قصة بليغه عن أمير المؤمنين

254 16 2
                                    

🌱قصة وعِبَر بليغة عن أمير المؤمنين عليه السلام وفيها مواعظ للدنيا والآخرة🌱

📌عن علي بن الحسين ، عن أبيه ( عليهم السلام ) ، قال : بينا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ذات يوم جالس مع أصحابه يعبيهم للحرب إذا أتاه شيخ عليه شحبة السفر .
فقال : أين أمير المؤمنين ؟
فقيل : هو ذا .
فسلم عليه ، ثم قال : يا أمير المؤمنين ، إني أتيتك من ناحية الشام ، و أنا شيخ كبير قد سمعت فيك من الفضل ما لا أحصي ، و إني أظنك ستغتال ، فعلمني مما علمك الله .
قال : *نعم يا شيخ ، من اعتدل يوماه فهو مغبون ، ومن كانت الدنيا همته اشتدت حسرته عند فراقها ، ومن كان غده شر يوميه فهو محروم ، ومن لم يبال بما رزئ من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك ، ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى ، ومن كان في نقص فالموت خير له . يا شيخ ، ارض للناس ما ترضى لنفسك ، وائت إلى الناس ما تحب أن يؤتى إليك .*
ثم أقبل على أصحابه ، فقال :  *أيها الناس أما ترون إلى أهل الدنيا يمسون ويصبحون على أحوال شتى ، فبين صريع يتلوى ، وبين عائد ومعود ، وآخر بنفسه يجود ، وآخر لا يرجى ، وآخر مسجى ، وطالب الدنيا والموت يطلبه ، وغافل وليس بمغفول عنه ، وعلى أثر الماضي يصير الباقي .*
فقال له زيد بن صوحان العبدي : يا أمير المؤمنين ، أي سلطان أغلب وأقوى ؟
قال :  *الهوى*
قال : فأي ذل أذل ؟
قال : *الحرص على الدنيا*
قال : فأي فقر أشد ؟
قال : *الكفر بعد الإيمان*
قال : فأي دعوة أضل ؟
قال : *الداعي بما لا يكون*
قال : فأي عمل أفضل ؟
قال : *التقوى*
قال : فأي عمل أنجح ؟
قال : *طلب ما عند الله عز و جل*
قال : فأي صاحب لك شر ؟
قال : *المزين لك معصية الله عز و جل*
قال : فأي الخلق أشقى ؟
قال : *من باع دينه بدنيا غيره*
قال : فأي الخلق أقوى ؟
قال : *الحليم*
قال : فأي الخلق أشح ؟
قال : *من أخذ المال من غير حله فجعله في غير حقه*
قال : فأي الناس أكيس ؟
قال : *من أبصر رشده من غيه ، فمال إلى رشده*
قال : فمن أحلم الناس ؟
قال : *الذي لا يغضب*
قال : فأي الناس أثبت رأيا ؟
قال : *من لم يغره الناس من نفسه ، ومن لم تغره الدنيا بتشوفها*
قال : فأي الناس أحمق ؟
قال : *المغتر بالدنيا وهو يرى ما فيها من تقلب أحوالها*
قال : فأي الناس أشد حسرة ؟
قال : *الذي حرم الدنيا والآخرة ، ذلك هو الخسران المبين*
قال : فأي الخلق أعمى ؟
قال : *الذي عمل لغير الله يطلب بعمله الثواب من عند الله عز و جل*
قال : فأي القنوع أفضل ؟
قال : *القانع بما أعطاه الله عز و جل*
قال : فأي المصائب أشد ؟
قال : *المصيبة بالدين*
قال : فأي الأعمال أحب إلى الله عز وجل ؟
قال : *انتظار الفرج*
قال : فأي الناس خير عند الله ؟
قال : *أخوفهم له، وأعملهم بالتقوى ، وأزهدهم في الدنيا*
قال : فأي الكلام أفضل عند الله عز وجل ؟
قال : *كثرة ذكره ، والتضرع إليه بالدعاء*
قال : فأي القول أصدق ؟
قال : *شهادة أن لا إله إلا الله*
قال : فأي الأعمال أعظم عند الله عز وجل ؟
قال : *التسليم و الورع*
قال : فأي الناس أصدق ؟
قال : *من صدق في المواطن*
ثم أقبل ( عليه السلام ) على الشيخ ، فقال : *يا شيخ ، إن الله عز و جل خلق خلقا ضيق الدنيا عليهم ، نظرا لهم ، فزهدهم فيها وفي حطامها ، فرغبوا في دار السلام التي دعاهم إليها ، وصبروا على ضيق المعيشة ، وصبروا على المكروه ، واشتاقوا إلى ما عند الله عز وجل من الكرامة ، فبذلوا أنفسهم ابتغاء رضوان الله ، وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة ، فلقوا الله عز وجل وهو عنهم راض ، وعلموا أن الموت سبيل من مضى ومن بقي ، فتزودوا لآخرتهم غير الذهب والفضة ، ولبسوا الخشن ، وصبروا على البلوى ، وقدموا الفضل ، وأحبوا في الله ، وأبغضوا في الله عز و جل ، أولئك المصابيح وأهل النعيم في الآخرة ، والسلام*
قال الشيخ : فأين أذهب و أدع الجنة وأنا أراها وأرى أهلها معك ، يا أمير المؤمنين جهزني بقوة أتقوى بها على عدوك .
فأعطاه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) سلاحا ، وحمله ، وكان في الحرب بين يدي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يضرب قدما ، وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) يعجب مما يصنع ، فلما اشتد الحرب أقدم فرسه حتى قُتل رحمة الله عليه ، و أتبعه رجل من أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فوجده صريعا ووجد دابته و وجد سيفه في ذراعه ، فلما انقضت الحرب أتى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بدابته و سلاحه ، و صلى عليه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وقال : *هذا والله السعيد حقّا ، فترحموا على أخيكم.*

📚 #من_لا_يحضره_الفقيه للشيخ الصدوق ج4 ص381

قصص اهل البيت عليهم السلام حيث تعيش القصص. اكتشف الآن