5-على ظهر العاصي

12.1K 220 7
                                    

أدركت جيني أن محاولتها تعلم كل أساليب تصنيع العصير ومراحله مسألة تتخطى طموحاتها خصوصا بعد أن أعلمها انطونيو أن العمر بكامله قد لا يكفي لذلك , لكنها زارت المعمل مرات عدة برفقة انطونيو أحيانا وبرفقة عمها أحيانا أخرى حتى باتت ألان تملك بعض المعلومات الأولية تخولها إبداء اهتمام أذكى من قبل , وتابعت حضور دروس الاسبانية إكراما لعمها الذي بدا متلهفا لتعلمها اللغة لكنها رافقت انطونيو إلي ألإسطبل أيضا أربع مرات أو خمسا بعد الحادثة المذكورة . لم يفارقها حذرها منه لكنها اقتنعت بأنه لا ينوي إيذاءها جسديا لكن عليها الحذر باستمرار من نواياه في الزواج منها .

كان النهار حارا ومشمسا وشعرت جيني بالكسل وقد اكتفت بحساء بارد أثناء الغداء التقليدي المتأخر . وقد أنعشها الحساء المصنوع من خضر والذي يقدم باردا وأدركت أنها باتت تحب كثيرا هذا النوع من الأكل . وقد مضى شهران ونيف علي قدومها إلي اسبانيا وأحست بأنها تكيفت مع البلد أكثر مما كانت تتصور .

كانت تشتاق بالطبع أحيانا إلي مناخ الصيف الانكليزي البارد والمنعش وإلي أصدقائها هناك , لكن لم يكن لديها الوقت الكافي لتحن للعودة إلي الوطن لكثرة انشغالها ونشاطاتها وقد ارتاحت لرفقة انطونيو في الأسبوعين الأخيرين أكثر من ذي قبل وهو لم يتطرق إلي موضوع الزواج من جديد . دونا صوفيا وحدها استمرت في موقفها العدائي والمتشنج وغالبا ما كانت جيني تأسف لانقطاع الاتصال بينهما الأمر الذي احزن عمها .

كان جو المكتب الكبير والمشمس حيث تدرس الاسبانية , منعشا جدا إذا ما قورن بالحر الشديد في الخارج حين جلست جيني وراء مكتبها الصغير مسرورة . وشرعت تقرأ أو تحاول القراءة في كتاب إسباني يتناول موضوع الفن فيما جلس انطونيو بالقرب من النافذة يتداول بعض أوراق العمل .

وراحت أفكار جيني تختال بعيدا عن عالم الفن خصوصا حين يكون مكتوبا بالإسبانية ويتضمن الكثير من الكلمات التي لم تفهمها وغالب ما سرحت نظراتها نحو النافذة المفتوحة بالقرب من انطونيو حيث تدلت الورود المثقلة بالعطور تحت الشمس المحرقة فملأت الغرفة عطرا .

ولم تكن تدرك أن انطونيو يراقبها إلا حين سمعت صوته يعيدها من دنيا التخيلات إلي واقع المكتب . وأحست بالذنب بادئ الأمر ثم رمقته للحظة متوقعة أن يؤنبها لاسترسالها في الأحلام اليقظة واستعدت للدفاع عن قلة تركيزها بسبب الجو الحار.

وسألها بالإسبانية , لإصراره علي مخاطبتها بالإسبانية في أثناء الدروس وكانت غالبا ما يفلت منها حبل الحديث فتفقد أعصابها : 

(( كيف حالك يا خوانيتا ؟ )) 

كان جالسا في المقعد المغطي بالجلد وقد اسند ظهره إلي الخلف يراقبها منتظرا لحظة ارتكابها خطأ وكانت تعرف ذلك كل المعرفة وتحس بنظره المنصب عليها لا يتركها لحظة وسألها من جديد :

شريك العمر- روايات عبيرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن