الفصل الثالث

5 1 2
                                    

اليوم المواصلات كانت مزدحمة جدا والطريق يصيب بالملل الشديد، ولكن بسبب زحام الطريق وطول الوقفة هاتفت خالي وخالتي وعمتي حيث مضى وقت طويل منذ آخر مرة هاتفتهم فيها وكانت فرصة لوصل الرحم، كما كان لدي مجموعة من الأوراق الخاصة بالكلية تحتاج إلى قراءة والحمد لله قرأتها وأنهيتها، ثم شعرت بالرغبة في العودة إلى الماضي وأن اسمع عبد الحليم حافظ وقد كان وضعت الساعات في أذني وفتحت ملف أغاني عبد الحليم وشغلتها حتى سرحت معها والحمد لله عدت من مشوار الجامعة إلى البيت في غضون ساعتين ونصف الساعة في مشوار لا يستغرق أكثر من نصف ساعة، ولكن بالطبع الحكومة تعلم مصلحتنا في هذا التأخير كي تساعدنا على القراءة وصلة الرحم وسماع الأغاني التي نحب، لأنها تعلم أننا نصل البيت مرهقين نحتاج إلى النوم فهي حكومة طيبة حنونة.

بعد سماع عبد الحليم ووجود الزحام تذكرت وقت نتيجة الثانوية العامة واستلام نتيجة التنسيق، في ذلك الوقت أنا اخترت كلية الاعلام وهبة اختارت كلية الآداب قسم علم اجتماع. وكانت هذه المرة هي أولى المرات التي نفترق فيها، افترقنا في الكلية، هي تحب أن تدرس علم الاجتماع لأنها كانت تحب القراءة في علم الاجتماع بجانب قراءة الروايات وأنا أيضا قرأته معها، ولكنني قررت أن أطبقه أيضا وليس دراسة فقط ولم يكن هناك سبيل إلى ذلك أمامي سوى كلية الاعلام.

وطلبت وقتها من والدي هاتف محمول حتى أستطيع التواصل معهم ومع زملائي ولم يكن وقتها الموبايل رخيص الثمن كما هو الآن، بل كان ثمن الخط وحده يتجاوز ألف جنيه وكانت إجابة والدي جميلة:

أنا: بابا يا حبيبي يا روح قلبي يا أحلى حاجة حصلت لي في حياتي

بابا: ادخلي في الموضوع يا مدرسة القرع المباشر، آدي اللي أخدناه من محمد صبحي ومسلسلاته

أنا: يعني أنا زي جهاد وح يبقى اسمي كده مدرسة القرع المباشر

بابا: أيوة، عايزة ايه بقى يا رئيس قسم القرع المباشر

أنا: عايزة موبايل زي اصحابي ح نحتاجه كتير قوي

بابا: زي أصحابك وح نحتاجه أفهمها ازاي

أنا: أصحابي معاهم موبايلات واحنا زي ما انت عارف الكلية عندنا كلها مناظر ما ينفعش أكون أقل منهم

بابا: عشان الرد دا يا شذى مفيش موبايل

أنا: ليه بس؟

بابا: عشان الموبايل غالي جدا ومصاريف مالهاش لازمة البيت أولى بيها، واخواتك كمان أولى بيها مش عشان هما اتخرجوا خلاص يبقى كل حاجة ليكي

أنا: يعني أبقى أقل من أصحابي

بابا: اصحابك أحرار، طالما حاجة مش مهمة نجيبها ليه

وهنا تدخلت أمي الحبيبة وقالت لوالدي:

ماما: يا حج البنت بقت في الجامعة وساعات بتتاخر مش زي المدرسة والموبايل مهم عشان لو ح تتاخر ومش ح تعرف تتصل بينا تبلغنا أو حصلت حاجة على غفلة نعرف نتصرف. انت نسيت ساعة لما تعبت في الكلية وراحت المستشفى ولولا هبة معاها وكان معاهم صاحبتهم معاها موبايل ما كناش عرفنا حاجة قبل المغرب لما هبة ترجع.

الناجيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن