البارت السّابع....

13 2 0
                                    

الإمبراطور شخصيآ (07).
جوزيف: عليك أن تهتمّ يا إيدن، عليك أن تهتم.
إيدن: هل أعتبر هذا تهديدا يا جو؟  لم ينهي جملته إلا وعشرة من رجاله قد حاصروا جوزيف وأشهروا مسدساتهم في وجهه، حركة واحدة خاطئة أو أيّ تصرّف مشبوه سيحيله جثّة هامدة.
جوزيف: وهل أجرؤ على تهديدك يا إيدن، هههه من أنا حتى أهدّد الإمبراطور.. حتّى جملته هذه كانت تحمل في طيّاتها تهديدا مبطّنا لإيدن، كانت طريقة كلامه بمثابة رسالة مشفّرة للإمبراطور يذكّره فيها بماهيته، ينبّهه أنّ الشّيطان إن لم يجد ما يتسلّى به فسيصنعه بنفسه، أمّا الوسيلة والكيفيّة فله حرّية التّوقع.
إيدن ليس غبيّا لكي لا يفهم مراد جوزيف من كلّ هذا، يستطيع إنهاءه الآن قبل أن تقبّل قدماه عتبة القصر، لكنّه يظلّ صديقه وهو يفضّل أن يتجنّب صنع عداوة مع رفيق طفولته، إنّها ليست المرّة الأولى التّي يتجاوز فيها زلاّت هذا المعتوه جو، يمكنه فقط تناسي هذا الموقف التّافه الذّي أنتجه صديقه،،، إنّه في النّهاية يبحث فقط عن ما يسلّيه في خضم الملل الذّي يعيش فيه..
صرّ على أسنانه في محاولة للتّحكّم في الغضب الذّي يعتريه و بنبرة من فرط هدوئها تصيبك بالقشعريرة تكهّنا لما تصبوا إليه ، قال: غادر الآن يا جو، وتذكّر أنّ كلامنا لم ينتهي بعد، في لقائنا القادم سيكون لنا حديث آخر، كن على ثقة...وفي طريقك حاول أن لا يغيب عن ذهنك المثل القائل " و إذا رأيت أنياب اللّيث بارزة...فلا تظنّ أنّ اللّيث يبتسم ".( المقصود هنا من وراء حديث إيدن أنّ جوزيف لا بدّ له من الخوف على حياته من بطش الإمبراطور، فعدم موته الآن لا يعني بالضّرورة خروجه سالما في كلّ مرّة يهزّ ذيله في محاولة منه لازعاجه...).
يخرج جو من القصر وابتسامته الشّيطانيّة لا تفارق محياه، يتجاوز الحرس الخارجي وصولا إلى سيّارته المركونة على بعد أمتار من البوّابة، يفتح بابها الأمامي محتلاّ مقعد السّائق، يستند بظهره على الكرسيّ زافرا تنهيدة حارّة....، تنفّس الصّعداء محدّثا نفسه بصوت مسموع تتخلّله بعض الحيرة والتّوهان حيث قال: للحظة ظننت أنّها نهايتي، اللّعب مع الإمبراطور بات أصعب ممّا كنت أتوقّع، ليس و كأنّه كان سهلا فيما مضى، لكن إحساسي العفن يخبرني أنّ القوانين المقرّرة هذه المرّة تتعدّى وبوقاحة على خطوطه الحمراء...اااه يا جوزيف أنت تلعب  على حياتك لا محالة،،،، ومع هذا لا أعتقد أن أيّ لعبة ستكون مثيرة وتستحقّ وقت الشّيطان إن لم يكن الرّهان فيها كبيرا...
صمت قليلا ثمّ تابع: هههههه، أنا لا أنوي الانسحاب يا إيدن، واعتبر لعبتنا هذه مستمرّة أبد الدّهر إن لم أنل منها مبتغاي...،،، والآن إلى أين المسير يا ترى، أأذهب إلى المشفى أم إلى اللّوتس الذّهبيّة؟؟_ مدّعيا التّفكير _ ممممممم، أيّهما قد يحمل لي أكبر قدر من المتعة؟؟؟؟!!!!
انطلقت إطارات سيّارته مودّعة هذا المكان وهو للآن لم يظهر أيّ نيّة لإعلامنا بعنوان وجهته التّالية...
لنعد أدراجنا إلى من تكاد روحه تلقى خالقها، والسّبب لا يحتاج منّا تفكيرا،، ينصت لما يقوله له إيدن ليس اهتماما أكثر من كونه مخافة ورهبة،،
نزار: لاداعي لذلك سيّد إيدن...
إيدن مقاطعا: أنا لا أسألك عن رأيك، لذا افعل ما أمرتك به ولا تضطرّني لإعادة كلامي مرّة أخرى..
أمسك نزار بالقلم في عجل، وخطّ به إمضاءه على الأوراق الموضوعة فوق الطّاولة أين أشار له الإمبراطور بالضّبط...
نزار بتلعثم: لقد... ان...ت... هيت...
أمسك إيدن بالأوراق بين يديه ورمق نزار بنظرات توازي حدّة نبرته: بهذا يمكننا أن نعتبر الجامعة رسميّا ملكا لك.. والآن لننتقل للخطوة الموالية وهي الأهم..
نزار بخوف ممّا تحيكه تلك العيون: ماذا الآن؟؟..
إيدن: ألم تقل أنّ عميد الكلّية رفض الإصغاء إلى  شكواكم أنت وماثيو؟؟
نزار: أجل، قلت ذلك..
إيدن: إذا اذهب إلى الجامعة و قم بطرد ذلك المدير اللّعين بنفسك ، ليتعرّف أساليب اللّعب الصّحيحة كيف تكون....
نزار: ولكن...
إيدن: لا مكان للشّفقة أثناء اللّعب، ليس مع الإمبراطور،،، ولأنّني لا أثق بك سأرسل معك قائد الحرس ليرافقك، كعمل احترازي لا أكثر فأنت لن تجرء على عصيان أوامري، أم أنّي مخطىء فيما قلت؟!!!
نزار: كما تشاء سيّد إيدن..
_____ في مستشفى ويبقى الأمل _____
بعد طرقات خفيفة على الباب، يدلف الطّبيب إلى الغرفة 703  وبيده ملف طبّي به مجموعة من الأوراق، ينظر إلى مريضه الذّي يبدو عليه الملل، وبابتسامة لطيفة يقول...
الطّبيب: صباح الخير ماثيو، متى استيقظت؟!!
ماثيو وهو يبادله الابتسامه: صباح النّور أيّها الطّبيب، لا أظنّ أنّه قد مرّ وقت طويل على استيقاظي..
تكلّم الطّبيب بينما يفحص مؤشّرات ماثيو الحيوية: إذا كيف كانت ليلتك؟!!!
ماثيو: خالية من الأكشن، مليئة بالدراما، انتاجها ضعيف جداً، وتكاليفها باهضة.. واختتم كلامه بوجه مهمته الوحيدة هي استدراجك لأكله ( مثل هذا 😁).
الطّبيب وهو يحاول السّيطرة على نفسه بعد فعلة ماثيو العفوية الأخيرة:  ههه لم لا تكتفي بالقول أنّك لم تنم جيّدا فقط...
لحظات من الصّمت والهدوء بالغرفة، مالبثت أن قطع الطّبيب أوصالها بحديثه..
الطّبيب وقد انتهى ممّا كان يفعله: كلّ شيء يبدوا طبيعيا، لم يتبق إلاّ بعض التّحاليل التّي عليك اجراؤها ثمّ يمكنك العودة إلى منزلك وحياتك السّابقة..
ماثيو في نفسه وقد شرد في كلمات الطّبيب: حياتي السّابقة؟؟؟ أيّهما بالضّبط؟ هل يقصد  الحياة التّي كنت أعيشها قبل أن يظهر ماكس وجماعته وينغّصها علي؟، أم أنّه يلمّح بكلامه إلى الحياة التّي أوصلتني إلى ما أنا عليه الآن؟، أحقا يمكنني العيش بأريحيّة بعد ذلك!!!، أمن فرصة للنّسيان والبدء من جديد؟؟....فاق من شروده على صوت الطّبيب يطلب منه مرافقته إلى غرفة أخرى لإجراء التّحاليل اللاّزمة و التّي ذكرها آنفا...
سار ماثيو بمساعدة الطّبيب عبر رواق طويل لمدّة لا تقلّ عن العشر دقائق حتّى وصلا إلى غايتهما المرجوّة،،،
الطّبيب: أوّلا علينا أن نجري لك صورة بالأشعّة لكامل جسدك، لذا يمكنك خلع ملابسك ريثما أضبط الجهاز..
ماثيو _ شدّد على أطراف ثيابه _ : أنزع ملابسي!!!
الطّبيب بنوايا خبيثة : يمكنني مساعدتك على إزالتها إن أردت...
ماثيو باندفاع: لالا، شكرا، أستطيع فعل ذلك بنفسي..
احمرار خفيف تربّع على وجنتي ماثيو وهو يستلقي على ذلك الجهاز المعدني البارد مجرّدا من ثيابه لا يستره شيء، يخفي عورته بكفّيه الصّغيرتين، بندقيّتاه  مع الأسف لم تستطيعا تمييز تلك النّظرات الجائعة التّي تتلذّذ بالتّفرّس في ملامحه ومنحنيات جسده دون حياء يذكر، لا زال صغيرا على معرفة هكذا أمور.
...................
بعد عدد لا يحصى من التّحاليل، أنهى الطّبيب عمله أخيرا وكان على وشك المغادرة عندما لاحظ التّوتّر الطّاغي على مريضه، وكمّ الكلمات المسجونة بين أسنانه، خبرته الكبيرة مكّنته من استنتاج أنّ الشّخص أمامه متردّد في طرح ما يخرّب صفو ذهنه من أسئلة، ففكّر بالمساعدة...
الطّبيب: هيّا ماثيو، أطلق سراح هذا السؤال الذّي يغتصب حلقك ولا تكن ظالما...،،، ضيّق عيناه في وجل يبتغي رصد كلّ حرف قد تنبس به غريمتاه الكرزيّتان.
تساءل ماثيو بنبرة خجولة ومتلعثمة: تلك .... العلامات ..... على..... جسدي ...... لقد .... رأيتها ..... صحيح؟؟
الطّبيب: أجل، ما بها؟!!
ماثيو: هل تعرف مصدرها؟!!
الطّبيب: لا أستحقّ أن أكون طبيبا إن كنت أجهل شيئا كهذا..
ماثيو: أيمكنك إخباري بالسّبب؟؟
الطّبيب بلا مبالاة: إنّها من آثار الممارسة  .
لم يستصغ ماثيو طعما لهذه المفردات، إذ على ما يبدوا لم يكن لها وجود سابق في قاموس خلاياه الفكريّة، فما كان منه إلاّ أن يطالب بتوضيح من خلال قوله: هلاّ شرحت لي أكثر مالذّي تعنيه بذلك أيّها الطّبيب؟؟!!
الطّبيب: من دواعي سروري....
ألقى بكلماته ملتهما المسافة الفاصلة بينه وبين الآخر في عجل، ودون منحه أيّ فرصة للمقاومة أو الاعتراض أقبل على منطقة في صدره مكشوفة نسبيّا يلثمها ويمتصّها بشفتيه، مخلّفا بعد لحظات علامة مشابهة قائلا  للذّي لم يفق بعدُ من هول صدمته بما جرى توّا: هذا ما أقصده بكلامي، ممارسة الجنس،  ههههههه....((لا أريد التّفكير بما قد يكون مصير الطّبيب لو علم أشخاص معيّنين بما أقدم على فعله توا مع ماثيو،،،، أخشى أنّ هذا الطّبيب المنحرف لا يهتم بحياته إطلاقا🤔،،،،،وينك بس يا امبراطور تشوف وش صار بأخوك، وينك بس يا ستيفان تشوف كيف بيتم العبث مع حبيب قلبك، وينكم يا جماعة تعالوا تشوفوا 😁😁🤗))
لعق شفته السفليّة في نشوة، وبدا واضحا كم أنّ نظرة عيناه تطالب بالمزيد، أبدى مجاميع أفكاره في صورة ابتسامة منحرفة، لعوبة وعابثة، وبنبرة تخفي خلفها سيلا من الشّهوات، استأذن من حبّة الطّماطم أمامه للعودة إلى عمله، مكلّفا الممرّضة بمرافقة ماثيو إلى غرفته...
الممرّضة بلطف بالغ: دعني أساعدك على الوصول إلى غرفتك سيّد ماثيو..
ماثيو:......
الممرّضة: سيّد ماثيو، سيّد ماثيو، هل أنت بخير؟؟
ماثيو وقد أفاق أخيرا من صدمته: لا،،، أقصد نعم، أنا على ما يرام..
الممرّضة: إذن دعني أساعدك..
ماثيو: لست متعبا، أستطيع العودة بمفردي..
الممرّضة: أأنت واثق؟؟؟
ماثيو بابتسامته الملائكيّة: كلّ الثّقة  ..
الممرّضة: كما تريد، اعذرني الآن، لديّ ما أقوم به،،،، وغادرت الغرفة تاركة ماثيو لوحده...
ماثيو محدّثا نفسه: عاااااااا، مالذّي حدث قبل قليل،،، ماذا أصابني فجأة حتّى تسمّرت في مكاني،، عااااا، كيف سأنظر في وجه الطّبيب الآن..... ااااااه أكاد أُجنّ، تبا.. سأعود لغرفتي وأنام قبل أن أفقد صوابي...
عند عودة ماثيو إلى الغرفة، تفاجأ بوجود شخص ما يجلس على الكرسيّ الموضوع أمام السّرير المجاور لخاصّته، ويبدوا عليه الحزن لدرجة أنّه لم ينتبه له عند دخوله وغلقه للباب...
ماثيو: مرحبا...
ردّ عليه ذلك الشّخص التّحيّة..
