" البقاء للَّه يا يزيد ، تماسك يا بُنيَّ. "
وقف يتلقى واجب العزاء بملامح باردة لا يظهر عليها أي إنفعالات ، لم يتجاوز المرحلة الثانوية حتى يباغتهُ القدر بصفعة فوق وجنته حول موت والده.
تماسك حتى نهاية العزاء قبل أن يتجه نحو صِوان النساء ، انحنى أرضًا يعانق شقيقتهُ المُلتاعة وقد بدأ الناس ينفضوا من حولهما
" أنا خائفة. "
عانقها بقوة هامسًا برجفة
" أنا هُنا بجوارك لا تَخافي. "
شعرت خَولة بمشاعر متضاربة داخلها و أيضًا ملامح تلك الصغيرة بدت مألوفة لها ، تُذكرها بمشهد مُشابه عايشته ولكنها الآن تراه بطريقة مُختلفة.
____
" لم نعد نمتلك نقود يا يزيد بعد والدك رحمه اللَّه وأنتَ على مشارف الصف الثالث الثانوي و شقيقتكَ الصُغرى بالكاد انتهت من الصف الخامس أي أن على أحدكما أن يتنازل من أجل الآخر. "
و لأن شقيقتهُ صغيرة و منعها من الدراسة يعد شيئًا ظالمًا قاسيًا تنازل هو و لم يُكمل مرحلته الثانوية ، شعرت خَولة بالحنق و الغضب كيف تفعل بهِ هذا و تُلغي جميع أحلامه فارضة عليه حياة لا يُريدها.
شعرت بكل ما يُعانيه من غضب و تشتت بل و عذرته أيضًا في كل مشاعر سلبية أو ردود أفعال عدوانية قد يمرُ بها.
رغم قسوة موت والدته و تخليه عن دراسته ، إلا أن تلك القسوة خلقت إنسانًا مُختلفًا .. مُختلفًا للغاية!