بعد وفاة النبي محمد سنة 632م في المدينة المنورة كانت هناك فترة من الغموض والتساؤل حول كيفية اختيار خليفة له يقود المجتمع الإسلامي حديث النشوء. حدث الكثير من المناقشات حول تحديد الطريقة الواجب اتباعها في اختيار الحاكم حيث لم يكن هنالك أية وثيقة أو دستور لتحديد نظام الحكم وإنما بعض القواعد العامة فقط حول علاقة الحاكم بالمحكوم. بينما يعتقد البعض أنه كانت هناك نصوص واضحة حول ما اعتبروه أحقية علي بن أبي طالب بخلافة الرسول محمد، وهي الآية القرآنية: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ التي يطلق عليها الشيعة تسمية آية الولاية، حيث يرون أنها نزلت بحق علي بن ابي طالب.[8] بينما أهل السنة والجماعة أختلف فيمن نزلت فيه الآية، البعض ردها لعلي، وبعضهم لعبادة بن الصامت، والبعض الآخر لأبي بكر.[9]
يرى معظم علماء الدين المسلمين أن حادثة سقيفة بني ساعدة تشير إلى أن من حق المسلمين تحديد ما يصلح لهم في كل عصر ضمن إطار القواعد الرئيسة للإسلام. توزعت الآراء حول اختيار الحاكم في سقيفة بني ساعدة إلى ثلاتة آراء رئيسية: رأي يرى بقاء الحكم في قريش مستندا إلى أبي بكر الذي قال:
إن العرب لن تعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قـريش ،هم أوسط العرب نسبا ودارا
وكان هذا مخالفا لرأي أهل المدينة المنورة (الأنصار) الذين استقبلوا الدعوة الإسلامية واتخذ المسلمون من مدينتهم ملاذا ونقطة انطلاق بدلا من مكة، وكان هناك رأي ثالث بأن يكون من الأنصار أمير ومن المهاجرين أمير آخر ودار النقاش في سقيفة بني ساعدة. وقع الاختيار في النهاية على أبي بكر ليتولى الخلافة -ربما على أساس أن النبي محمد اختاره لإمامة جموع المسلمين حين أقعده المرض، مع وجود رواية تاريخية أخرى تقول بأن أبا بكر كان ضمن جيش أسامة ورجع عندما أرسلت له ابنته السيدة عائشة مبلغة اياه بسوء الحالة المرضية للنبي فرجع وتقدم للصلاة فلما علم النبي في تقدم أبي بكر جاء واستأنف الصلاة من بدايتها ولم يبن على صلاة أبي بكر، ولم يكن في الأمر انفرادٌ في اتخاذ القرار وبينما اعتبرت العملية التي تمت تحت تلك السقيفة في نظر السنة أكثر ديمقراطية في ذلك الوقت من العديد من أنظمة الحكم الوراثية التي كانت ولا تزال لحد هذا اليوم شائعة في بعض مناطق العالم.[10] اعتبر الشيعة غياب ركن هام في المجتمع الإسلامي وهو الهاشميين ينقص من اكتمال اجتماع السقيفة حيث غاب عنها علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب وباقي أبناء عبد المطلب حيث كانوا مشغولين بتغسيل الرسول وتكفينه واعترض على نتائجها بعض الصحابة أمثال أبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر والمقداد بن عمرو وأسامة بن زيد وغيرهم.[11]
من جهة أخرى يعتقد الشيعة أن بعض الحوادث التاريخية مثل غدير خم وحادثة الكساء وائتمان الرسول لعلي على شؤون المدينة أثناء غزوة تبوك وبعض النصوص في القرآن والحديث النبوي مثل حديث السفينة وحديث الثقلين وحديث دعوة العشيرة وحديث المنزلة فيها إشارة واضحة إلى حق علي بن أبي طالب بخلافة النبي محمد، على الرغم من مبايعة علي لأبو بكر ليكون الخليفة رغبة منه في تفادي حدوث صدع في صفوف المسلمين، بينما يذهب البعض الآخر إلى التشكيك أصلا في مبايعة علي لأبي بكر استنادا إلى بعض الروايات التي رواها ابن كثير وابن الأثير والطبري عن امتناع علي بن أبي طالب وبعض من الصحابة في دار فاطمة الزهراء عن البيعة لأبي بكر.[12][13][14]
بعد مقتل عثمان بن عفان الذي كان من بني أمية،[15] أخذ معاوية بن أبي سفيان الذي كان من بني أمية أيضا مهمة الثأر لعثمان بسبب ما اعتبره معاوية عدم جدية علي بن أبي طالب في معاقبة قتلة عثمان واعتبر معاوية علي بصورة غير مباشرة مسؤلا عن حوادث الاضطراب الداخلي التي أدت إلى مقتل عثمان.[16] وتفاقم الخلاف بين علي ومعاوية مفضيا إلى صراع مسلح بينهما في معركة صفين ولكن دهاء معاوية في المعركة أدى إلى حدوث انشقاقات في صفوف قوات علي بن أبي طالب. وأطلقت تسمية الخوارج على الطائفة التي كانت من شيعة علي بن أبي طالب ثم فارقته وخرجت عليه وقاتلته. استغل معاوية ضعف القيادة المركزية لخلافة علي وقام بصورة غير مركزية ببسط نفوذه على سوريا ومصر وبعد اغتيال علي في عام 661م كان معاوية في موضع قوة أفضل من ابن الخليفة الراحل، الحسن بن علي بن أبي طالب الذي فضل أن يعيش في المدينة المنورة لأسباب لا تزال موضع نقاش إلى الآن. فحسب السنة قام الحسن بمبايعة معاوية وحسب الشيعة فإن المبايعة تمت بسبب تقديرات الحسن لموقف أهل البيت الذي كان في وضع لايحسد عليه بعد اغتيال علي بن أبي طالب ويعتبر البعض أن الحسن بن علي «تنازل» عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان على شرط أن تعود طريقة الخلافة بعد موته إلى نظام الشورى بين المسلمين [17] ويعتبر البعض أن تعيين يزيد بالوراثة خليفة على المسلمين بعد وفاة معاوية بن أبي سفيان كان نقطة تحول في التاريخ الإسلامي حيث شكل بداية لسلسلة طويلة من الحكام الذين يستولون على السلطة بالقوة ليورثونها فيما بعد لأبنائهم وأحفادهم ولا يتنازلون عنها إلا تحت ضغط ثورات شعبية أو انقلابات عسكرية أو حركات تمرد مسلحة...
التكملة...👇👇👇
أنت تقرأ
معركة كربلاء
Fiction Historiqueفتنة إقتتال حدثت بين قوات تتبع للحسين بن علي وقوات تتبع للدولة الأموية، إنتهت بنصر القوات التابعة للدولة الأموية وبإستشهاد الحسين بن علي.. معركة كربلاء وتسمى أيضًا واقعة الطف، هي معركة وقعت على ثلاثة أيام وختمت في 10 محرم سنة 61 للهجرة والذي يوافق 1...