تساءل ماثيو باهتمام ولطف شديدين يميّزانه عن أقرانه: من أنت؟ ولمَ كلّ هذا الحزن في عينيك؟ هل كنت تبحث عن شيء ما، أو ربّما عن أحدهم؟؟
فيجيبه الآخر بعد أن مسح دمعة وهميّة من عينيه: لقد اعتدت زيارة هذه الغرفة ومحادثة هذا السّرير الفارغ كلّما تلبّسني الشّوق و الحنين لرفيقي الذّي لطالما مكث فيهما... آسف إن كنت قد أزعجتك، فهذه الغرفة دوما فارغة ولا علم لي أنّها أصبحت تخصّ مريضا آخر،،
وينوي المغادرة بعد أن تمنّى لماثيو الشّفاء معتذرا مرّة أخرى على إزعاجه..
ماثيو منكرا أيّ انزعاج من ناحيته: وجودك هنا لا يسبّب لي أيّ إزعاج، بالعكس سيسرّ ماثيو برؤية بعض الوجوه الجديدة من وقت لآخر،، لذا تستطيع البقاء كما تشاء والمجيء وقتما تشاء....
الشّخص بتساؤل: من هو ماثيو؟؟
ماثيو: ههه إنّه أنا، لكنّك لم تخبرني عن إسمك بعد!!
الشّخص وقد انفلتت منه ابتسامة غصبا عنه من وراء حركات ماثيو العفويّة: آسف، حقّك علي،، أدعى ستيفان، تشرّفت بمعرفتك..
يخطف ماثيو كفّ ستيفان في مصافحة لطيفة قائلا بابتسامة بريئة لا تناسب غيره: هكذا يوثّق النّاس تعارفهم في العادة أيّها الغبيّ...
ستيفان: ههه أنت حقّا تشبهه، تذكّرني هذه الكلمات بما اعتاد أن يتفوّه به..
ماثيو: صديقك؟؟
ستيفان: أجل، ومن غيره..
ماثيو: ما رأيك أن نغدوا صديقان ما دمت أذكّرك برفيقك الرّاحل...
ستيفان: شكرا لك، سيُسعد هذا الغبيّ حقّا إن اعتبره ملاك مثلك صديقا له...
ماثيو: آسف، لم أقصد نعتك بالغبيّ، لكنّك غبيّ حقّا..،، وأخرج له لسانه مازحا قبل أن ينفجر بالضّحك..
جلس ماثيو على سريره ليرتاح قليلا دون أن يلفت انتباه ستيفان لكونه يشعر بالتّعب (( حتّى في مرضك أنت لطيف يا حبيبي يا ماثيو 😍😘))، وطلب من الآخر الجلوس أيضا كي لا تؤلمه قدماه من الوقوف..
ستيفان في نفسه: أقسم أنّني سألتهمه إن استمرّ على لطافته هذه كثيرا،،،
جلس ستيفان قرب ماثيو يتبادلان أطراف الحديث بغية التّعرف علـى بعضهما البعض أكثر، بينما نيّة ستيفان من كلّ أسئلته هو معرفة المزيد عن معذّب قلبه و كيف وصل لهذه الحالة حتّى يستكين بالمشفى.....
ستيفان: لقد أخبرتك كلّ شيء عنّي تقريبا، لكنّك لا زلت تتهرّب من الإجابة على سؤالي..
ماثيو: أيّ سؤال؟؟
ستيفان: لماذا أنت بالمشفى؟ ممّ تعاني؟
ماثيو: إنّه لا يستحقّ الحديث عنه، وأنا لا أريد إتعابك بقصصي التّافهة..(( احكيله بئا، احنا بدنا ياه يتعب، انت مالك 😑🙄))
ستيفان: ماذا إن قلت أنّني أهوى التّعب _ مع وجه مبتسم _
ماثيو: عندها لا مفر من إخبارك،، في الفترة الأخيرة لم أكن أهتم بنظامي الغذائي جيّدا، وأهملت صحتّي كثيرا، فأصبت بفقر دم،، تراااااااا و ها أنا هنا، بعض المحاليل وجرعة ضئيلة من التّحاليل وأعود أفضل من السّابق، وأتابع حياتي باهتمام أكبر...
ستيفان: ولماذا ذكيّ مثلك يرتكب أخطاءا تافهة كهذه!!!
ماثيو: لا تذكّرني بنكد الامتحانات الفصليّة أرجوك..
ستيفان: ههههه، لا أحد نكديّ غيرك _ بمزاح _..
التفت ستيفان سريعا لباب الغرفة بعد أن ظنّ نفسه رأى أحدا ينظر إليه، لكنّه وجده مغلقا..
ماثيو: ما الأمر؟
ستيفان: لا تأخذ ببالك، وحدّثني أكثر عن طرائفك مع الأساتذة و المعلّمين.....
للمرّة الثّالثة منذ وصوله بالطّائرة يشعر ستيفان وكأنّ أحدا يراقبه، لكن كالعادة لا وجود لأيّ مشتبه فيه....
-----------
يجلس إيدن في مكتبه  بالشّركة منتظرا مجيء السّكرتيرة التّي طلب حضورها عبر الهاتف، لحظات حتى تصل السّكرتيره...
إيدن: خذي هذه الأوراق الخاصّة بالصّفقة الجديدة وأوصليها إلى شركة الفيرنانديز..
السّكرتيرة بعمليّة وهي تلتقط ما سلّمها إيدن إيّاه: حاضر سيّدي، هل تأمر بشيء آخر قبل مغادرتي؟
إيدن: إنّها جدّ مهمّة هذه الأوراق، لذا تأكدي من تسليمها يدا بيد لأحد المدراء لديهم، فأنتي لا تريدين تحمّل مسؤوليّة ضياعها...
لا تنكر أنّ جزءا منها يرتجف رعبا من مجرّد الوقوف بنفس المكان مع الإمبراطور، لكنّها أجابت بثبات للمرّة الثّانية: لقد اخترت الموظّف المناسب للمهمّة، اعتبى الأمر مقضيّا سيّدي الرئيس...، هل من أمر آخر؟
إيدن: ربّما فنجان قهوة سيفي بالغرض..
السّكرتيرة: دقيقة واحدة ويكون طلبك جاهزا سيّدي، اعذرني الآن.
إيدن: عذركي معكي..
وبالفعل لم تمض الدّقيقة إلاّ وقهوته السّوداء على سطح مكتبه ترافقها بعض حبّات الكعك والبسكوت..
تلبّي السّكرتيرة أوامر الإمبراطور، فتأخذ الملف الذّي يضمّ تلك الأوراق المهمّة وتغادر الشّركة بعد أن وكّلت أحد زملائها بالنّيابة عنها ( أخذ مكانها) إلى أن تعود من مهمّتها.. لم تجد سائق الشّركة في الأسفل، وتذكّرت أنّها أرسلته لاستقبال ضيوف الرئيس من المطار وإحضارهم إلى المقرّ من أجل اجتماعهم المهم عند الظّهيرة...
السّكرتيرة في نفسها: افففففففف، لا ضير من اتّخاذ سيّارة أجرة سبيلا لبلوغ غايتي بين الفينة والأخرى، وبخطوات ثابتة سارت نحو المحطّة....
_ توقفي..
هذا الصوت بدا مألوفا لها ومرعبا في نفس الوقت ، استدارت ببطىء شديد لتتفاجأ بجوزيف يتقدّم نحوها بعيون عابثة ، دبّ الرّعب أواصرها ما إن تبادر إلى ذهنها ما تضمّنه لقاؤهما السّابق ،، تتراجع إلى الخلف بخطوات متثاقلة ، بدا مستمتعا حدّ الانتشاء برؤية تعابير وجهها المخطوفة من شدّة الخوف....
جوزيف: قلت توقفي..
السّكرتيرة في نفسها: تحرّكي يا قدماي، تحرّكي... إنّه ليس وقت تُشلّين فيه، هيّا أرجوكي تحرّكي ولا تخذليني، دعينا نهرب من هذا المتوحّش الوسيم،، أقصد اللّعين....
كان من تنعته بالمتوحّش في سرّها قد بلغ بالفعل موطىء قدميها ، رفع ذقنها بيمناه بينما يحرّك ابهامه على شفتها السفليّة...
جوزيف _ برفع حاجب _: ماذا كان إسمك !! أخشى أنّي نسيته...
السّكرتيرة بتلعثم : متى..... أخبرتك  .... به.... حتّى..... تنساه......
جوزيف : هاااااا، لم تخبريني به؟؟؟ حقّا!!!،، إذن أخبريني به الآن،  حروف إسمك.. ماهي؟؟
السّكرتيرة وقد بدا لها أنّه لا مفر: أدعى  ... أدعى.... أدعى... نايا..
يتذوّق جوزيف طعم إسمها داخل فمه مردّدا بصوت مثير على مسامعها : نايا  ،  نايا  ،  يا له من إسم جميل نايا، و بحنان بالغ يحرّك يديه على وجهها ورقبتها ،  مقتربا بشفتيه في سعي واضح لاقتناص قبلة من ورديّتاها...
تبتلع ريقها بخوف ثمّ تهرب مسرعة ما إن لمحت طيف تاكسي مرّ من أمامها ، اعتبرت نفسها محظوظة كون هذا المتوحّش لم يفكّر بمنعها من الذّهاب أو اللّحاق بها ، أغلقت الباب بقوّة ، ترتجف كمن أصابته الصّاعقة ....  وبنبرة مبعثرة طلبت من السّائق:  أسرع أرجوك،  خذني من هنا بسرعة  ...
السّائق: إلى أين تريدين الذّهاب،، طرح سؤاله المعتاد بعد أن ابتعد نسبيّا عن المكان...
نايا: إلى شركة الفيرنانديز لو سمحت..
السّائق: حسنا،،،،
ثمّ أكمل في نفسه: ما بال النّاس مستعجلة هذه الأيّام؟ وما سرّ الدّموع هي الأخرى؟ في الصّباح ذلك الشّاب، والآن هذه الفتاة،، ما هذا اليوم السيّء بحقّ....
هربت منه بأعجوبة بينما هو عاد أدراجه إلى سيّارته المركونة في مكان قريب، يضحك بشيطانيّة ويلعق شفتيه بتلذّذ متذكّرا قبلة المرّة السّابقة ،، يستقلّ سيّارته قائلا في متعة: إلى أين الآن ؟؟
البيت أم الجامعة؟؟؟
يبتسم بخبث وهو يتبيّن ملمس كفّ نزار في مخيّلته ويحرّك المفتاح مديرا عجلة القيادة  إلى مكان ما...
___--___--___--___
كان قائد الحرس يقود السيارة متوجها الى الجامعة وبين الفينة والاخرى يسرق نظرة إلى كتلة اللطافة المتكورة على نفسها بجواره،( يقال أنه حزين على غضبان على مرعوب😁🤗)....،مصمص شفتيه محاولا تجميع بعض الحروف لتركيب أي كلمات مهما كانت، عساها تجدي نفعا في ازالة هذا الضباب القاشع االمخيّم على الأجواء، فإما ان تصيب جمله او تخيب، فان حققت محاولته مرادها فهو المطلوب،وان لم تفعل فللحيل بقية...
قائد الحرس: اسف لانني لم اتواصل معك خلال هذه الفترة..
نزار:......
قائد الحرس: مهما فعلت فلن الومك،فلا عذر لي على تقصيري معك...
نزار:...
قائد الحرس: اغضب، ثر، ولكن لا تبقى صامتا،، ارجوك نزار، هدوءك هذا يقتلني..
نزار يناظر الطريق عبر النافذة: اذا لماذا لم تمت بعد؟ لم لازلت حيا؟...
قائد الحرس: أيسرّك موتي؟
نزار بنفس وضعيته السابقة: ولم لا..
قائد الحرس: انظر الي وانت تتكلم نزار..
نزار: لا أريد..
اوقف قائد الحرس السيارة وسط الطريق بنفاذ صبر، وامسك بكتف نزار جاعلا منه في مواجهته وقال: قلها وانت تنظر في عيني، قل انك ستسعد بموتي نزار، قلها واقسم لك انني سأجعلك سعيدا.
نزار وطيف دمعة لمع في مقلتيه: سأتأقلم مع موتك كما أقلمت نفسي على جفائك سابقا، أين الاختلاف؟ لقد اختفيت حتى حسبتك ميتا، لذا لن يكون الأمر صعبا إن أنت مت..
قائد الحرس: أنا آسف جدا، آسف، آسف نزار، أنا آسف، قال ذلك وأحاط نزار بين ذراعيه محتضنا إيّاه...
أجهش نزار بالبكاء داخل هذه الأحضان الدّافئة بعد أن سقطت آخر حصون القوّة التّي كان يدّعيها وبصوت غير مفهوم قال: هتلتفقولياتنمك منتمكخهغقث صشسبتتنكك.....
قائد الحرس بينما يمسح لنزار دموعه: هل تحاول استدعاء مارد ما ليقتلني _ تعمّد المزاح ليغيّر هذا الجوّ الكئيب _
التفت نزار مبتعدا بعد أن ضرب قائد الحرس على صدره بقبضتيه النّاعمتين(( يقال أنّه غضب من مزاحه الثّقيل😒، وفي رواية أخرى، يعتقد صغيرنا أنّ عزفه النّاعم على  صدر الأكبر سيسبّب له الألم 😂، كما ذكر في تفسير'' المؤلفة 😉'' أنّه يظنّ هذا الجدار الضّخم من العضلات قد ينزعج ممّا اعتبره ضربا قبل قليل 😁))
نزار بغضب طفولي: أحمق..
قائد الحرس _ بضحكة جذّابة حدّ الإذابة _: ههه ماذا ماذا؟؟!!
نزار وهو يلوي شفتيه: قلت أنّ دانيال غبيّ، ألا تسمع....
قائد الحرس ويدعى دانيال: أنت تناديني دانيال وهذا لا ينفع، إذن لم تسامحني بعد _ وجه حزين _
نزار: أسامحك لتكرّر فعلتك، أليس كذلك؟؟ لا وألف لا _ بعناد _  ..
دانيال: حلال عليك قتلي إن صدر منّي شيء كهذا مجدّدا، أنا أبدا لن أقصّر في الاعتناء بك ما بقي لي من حياتي... أتسامحني _ بوجه ملائكي _
نزار بحماس: وعد؟؟؟
دانيال: وعد...
نزار _ ينفخ إحدى وجنتيه في غروى _: فقط لأنّك أثرت شفقتي، سأسامحك...(( شو لابقلك هالنفخ والغرور يا حبيب قلبي 😍😍))..
دانيال _ في شكّ _: متأكّد؟؟؟
نزار: ما بك داني، لا تجعلني أغيّر رأيي...
دانيال: بما أنّك ناديتني بهذا الإسم ( يقصد داني) فأنت بلا شكّ قد سامحتني، عاد يقود السيّارة وهو يقول: إذن، كيف سارت حياتك خلال هذه الأعوام، أخبرني بكلّ صغيرة وكبيرة، أريد معرفة كلّ شيء حدث معك بحلوه و مرّه...
نزار: مع أنّك لا تستحق معرفة أيّ شيء عن ما عايشته في غيابك، فأنا لازلت منزعجا منك قليلا فقد اعتقدتك نسيت أمري، لكن ما باليد حيلة، أعرف أنّك لن تتوقّف عن السّؤال حتّى تحصل منّي على أجابات، لذا سأخبرك لتفادي نقيقك المسبّب للصّداع..
دانيال _ بعدم تصديق لما يسمعه عن نفسه _ : أنا أسبّب لك الصّداع يا نزار، أنا؟؟!!
نزار: اااه، هاقد بدأنا...... أصمت ودعني أكمل...
دانيال: تابع تابع، ولم لا، سأصمت كي لا أسبّب لك الصّداع _ بتذمّر _.
~~~ بعد بعض الوقت ~~~
نزار: و كما كنت أقول، لولا وجود ماثيو برفقتي لا أعلم إن كنت سأكون حيّا اليوم أم لا...
شعر دانيال بوكز في صدره وهو يستمع باهتمام بالغ لحديث صغيره،، تفاقم شعوره بالذّنب لتركه له وحده تلك الفترة.... لكنّه عاد الآن، وسيعوّضه عن ما فات، هذا ما وعد به دانيال نفسه...
ويتابعان حديثها طوال الطّريق إلى الجامعة..
____________________
تاليا لا تتوقّف عن  البكاء ، وشهقاتها في ارتفاع دائم ، وفيكي لم يلق أيّ  أجوبة عن أسئلته ، لا يسعه إلاّ وضع افتراضات مهلكة لذهنه ،،
فيكي في نفسه : هذا أبداً لا يساعد ، إن بقيتْ هكذا فخيالاتي التّي لا تطاق ستفجّر رأسي  لا ريب ،،
ربّت على رأس تاليا مواسيا :  إهدئي حبيبتي ، فالمشاكل لا تحلّ بالبكاء ..
تاليا :  اهىء... اهىء.... اهىء...
فيكي :  لن أستطيع المساعدة إن لم تخبريني بما جرى..
عندما لم  يحصل على إجابة للمرّة الألف ، فكّر مليّا واستنتج أنّه لن يكون جيّداً أخذها إلى المنزل وهي بهذه الحالة ،  على الأقل حتّى  تهدأ،،،  لو أنّه فقط يعرف ما حدث  لاختلف الأمر ولكان قادرا على التّعامل مع الموقف ربّما ،،  استمر في القيادة بلا وجهة لما يقارب السّاعتين أو أكثر ، إلى أن شعر بانتظام أنفاسها بقربه ، انكتمت شهقاتها ، وغفى نحيبها ،  وصار بإمكانها الكلام الآن حسب اعتقاده....
أوقف السيّارة في مكان هادىء يطلّ على البحر،  وأخذ زجاجة ماء موضوعة بجواره وقدّمها لتاليا...
فيكي :  اشربي بعض الماء ،  سيساعدكي على الهدوء وضبط أعصابك..
تاليا _ وهي تلتقط القارورة من يده _ :  شكرا،،  وارتشفت القليل من المياه تُبلّل بها ريقها بعد أن جفّ من البكاء..
فيكي :  أتستطيعين التكلّم الآن؟
أومأت تاليا بالإيجاب..
فيكي :  لا تجبري نفسكي على الكلام إن لم تشائي ذلك..
تاليا وهي تمسح آثار الدّموع: لا بأس، أنا بخير الآن..
فيكي: حسنا، كلّي آذان صاغية..
تاليا:*****************************************************،وعندما خرجت من هناك لمحتك من بعيد، ولم أشعر بنفسي إلاّ وأنا بين أحضانك  _ ارتسمت حمرة خجل طفيفة أعلى خدّيها لحظة استيعابها لآخر ما تلفّظ به لسانها _..
فيكي بعيون تشعّ احمرارا: بحقّ الجحيم ما فصيلة هذا الكائن؟، لا يعقل أن يكون إنسانا، كيف طاوعته نفسه لفعل شيء قاسٍ كهذا لفتاة بريئة لا علاقة لها بالموضوع،،،_ ويختتم حديثه بضربة قويّة من كفّ يده لمقود السيّارة زافرا أنفاسه بغضب _...
تاليا باهتمام:  أيّ موضوع؟؟؟
فيكي وقد أدرك زلّة لسانه: انسي الأمر، ودعينا نعيدكي إلى البيت، لا بدّ أنّ خالتي ستقلق عليكي إن تأخّرتي في العودة عن موعدك الإعتيادي دون إخبارها مسبقا وطمأنتها...
بالتّفكير في والدتها، نست تاليا تماما ما كانت تريد معرفته من فيكي و أومأت مؤيّدة لوجهة نظره..
وهكذا أدار فيكرام المحرّك في اتّجاه قصر الفيرنانديز.
بعد أن أوصلها إلى منزلها، حبست تاليا نفسها في غرفتها، أمّا فيكرام فوجد نفسه مضطرّا للكذب على خالته خوفا على صحّتها...
فيكرام: آسف يا خالتي لكنّي لم أستطع التّحكّم في نفسي عندما رأيتها مع تلك الفتاة الفاسقة التّي سبق وحذّرتها من مصادقتها...
أم تاليا: هل ضربت تاليا يا فيكي؟؟
فيكرام: تنقطع يدي إن رفعتها عليها، أنتي تعلمين معزّتها في قلبي، لقد تحدّثت معها فقط، وربّما كان صوتي عاليا قليلا، وتعابير وجهي مخيفة بعض الشيء..
أم تاليا _ تضيّق عيناها _: صرخت عليها؟
فيكرام وهو يحكّ مؤخّرة رأسه: نوعا ما...
أم تاليا: اذهب من أمامي يا فيكي قبل أن أنسى أنّني خالتك، تاليا المسكينة، ألا تعلم أنّها حسّاسة كثيرا،، أخرج ودعني أصلح ما تفسدونه أنتم دائما،،، ولحقت بإبنتها للتّخفيف عنها...
كان فيكرام على وشك العودة إلى حيث يوجد ماكس حين تلقّى إتّصالا من والده، وبعد دقائق أقفل الخطّ وقاد سيّارته باتّجاه اللّوتس الذّهبيّة، تتساءلون لماذا غيّر وجهته، لا تقلقوا سأخبركم، هذا لأنّه علم من المكالمة أنّ إيدن بشركته، وبالتّالي ذهابه للقصر لن يكون ذا فائدة لمخطّطاته.....
----------
يرى من بعيد من يبحث عنه وهو يودّع بخطواته بوّابة الشّركة، مبتعدا عنها شيئا فشيئا، والحشود ( جموع النّاس) تملأ المكان،،يركض فيكرام باتّجاه إيدن غير آبه بتوابع ما هو مقدم عليه، يظمّ قبضته محتضنا فيها جلّ نيران غضبه، و بثبات وقوّة لم يعهدهما في أعماقه سمح لقبضته بإلقاء التّحيّة على وجه الإمبراطور....
فيكرام بغضب: أهكذا يتعامل الرّجال مع مشاكلهم؟؟ بتوريط أناس أبرياء في قذارتهم؟؟؟
بالنّسبة لإيدن، فقد ظهر هذا الشّخص أمامه من العدم، وأكاله ضربة على وجهه بكلّ وقاحة، جرأته هذه لم ير لها مثيلا من قبل، بطبيعة الحال جوزيف لا يحتسب فهو يعتبر حالة خاصّة عند الإمبراطور، يقال لكلّ قاعدة شواذ، نعم، جوزيف هو تلك الحالة الشاذّة في حياة إيدن...،،، هل يعلم حتّى، هذا الشّخص مع من يتكلّم الآن، ويرفع صوته أيضاً، أمجنون هو أم ماذا؟ لا ينقصه إلاّ أن يهدّد الإمبراطور ليكتمل هذا الفيلم الرديء...
ويضربه مجدّدا ومجدّدا، إنهال عليه باللّكمات بينما إيدن ثابت مكانه دون أن يحرّك ساكنا،، لمّا التفت فيكي للمغادرة وجد أمامه جيش من الحرّاس قد قطعوا عليه الطّريق، التفت لإيدن بمعنى كنت أعرف أنّها نهايتي لكنّك تستحق أن تُضرب،،،
إيدن لرجاله _ ببرودة القطبين ونفس اللّمعة الغريبة عادت لتحاوط مقلتيه _ يأمرهم أن :

    .... يتبع......

الإمبراطور شخصيآ.. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن