المدينة المُحطمة •2•

36 6 5
                                    


جلسوا بعد أن اشار اليهم توماس، من الواضح أنهُ القائد بينهم، شعرتُ بالتيبس في حنجرتي، فأخذتُ خطواتي نحو المطبخ حيث كان أحدهم يجلس ،
لابد وأنهم يشعرون بالضمأ،
اخرجتُ قدر ما حملت يداي من قناني الماء و اغلقتُ الخزانة بدأتُ بتوزيعها عليهم دون النظر إليهم، ثم جلستُ أمامهم مباشرة،
ماذا تنوين فعله الآن؟، لا أعلم، هل سيجلسون هنا بصمت و يشربون مخزون قناني الماء كله؟، سأتكلم معهم، اتحداكِ،

رفعتُ رأسي الذي كان منخفضاً الى الأرض بدون سبب، و سألت توماس : " مالذي أتى بكم الى هنا؟"
" نحن هاربون" أجاب و هو يمسك بقنينته بكلتا يديه
" كانت المنظمة تحتجزنا"
لم أقل شيئاً لثواني فسأل احدهم، " لماذا أنتِ هنا؟ " نظرتُ اليه و حللتُ شكله، شعر اشقر طويل بالنسبة الى فتى، يبدو أكبر من توماس بسنة على الاغلب، ملامح هادئة لا تناسب صوته الغليض عينان بنيتان مدورتين ،يبدو و كأنه الصديق الهادئ الحكيم، ثم قررتُ الإجابة :" أعيش هنا" احسنتِ! لا تطلعيهم على أي تفاصيل ،

صدم قليلاً شأنه شان الاخرين و سأل " تعيشين هنا؟ في المدينة المحطمة؟ "

المدينة المحطمة لم اسمع هذه التسمية منذ وقت طويل، اومأت رأسي بنعم، كانوا ينظروا بعضهم لبعض و يتخاطبون بلغة العيون، فقلتُ :"هل أنتم مجانين؟ لماذا قُلتي ذلك؟، لم اقصدها هكذا،
فاكملتُ لتوضيح ما سألته" لماذا تتجولون في هذه الساعة؟ ألا تعرفون بأمر المتحولين؟ "
فقال أحدهم: " نعرف ذلك، و الآن أكثر من قبل"
لم ارد عليه و حللتُ مظهره، و كان غريباً لأنه لا يتبع قوانين النجاة، شعره اسود مرتفع و كأنه مُشطَ حديثاً، و كان الوحيد الذي قد نفض التراب عن وجهه و ملابسه، لم الحظه وهو يفعل ذلك، كان اسيوياً، لم أقابل أحدهم من قبل، ذو ذراعان قويتان كما يوضح شكلهما، و وجه منفوخ قليلاً،

سأل مجدداً بعد أن لاحظ تحديقي به: " لماذا انقذتنا؟"
سأجيب بشيء مضحك، لماذا تهتمين من الاساس لا تجيبي، سأقول شيء بسيطاً وحسب،
"لأنكم كنتم تصرخون"
ماذا قلتِ لتوك؟،
قال فتاً آخر كان يجلس خلف توماس الذي يتوسطهم جميعاً: " لا أصدق أنكِ فعلتِ ذلك لحسن النية فقط، أنتِ تعملين لديهم، لدى "ويكيد"، احد جواسيسهم ، وهذه قاعدة من قواعدهم بالتأكيد"
نظرتُ الى الفتى الضخم و هو يرمي بالتهم عليّ، أشعرني بالغضب ليس بسبب عدم ثقته بي، لكن لكونه يظن اني قد انخرط في أي عمل فعلتهُ المنظمة الغبية، فقلتُ و قد عقدتُ حاجبيّ لأظهر حدتي :
" افضل ان امضغ يدي بأسناني على العمل معهم..." اكملتُ و أنا أشير إليهم بسبابتي ".. قد انقذتُ مؤخراتكم من التعرض للأكل لتوي، لذلك بعض الثقة ستكون بداية جيدة لتعويضي عن الرصاص الذي جمعتهُ بصعوبة و هدرتهُ على انقاذكم"

قال الأشقر فور أن انتهيت: " ما يقصده صديقي فرايبان هو شكراً لانقاذكِ مؤخراتنا"
اومأت برأسي فقط، فرايبان اسم جميل لعديم تقدير مثله،
تابع قائلاً: " أنا نيوت (أشار إلى الأسيوي ) هذا مينهو، و تعرفين توماس" ثم استدار و عرف عن البقية " هذا آيرس و الآخر فرايبان (أشار إلى الفتاة الوحيدة بينهم) و هذه تريسا"

فن النجاة في ارض العجائبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن