البداية (حكاية روح)
الخاتمة - بقلمي منى سليمان
* حكاية روح *
تململت عدة مرات عندما داعبت الشمس مقلتيها وما إن انطلق صوت ألة التنبيه حتى مدت يدها وأغلقتها ثم فتحت عينيها واعتدلت في جلستها وهي تفرك وشها كالأطفال... دقائق قليلة مرت واستردت وعيها بالكامل ثم ألقت نظرة سريعة على المكان الفارغ إلى جوارها بالفراش فزفرت بضيق وتركت مكانها، ونحو الشرفة مضت بخطوات ثابتة لتستمتع بنسمات الهواء قبل أن تنطلق ككل صباح إلى عملها... أسندت ظهرها على الحائط وأغلقت عينيها ثم تنفست بعمق لتُنعش رئتيها برائحة العُشب المُبلل بقطرات الندى وظلت على تلك الحالة لدقائق عديدة ولم يُقاطعها سوى استعادة عقلها للذكرى التي عاشتها منذ خمس سنوات وبدلت حياتها، ففي مثل هذا اليوم أخذت قرارها برفض طلب سراج وذهبت لتُخبره بذلك...
في صباح ذلك اليوم، كان قد مر على لقاء سراج وروح أسبوعين، طرق ضياء باب الغرفة ودلف إليها بمجرد أن سمحت له روح بالدخول، وعندما رأته أمامها سبقته بخطوة وحصلت على الدفء الذي لا تجده إلا بين ذراعيه فضمها إليه وهتف- هتفضلي حابسة نفسك في الأوضة لأمتى؟ وحشتني شقاوة بنتي الحلوة ووحشني وجودها بالبيت، يرضيكي توحشني وهي عايشة معايا؟
- حقك عليا، مش عارفة إيه حصل خلاني أبقى خايفة ومترددة كده، بحاول أفكر ومش قادرة أخد قرار، خايفة أقرب وأتحرق وخايفة أبعد وأندم
- استخيري ربنا وهو هيوجهك
- استخرته كتير أوي وبرضو مش قادرة أقرربدأ يمسد بحنان على ظهرها ثم طبع على خصلات شعرها قبلة وقال: سراج إنسان محترم، بعت حد سأل عنه كويس وعرفت منه أنه راجل بمعنى الكلمة
- أنا عارفة أنه محترم، وأتاكدت من ده لما طلبني منك ومعملش زي شريف لما
قاطعها: شريف! طول ما أنتِ بتقارني بينهم عمرك ما هتقرري، ولو قررتي هتاخدي قرار غلط، شريف صفحة وأتقفلت ليه بتقلبي في الماضي، المرة اللي فاتت كنتِ صغيرة وخبرتك بالدنيا قليلة لكن دلوقتي كبرتي ونضجتي وأتعلمتي الدرس وقبل كل ده كلنا جمبك
- مش عارفة أعمل إيه؟ كمان خايفة على حياة أوي، خايفة مكنش الأم اللي هي محتاجة ليها، وخايفة أقبل بالخطوبة وتتعلق البنت بيا وبعد كده يحصل حاجة تفرقنا ويبقى بدل ما اتحرمت من أم واحدة، تتحرم من اتنين
- معاكي حق، أنا فكرت في الموضوع ده، لما أتقدمت لأمك كنت واثق أني هقدر أكون أب ليكي
- أنا بقى مش واثقة أني هقدر أكون أم ليها
- يبقى أنهي الموضوع علشان ترتاحي وتريحي دماغك من التفكير، ولو ليكم نصيب هتتجمعوا تاني وتالت وعاشر، مع أني بصراحة كان نفسي توافقيابتعدت عن صدره وضيقت ما بين حاجبيها ففهم سبب غضبها وتابع: أكدب يعني؟ أيوه كان نفسي توافقي، لكن بالنهاية قرارك هو بس اللي هيمشي وأنا معاكي في أي قرار تاخديه
أنت تقرأ
البداية - منى سليمان
Romanceالبداية سلسلة من ثلاث نوفيلات ثلاث حكايات منفصلة الأحداث ومختلفة الأبطال