب أهدي وروحي أوضتك ارتاحي وهتكلم معاها

كفكفت زينب دموعها ومضت نحو غرفتها دون أن تتفوه بالمزيد وتجنبت كذلك النظر إلى ابنتها، في حين اصطحب ماهر حفيدته إلى غرفته ليتحدث إليها بهدوء

- أدينا بقينا لوحدنا، قوليلي بقى في إيه؟

ردد كلماته بينما كان يربت بحنان على ظهرها فأسندت روح رأسها على كتفه وأجابته بحزن: أنا حسيت النهارده أني مش مرتاحة في الجامعة وخوفت عمري يجري في الدراسة بس بعد ما سمعت كلام ماما وشوفت حزنها حسيت أني ضايعة، لا هقدر أكمل في الجامعة ولا هقدر أتحمل حزنها

- بس يا روح الكلية دي كانت حلم حياتك وأنتِ دايمًا كنتي بتدخلي على النت تتابعي نظام الدراسة والمواد، يعني المفروض عارفة كل حاجة من قبل ما تدخليها وذاكرتي وتعبتي علشان تدخليها، معقول كل ده يتغير في الست ساعات اللي قعدتيهم النهارده في الجامعة؟!

لم تجد ما تقوله فالحزن يعتصر قلبها أيضًا لتخليها عن حلمها، لكن قلبها الضعيف يدفعها نحو التخلي والتنازل عن كل شيء لأجل حبيبها المثالي من وجهة نظرها

- مالك يا بنتي ساكتة ليه؟ هتخبي على جدك اللي مربيكي
- أنا مش مخبيه حاجة يا جدو، أنا بس حاسه بخانقه من الكلية وخايفة أفشل علشان كده فكرت وقررت ألحق نفسي بسرعة وأحول منها
- قررتي! يعني كلامي وكلام أمك ملوش لازمة
- مش قصدي والله بس ده مستقبلي وأي تقصير هتحاسبوني وطالما أنا مش قد الشيء من بدايته يبقى بلاش أحسن وبعدين أنا هحول صيدلة يعني نفس نمط الدراسة

البداية - منى سليمانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن